أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - عندما تغني الجبال / قصة قصيرة














المزيد.....

عندما تغني الجبال / قصة قصيرة


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


في أقصى الشمال، حيث تعانق السماءُ الجبال وتهمس الرياح بالأسرار القديمة،
كانت صخرة عتيقة رابضةً في حضن جبلٍ شامخ.
لم تكن مجرد صخرة؛ بل كانت ذاكرةً حية لآلاف القصص التي لم تُكتب بعد.

ذات مساءٍ أحمر، جاء طائر صغير مكسور الجناح، يسعى ببطء نحو ظلها البارد.
جلس وهو يلهث من التعب وقال بيأس:
ــ أيتها الصخرة، لماذا تبقين هنا؟ لقد تغير كل شيء... الأشجار ماتت، والينابيع جفّت، والناس رحلوا. لماذا تصرّين على الوقوف وسط هذا الخراب؟

تنهدت الصخرة، وكان لصوتها صدى عبر الجبال، وقالت:
ــ لأن الينابيع وإن جفّت، ستغمر الأرض يومًا بمطر الحرية.
ــ لأن الأشجار وإن ماتت، ستعود أغصانها من بذورٍ خبأتها الرياح.
ــ أما أنا، فأنا شاهدُ حلمٍ لا يموت.

هزّ الطائر رأسه، وعيناه ممتلئتان بالدموع:
ــ ولكنني تعبت... كلما حاولت الطيران، كسرتني الريح. كلما غنيت، سرقت الرياح لحني.

أجابت الصخرة بلطف:
ــ لا تحزن. أحيانًا يحتاج النشيد إلى أن يولد من الألم.
ــ لا تخف من الريح، فهي إن حملت لحنك بعيدًا، ستزرعه في قلوب لا تعرفها.
ــ لا تهرب من الألم، فهو الذي يصنع جناحيك.

نهض الطائر بتثاقل، فتحت الصخرة أحد تجاويفها القديمة وقالت:
ــ اقترب. في داخلي نارُ الأجداد، من يلمسها يُولد من جديد.

اقترب الطائر ووضع جناحه المجروح على الصخرة...
في تلك اللحظة، اندفعت دفعة دفء غريبة عبر جسده، وسمع أصواتًا بعيدة، كأنها جوقات من أرواح قديمة تغني:
قُمْ، حلّق، فالسماء تعرف اسمك.

ابتسم الطائر، فردّ جناحيه الصغيرين، وقفز إلى الهواء.
لم يكن قد شُفي بعد، لكن قوةً خفيةً رفعته.

طار عاليًا...
في البداية، كانت قفزاته خجولة، ولكن مع كل رفرفة، كانت السماء تقترب.
رفرف فوق الجبل، وأطلق صرخةً مدويةً ملأت الوادي، صرخة حملت نغمةَ كل الذين حلموا وما استسلموا.

وفي أسفل الجبل، بدأت البراعم الخضراء تنبثق من بين الحجارة،
وغنّت الرياح بلحنٍ جديد...
لحنِ النصر القادم.
حينما ارتفع الطائر عاليًا، كان الغروب يسكب آخر أنفاسه الذهبية فوق القمم.
وفجأة، حدث ما لم يكن بالحسبان...

انشقت السماء عن خيط من نور،
نورٌ لم يكن كأي نور رأته الجبال من قبل،
نورٌ صافٍ دافئ، أشبه بحضن أم طال انتظارها.

توقفت الرياح، وأمالت الأشجار اليابسة أغصانها نحو النور،
كأنها تسجد امتنانًا.
وارتفعت فوق الجبل راية غير مرئية، رايةٌ صنعتها القلوب قبل الأيدي،
راية لا تمزقها العواصف ولا تطويها السنون.

وقف الطائر فوق قمة الجبل، وأطلق صرخةً ثانية،
ولكن هذه المرة لم تكن صرخة ألم...
بل كانت نشيد العودة،
نشيد أولئك الذين عبروا العتمة دون أن ينسوا الطريق إلى النور.

عند أسفل الجبل، في الظلال الصامتة،
بدأت وجوه أخرى تظهر، رجالٌ ونساءٌ وأطفال،
كانوا يأتون من بعيد، يحملون معهم بذورًا وأغصان زيتون.
كلما تقدموا خطوة، كانت الأرض تخضر تحت أقدامهم،
كأن الروح القديمة للجبل بعثت من جديد.

وقف شيخٌ طاعنٌ في السن بجوار صبية صغيرة،
نظر إليها وقال:
ــ انظري يا بنيتي، عندما تؤمنين بأرضك،
تسقط كل الجدران، وتنهض الحياة من تحت الرماد.

ابتسمت الصبية، رفعت يدها نحو السماء، وقالت:
ــ هذا وطننا... وهذا حلمنا، لا أحد يستطيع أن ينتزعه من قلوبنا.

وفي لحظةٍ خاطفة،
تعانقت الجبال، والسماء، وأرواح الأحبة الذين مضوا،
واشتعل الأفق بلونٍ ذهبيٍّ جديد،
لون لم يره أحد من قبل...
لون النصر الكردي القادم..



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود الكوردي في كوردستان وعلاقة القبائل العربية الأصيلة با ...
- -راية فوق بئر مهجور -
- بطاقة يانصيب
- عينا روزا..؟.
- انسحاب المجلس من الائتلاف
- التنوع الثقافي في الجزيرة السورية...؟.
- لعبة الأقدار - الإعلامي وإخلاف الوعد
- - كرامة الجبلي -
- الإقليم والإدارة وجمهوريتي عنق الزجاجة
- - الطريق الى برده ره ش - لعبة الأقدار ..ج4.
- ظاهرة - العشائرية -
- بصيص أمل - من لعبة الأقدار (ج 3) - قصة قصيرة
- اسمها والعيون / قصة قصيرة...
- مناضلون على الصفحة الزرقاء
- رئيس دفن الموتى
- المرتزقة والولاء لمن يدفع أكثر والاتفاقية الدولية لمناهضة ال ...
- المبدع يلماز كونيه ... الحياة القصيرة لفنان شامخ الرأس...؟.
- الشروع في مشروع
- لوحة آناهيتا
- شيطانة.. بجلباب محامية..؟.


المزيد.....




- فيلم بيج رامي بطولة رامز جلال 2025 .. القصة ومواعيد العرض وت ...
- سلاف فواخرجي تشكر الشعب المصري وتعتذر عن أي شتائم تعرض لها د ...
- الهلال الأحمر الفلسطيني يكذب الرواية الإسرائيلية حول مسعفين ...
- السنغال بلد الثقافة والتصوف ومحاربة الاستعمار
- مصر.. إلزام أسرة موسيقار شهير راحل بدفع 3 ملايين جنيه لصالح ...
- تكريم عدد من المثقفين العرب مع انطلاق الدورة 30 لمعرض الرباط ...
- 3 معارض رائدة في المتحف العربي للفن الحديث بالدوحة
- ما قصة اليوتيوبر المصري مروان سري، والناقدة سلمى مشهور مع نا ...
- مترجمة إيطالية تعتذر عن ارتباكها في البيت الأبيض.. وميلوني ت ...
- لحظة محرجة في البيت الأبيض.. مترجمة ميلوني تفقد السيطرة ورئي ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - عندما تغني الجبال / قصة قصيرة