|
مِداد قلم بنت أبيها في زمن الشِدّة القيسيّة ( الأخيرة)
كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 7945 - 2024 / 4 / 12 - 13:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تونس في 07/07/2023 سيدي طبيب قلب الوطن المكلوم: لاستمالة القلوب و ضمان وفائها للمبادئ العظيمة و الخالدة لثورتنا المغدورة يلزمك صِفتان لا ثالث لهما:الأدب و الحزم، و لَكَ في زياد ابن أبيه أروع مثال في الحُكم الرّشيد و الرّأي السّديد. لقد وُلي على البصرة زمن خلافة معاوية و عندما كانت البصرة في قمّة اضطرابها غداة الفتنة الكبرى فسادَها التناحر و الفساد و اشتدّت فيها المعارضة لحكم الأمويين و تعدّدت فيها البِدَعُ و الأقوال و الأحزاب. دخل زياد البصرة يحدوه العزم و الإقدام لوضع حدّ للتّدافع و التقاتل و الاضطراب و لكن هيهات...هيهات... لقد هاله ما وجدَ عليه أهل البصرة من مساوئ و آثام فقام يخطب فيهم ببلاغة بالغة و يقول لمن ʺسدّت مسامعهم الشّهواتʺ:ʺ قرّبتم القرابةَ و باعدتم الدينَ... تعتذرون بغير العذر و تغضُّون على المُختلس...كلّ امرئ منكم يَذُبُّ عن سَفِيهِهِ صنيعَ من لا يخاف عاقبةً و لا يرجو مَعادًا، ما أنتم بالحُلماء و لقد اتّبعتم السّفهاء... الخʺ. لذلك و ما إن دانت له البصرة حتى عمل على ضبط أمورها المنفلتة باعتماد سياسة إصلاح عامة لخّصها في خطبته المرجعية المشهورة فيما قلّ و دلّ من الكلمات: ʺاللين في غير ضُعف و الشِدّة في غير عُنفʺ. و هي كما ترون، سيدي الحاكم، قاعدة ذهبية تصلحُ في إدارة تونس اليوم و إن بَعدت تونس عن البصرة في المكان و بَعُد زماننا هذا عن ذاكَ الزّمان. قد يقول المتكلّمون بغير علم و ما أكثرهم بيننا: كيف يكون زياد ابن أبيه الحاكم العراقي الدموي و المستبد مثالا نسترشد به في حكم تونس اليوم؟؟! أجيب المتسائلين الخائفين على ما يعدّونه من الحريات كحقوق المثليين و من والاهم: لقد آل حُكم زياد ابن أبيه في الأخير إلى العنف و إراقة الدماء ليس لأن ابن أبيه كان يُحبّ ذلك بل لأنّه حَكم في أرض اسمها العراق يشهد التاريخ كله أنّها لم تُحكم جيّدا و لم يستتب فيها الأمن إلاّ بالحديد و النّار و ذلك مهما ثَبتَ عدلُ و حِكمة حُكّامها. أما تونس الخضراء فلا خوف عليها من مصير البصرة أو الكوفة زمن زياد ابن أبيه فتونس دولة متوسطية هادئة دِينها الإسلام السّمح المعتدل وشعبها الصغير يُحبّ الحياة و يكره الحروب و الفِتن. ثمّ إنّ جميع حكّامها، المدَنيين، منذ استقلالها، كانوا من خريجي جامعات القانون و الحقوق( الحبيب بورقيبة، فؤاد المبزّع، الباجي قايد السبسي، محمد الناصر، قيس سعيد)*. أمّا العسكري الوحيد الذي حكمها (زين العابدين بن علي) فقد كان مسلما معتدلا و وطنيا بامتياز و قد كان، برغم أخطائه كأكثر نظرائه في زمانه، يُعتبر مجرّد مستبد صغير ليس إلاّ، فلا يصحّ حينئذ تسميته بالدكتاتور كما لا تجوز أبدا مقارنته بطُغاة العراق الحبيب و آخرهم القائد الشهيد صدّام حسين المجيد. سيدي الرئيس و أستاذ القانون و الحقوق: إنّ المعضلة عندنا اليوم في تونس هي كيف نُصلح حال الإدارة؟؟؟ كيف نجعل الإدارة بكلّ من فيها مع الثورة و الوطن؟؟؟ كيف نقطع فعلا لا قولا فقط مع الفساد الذي- و رغم حربك المُبشِّرة عليه- مازال يتنفّس و يتحرّك على أصابع رجليه داخل الممرّات السرّية في أعماق الإدارة. يا لحزن الثورة اليوم و يا لعظيم الخسارة للدّولة و للإدارة!! مازلنا نسمع، إلى اليوم، من الأعوان المفسدين أنّ الرّشوة وحدها تقضي الحوائج المستعصية...و مازلنا نرى المحاباة بين المتنفّذين بمثابة حجر الأساس عند ضبطهم لقوائم التعيينات و الترقيات... و مازال العمل عندهم جاريا و حثيثا لإبعاد كلّ الصادقين من الكفاءات... و مازل التخاذل ملحوظا في حسم الملفات و البتّ في الشكايات... و مازال التعطيل المقصود واضحا و جليّا في بدء و إنهاء المشاريع و الإنجازات!!! سيدي الإداري الأوّل في البلاد: إنّ الإدارة إذا فسدت صارت بيت الدّاء في جسد الدولة. و حتى لا يتعمّم الداء و ينخر قوائم البنيان وجب إصلاح أخلاق أهل الإدارة هنا و الآن. أصلحوها ما استطعتم، ينصلح لكم البال و كل الأحوال في زمنكم هذا و في قادم الأزمان. سيدي الكريم: كيف تجعل الإدارة ذات مُثُلٍ و أخلاق؟ عليك أن تتفكّر جيّدا كيف تجعل، و دائما بالحزم و بالأدب، كلّ أعوانك – مهما كانت مراتبهم- مؤمنين بدورهم...مخلصين في خدمتهم...أوفياء لمبادئ ثورتهم و مجاهدين متطوّعين في سبيل إحلال الحق و العدل على أرض دولتهم. سيدي المُعلّم المخلص الأمين: هذا قلمي و هذا مِدَادُه... و هذا زمنك فبلِّغهم، كما يجب، فَهمُك و غاية مُرادك. و السّلام. من بنت أبيها: بنت الدولة و بنت الثورة و بنت الإدارة...و بنتُ تونس الأدب و الشِّعر و الحضارة.
*ملاحظة: منصف المرزوقي: لا أعترف به رئيسا لتونس من يوم أن وبّخه ذلك الأمير الخليجي في بلادنا و أمام كاميرا تلفزتنا الوطنية...و عجز لحظتها، خوفا و طمعا، عن ردّ الإهانة في وجه مُهينه، مبتلعا ماء وجهه و متناسيا أنّ وراءه تاريخا و وطن. لذلك أسقطته عمدا و مَحَاهُ قلمي من قائمة رؤساء الوطن و ذلك منذ تلك الواقعة الأليمة إذ كتبتُ له عنها رسالة عام 2013 و كان وقتها في السلطة عَنوَنتُها بِ: ʺتونس المنحوسة يا دولة الرّئيسʺ.
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
و كَيْفَ الحَالْ ...!
-
من كاهنة الحفيدة إلى الكاهنة المسلمة الأبيّة!
-
إلى قيس سعيد : دع المرأة تُعلن المرحمة يوم الاستقلال...
-
الحُبُّ لَحْنٌ و الدَّهْرُ مُنْشِدُهُ...
-
يوم نبشتُ عميقا في قبر الأحزان!!
-
ما أصدق لغة السّماء!
-
الحبّ عند مقبرة الحرب!!
-
ما أبعد مقابرنا عن مقبرتهم في ʺمجاز البابʺ!!
-
اخلعوا نعل الخوف...
-
قريبا نقول: سحقنا الاستعمار!!
-
أيّهما الأهم: الأنثى في المرأة أم الأمّ (2/3)
-
سيعود العُمر إلى صِبَاهْ...♪♪♪
-
أيّهما أهم: دور الأنثى أم... دور الأمّ؟؟
-
قليلي الأدب: انتهى في تونس وقت اللّعب!!
-
حياة لم نعرف أبدا كيف نحياها!!
-
لا أنتَ أهلاً...و لا أنتَ فهيمْ!
-
رحلة ثورة الياسمين بعد انتظار دام تسع سنين!!
-
كفى لنفسك إهمالا!!
-
انحدرنا و مازلنا...
-
عربيّة عليلة...و في حروفها الدواء!
المزيد.....
-
بسببه قطع مودي زيارته للسعودية فورا بعد لقاء محمد بن سلمان..
...
-
بمكونات روسية خالصة.. النموذج الثالث من -سوبرجيت - 100- يجتا
...
-
خلاف حاد في مجلس الوزراء الإسرائيلي حول توزيع المساعدات إلى
...
-
ما هي الأغذية التي تساهم في تسريع الشيخوخة؟
-
مكان ومراسم دفن البابا فرانسيس.. ماذا جاء في وصيته؟
-
أفدييف: الانفجارات في مستودعات الذخيرة بمقاطعة فلاديمير انته
...
-
-لن أسمح لحماس بالحكم-.. ترامب يتحدث عن -تقدم كبير- في ملف غ
...
-
أغذية مثالية لخسارة الوزن دون اتباع حمية صارمة
-
بسبب ترامب.. منتج برنامج -60 دقيقة- الشهير يستقيل من منصبه
-
سلاح البحرية الأمريكي يحصل على غواصات مسيّرة جديدة
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|