|
سوريا ليست دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك!
قصي غريب
الحوار المتمدن-العدد: 8292 - 2025 / 3 / 25 - 20:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن وجود العديد من الأقليات الدينية والطائفية والقومية الصغيرة في الجمهورية العربية السورية، لا يعني أبدًا أنها دولة أقليات أو فسيفساء أو موزاييك أقلياتي - قطع متساوية أو متقاربة الأحجام - كما يحاول أن يروج أصحاب العقلية والسلوك الأقلياتي، ومن معهم ممن لا يعرفون التركيبة السكانية القومية والدينية الطائفية الحقيقية، ونسبها الصحيحة؛ ولكنها دولة فيها أقليات، بناءً على النسب القومية والدينية التي تستخدمها المراجع والمصادر الأجنبية، ومنها الألمانية، التي ورد فيها: أن نسبة العرب 89% ونسبة الأقليات القومية الأخرى 11% - المصدر: - DIE WELT IN WIR LEBEN كما ورد : أن نسبة العرب 88% ونسبة الأكراد 6% والأرمن 2% ونسبة الأقليات القومية الأخرى 4% ونسبة العرب السنة 70% ونسبة المسيحيين 12% ونسبة العلويين 12% ونسبة الدروز 3% ونسبة الاسماعيليين 1% - المصدر:GEOGRAPHIE DER ERDE: NEUE ENZYKLOPÄDIE - وعند مقارنة النسب مع بعضها بعضًا تجد أن نسبة 11% أو 6% أو 2% أو 4% من الأقليات القومية غير العربية لا تساوي 89% أو 88% من الأكثرية العربية، ونسبة 1%، أو 3%، أو 12% من الأقليات الدينية الطائفية لا تقارن أبدًا بنسبة 70% من الأكثرية العربية من أهل السنة والجماعة. ولذلك، فإنّ الدولة السورية مثل أي دولة في العالم فيها أقليات قومية ودينية طائفية، ولا يمكن اختزالها بمفهوم أنها دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك، لأن نسب الأقليات القومية والدينية الطائفية فيها صغيرة الأحجام ولا تساوي الأكثرية السائدة بناءً على النسب الواردة. وصلت الأقليات الطائفية إلى السلطة بانقلاب 8 آذار 1963، ثم جاء انقلاب 23 شباط 1966، الذي قام به الضباط الأقليون بقيادة مؤسس الطائفية في الجيش السوري اللواء صلاح جديد، لتأسيس وتعزيز دولة تحالف الأقليات، ثم أعقبه انقلاب 16 تشرين الثاني 1970 لترسيخ ذلك، حيث استطاع حافظ الأسد، بمساعدة مجموعة من العسكريين العلويين، تحويل الدولة إلى دولة طائفية تسيطر عليها الطائفة العلوية، وتقود كل مفاصل الدولة والمجتمع والحياة فيها. وفي ظل هذا، استخدم النظام السياسي الذي أصبح يحكم بالطائفة والطائفية سياسة إنعاش وتقوية الأقليات، وبخاصة الطوائف الدينية، من خلال تقريب زعمائها الدينيين، وتلميع نخبها السياسية والثقافية وصنع معارضة منهم مكافئة له بالعقلية والسلوك الطائفي، بل إنها تتفوق عليه. وقد أسهمت سياسة الامتيازات التي مُنحت لهم في تخندقهم وتقوقعهم حول أنفسهم، فتحولت عقائدهم إلى هويات أيديولوجية أساسية بحيث رجحت على الانتماء إلى الهوية الوطنية الجامعة في الدولة والمجتمع. أدى سقوط النظام الطائفي إلى حقيقة يحاول كثيرون الهروب منها، مفادها عدم تشكل وطنية سورية جامعة ، حيث يفصّل الأقليون الوطنية على هواهم ، بحيث تتشكل دولة لا تشبه الدول ولا تحمل سمات الدولة من حيث الانتماء واللغة والدين والهوية، وقد كشفت الثورة السورية هذا العوار الوطني، إذ إن الأقليات الدينية الطائفية وبعض الأقليات القومية لم تقف إلى جانب الثورة، ولم تقف معها حتى بعد انتصارها، حيث ما انفكت من خلق المشكلات بالمراهنة على دعم الأجنبي لها فلم تعط الفرصة المطلوبة للنظام الثوري لإقامة دولة ونظام سياسي قائم على أساس المواطنة، لأنها كانت تفضل بقاء التحالف مع النظام الطائفي ومع الاستبداد ومؤيدة له وضد النظام الثوري بدوافع تبدو عقدية ذات بعد تاريخي ونفسي ومنفعي. ولم تكن الأيديولوجيات، وخاصة الماركسية التي تم ارتداؤها من قبل نخبها السياسية والثقافية، إلا وسيلة دفاعية للتغطية على الانتماء والولاء للطائفة وحمايتها! إن وجود التنوع القومي والديني الطائفي في الدولة لا يعني أبدًا أنها دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك، إنما هي دولة فيها أقليات وليست دولة أقليات. فعلى سبيل المثال، في جمهورية ألمانيا الاتحادية توجد الأقليات التاريخية، كالأقلية الدنماركية، والمجموعة الفريزية، وأقلية السينتي والروما، والصوربيون، والأقليات المهاجرة، كالأتراك، والبولنديين، والعرب، والروس، والكرد، والأفارقة، والفيتناميين، والبوسنيين، لكن تنوع الأقليات فيها لا يجعلها أبدًا دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك، إنما دولة فيها أقليات لأن الألمان يشكلون الأغلبية السكانية المطلقة. ولذلك، أن وجود التنوع الديني والقومي إلى جانب الأكثرية السكانية المطلقة في الدولة السورية، لا يجعلها دولة أقليات ومجتمع فسيفسائي أو موزاييكي متوازن فهذا تبسيط مضلل؛ لأن الواقع الحقيقي والإحصائيات، وبخاصة الأجنبية، قد أظهرت بوضوح وجود أغلبية عربية كبيرة إلى جانب أقليات قومية صغيرة وأغلبية عربية كبيرة من أهل السنة والجماعة إلى جانب أقليات دينية طائفية صغيرة، فهذا التنوع القومي والديني الطائفي موجود في أغلب دول العالم، ولا يبرر اختزال الدولة السورية في مفهوم الفسيفساء أو الموزاييك الذي يتجاهل الأغلبية المطلقة فيها .
#قصي_غريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهَذَّاء
-
هوية الأغلبية في الدستور لا تعني انتهاك حقوق الأقليات
-
شعوبية تتغلف باليسار !
-
الدساتير لا تكتب بالرغبات
-
الحسكة ودير الزور والرقة أهمية اقتصادية وقيمة بشرية !
-
صاحب الهوى
-
مشروع اعلان دستوري
-
ثقافة انعزالية جديدة متجددة
-
الفسابكة الجدد
-
الدولة المدنية
-
كواليس لقاء صلاح البيطار مع حافظ الأسد!
-
أدعياء العلمانية !
-
الذريعة والأجير في السياسة الأميركية !
-
تهافت الحل السياسي في سورية بناء على جنيف 1
-
محامي الشيطان
-
الدولة ذات شعب واحد
-
جنسية وهوية الدولة اسمها وليس الانتماء لقومية الأكثرية
-
أهداف الضربة العسكرية الأميركية المرتقبة للنظام الطائفي في س
...
-
هوية سورية
-
شكل الدولة في سورية الغد
المزيد.....
-
حول المبلغ الحقيقي الــــمُقدَّم لمستوردي الأغنام والأبقار ح
...
-
دول أعلنت عيد الفطر الأحد وأخرى الاثنين
-
حزب الله يؤكد أنه -لا يمكن أن يقبل- أن تواصل إسرائيل استباحة
...
-
سيارتو: أبلغتنا موسكو بالتصدي لمحاولة كييف شن هجوم على خط أن
...
-
فرنسا: نرفض التدخل الأمريكي في سياسات الاشتمال التي تعتمدها
...
-
9 دول بغرب أفريقيا تعلن اليوم الأحد أول أيام عيد الفطر
-
إعلام إسرائيلي: تل أبيب ترفض مقترح الوسطاء وتطلب الإفراج عن
...
-
بريطانيا تخصص 10 ملايين جنيه استرليني لمساعدة ميانمار بعد ال
...
-
ترامب: غرينلاند ستكون أمريكية 100%
-
عاجل.. من هم وزراء الحكومة السورية الجديدة؟ .. السيرة الذاتي
...
المزيد.....
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
المزيد.....
|