|
تركيا وسياستها المائية مع العراق
عبد الكريم حسن سلومي
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 20:54
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
لقد نجحت تركيا بالتعامل مع العراق بذكاء بالشأن المائي وحصلت على كل شيء ولم تعطي للعراق اي شيء فقد استطاعت تركيا عقد مذكرات تفاهم عديدة مع العراق قبل شهور وصلت ل24 مذكره بمجالات عديدة ولكن ما يهمنا نحن كمختصين عراقيين بالمياه هو ما حصل بشأن خلافات المياه بيننا وبين تركيا حيث نرى ان المذكرة التي تطرقت للشأن المائي لم تعطي اي حق مائي للعراق حيث بقيت تركيا هي المتحكم الاول والاخير بكميات المياه التي يتم إطلاقها إلى العراق من نهري دجلة والفرات وكان العراقيين يتأملون من هذه الاتفاقية الحصول على حصه عادلة من المياه لتجاوز محنتهم المائية التي عصفت بهم من سنوات ولكن للأسف خاب امل العراقيين وخاصة الخبراء الحقيقين المختصين بالموارد المائية حيث لم يجد هؤلاء الخبراء أي نية لدى تركيا بأنهاء الخلاف بين وجهات النظر العراقية والتركية حيث لازالت تركيا لا تعترف بدولية نهري دجلة والفرات رغم ان كل القوانين والاعراف الدولية والاتفاقات الدولية وتعاريف المؤسسات الأممية تقر ان دجلة والفرات انهار دوليه كما ان تركيا من اكثر من نصف قرن تماطل بعقد اتفاقيات مائية دائميه مع العراق وسوريا وتصر على ان دجلة والفرات انهار تركيه صرفة وهي دوما تتهرب من حضور اللجان الفنية المشتركة او تعرقل عملها وترفض تحديد كميات المياه التي تطلق لكل من سوريا والعراق ولا تشاور العراق وتركيا بشأن تنفيذها لمنشآت ومشاريع ضخمه في اعالي الانهار وروافدهما داخل اراضيها وتقوم بحجز اغلب واردات المياه بهذه الانهار علما انها لا تحتاج من هذه الموارد سنويا اكثر من 20 مليار م3 علاوة على كون مناخ تركيا يجعل بها الزراعة البعلية( المطرية ) ناجحة أي انها لا تحتاج المياه بكميات كبيره من اجل الزراعة بالري رغم انها تحوي بخزاناتها اليوم مايقارب 100 مليار م3 تكفيها لاكثر من 5 سنوات وتهدف المذكرة الأخيرة الموقعة بين بين العراق وتركيا الخاصة بشأن موارد المياه ضمان حصول العراق على حصة من المياه لمدة عشر سنوات لكن مطلقا لم تحدد كمية حصة العراق من نهري دجلة والفرات الذين ينبعان من تركيا المصدر الرئيسي للمياه العذبة في العراق الذي يعاني من العجز المائي الكبير مما دعاه ذلك لتقليص مساحته الزراعية بنسبة كبيره جدا مع تصحر الكثير من اراضيه وزيادة هجرة السكان من الريف للمدينة مما خلق ذلك ظروف اجتماعية معقدة بالبلاد وقد اشارت مذكرة التفاهم هذه الى التعاون بين تركيا والعراق بأنشاء مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات وبذا اعترف العراق ضمنا ان ادارته للمياه الداخلية فاشلة او غير جيده مما يتطلب تحسينها وذلك بجلب شركات تركيه لهذا الغرض حيث سيتم زج الشركات التركية بتنفيذ البنى التحتية لمشاريع الري مع تبادل الخبرات واستخدام أنظمة وتقنيات الري الحديثة والمغلفة. أن تركيا من عقود مصرة وبلا خجل ( وبعيدا عن تعليمات الشريعة الإسلامية التي تدعيها حكومتها )من استخدام المياه كورقة ضغط للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية وامنية من العراق رغم ان خبراء العراق الحقيقين الذين لديهم معرفة بأسلوب تركيا السابق بالمفاوضات واللقاءات الفنية المشتركة يقولون ان كثيرا ما وعدت تركيا بأطلاق كميات مناسبة من المياه للعراق وسوريا الا انها ابدا لم تنفذ هذه الوعود ان ملف المياه يقلق كل شرائح المجتمع العراقي لان المياه هي عصب الحياة للعراق وشعبه لذلك يرى الخبراء الحقيقين ان هذه المذكرة تعتبر حل وقتي يتغير حسب تغير الزمان والظروف السياسية وبكل الاحوال فهذه المذكرة غير واضحة ولا ارى فيها حل لمشكلة العجز المائي في العراق بل يعطي الصلاحية لتركيا بحجز كميات مياه كانت تدخل للعراق قبل سنوات ان تركيا لم توقع على اغلب الاتفاقات الدولية بشأن الانهار الدولية والمجاري المائية غير الملاحية وهي ترى ان ما تعطيه للعراق وسوريا من الانهار المشتركة معهم كمنة تجود بها عليهم وقد تغيرت سياسة تركيا المائية بنسبة كبيره بعد احتلال العراق من قبل امريكا عام 2003 حيث تقوم بحجز اغلب حصة العراق المائية مما خلقت ازمه كبيره داخلية للعراق واصبح امن العراق المائي والغذائي والبيئي يعاني العجز الكبير مما اضطر الحكومات العراقية لاستيراد ما تحتاجه من غذاء بالغالب من الخارج ومن تركيا وايران بنسبة اكثر من اي دولة اخرى علما ان اغلب منتجات الدولتين الغذائية منتجة بالمياه العراقية التي استحوذت عليها هاتين الدولتين ان مذكرة التفاهم العراقية التركية لم تحدد مطلقا أي نسبة أو كمية المياه ونوعيتها التي يتم إطلاقها إلى العراق بل بتوقيع هذه المذكرة اعطى العراق لتركيا الموافقة المبدئية لتركيا على انشاء مشاريعه في اعالي الانهار والتي لم يستشر العراق وسوريا بأنشائها كما تحدد الاتفاقات السابقة معهم ولم يثبت العراق بهذه المذكرة اعتراضه على انشاء السدود والمشاريع بتركيا وخاصة سدي علي صو(اليسو) والجزرة وهما السدين الاخطر على حصة العراق المائية حاضرا ومستقبلا ان موقف العراق التفاوضي مع تركيا بجميع مراحله موقف ضعيف بسبب سوء ادارة المياه داخل العراق حيث يمتلك الجانب التركي جميع الوثائق من بيانات وصور وافلام بشأن استخدامات العراق المائية ومجالات الهدر فيها واولها كما تدعي تركيا ذهاب كميات مياه نقيه الى الخليج العربي يوميا علما ان هذه المياه تذهب للأنهار التي تجهز البساتين والزراعة المقامة على ضفتي شط العرب والبصرة بمياه الشرب وبكل الاحوال وكواقع من سنة 2003 لليوم سوف لن تطلق تركيا أي مياه يطلبها العراق فهي من تقدر الكميه التي تحتاجها كل من سوريا والعراق وقد قدمت سابقا خطة المراحل الثلاثة بهذا الشأن والتي رفضت من قبل حكومات العراق وسوريا ان زراعة العراق وحدها تحتاج لما يقارب 40 مليار م3 علاوة على الخدمات الاخرى من صناعه وبلديات وتعويض فوائد التبخر من خزاناته وايقاف التصحر وانعاش الاهوار التي اصبحت من التراث العالمي واقعا وما اراه انا بكوني مختص بالمياه ان العراق لن يحصل على شيء من هذه المذكرة بل العكس تركيا حصلت على كل ما تريد فتركيا لم تعترف بدولية الانهار دجلة والفرات وفق التعريفات الدولية للأنهار المشتركة والانهار الدولية حيث اوضح الرئيس التركي خلال توقيعه هذه المذكرات بإشارته الى ان القضية بين العراق وسوريا وتركيا تتعلق بالمياه العابرة للحدود وهذا ما معناه رفض تركيا باعتبار النهران انهار دوليه واعتبرتهما انهار تركيه عابرة للحدود وبذلك يحق لتركيا التصرف كيفما تراه لمصالحها كما ان هذه المذكرة لم تثبت اعتراض العراق على تنفيذ سد الجزرة الذي سيكون سد لأغراض الزراعة ومعناه تقليل شبه كامل لواردات دجلة للعراق كما ان العراق لم يثبت بهذه المذكرة كميات المياه التي يحتاجها ولم يشير الى عقد مفاوضات مستقبلية بشأن حصته المستقبلية للأسف ان هذه المذكرة تؤكد عجز الحكومات العراقية وادارة موارد المياه العليا والدبلوماسية العراقية امام قدرة الحكومات التركية التي لن تسمح حاضرا ومستقبلا لتحديد اي حصة مائية للعراق وسوريا بل ستبقى تلعب بهذه الورقة علما ان العراق يمتلك اوراق قويه للحصول على حقه المائي التاريخي المكتسب وقد اثبتت صيغة المذكرة حاجة العراق الى كوادر فنية ودبلوماسية ذات خبرات تفاوضيه وكان على العراق ان يلوح بالتوجه الى المحافل الدولية ومحاكمها لحل هذه المشاكل وكان على العراق ان يستخدم الورقة الامنية والاقتصادية للحصول على حقوقه لكن واضح ان تركيا هي من حصلت على كل ما تريد وخرج العراق صفر اليدين من اي مكسب والدليل على ذلك هو وضع الخزانات المائية بالعراق اليوم ونحن بصيف سنة 2025 واولها سد الموصل الذي استهلك اغلب خزينه حتى ان محطة الضخ والتي تجهز احد مشاريع الجزيرة بالمياه والتي تسحب المياه من بحيرة السد لا تستطيع سحب المياه من بحيرة السد بسبب نزول مناسيب بحيرة السد لذلك نقول لإدارة المياه العليا والدبلوماسية العراقية الى متى تقعون بمكائد المفاوض التركي وتعطون له كل شيء ولا تحصلون على اي شيء ان الكارثة المائية قادمة للعراق حاضرا قريبا ومستقبلا وكل ذلك بسبب عدم تواجد خبرات حقيقيه بالتعامل مع تركيا وايران وكذلك عدم وجود ادارة موارد المياه داخليا بكفاءة وذلك لعدم وجود خبرات حقيقية اكاديمية وميدانية ولذلك نرى ان تعيد الحكومة العراقية حساباتها بالشأن المائي والبيئي والا فالكارثة قادمة لا محال
المهندس الاستشاري عبد الكريم حسن سلومي 10-4-2025
#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السدود ودورها بأزمة المياه بالعراق
-
ما هو الحل لمشكلة المياه المتناقصة بمنطقة الشرق الاوسط والعر
...
-
تعطيش العرب وحروب القرن المستقبلية
-
واقع الحال المائي بالمنطقة العربية ينذر بالخطر
-
المياه والتنمية
-
اثيوبيا والمياه العربية
-
المياه العربية والأطماع الصهيونية
-
المياه سلاح لتعطيش وتجويع و تركيع الشعوب
-
السدود الكبيرة ودورها في احتكار المياه
-
سياسات البنك الدولي الترويجية لمشاريع الاستثمار في المياه وخ
...
-
تعطيش العراق مخطط واضح المعالم
-
الامن الـمـائي الـعـراقي والغذائي في خطر
-
واقع ومستقبل المياه في العراق
-
ترشيد استهلاك المياه في العراق واجب وطني
-
انتشار تجارة بيع الماء في مدن العراق تشجع على جعل المياه سلع
...
-
الصرف الصحي ومياه الشرب في العراق وتحدياتها
-
البيئة العراقية ومشاكلها
-
المياه الجوفية بالعراق خزين استراتيجي يجب التعامل معه بحكمة
...
-
هل المياه ستصبح سلعة مثل النفط خلال هذا القرن
-
لماذا تفشل ادارة المشاريع الاروائية بالعراق –مثال ذلك مشروع
...
المزيد.....
-
في عملية قد تستغرق ما يصل إلى 13 يومًا.. هذا ما سيحدث بعد وف
...
-
أميرال فرنسي من -الناتو-: نزاع أوكرانيا علّم روسيا كيفية موا
...
-
فرنسا قررت -العودة إلى اللعبة - في سوريا
-
روسيا تؤكد قدرتها على الوفاء بوعودها
-
أسباب عدم التزام أوكرانيا بهدنة عيد الفصح
-
منع رئيس مجلس الشعب في غاغاوزيا من مغادرة مولدوفا لشهرين
-
بيسكوف: نظام كييف لم يرد على اقتراح إجراء مفاوضات مع روسيا
-
الضفة الغربية.. تهجير وتدمير واسع للمنازل والبنية التحتية
-
-حماس-: -50 يوما من الحصار على غزة.. كارثة إنسانية تتفاقم وس
...
-
جل اهتمامنا بناء علاقات طيبة بين بلدينا.. سلطان عمان يستذكر
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|