|
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٤ )
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7829 - 2023 / 12 / 18 - 01:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٤ )
لن تتوقف الحرب الدائرة الآن في غزة ، واذا ما توقفت فبفعل عامل خارجي ، وليس نتيجة صحوة ضمير أحد الوحشين المتصارعين أو نتيجة لحسم عسكري . وعادة ما يضغط العامل الخارجي من أجل إقامة هدنة ، والهدنة تعني رخصة سلام محدودة زمنياً ، يلتقط فبها الطرفان المتحاربان أنفاسهما : استعداداً لجولة حرب قادمة ...
القانون الذي لا يريد اليهود ولا المسلمون تجنبه في تصفية خلافاتهما : هو القانون المستل من أحكام شريعتيهما الدينية ( ولا توجد فروق جوهرية بين الشريعتين : فكلاهما مستل من عالم البداوة الذي يقوم كقدر طعام البدو على" الأثافي " : ثلاثة مرتكزات حجرية صُلبة : السيف والغزوة والغنيمة ) .
حماس او " حركة المقاومة الإسلامية " ، وهذا هو اسمها الرسمي ، منحت لكل أفعالها المستقبلية صفة الشرعية المستلة من الدين : لكن تلك الرؤية الأخلاقية لن تساعدها على النجاة من عقاب التاريخ الذي لا يرحم ، على استبدادها وظلمها ، واضطهادها لأعمال المقاومة التي سبقتها ، إذ قام حزب الله بقتل كل من لا يترك اعمال المقاومة في الجنوب من الوطنيين اللبنانين ، واستبد " بالمقاومة " الجنوبية لوحده . وفعلت مثله حماس حين طردت فتح من غزة بد٢٠٠٧ ، وفعلتها الاحزاب الدينية الشيعية والسنية العراقية التي تحالفت مع الاحتلال الامريكي وطردت من المشاركة في إدارة الدولة : جميع الوطنيين الأحرار من ليبراليين ويساريين واشتراكيين وتقدميين من مناضلي القوميات المتشاركة مع العرب في سكن الوطن الواحد ، وستفعلها حركة الإخوان المسلمون ( النهضة ) في تونس ، والإخوان المسلمون في مصر ، وحين لا ينجح احد احزاب الله في الاستبداد بالأمر : تنفجر الأمور داخلياً على شكل حروب أهلية ، ما زالت مستمرة في ليبيا وسوريا واليمن . هل يبيح وجود كلمة الاسلام في تسمية حماس لنفسها : ارتكاب مجازر جماعية تشمل جميع اليهود الذين يعيشون في اسرائيل اليوم ؟ ( لا تختلف اطروحات القرضاوي في هذا الباب عن اطروحات اي فقيه سلفي عاش قبل ١٤٠٠ سنة ، ومثله اطروحات جميع مشايخ حزب الإخوان المسلمون وحماس والقاعدة وداعش ، ومشايخ الاحزاب الدينية الشيعية التي تحمل راية : المقاومة الاسلامية تحت مظلة : ولاية الفقيه ونظرية نائب الامام ، بل إن اعظمهم فقهاً عند قواعد هذه الأحزاب وحتى عند جمهور المسلمين : اكثرهم أبتعاداً عن ( البدعة ، اي أبتعاداً عن المجيء بالجديد ، ) اي عن التغيير ، واكثرهم : لتصاقاً بمقولات أسلافه وشعارهم الخالد : اقتلوهم حيث ثقفتموهم " ) ...
قامت الحركة الصهيونية على بعث المفهوم الخرافي لعلاقة الإله " يهوه " باليهود : شعبه المختار . ولكن الحركة ارتضت ، بأن تكون مطية الاستعمار الاوربي في حماية طرق اتصاله بالشرق الاقصى وخصوصاً بالهند لكي تحقق هدفها الكبير . فالحركة الصهيونية هي جزء من حركة الاستعمار العالمية ، ولولاها لما كان بإمكان " هرتزل " أن يعقد مؤتمره الصهيوني ( القومي ) الاول ١٨٩٧ ، ويبعث مجدداً تلك الرائحة الخرافية التي تزكم أنوف سكنة الشرق الأوسط منذ قرن من الزمان . تضيع هذه الحقيقة : حقيقة الترابط العضوي ( وليس التآمر العضوي ) بين الصهيونية وحركة الاستعمار الاوربي في القرن التاسع عشر في معالجة الحكومات والمليشيات للقضية الفلسطينية : ولهذا يتم إهمال البعد العالمي في النضال من أجل تحرير فلسطين ، وهذا ما يتطلب محاكمة عقلية للأمر : ولان العقل العربي استقال وتمت هزيمته : خرج إلى قيادة النضال من أجل فلسطين مَن ترتد سهامه ضد الفلسطينيين ويتم ذبحهم بالجملة ( تجاوز رقم ضحايا ردة الفعل المشتركة الاستعمارية والصهيونية على طوفان حماس ١٨٠٠٠ ألف ضحية ) في مشهد تاريخي لا مثيل له من الوحشية .
ومثلما نحن مطالبون بأخذ حقيقة الترابط بين حركة الاستعمار الغربي وبين الحركة الصهيونية في وضع برامجنا السياسية والعسكرية والثقافية : كذلك نحن مطالبون تاريخياً في أن نكون أبناء وقائع وحقائق عصرنا ، لكي نختار الحركات السياسية التي تنتمي في مناهجها الفكرية وفي مفاهيمها السياسية الى الحاضر لا إلى نصوص الماضي : الخطر الصهيوني داهم وحقيقي ، ولكنه سيستمر لقرن آخر ، إذا لم يع العرب أهمية العقل والمنهج العقلي في معالجة الخطر الصهيوني الاستعماري . ولو حسبت حماس تداعيات حركتها عقلياً ، وأخذت بعين الاعتبار حقيقة الترابط العضوي : الصهيوني - الاستعماري لما قامت بمغامرتها غير المحسوبة العواقب ... يتبع
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضوء على بعض عالم المهاجرين
-
ماذا تعني حروب الثأر ؟
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٣ من ٣ )
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ٢ )
-
هوامش على الحرب الدائرة في غزة ( ١ )
-
الاقتراب من الحقيقة
-
انهم يسرقون صفات الآلهة ولا يستخدمونها ( ٤ : ايران )
-
انهم يسرقون صفات الآلهة ( ٢ )
-
إنهما يسرقان صفات الله
-
حروب ثأر لا حروب تحرير
-
لا قداسة دينية للقدس
-
امكنة لم تتدثر بعباءة باشلار / الجزء الثاني
-
أمكنة من غير عباءة باشلار ١ من ٢
-
اللهجة التونسية
-
الشابي وابو رقيبة والعفيف الاخضر وفتحي المسكيني
-
عن كريم العراقي والشعر الغنائي
-
تونس العاصمة
-
اقصوصة
-
الجنوب والاساطير ووظيفة الدين السومري ( 9 )
-
اركض بلا تعب في برية افكاري
المزيد.....
-
الرئيس السوري يقدم التعازي في رحيل بابا الفاتيكان
-
الشرع يعزي الطائفة الكاثوليكية الرومانية برحيل البابا فرنسيس
...
-
نتنياهو: لن نسمح بقيام خلافة إسلامية
-
حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين بالأردن
-
المغرب.. العثور على أشلاء بشرية جديدة في المسجد الأعظم بمدين
...
-
رئيس مجلس النواب الأردني يعلق على قرار -حظر الإخوان-
-
الأردن يطوي صفحة الإخوان.. بالحظر الشامل ومصادرة الممتلكات
-
كنس يهودية في نيويورك تغلق أبوابها بوجه فعاليات بن غفير.. وا
...
-
نتنياهو: لن نسمح بإقامة خلافة إسلامية وسنواصل الضغط العسكري
...
-
قوات الأمن الأردنية تداهم مقر جماعة الإخوان المسلمين في عمان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|