|
الفدرالية ونظام الأقاليم كيف نفهمه ؟ وكيف نفهمها ؟
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 22:07
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
في البداية نحن حريصون على التذكير بقيم - الليبرالية الديمقراطية - وفي مفهومها للعيش المشترك بين الطوائف والقوميات ، وفي إيمانها بالوحدة الوطنية ، والإيمان هذا نزوع وتوجه وسلوك معرفي يعبر عندها و بشكل عفوي عن نزواعات الإنسان المحب للحياة والساعي لكي يكون الخير فيها عاماً ، إن الوحدة التي تعنيها الليبرالية الديمقراطية هي ليست الوحدة الإندماجية ولا هي الوحدة الإكراهية ، بل هي الوحدة التي يرتضيها الناس ويصوتون عليها بشكل تسالمي و طوعي . هي الوحدة التي تقبل بالآخر كما هو تقبل فيه وفي وجوده وثقافتة وتكوينه ، والقبول هنا ليس إستجابة لدواعي مرحلية ، إذ الكلام هنا ليس كلاماً سياسياً لكنما هو مشاعر وشعور في الأحقية وفي الوجود وفي الهوية وهذه مكونات وطنية لايمكننا القفز عليها أو تجاوزها ، و نحن هنا لا نجادل في الحق ولا نرتضيه لنا ولغيرنا . من هنا يأتي إيماننا بالفدرالية كصيغة ممكنة للعيش المشترك في الوطن الواحد ، وكصيغة مفترضة للخروج من الأزمات السياسية والنفسية والإجتماعية والثقافية التي تُصنع أو هي تعبير عن واقع حال ، والخروج ليس بمعنى الهروب أو عدم القدرة على التعاطي مع الأزمة ، بل هو في كيفية الحل ؟ وكيف يجب ان يكون ؟ ، و تمدنا هنا تجارب الدول المتحضرة بما لديها في هذا المجال ، تمدنا خبرتها وتمدنا طاقتها الإستيعابية في قبول التنوع وقبول التخالف ، وقبول الخصوصية الثقافية بما هي لغة وفنون وبماهي مفردات خطاب في الفكر وفي الحياة . والذي يعزز هذه الخصوصية القدرة النفسية والسعة على التعاطي معها وإستيعابها ، وهذه القدرة وهذه السعة هي التي توفر الأمن والسلام و العكس صحيح ، فالسعة النفسية وعدم الإمتعاض والشعور بحقوق الأخرين في التعبير عن أنفسهم هي الدعامة الأولى لمعنى السلام كما إنه القاعدة التي ترسخ الطبيعة الجديدة والممكنة لمعنى الهوية ، وأرجوا الإنتباه إلى إننا في ذلك لا نريد الفصل الوطني أو التجزئه في جسد الدولة ، بل نريد الثقافة التي تُشيع الشعور بالحرية الثقافية والفكرية وفي الخطاب المجتمعي المحلي . إن من يريد أو يؤمن بالوطن الواحد عليه أولاً : أن يؤمن بهذه الحقيقة فهي المقدمة الأولى لصناعة الدولة الحديثة ، كما إننا لا بد أن نعترف بأننا جميعاً وبدرجات متفاوتة أرتضينا أو قبلنا بتدمير أسس الدولة القديمة التي قامت على أساس الأحادية والمركزية في المؤوسسات وفي القرار - دولة دكتاتورية بإمتياز - . إن قبولنا بالفدرالية ليس مناقضاً لإيماننا بالدولة المتحدة أو الواحدة ، كما إننا حين نعتبر تشكيل الأقاليم مبدأً دستورياً لا نصادر حق الدولة الواحدة ، هذه ثقافة مريضة والإيمان بها مرض كذلك ، أو هو تعبير عن سلطة الدولة التاريخية المركزية القاهرة ، إن مفهوم تشكيل الأقاليم الفدرالية من حيث هو وفي طبيعته الثقافية والإقتصادية والإدارة المحلية هو الممكن الذي قلناه في مسودة الدستور الذي كتبه - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - للجمهورية العراقية ، لأن ذلك يعزز ثقة مفهومنا عن الوطن الواحد في شكله المتحد المتسامح الممتد والقابل للعيش مع التنوع ، وتأتي قضية السعة النفسية في قبول الأقليم حتى وإن خرج هذا الإقليم من عباءة مفهوم أفعل ولا تفعل التاريخية والمركزية ، فنحن نعتبر الأقليم في فعله وفي عدمه إنما يتخذ ما يرآه ممكناً وصالحاً له وللمواطنيين الذين هم يعيشون في المحوطة الجغرافية التي يمتد ويعمل بها و عليها . وفي طبيعة الأقليم تتنوع الصلاحية من فتح قنوات إتصال مع العالم الخارجي وفتح مكاتب لدول العالم دبلوماسية وتجارية ومعاملات إقتصادية من غير الرجوع للمركز ، ولا تعارض ولا تناقض في ذلك من الناحية الدستورية مع الحكومة المركزية ، إذ هناك ثمة أشياء سيادية على الجميع إحترامها وهي في الغالب محدودة ، وهناك ثمة أشياء فدرالية خاصة وهي في الغالب عامة وكثيرة . وهنا أشير مع دواعي إحترامي وتشجيعي لتجربة - الإمارات العربية المتحدة – التي تعجبني فيها طبيعة تشكيلاتها وعدم تصادمها مع المركز ، إذ إن في كل إمارة مجلس تنفيذي هو بمثابة الحكومة المحلية وهناك أمير أو الشيخ الحاكم ذو السلطات الواسعة التي لا تتعارض مع سلطة رئيس الدولة المتحدة أو الإتحادية ، هذه التجربة أستوحاها الشيخ زايد رحمه الله من الواقع وأستطاع بفضل حنكته وحكمته لم الجميع وإحتضانهم ، ولم تضق عينه ولم يستحوذ على خير أو نعمه من البلاد لمصلحته أو لمصلحة إمارته ، وهنا تتجلى الطبيعة الممكنة التي يمكن القبول بها ، أقول يمكننا إستنساخ هذه التجربة على نحو أخر ينسجم مع طبيعة مجتمعنا وتركيبته العامة ، وفي ذلك لا نضيم ولا نُضام بل يمكننا إحتضان الجميع وتفتييت صور المشكلات وكيف تصنع ولماذا ؟ وكلامي هذا أخص فيه العراق الذي تتراكم فيه المشكلات ويتفنن البعض في صُنعها . بل إني أظن إن الدولة الفدرالية المتحدة ممكنة لجميع البلدان العربية فمشكلاتها حسب ما أفرزته الثورات العربية واحدة ، فالطائفية والمذهبية والمشكلات النفسية والثقافية تسبب إرباك للجميع ، لهذا نقول الحل في الفدرالية كما قررتها - الليبرالية الديمقراطية - ففيها يكون الجميع مسؤولون وفيها يكون الكل سواسيه من غير أحقيات ، كما إن فيها يظهر كل فريق حجمه وقدرته من غير تسويف أو إدعاء
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنظمة الدولية - للعدالة والحرية والسلام –
-
تطبيق الشريعة
-
الديمقراطية الموهومة
-
الوطنية الجديدة
-
العرب إلى أين ؟
-
كيف ننظر إلى المستقبل العربي ؟
-
مسؤوليتنا التاريخية
-
معنى الليبرالية الديمقراطية
-
الليبرالية الديمقراطية قدر الأمة
-
الليبرالية مذهب إنساني
-
الوحدة الوطنية فوق الجميع
-
الشريعة بين لباس المرأة وحجابها
-
قول في ( للذكر مثل حظ الأنثيين )
-
تحية إلى قناة الرشيد الفضائية
-
شهادة النساء في الكتاب المجيد
-
- 11 سبتمبر - كيف يجب أن ننظر إليه؟
-
الثورات العربية المعاصرة سر إنتصارها في ليبراليتها
-
أزواج النبي
-
حرية المرأة عند مفتي السعودية
-
ما يصح وما لا يصح
المزيد.....
-
توجيه تهم جنائية للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين احتلو
...
-
قفز فوق سياجين وركل الباب حتى تحطم.. شرطي يسارع لإنقاذ مقيمي
...
-
م.م.ن.ص// لماذا يتحركُ النظام كالبرقِ حين يتعلق الأمر بإنقا
...
-
نظرة عامة حول اتفاق الشراكة المغربي البريطاني: «شراكة» استعم
...
-
التقاعد: من أجل بناء منظور عمالي لإصلاح أنظمة التقاعد
-
أبو ظبي وقطر: متنافسان في خدمة الإمبراطوريّة الأمريكيّة
-
أضواء على قطاع التعليم ونضال شغيلته- حوار مع المناضل النقابي
...
-
إرهاصات تحول التقاطبات والتحالفات: أية علاقة بأزمة الرأسمالي
...
-
تعليم: بيان المجلس الوطني للجامعة الوطنية المنعقد بالرباط، ي
...
-
-خريف البلطيق- كالينينغراد قوة روسيا الضاربة في عمق أوروبا
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|