طارق حربي
الحوار المتمدن-العدد: 544 - 2003 / 7 / 22 - 23:22
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كلمات
-26-
طارق حربي
رحم الله شيخنا أحمد الوائلي
-إلى الناصرية في سبعينيات القرن الماضي، كان يأتي في شهر عاشوراء من مدينة النجف الأشرف :النويني والبحراني والوائلي، رحمهم الله جميعا، وغيرهم من القراء الحسينيين لقراءة التعزية الحسينية، المجلس الأكبر كان مجلس الوائلي، يتوقف سير السيارات في عكَد الهوا (شارع الحبوبي فيما بعد) ويغص باالناس، من واقف إلى متكىء على الحيطان إلى جالس على (الحصران البواري)، وكان يقف على خدمة المستمعين لخطبة المرحوم الوائلي، شباب يسقون الماء لطالبيه، ويتنافسون مع شباب مواكب حسينية أخرى، يقرأ فيها قراء ليس لهم حضوة الوائلي في قلوب الناس في ذلك المجلس، وتبدت موهبة الوائلي التي لاتتوقف في التأثير على السامعين، ومخاطبة الوجدان العراقي مباشرة، بما فيه من أسى حسيني وطهرانية وثورة على ظلم الظالمين، وكان الشيخ رحمه الله ابن النجف وبيئتها العلمية، يقارع الحجة باالحجة في خطبه ومواعظه، منافحا عن عقيدته بروح منفتحة متسامحة بلاتشنج وبلاتجريح لأبناء المذاهب الأخرى، لاسيما أبناء المذهب السني، سياسيا كانت حجة الوائلي واضحة وقوية، ضد الطغاة وعلى رأسهم طاغية العراق المقبور، ومرتكبي المجازر بإسم الدين، ومحاججا باالمنطق، مجددا المنبر الحسيني نائيا به عن الخرافات والإسرائيليات، إلى آفاق كونية إنسانية تربي الناس على القضايا الكبرى في الحياة وتنآى بهم عن السفاسف، وهو شاعر ترك لنا ديوان الوائلي، شعر عذب على وجدان حي مخلص لبني البشر، وليس للطائفة الشيعية حسب، وبين مؤلفاته المهمة الكثيرة هوية التشيع التي يتعرض فيها باالمنطق والدراسة العلمية إلى أسس التشيع في التأريخ، وهو شيخ الخطباء، حتى ترى تأثيرات شيخه الفذ ومعلمه المصلح محمد رضا المظفر واضحة في بياناته وحججه، والوائلي تربت على تعاليمه السمحة أجيال من العراقيين والعرب، وهو مؤسسة عراقية في المنفى عبر كتاباته وتسجيلاته الصوتية وغيرها، بل هو أحد أكثر الآباء الروحيين العراقيين تأثيرا في وجدان العراقيين وضميرهم.
رحم الله الشيخ الوائلي فهو محظوظ مرتين: مرة لأنه شهد قبل وفاته إلى رحمة الله سقوط الطاغية ونظامه المجرم، وكان ينتظر ذلك بشغف مع ملايين العراقيين في الداخل والخارج، ومرة ثانية هو سعيد لأنه أسلم روحه في مدينته النجف الأشرف، قرب ضريح إمامنا علي بن أبي طالب، واحتوت جثمانه الكريم مقبرة السلام.
18.7.2003
tarikharbi@hotmail.com
#طارق_حربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟