أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان الرفاعي - العدالة الاجتماعية وارتباطها الوثيق بالخير العام.قراءة في الفكر الكنسي















المزيد.....


العدالة الاجتماعية وارتباطها الوثيق بالخير العام.قراءة في الفكر الكنسي


سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 06:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تميز القرن الحالي بازدهار حقيقي في الفكر الكاثوليكي في ما يتعلق بالسلوكيات الاجتماعية . وبالحاح مستمر على أهمية العدالة الاجتماعية . وان الكنيسة في موقفها هذا تنطلق من تقديرها العميق للانسان وتهدف الى الدفاع عنه ، وتحسين أوضاعه، واحترام أبعاد حياته المختلفة ، لأنه الغاية التي يصبو اليها كل مجهود بشري .((وانما ينبغي لنا، منذ الآن، ألا يفوتنا ما هو بمثابة اللحمة ، بل بمثابة الدليل، نوعا ما، لهذه الرسالة وللتعليم الاجتماعي الكنسي برمته : انه التصور الصحيح للانسان ولقيمته الفريدة )).
(( فليعتبر الجميع وليحسبوا أن التضامن الاجتماعي هو من أهم واجبات انسان اليوم ، وليقوموا به--)).
وتفترض العدالة الاجتماعية((مساواة البشر في الكرامة، والوصول الى أوضاع حياة عادلة وأكثر انسانية . فعدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية الجسيمة، سبين أعضاء العائلة البشرية الواحدة وشعوبها ، تُثير الشك وتقف عقبة في وجه السلام الاجتماعي والدولي)).

ان مفهوم العدالة الاجتماعية مرتبط ارتباطا وثيقا بالخير العام، بل وانه أحد وجوهه الأساسية . وفي بعده الاجتماعي ، نلاحظ أن الكنيسة لا تدعي امتلاك الحل الأمثل لمشاكل الانسان الاجتماعية ، ولا تدعي عرض نموذج اقتصادي واجتماعي يُحتذى به، بل انها تُقدر كل مجهود يتم للتقدم نحو احترام كل شخص وكرامته وحقوقه الفردية والجماعية ، و((تعترف أيضا بكل ما هو خير في الحياة الاجتماعية الحالية ، خاصة في الحركة التي تهدف الى الوحدة)) في التقدم نحو اشتراكية صحيحة وفي التضامن على المستوى الوطني والاقتصادي. ولكنها ، انطلاقا من نظرتها الى الانسان وفهمها لرسالة الانجيل، تدين كل ما يحط من شأن الانسان ، فتدافع عن كرامته وحريته.
وبالتالي فالكنيسة ، عندما تعرض فكرها الاجتماعي ، ترغب في عرض توجيه فكري لا يمكن الاستغناء عنه ، بل ويساعد الأنظمة السياسية والاقتصادية كافة على مراجعة منهجها وتنقية مسارها من كل ما يُنقي البعد الشسخصي للانسان واحترام كرامته ، أو يكبل حريته، بأنماط استهلاكية ، أو يفرز شرائح من الفقراء والهامشيين .
يؤيد تحليل الأحداث في المجتمعات الشيوعية والرأسمالية على حد سواء وجهة نظر الكنيسة هذه ، فهو يعزز رفضها الصراع الطبقي والعنف بين الدول . والكفاح الوحيد الممكن هو الكفاح (الجهاد) من أجل العدالة الاجتماعية ، لأن الكنيسة ((تدرك جيدا أن صراع المصالح بين أطراف اجتماعية مختلفة هو ظاهرة حتمية في التاريخ ، وأنه على المسيحي، غالبا، أن يقف منه موقفا حازما ومتماسكا . ونُعلم على الجميع أن الرسالة في (العمل البشري) قد اعترفت صراحة بشرعية الصراع ، اذا اتخذ (صفة الكفاح لأجل العدالة الاجتماعية). فالتصور المسيحي لمفهوم الشخص يولد حتما رؤية سليمة للمجتمع . فالمزية الاجتماعية في الانسان ، في نظر الشؤون الحديثة ، والتعليم الاجتماعي برمته ، لا تذوب في الدولة ، بل تتحقق ضمن جماعات وسيطة ، بدءاً من الأسرة ووصولا الى الوحدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، وكلها منبثقة من الطبيعة البشرية نفسها ، وتتمتع -ضمن حدود الخير العام- باستقلاليتها الذاتية .وبالتالي يُدار صراع القوى والمشاكل بالعقل واحترام القانون ، ويؤدي الكفاح السلمي الى الديمقراطية ، وهذا ما وضح في انهيار الكتلة الشيوعية التي أُقيمت على الايديولوجيا الشمولية والتسلط باستعمال العنف .
((في كل مكان تقريبا، سقطت كتل وانهارت امبراطوريات بفعل كفاح سلمي لم يستعمل سوى أسلحة الحق والعدل . فبينما الماركسية تنادي بتأجيج المناقضات الاجتماعية للتمكن من حلها في صدام عنيف ، نرى أن الكفاحات ، التي أدت الى انهيار الماركسية ، لا تزال تصر على استعمال جميع وسائل التفاوض والحوار والشهادة للحق ، مناشدة ضمير الخصم وساعية الى أن توقظ فيه معنى الكرامة البشرية )).

وفي بعده الاقتصادي ، وان وافقت الكنيسة على الاقتصاد الحديث القائم على حرية السوق ودور الربح بصفته دليلا على حسن سير المؤسسة ، غير أنها تصر على أنه ليس هو الدليل الأوحد لحالة المؤسسة وأنه ((لا بد من أن نضيف اليه اعتبارات أخرى تراعي العوامل البشرية والسلوكية . وهذه، في المدى البعيد ، لا تقل أهمية لحياة المؤسسة )). كما تُشير الكنيسة أيضا الى مخاطر الاقتصاد الحر على تنمية سلوكيات بعينها تفرض أنماطا استهلاكية تُفرز حاجات جديدة ، وتُدخل الأفراد في دائرة تلبية هذه الحاجات المتجددة فتمنعه بالتالي من الوصول الى النضج الانساني . ((فاذا عنينا بالرأسمالية نهجا اقتصاديا يعترف بالدور الأساسي والايجابي للمؤسسة والسوق والملكية الخاصة وما تفترضه من تحمل مسؤولية وسائل الانتاج ، وللابداعية الانسانية الحرة في النطاق الاقتصادي ، فالجواب هو ايجابي بلا مراء-----ولكن ، اذا عنينا بالرأسمالية نظاما حيث الحرية في المجال الاقتصادي لا تُسيجها قرائن قانونية تجعلها في خدمة الحرية البشرية الكاملة ، وتعتبرها مقوما خاصا من مقومات هذه الحرية المتمحورة حول الأخلاق والدين ، فالجواب اذا هو سلبي واضح)).
((اذا أُخذت السوق والمؤسسة بروح ايجابية ، فلا بد وأن يوجها نحو الخير العام وأن يراعيا حقوق العمال في احترام كرامتهم والاشتراك الواسع في حياة المؤسسة . وعلى جانب آخر ، فلا بد وأن يؤمَن هذا النظام الاقتصادي زوال الحواجز التي تفصل بين الدول ويضمن للجميع، أفرادا وشعوبا، الشروط الأساسية للوصول الى الاندماج في حركة التطور . ويراعي أيضا بشكل أخص الانتباه الى كل من يحتاجون الى الحاجات الأساسية دون نسيان حقوقهم في العدل والحق ، وتحصيل المعارف وانماء مؤهلاتهم لتعزيز طاقاتهم وثرواتهم الشخصية . فقبل الاهتمام بضرورة المبادلات المتوازنة ، وما يجب أن يسودها من وجوه العدل ، هناك مقتضى الانسان من حيث هو انسان يتمتع بكرامة سامية . هذا المقتضى يفترض، في آن واحد، القدرة على الاستمرار في الحياة ، والمساهمة الفاعلة في الخير العام)).
----------------------------------------------------------
تُعلم الكنيسة اليوم أكثر منها في أي وقت مضى ، أن بلاغها الاجتماعي لا تقوم مصداقيته على تناسقه ومنطقه الباطن بقدر ما يقوم على شهادة الأعمال . ومن هذا اليقين ينبع خيارها وايثارها للفقراء ، ولكن من دون أي استبعاد أو استثناء لفئات أخرى . فخيار الكنيسة لا يتناول الفاقة المادية فقط : فهناك، على ما نعلم ، أشكال كثيرة من الفقر ، ولا سيما في المجتمع المعاصر ، تلم بالثقافة والدين كما تلم بالاقتصاد . فحب الكنيسة للفقراء ، وهو من مزاياها الجوهرية ومن تقاليدها الراسخة ، يهيب بها الى حيث الفقر آخذ في التضخم بشكل ذريع ، برغم التقدم التقني والاقتصادي.



#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -في أصل اللسان السرياني وفروعه-اللمعة الشهية في نحو اللغة ال ...
- اللغة السريانية وعامية أهل الشام اللمعة الشهية في نحو اللغة ...
- التيار العلماني الليبرالي السوري---والملاحقات الأمنية
- النفاق اليعربي---والشفافية والوطنية الليبرالية---
- قال: العميد فلان الفلاني من فرع أمن الدولة. سألته أين يقع (ط ...
- شهادة المازني --وشهادة وزراء الخارجية العرب
- شهادة المازني----وشهادة وزراء الخارجية العرب-----
- المرأة في المدينة المباركة ---أرباب الحضارة ج10
- ان العربي لم يحمل معه من الصحراء فنا، ولا علما ولا فلسفة ولا ...
- في خضم المعركة، في وسط الدمار والخراب، في زمن الحرب. نطالب ب ...
- يوحنا الدمشقي ذهبي الفم-2- أرباب الحضارة ج8
- يوحنا الدمشقي ذهبي الفم-1- أرباب الحضارة ج7
- سلام لك يا مريم--في قانا--صبرا--حلبجة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
- فاذا حدث ووجدت كان صداها وانحصرت بين السريان وحدهم بحيث لم ت ...
- التجديدات اللغوية التي ابتدعها السريان-----أرباب الحضارةج5
- من علمني حرفا كنت له شاكرا----أرباب الحضارةج4
- لن ينقص احترامنا لك يا سيد---ولو قبلت الشروط الأمريكية-----
- اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم و الآداب السريانية --أرباب ال ...
- باسم الله الرحمن ،وابنه المسيح ،وروح قدسه--أرباب الحضارة-ج1-
- متى نعترف أن اسرائيل هزمتنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ...


المزيد.....




- سانا: الرئيس السوري أحمد الشرع يجتمع مع وجهاء وأعيان الطائفة ...
- أحمد العبادي يسائل السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بشأن ...
- المشاط: شهادة السيد نصرالله مثلت اعلى تجسيد للوحدة الاسلامية ...
- المقدسيون يودّعون قارئ المسجد الأقصى الشيخ داود عطالله صيام ...
- الفاتيكان: حالة البابا فرنسيس لا تزال حرجة لكنه في وعيه
- الفاتيكان يصدر بيانا مطمئنا بشأن البابا فرانسيس
- الفاتيكان: البابا ما يزال في وضع صحي حرج لكن حالته مستقرة
- الجهاد الاسلامي: الاجراءات القمعية بالضفة تؤكد مأزق الاحتلال ...
- الجهاد الاسلامي: العدو تجاوز كل الحدود بمشروع الضم بما فيه م ...
- الجهاد الاسلامي:يتمددالاستيطان وتفرض الوقائع بتواطؤ اميركي و ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان الرفاعي - العدالة الاجتماعية وارتباطها الوثيق بالخير العام.قراءة في الفكر الكنسي