محمد سيف المفتي
الحوار المتمدن-العدد: 8295 - 2025 / 3 / 28 - 18:59
المحور:
قضايا ثقافية
كم أتمنى أن أحتضن غدي، ذاك الطفل الذي لم يولد من رحم أمٍ فقط، بل خرج من عمق الألم ليعيش في قلب كل من يشعر بأخيه الإنسان. أما أنتِ، يا عدلا كما كان اسمك باللغة اللبنانية او عدلة كبقية الدول العربية، ستبقين حية في ذاكرة الفن العربي، وفي وجدان كل من شاهد قصتك، وتألم، وتأمل، ثم أدرك أن المأساة لم تكن مجرد مشهد على الشاشة، بل حقيقة يعيشها كثيرون في الظل.
منذ أن جئت إلى النرويج عام 1997، تغيّرت ذائقتي الفنية، لا شعوريًا، بفعل المحيط الذي صرت جزءًا منه. هنا، في الأدب والفن، المشاعر عميقة لكنها هادئة، والصراخ ليس وسيلة تعبير، بل يُعتبر حالة مرضية تستدعي العلاج. لهذا، كلما حاولت متابعة مسلسل عربي، كنت أتوقف بعد حلقات قليلة، وكأن شيئًا ما ينقصه… إلى أن صادفت بالدم.
لم يكن مجرد مسلسل، بل كان صرخة مكبوتة خرجت بصمت، بصدق، بوجع لم يحتج إلى صياح ليُسمع. كانت عدلا مرآةً قاسيةً واجهتنا بحقيقتنا: بحجم الظلم الذي يطحن الأضعف، بهشاشة المرأة في مجتمع لا يرحم، باستغلال أصحاب النفوذ لمن لا حول لهم ولا قوة، وبالقسوة التي تمارسها الحياة حين تتخلى الدولة عن أبسط واجباتها تجاه مواطنيها، فلا يجدون سوى قاع المجتمع يسقطون إليه بلا شبكة أمان.
سينتيا كرم… لا يمكن لمن شاهدك في هذا الدور أن يصدق أن ما رأيناه كان مجرد تمثيل. كان في عدلا شيء من نقائكِ، من صفائكِ، من إنسانيتكِ أكثر مما في أي شخصية أخرى. شكراً لكِ، مرةً واثنتين وعشراً، لأنكِ جعلتني أخيرًا أجد عملاً عربيًا أستطيع أن أريه لأصدقائي النرويجيين بفخر، وأقول: هذه الممثلة عربية.. والدور الذي لعبته يرتقي إلى العالمية.
#محمد_سيف_المفتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟