|
وكان سراباً
آداب عبد الهادي
الحوار المتمدن-العدد: 1745 - 2006 / 11 / 25 - 05:46
المحور:
الادب والفن
كنت قد قررت أن أجلس على الطاولة ذاتها، لكن ما إن تقدمت منها حتى رأيته جالساً ابتسم ثم نهض ومد يده وقال: " أهلين حبيبتي" خفت تراجعت ، تمالكت ما كاد أن يضيع مني ، اضطربت واستدرت لأهرع إلى الطاولة الأخرى المحاذية لها والمطلة على الشاطئ الهادئ الحزين، الذي ما لبث أن تغير ، فتوتر واضطرب وضجر وبعد لهاث طويل سال لعابه على حافتي شفتيه وبكى بكاء مريراً ،حاولت أن أخففَ من بكائه، لكنه صرخ في وجهي واحتد في بكائه والتزمت أنا مكاني . قلت له :هنا تعاهدنا على الحب ،تعاهدنا على العيش معاً طوال العمر . قال : هنا سرق منك أجمل اللحظات . صرخت في وجهه : ليس بسارق ،هو من وهبني تلك اللحظات . -بل سرقها منك . -إني أحبه . -وهو باع الوطن. -لم يبعه ،خانوه. -أين في الكونغرس، أم في هيئة الأمم المتحدة . -قالوا له إني لا أجيد الحب ولم أكن أحبه يوما.ً -فباعك . -لا تكن قاسياً ،وهدئ من تلاطم أمواجك وأبعدها عن الشط قليلاً ،لا تدعها تمس قدمي ،أخشى أن تجذبني إليك وتبتلعني في أعماقك. -استيقظي حينها أدعك وشأنك. -لما ،هل أنا في غفوة ،في حلم. -انظري إلى الطاولة المحاذية وستعرفين. -نظرت فوجدته يمد إليَ يداً طويلة ، يبتسم ويقول" تعالي ،تعالي" نهضت من مكاني واتجهت إليه ومددت يدي ، كنت مسرورة ، بحثت عن يده لأضع يدي بها ، بحثت فوق الطاولة وتحتها وعلى جميع الطاولات ،لكني لم أجد شيئاً ، بحثت عن وجهه ،عن ثغره الحلو الجميل المبتسم ،أيضاً لم أجد شيئاً ،أين هو.... أين ذهب . -أقول هنا تعاهدنا على الحب ، قال لي إني كل شيء في الحياة ، ولا نفع له بدوني ، أحبني ، أحبني كثيراً ، كنت الأغلى لديه ، كنت الأفضل عنده، لم يخلف مرة في موعد ، ولم يتأخر عن آخر كان رفيقاً، وكنت متغلغلة في أوصاله ، وكان قطعة من روحي . -لكنه باعك. -لم تصر على هذه الكلمة ، إنه شهم وشجاع ولا يجرؤ على بيعي -باعك في سوق النخاسين. -أنت كاذب . -تاجر بك مع تجار السلاح. -أنت كاذب. -وضعك في صندوق من ذهب وقدمك هدية لأسياده. -أنت كاذب منافق. -باعك إلى "U.S.A". -أنت مصلحجي. -لا مصلحة لي مع ال"U.S.A" -بلى مصلحتك مع "غولدا مائير". -قلت لكِ لا مصلحة لي مع" "U.S.A. -أنت كاذب ، وأنا مازلت أحبه، ولن أتنازل عن حبه، وسأبحث عنه وسأجده. جيد ، وستجدينه أكيد. -أكيد. -تجدينه بين الأنقاض ،أو بين ركام السيارات ، أو في صفقة أسلحة فاسدة مستوردة. -أولاً لم أصبح بعد أنقاضاً ، وهو لا يحسن الاتجار لا بالسلاح ولا بشيء آخر. -بلى يحسن الاتجار بالأوطان . -كاذب ,لم تصر على إيذائي. -بل أصر على نصحك. -لما ، لأنني أحبه، لأنني لم أتمكن من نسيانه،لأنه أغلى ما لدي في الحياة، أم لأنه بهجة روحي ، وسر جمالي ورونقي وجاذبيتي. -لكنه باعك. -لا ، الطبيعة هي من فرق بيننا ، الله لم يرد أن نكون معاً . -الله والطبيعة لا يريدان الأذى للبشر. -صحيح ،"وأطرقت رأسها" سأعترف لك بسر ، قال لي ذات مرة بأننا لا يصلح كلانا للآخر ، وقال لي بأننا سنفترق يوماً وبأنه لا يجيد حبي ، ولا يحسن الاهتمام بي ، كما أنه طلب مني أن أجهز أسلحتي وأستعد ، قال لي الدمار والخراب في الطريق إلي ، لكنه صراحة لم يبعن. -بل راهن على بيعك ، وصلى في كاتدرائية مانشستر ، وقبّل التاج البريطاني ، وقدم معونة مادية لضحايا الحادي عشر من سبتمبر،وأخيراً شارك في مباراة للفروسية في إيلات. -سأبحث عنه وأسأله. -لن تجديه. سأبحث عنه ، لأني لا أرضى بالذل ولا بالمهانة، وأرفض أن أكون صفقة ولا أقبل أن أكون سلعة أباع وأشرى، سأبحث عنه حتى لو اضطررت لأن أصبح قنبلة موقوتة في مستوطنة ناتاليا أو حزام ناسف في قلب بغداد الجريحة . ابتسم البحر ثم أطبق شفتيه وعاد ثانية وفتحهما وقال بهدوء -هذا ما أريده أن تتفجر الثورة في أعماقك ، عساك تعيدين ما فقد منك.
#آداب_عبد_الهادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صرخة من الطلاب في سوريا
-
أنا الدولة والدولة أنا !!
-
ضرورة الرؤية المستقبلية للعرب
المزيد.....
-
سيمونيان تكشف تفاصيل مذكرة التفاهم بين RT ووزارة الإعلام الع
...
-
محمد نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة الفنان المغربي الأصيل الرا
...
-
على هامش زيارة السلطان.. RT Arabic توقع مذكرة تفاهم مع وزارة
...
-
كيف تنبّأ فيلم أمريكي بعصر الهوس بالمظهر قبل 25 عامًا؟
-
مهرجان -المواسم الروسية في الدار البيضاء- يجمع بين المواهب م
...
-
شم النسيم: ما هي قصة أقدم -عيد ربيع- يحتفل به المصريون منذ آ
...
-
فنانة أرجنتينية تستذكر ردة فعل البابا الراحل على لوحة بورتري
...
-
لوحات تتحرك.. شاهد كيف بدت هذه الأعمال الفنية التفاعلية في د
...
-
سعيد البقالي عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ضيف
...
-
جورج كلوني يثير الجدل باعتراف حول زواجه من أمل علم الدين
المزيد.....
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|