|
00 ومن بيوتكم ينتشر الجمال !
عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 05:16
المحور:
الادب والفن
ترى اى هدية تدوم مدى العمر ، يمكن أن نهديها الى اولادنا 00 أجمل من فتح عيونهم على الفن ، وأفضل من تعليمهم كيف يحبون اللوحات المرسومة بضربات فرشاة جريئة واسعة المدى ، وأعظم من بعثهم رسل جمال ! ،000،000،000 لنتأمل اتجاهاتهم وميولهم ورغباتهم ، ونقودهم الى رحلة شائقة فى اكتشاف ذاتهم والآخرين 00 بأن نقدم لهم متعة النظر والرؤية الى اللوحات التى تعبر عن قلوبهم ، وتشبع ولعهم بالحياة 00
00 فالذين يحبون الباليه ، نقدم لهم كتيبا يضم نسخا للوحات الراقصات ، بريشة الفنان : دوجا 0 00 والذين شغوفون بالكلاب ، نقدم لهم بطاقات بريدية لعقد أواصر الصداقة مع الكلاب فى لوحات مشاهير الفنانين : مع كلب صيد من فصيلة " ترير بروكسل " فى لوحة فان آيك المعنّونة : " عرس أرنولفينى " ، والكلب المبتسم المضطرم رغبة من فصيلة " سبيتز " فى لوحة جينزبورو " نزهة الصباح " ، والكلب الوديع الهادئ فى لوحة سورات المعنّونة : " المستحمات " 0 00 والمولعون بالحشرات ، ندعهم يحملقون فى لوحات الزهور للفنانين الهولنديين بحثا عن الحشرات المختبئة فى تلك الزهور 0 00 وعشاق الملاحة ، ستخلب البابهم من دون شك لوحات تيرنر التى صوّر فيها العواصف البحرية 0 00 ومحبو الموسيقى ، يمكن أن يبحثوا فى اللوحات عن القيثارة ، والماندولين والعود ، فضلا عن العود القديم المزدوج العنق 0 00 والذين يشعرون بالميل الى مشاهدة اللوحات بتأثير من حبهم للطبيعة ، يمكنهم الاندماج فى مسرحية سموات مقاطعة سافولك البريطانية التى تجتاحها السحب كما رأتها عين كونستابل النفاذة 0 00 والذين ينشدون كل ما هو انسانى ، يمكنهم أن ينظروا الى بشرة طفل فى نعومة الحرير ، ابدعتها باحساس فائق ريشة الفنان رينوار ، والى وجه متجعّد لامرأة عجوز صوّره رمبرانت بخطوط وألوان معجونة بالشفقة ، والى صورة لليوناردو دافينشى ، تمثل حسناء من فلورنسا جلست ساهمة مستغرقة فى التأمل 0 00 وذوى الميول الحسابية ، يمكن أن نشدهم الى فن التصوير ، ونحببهم اليه عن طريق شرح المنظور 0وقد يساعنا على ذلك استخدام لوحة من لوحات جواردى ، التى صوّر فيها مناظر مدينة البندقية ، لنبيّن لهم : كيف أن الخطوط المتوازية جميعا سوف تتلاقى عند نقطة واحدة فى الأفق 0 00 أما الشغوفون بالتصوير ، فربما ودّوا أن يكتشفوا الوسائل الاخرى ، التى يستخدمها الفنانون لجعل خلفية الصورة تبدو أبعد من اقسامها الامامية 0 ومن تلك الوسائل ، على سبيل المثال : استخدام تكوينات مفصلة فى الاقسام الامامية وتكوينات أقل تحديا للموضوعات البعيدة 0 ان اى انسان يتمتع بحس لونى جيد سيسحره أن يعلم أن الخيالات فى اللوحات الانطباعية هى فى الواقع ظلال متعددة تعكس الاشياء القريبة منها ، وأن يكتشف بنفسه عدد الألوان التى توجد فعلا فى مظلة سوداء بريشة رنوار ، أو ثوب ابيض بريشة ويسلر ، أو تفاحة خضراء فى لوحة لسيزان 0 وقد نتحدى اولادنا أن يحصوا عدد الالوان فى تصوير مونيه لجذع صفصافة بنّى ، فتكسبهم تلك المحاولة نظرة جديدة الى هذا الفنان والى طبيعة جذوع الاشجار 0 00 أما ذوى العقول المنجذبة الى النواحى التقنية 0قد يلذ لهم أن يكتشفوا كيف يبدع الفنانون اللوحات الجصية ، وأعمال الحفر فى الخشب ، ولوحات القص واللصق ، وأعمال الفسيفساء 0 وفى اللوحات الزيتية ، يمكنهم البحث عن النقط اللونية المختلفة التى يجاور الفنان ما بينها بالطريقة التنقيطية التى استحدثها المصور سورات ، أو لطخ اللون الابيض فى لوحات كونستابل التى عرفت باسم " ثلج كونستابل " فى تصويره للمناظر الطبيعية 0 كما أنه قد يشوقهم أن يخبرهم أحد عن عادة المصور جينزبورو ، الغريبة ، المتمثلة فى الوقوف على بعد أمتار من اللوحة التى يرسمها ، واستخدامه فرشاة ممعنة فى الطول ، أو عن اسلوب " التصوير بالفعل " ، الذى ابتدعه جاكسون بولوك ، لرسم لوحاته التجريدية مستخدما فى ذلك وسائل خارجة على المألوف كسكب الطلاء اللونى مخففا على عصا واسقاطه كقطرات ، أو فى اشكال دائرية على قماش اللوحة المفروش على الأرض 0 ولكى تكتمل قراءتهم للوحات ، ندعهم يكتشفون الرموز التى تمثلها الحيوانا ت ، والزهور ، والفاكهة ، فى اللوحات : فالكلب يرمز الى الوفاء ، ووحيد القرن الى النقاء ، والوردة رمز الحب ، والتفاحة الخطيئة ، والرمان البعث والنشور ، والكرز جنات النعيم 000 وعلينا أن نسألهم : ما الذى تحملك هذه اللوحة على الشعور به ، فيتعلمون كيف يناقشون مع الآخرين ما تسثيره فيهم اللوحات الفنية من عواطف 0 ،000،000،000 اغرسوا محبة الفن الأكبر من الحياة فى نفوس أولادكم منذ الصغر 00 خذوهم الى المعارض ليشاهدوا اللوحات التى تبهر العقل ، وشجعوهم على أن يطيلوا الوقوف أمامها 0 اجعلوا من منازلكم فردوسا من الفن ، ومحرابا للتشكيل والتجسيد ، وللألوان والظلال 0 ضعوا الكتب والمجلات التى تضم صورا للوحات الفنية العظيمة فى متناولهم ، واهتموا بوضع صورهم المفضلة معلقة فوق فراشهم فى البيت ، تتحوّل امام عيونهم الى روائع كاملة الاحجام 0 الصقوا بعض اللوحات على باب الثلاجة ، ليراها اولادكم بهدف التذوق والنقد خلال ترددهم عليها ، طلبا للطعام والشراب ، فينشئوا كيف يشعرون أن الفن جزء مغذ وممتع من حياة كل يوم ، كالحليب ، والبيض ، والزبدة 000 فحتى أولادكم الذين لا يملكون موهبة الابداع 00 فانهم على الأقل سيتذكرون بامتنان ساعات السعادة التى جادت عليهم اللوحات بها 0 ،000،000،000 الفن يبدأ من بيوتكم 0 ومن بيوتكم ينتشر الجمال 0
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرطة درع الشعب 00
-
احملوا شعلة المشاعر الألمانية !!
-
من المفاهيم الخاطئة 00
-
أمة : السيفان 00
-
صلاة الحرية 00
-
هل يمكن أن يتغيّر العرب ؟!
-
الى سفيرنا فى الاغلال : عبد الكريم سليمان 00
-
من سن القلم !
-
لكم ايمانكم 00 ولى ايمان 00
-
لماذا الانحدار ؟! 00
-
بكاء للوطن !!
-
اعرف مضطهدك !!
-
الى الحوار المتمدن فى عيدها الخامس !
-
حتى لا ننسى !!
-
ضياء القلب 00
-
وماذا بعد الطوفان ؟!
-
لماذا ؟!!!
-
اثبتوا للعالم براءة الاسلام 00
-
الوجه الآخر لتمثال الحرية
-
! وفى ايماننا : نتشابه حتى ولو اختلفنا
المزيد.....
-
الجزء الثاني من الفيلم الناجح -Freakier Friday- أصبح جاهزاً
...
-
مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني
...
-
من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
-
فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
-
مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم
...
-
هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير
...
-
ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا
...
-
بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات
...
-
تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض
...
-
“معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|