من وقائع الثورة السورية - أيام للألم والافتخار !

بسام البليبل

الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 18:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

اليوم الأول :
كثيرة هي أيام اجتراع الألم في الثورة السورية، ولكن أكثر منها أيام الافتخار، غير أن يوم 15.3.2012 كان يوما للألم والافتخار في آن . يوم أن خرجت تظاهرة حاشدة في شارع الكنيسة في الرقة ، سقط على إثرها الشهيد علي البابنسي برصاص الأمن الذي أراد تفريق المظاهرة بالقوة ، وعندما حاول الاستيلاء على جثمانه منعه أصحابه ورفاق دربه، واستمروا في التظاهر حتى صباح اليوم التالي مع بث مباشر لهذا الحدث، مسجلين أطول تظاهرة وبث مباشر في تاريخ الثورة السورية ، ثم ما لبثت جنازة الشيد البابنسي أنْ كانت أطول موكب دفن في تاريخ الثورة السورية أيضا ، حيث بلغ طولها أكثر من خمسة كيلومترات، وبعد أن تم الدفن في مقبرة تل البيعة، بدا كما لو أن أصحابه قد بايعوه على الشهادة عندما نزلوا إلى ساحة التحرير لهدم الصنم ، فكانت المجزرة التي أودت بحسب بعض التقديرات بأكثر من خمسين شهيدا منهم : محمد قحطان السيد أحمد الحاج عبو، مصطفى الزنة، أحمد الحملة، حمد خالد الجرداوي، عبد السلام أدهم حاج كولي، عبدالله أحمد اليوسف، قصي ربيع الصبار الهنداوي، قصي ربيع خليل الحسن، محمود الفاضل، مصطفى العبود، محمد العلي الصالح، مصطفى العبد النجم... فكتبت :
غضبَ الفراتُ فأرعدَ الغضبُ
وطغى المســـيلُ فموجهُ لجبُ
فعلى التلاعِ قشــــــاعمٌ شهبٌ
وضياغمٌ في السهلِ تصطخبُ
يا من رآهم حينما انتفضـــوا
قد قصّروا الأردان وانتســـبوا
والموت أجفلَ من بســــالتهم
لمّـــــا على لبّــــاتهِ وثبــــوا
يا ثورةَ البركانِ كيف لهــــم
أن يخمدوا الــــبركانَ يلتهبُ

اليوم الثاني :
تعاهد الثوار على تحرير الرقة ، وأقسموا اليمين على عدم البقاء فيها بعد التحرير ، فما كان إلا أن ارتفعت صيحات التكبير في سماء الرقة فجر 4.3.2013 معلنة تحرير الرقة ، تحت شعار "غارة الجبار " التي كانت ملحمة للبطولة والفداء ، فكانت هذه الأبيات :
في الرقتينِ على الآفاقِ تكــبيرُ
يا غارةَ اللهِ هل هذي التباشــيرُ
إنّا نهضنا إلى الجُــــلّى تُخاتلنا
قذائفُ الموتِ تحدوها المقاديرُ
فما رهبنا وللأهـوالِ رهبتُهـــا
وما اعتذرنا فللـــجبنِ المعاذيرُ
ومن دمانا شــقيقٌ في مرابعنا
وللشهيدِ أســــــاريرٌ هي النورُ
فكانت الرقة أول مدينة سورية محررة، ولكن للأسف ضيعها أهلها والمعارضة التي تركتها وحدها فكانت أكبر أخطاء الائتلاف والجيش الحر.

اليوم الثالث :
صبيحة 5.3.2013 النظام يشن غارات جوية تستهدف المدنيين فيما بدا أنها عملية إبادة جماعية انتقاماً من أهالي الرقة، أول مدينة تخرج عن سلطة الأسد ونظام البعث، مثلما كانت عام 1920 أول مدينة تتمرد على الانتداب الفرنسي وتبقى خارج حدود سلطته يرفرف عليها العلم العربي لمدة 15 شهرا، ولكن طيران النظام اليوم أعتى من غارات الفرنسيين عام 1920 على الرقة، غير أن هذه الغارات لم ترهبنا فكان أول تداعي لتجمع مدني تحت القصف الجوي باسم " ائتلاف أبناء الرقة "* الذي أعقبه عشرات التجمعات المدنية.
وفيما نكثت الكتائب المقاتلة بقسمها واستساغت طعم السلطة، ومضت في فرض سيطرتها بمواجهة المد المدني، كان الإصرار من التنسيقيات، والتجمعات المدنية، والإعلام البديل على التحدي والبقاء، فكانت هذه الأبيات :
سـألتْ وملء سؤالها الوجلُ
أَوَ لن تغــادرَ أيّهـــا الرجــلُ
هــــذا الحِمى عاث البغاةُ بهِ
يا ويـــــحَ قلبي كيف أحتملُ
أَوَ ما ترى أشراكهم نُصِبَتْ
والغدرُ شاع وشـاعت الغِيَلُ
فأجبتُها في حــــزمِ مُعــتَزمٍ
وبرقةٍ أوحــتْ بهــــا المُقلُ
إنّي رهينُ المحبســـينِ هنا
أرضي وهذي الأعينُ النجلُ
ولكن طغى الموجُ على السابح، وعصفت اللُّجَّةُ بالسفين، فكان النزوح واللجوء، وكانت صحيفة "الحرمل"** في الغربة ــ مع جهود كل المخلصين للثورة ــ بلسماً للألم ومبعثاً للأمل.
-------------------------
*- ائتلاف أبناء الرقة : أول تجمع مدني بعد التحرير، تمت الدعوة له من قبل المحامي بسام البليبل بتاريخ 14.03.2013، وعقد مؤتمره التأسيسي يوم 25.04.2013 الساعة السادسة مساءً في صالة نقابة المحامين في الرقة، بحضور 84 عضواً مؤسساً، حيث تم اقرار النظام الداخلي، وانتخاب مجلس إدارة.

**- صحيفة الحرمل : تداعى مجموعة من مثقفي الرقة وناشطيها السياسيين إلى اصدار صحيفة في مدينة أورفا التركية، كأنهم كانوا يبحثون في اللغة عن وطن، فكان العدد الأول بتاريخ 1.10.2014 وقد استقطبت الصحيفة أكثر من مئة كاتب وشاعر عربي وتركي والعديد من الأقلام النسائية.

#بسام_البليبل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات