أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - وجهة نظر في الديمقراطية















المزيد.....


وجهة نظر في الديمقراطية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 7586 - 2023 / 4 / 19 - 18:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة لابد منها :
في الحديث عن الديمقراطية ، يجب التمييز بين مستويين . الأول نظري عام يحدد منطلقات ومبادئ لا يمكن ان ينتهي النقاش فيها الى إيجاد ما يؤكد صلتها المباشرة بالواقع ويحقق مصداقيتها .
اما المستوى الثاني ، وكثيرا ما يأتي لاحقا عن الأول ، فانه يتصدى للتجربة الملموسة في ممارسة الديمقراطية ، يكشف حيثياتها ويجلي حقيقة مكوناتها وعناصر تشكلها ، غير ان تِبْيان المستويين، لا يعني غياب اية صلة تربط بينهما . فنحن لا يمكن انْ نخوض في أيّ منهما دون ان نأتي اليه من الاخر . بمعنى انه قبل ان نخوض في تجربة ما ، فإننا نعمل أولا على تحديد المنطلقات والمبادئ التي تسوغ تصورنا ، وتجعله نسقيا ، ومحكما في تحديدات . كما اننا حين نعود الى مراجعة المبادئ والاحكام المطلقة ، يكون دافعنا الى ذلك ، هو خلل تجلي تلك الاحكام والمبادئ على مستوى الواقع ، وصعيد الممارسة السياسية . الاّ ان ما يلفت النظر والانتباه في سجالاتنا عن الديمقراطية ، هو اتفاقنا في المنطلقات ، وعند تحديدنا لمواصفات الديمقراطية في خصائصها وابعادها التاريخية ، لكن سرعان ما ننتهي الى خلاف حاد في تعيين شروط تموضعها ، ومستوى تحققها .
واذا كنّا ( النّحن ) Le nous هنا نؤكد على اتفاقنا المبدئي على التحديدات العامة التي تتميز بها الديمقراطية كسلوك ومنهاجية ، تحكمها مجموعة من المبادئ ، يوجد في أساسها " حق الشعب في حكم نفسه " ، فإننا نزيد على هذا التأكيد ، تشديدنا على انّ تجلي تلك المبادئ في الواقع وتشكلها كممارسة ، هو مسار تاريخي ، وصيرورة يفرضها التناحر المجتمعي ، الذي ينتهي الى تحقيق صيغة " وفاق اجتماعي " تعكس حقيقته التاريخية ، ومستواه الحضاري في مرحلة من مراحل تطوره .
فعلى أساس هاتين الحقيقتين اللتين تسندهما مختلف التجارب ، بتلويناتها واسهاماتها المتعددة في اغناء وتوسيع مفهوم الشعب ، وتحديد معناه ، سنحاول وباختصار شديد ، مناقشة بعض جوانب " التجربة الديمقراطية " في المغرب الدولة الرعوية ، الاميرية ، الإمامية ، البطريركية ، الثيوقراطية ، المفترسة ، والمرتهنة للتقاليد المرعية غير موجودة اصلا .. في حقيقتها وحدود امكانياتها .
الفصل الأول : الهامش الديمقراطي :
ان التخلف المجتمعي العام الذي يعاني منه واقعنا المغربي ، سواء في مستواه الاقتصادي والاجتماعي ، او الأيديولوجي السياسي ، لم يفسح المجال لممارسة الديمقراطية ، الاّ كهامش يضيق وينعدم ، وفق شروط الصراع الاجتماعي ، ومستوى الفعالية السياسية فيه ، وهو في محدوديته وبساطة ما يسمح به ، ظل يبدو كهِبَة سياسية ، تجود بها الرجعية كلما عَنتْ لها أهمية ذلك ، دون ان يعني في الوعي السياسي الجمعي ، مكسبا يشكل حلقة تدعيم المسار الشعبي نحو إرساء الديمقراطية ، في أساسها كممارسة اجتماعية اقتصادية وسياسية ، فضاعت بذلك حقيقته بين عنف حيف اجتماعي ، واستبداد سياسي من جهة ، وطموح راديكالي في التغيير من جهة ثانية .
--- فما هي أسس هذا الهامش وما حدوده ؟
لقد اثبتت التجربة وبكثير من التجلي ، ان مسار الصراع الاجتماعي السياسي في بلادنا ، تحكمه سمتان ، الأولى ، اختلال ميزان القوى بشكل كبير لصالح الطبقة السائدة ومن لف حولها ، والثانية استحالة القضاء على نشاط وحركة المعارضة الوطنية ، في نضالها المستميت ، من اجل كسب معركة التغيير ، وتحقيق بعض شروطها .
ان تجلي هاتين السمتين ، يعود في أساسه الى مجموعة من الملابسات التاريخية ، التي لعبت دورها في تثبيت الاختلال ، بانْ افسحت المجال لنوع من " الوفاق الاجتماعي " ( الضمني ) المحدود في سعته ، ليفتقد لكل مقومات الاستمرارية والاستقرار ، كانت الطبقة السائدة فيه ، طرفا معاديا لكل توجه ديمقراطي ، او اية صيغة سياسية تؤكد حق الشعب في تقرير مصيره ، وفي ممارسة السلطة ، وتقنين مساهمته في تسيير شؤونه بنفسه ، بينما سعتْ المعارضة البرجوازية كطرف تان ، الى توسيع دائرة " الوفاق " ، بالاستجابة لمطالب وطموح فئات واسعة من الشعب ، يسندها في ذلك دورها الحاسم والمتميز في معركة الاستقلال ، وكذا مساهمتها الفعالة في إعادة بناء الدولة ، وتحديث دواليبها غداة 1956 ..
واذا كان " الوفاق " في صيغته الشعبية يتنافى والطبيعة الطبقية للفئات الحاكمة ، فانه بالمقابل ، لم يكن في إمكان تلك الفئات الاستمرار في ممارسة السلطة ، في غياب تام لأي نوع من " السند الشعبي " مهما كان مستواه . ان هذه الحاجة هي التي جعلت " الهامش " ضرورة سياسية يكلف الرجعية تنازلا محدودا ، ويكسبها إمكانية تخفيف حدة ازماتها . هذا ما تؤكده نتائج كل محاولات الاستغناء والتهميش ، التي سعت من خلالها الطبقة السائدة الى الحد من نشاط وفعالية المعارضة البرجوازية ، وإلغاء دورها في التعبير عن مصالح الفئات الشعبية ، التي تعاني من كل ويلات الحيف والاستبداد ، وقد اجلت التجربة ، ان كل قمع يستهدف استئصال المعارضة البرجوازية في البلاد ، يكون له انعكاسه الواضح على الوضع السياسي العام ، ويعرض الفئات الحاكمة نفسها لهزات داخلية ، وعزلة شعبية عميقة .
بهذا المعنى يكون " الهامش " في حدوده وسياق تشكله ، متنفسا يمكن الطبقة الحاكمة ، في شروط اختلال ميزان القوى ، من الاستمرار في ممارسة السلطة ، والحفاظ على توازن علاقاتها . الاّ ان سعيها ذلك ، بقدر ما تريده " مبادرة تلقائية " ، تؤكد رغبتها في الحوار و ( اشراك ) الجميع في تحديد وجهة الأمور ، لا يعدو ان يصير مكسبا شعبيا يصطدم في نموه ، ومحاولة اتساع مجاله ، بكل اشكال الخنق والحجز ، التي تحاول اعادته والإبقاء عليه في مستواه الضيق البسيط .
ان فهمنا لاطار الهامش ، والشروط التي جعلته كذلك ، مكننا من فهم حقيقة الصلة القائمة بين ما يسمح به هذا الحيز من جهة ، وما تعنيه مصلحة الشعب في ممارسة الديمقراطية ، والاخذ بأساليبها من جهة ثانية ، وهو يمدنا كذلك بتصور مستوى الفعل الذي تتسع له ظروف اختلال ميزان القوى ، ويسمح بالتقدم خطوات ، في اتجاه تحقيق شروط مغالبة كل معيقات تطور الممارسة الديمقراطية في المجتمع . ذلك ما يدفعنا الى التأكيد على ضرورة الاستفادة من اطار " الهامش " كمكسب بسيط يسمح بأكثر من إمكانية لتوسيع اطار نضال الجماهير ، والرفع من مستوى فعاليتها السياسية ، وتمييز اطاراتها التنظيمية ، في سياق دعم خط ديمقراطي جماهيري ، يعتمد في أساسه على الإمكانيات الفعلية لهذه الجماهير ، سواء على مستوى وعيها لشرط وجودها ، او على مستوى طاقاتها واستعداداتها النضالية ، وهو ما يعني الاخذ بحقيقة الشرط التاريخي الملموس ، الذي قلنا انه يتميز بتخلف مجتمعي عام ، فوّت الغلبة للاستبداد ، وأبّد واقع خنق الحريات .
ان العمل على أساس ذلك ، لا يستقيم في غياب تصور نظري يحدد وجهة الصراع ، وشروط تطوره ، بمساهمة فعلية وفعالة من مجموع الفئات الشعبية ، صاحبة المصلحة القصوى في إشاعة الديمقراطية ، واعتماد مبادئها في الحياة الاجتماعية كما في الاقتصاد والسياسة .
ان افتقاد هذا التصور النظري في حدوده الواقعية ، هو الذي سمح باستمرارية اختلال موازين القوى لصالح الطبقة السائدة ، على الرغم من كل التضحيات والعطاء النضالي المتجدد الذي ميز كفاحية الشعب المغربي ، في سبيل انتزاع حقه في الحرية والعيش الكريم .
وفي اعتقادنا ، انّ استمرار واقع الحال في حدوده تلك ، والمتميز بتعثر انطلاق صيرورة ارتقاء نضال الشعب، من مرحلة الدفاع العفوي المتعدد الجبهات ، الى مرحلة الهجوم ومراكمة المكتسبات ، في اتجاه تقويم الاختلال لصالح تحقيق أهدافه ، يعكس عمق الازمة التي مازالت تعاني منها الحركة الجماهيرية المغربية ، بصرف النظر عن صدق نواياها وحقيقة ايمانها بقضايا الشعب ، واندفاعها في الذّود عن حقوقها ومكتسباته .
ان الوقوف على حقيقة هذه الازمة ، وإبراز كل جوانبها ، يعطي إمكانية تخطي واقع العجز والاخفاق الذي تتردى فيه حركة النضال الجماهيري ، بقدر ما يسمح بتجلي آفاقه ، وهو ما نراه في مسألتين .
( يتبع )



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية كأداة للترويض السياسي
- السياسة بين الحب والحرب
- الغلاء وارتفاع الأسعار في المغرب .
- العقلنة المشوهة
- العيّاشة المُتعيّشون من السياسة
- هل إسرائيل في طريقها الى الزوال ؟
- في الثقافة السياسية
- هل ستفعلها المملكة العربية السعودية ، وهل سيفعلها الرئيس الر ...
- فشل الدولة البوليسية بعد سبعة وستين سنة من النهب والافتراس
- الخطاب السياسي ( 4 )
- الخطاب السياسي ( 3 )
- الخطاب السياسي ( 2 )
- الخطاب السياسي ( 1 )
- السلف . هل حقا كان سلفا صالحا ، ام كان في حقيقته سلفا طالحا ...
- في البطريركية السياسية
- تغول بوليس الدولة البوليسية السلطانية
- استراتيجية الاختراق الإسلامي للجامعة ومنها للمجتمع
- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
- التحالف ضد الشعب
- حين يكذب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، على رئيس جزائري غا ...


المزيد.....




- ماكرون يقاطع ترامب خلال لقائهما بالبيت الأبيض.. ما رد فعل ال ...
- أحمد الشرع يزور الأردن ويلتقي العاهل الأردني الأربعاء
- بوتين: زيلينسكي دفع نفسه إلى طريق مسدود بمنع التفاوض مع روسي ...
- فرنسا والفلبين تعززان تحالفهما العسكري وسط تصاعد التوترات في ...
- القبض على 14 متهما في قضية النصب الكبرى بمنصة FBC في مصر
- لماذا تعارض أوروبا حوار واشنطن مع موسكو؟
- العراق يستعيد كنوزه الأثرية: تمثال إله الشمس يعود إلى المتحف ...
- الجفاف يهدد الزراعة في الأردن: خسائر كبيرة للمزارعين ومخاوف ...
- بلدية غزة تشكو من تراكم 170 ألف طن من النفايات
- ويل سميث من قمة الويب 2025.. الفشل هو السبيل الوحيد لتحقيق ا ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - وجهة نظر في الديمقراطية