|
هيا يا مصر افعليها ولا تخافى خفافيش الليل وخفافيش النهار
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 02:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هيا يا مصر افعليها .. لا يهمك خفافيش الليل وخفافيش النهار ---------------------------------------------- هيا يا مصر ، افعليها ، يا صاحبة أول حضارة فى البشرية ، مازلنا نمجدها ، ونزهو بها . هيا يا مصر ، افعليها ، أيتها الوردة الفيحاء فى منطقتها ، التى أنقذت نفسها من الخراب والدمار ، وهلاك وارهاب الحكم الدينى الاخوانى السلفى الذكورى . هيا يا مصر ، افعليها ، لا تخافى كلام المغرضين ، وكلام الحالمين بتطبيق الشريعة الاسلامية ، وعقوباتها الجسدية ، من قطع ، وبتر ، وجلد ، ورمى بالحجارة ، وقتل ، وذبح ، وفرض جزية على غير لمسلمين ، واجازة تزويج الأطفال الاناث ، وتغطية النساء سبب كل شرور العالم ، وأكثرهن من أصحاب النار ، وجعلهن مملوكات للرجال ،وجهاد الدم لنشر الاسلام على كوكب الأرض . هيا يا مصر ، افعليها ، حتى يضيف التاريخ الى صفحاتك المشرفة ،صفحة أخرى ، تقتلع من الجذور ، الأساس المتين المسلح ، الذى يبرر ويقنن ، أسوأ ، وأخطر ، أنواع التمييز بين البشر . افعليها ، يا مصر ، وامسحى ، واشطبى ، خانة " الديانة " ، من البطاقة الشخصية ، وجميع الأوراق الرسمية الحكومية . افعليها ، يا مصر ، وكسرى " العكاز " الذى يتسندون عليه ، لترسيخ غياب العدالة فى قوانين الأحوال الشخصية ، والرقابة على حياتنا ، وتدعيم الوصاية . اذا فعلتها مصر ، وانحازت الى " المواطنة " غير المنقوصة ، و عدم " التمييز الدينى " ، سوف تعيد صناعة التاريخ ، والفكر ، والثقافة ، ليس فقط على أرضها . ولكن فى المنطقة كلها التى تجاورها ، والتى تشهد كل يوم ، القتل ، والخراب ، والتدمير ، بسبب التعصب الدينى ، والتطرف الطائفى . وربما أيضا ، على مستوى العالم ، الذى لم يفلت من طاعون الجهاد الدموى ، والسرطان الارهابى عابر الحدود الاقليمية والدولية . من السرطان الارهابى الممتد ، عبر الحدود الاقليمية ، والدولية .. " كورونا " عالمية دينية ، تتحور كل يوم . ومتى دخلت الجسم ، لا تتركه الا جثة هامدة . لقد نجحت مصر " أمنيا " ، ، وما زالت مستمرة ، فى محاصرة البؤر الارهابية ، وابادة الأوكار المستخدمة فى تصنيع السلاح ، واعادة خطط القتل ، والتفجيرات ، فى حرب تاريخية استثنائية ، ضد جيوش الدولة الدينية . وفى هذه الحرب ، فقدت مصر ، الكثير من الشهداء ، الذين ماتوا من أجل أن نحيا نحن ، وراحوا من أجل أن نبقى نحن . ووقفوا يتلقون فى صدورهم ، وقلوبهم ، القنابل ، والرصاص ، والذبح ، حتى ينام الوطن فى أمان ، وسلام ، واطمئنان . لكن الارهاب الدينى ، كأفكار ، وثقافة ، وتحيزات وجدانية ، وموروثات سلفية ، وميول نفسية ، مازال حيا فى النفوس ، يتكاثر ، ويتناسل ، كما يشاء . ومن المؤسف ، أن الكثير من مقررات التعليم ، ومواد الاعلام ، والمشايخ ، والفقهاء ، وخطباء المساجد ، والجوامع ، والعلماء المتخصصين فى علوم الشريعة ، وأصحاب بيزنس الفتاوى ، هى قنوات فاعلة ، لترسخ التطرف الدينى ، والتمييز الدينى ، والتعصب الدينى . ولا ننسى الكتب الدينية ، التى تنتشر على الأرصفة ، وبأسعار رخيصة ، متاحة للجميع ، كلها قنابل ارهابية موقوتة ، تغذى التزمت الدينى ، وتشعل الاختلافات الطائفية ، وتصحى الفتن المذهبية النائمة ، وتحرك الاستعلاء الدينى الساكن . ولا يمكن أن نغفل ، استغلال الاخوان المسلمين ، والمتحالفين معهم ، للثورة التكنولوجية ، وهم بارعون جدا ، فى منظمة الاستغلال بكل تنويعاتها ، رغم أنها من نتاج " الغرب الكافر ". فقد أنشأوا قنوات فضائية دينية اسلامية اخوانية سلفية ، لا حصر لها ، تتكلم باسمهم ، وتتربص بالمخالفين بالتكفير ، والقتل ، والتشويه ، والاشاعات، وتروج للدجل ، والطب الاسلامى النبوى الذى يعالج بتلاوة الفاتحة ، الحجامة ، وشرب بول البعير ، واخراج الجن والسِحر ، بالاغتسال بماء وضوء منْ عمل السٍحر ، وتمجيد تعدد الزوجات ، وارضاع الكبير . وهم أصلا ، لا يؤمنون بفكرة " الوطن " . فلاسلام هو وطنهم ، ولو فى القطب الشمالى . " الدين لا يٌسيس " .. " حرية الاعتقاد " ، " حرية عدم الاعتقاد " ،" الايمان مكانه القلوب فقط " .. " الأمان " ، " السلام " ، " التفرغ للتنمية " .. " انسحاب الزى الاسلامى التمييزى " .. " العدالة فى كل شئ بين الجميع " ، وغيرها من المعانى المشابهة الراقية النبيلة ، لن تتحقق ، الا بالخطوة الأولى الجذرية ، مسح ، وشطب ، خانة الديانة ، التى ستمهد الأرض لقوانين أحوال شخصية مدنية ، زواج مدنى ، وطلاق مدنى ، ومواريث مدنية . ان مصر دولة بالفعل علمانية ، فالدين لا يدخل فى أية قوانين ، الا قوانين الأحوال الشخصية ، زواج وطلاق ومواريث . وجميع قوانين الدولة علمانية . لكن قوانين الأحوال الشخصية ، الدينية ، تجعل الدولة أقرب الى الدولة الدينية ، حيث الأسرة كما نعرف ، هى نواة المجتمع ، وهى الخلية الأولى التى تطبع البشر وجدانا ، وعقلا . وليس صدفة ، أن تغيير الأسرة من دينية الى مدنية ، هو أكثر ما يهاجمه ، ويعرقله ، التيارات الاسلامية بكل أنواعها ، والاسلاميون بكافة شرائحهم ، وحتى النساء المسلمات المتضررات أكثر ، من قانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الاسلامية . حذف خانة الديانة ، هو " كلمة السر " ، التى تفتح لنا دروب النهضة ، والتقدم. ،الغاء خانة الديانة ، هى صلب التجديد فى الخطاب الدينى ، الذى نتعثر فيه . وهو جوهر الاصلاح الدينى ، الذي نضل الطريق اليه . هناك قضايا لا تُحل ، وعلاجها الناجز الوحيد ، نجده فى مقولة " اقطع عِرق وسًيح دم " . فى حالتنا هذه ، سيكون قطع العِرق ، مسالما ، لايقاف الدم ، من جذوره الفكرية ، والعقائدية . الجيوش الارهابية ، المتكاثرة حولنا ، وفى كل مكان ، تعرف جيدا هذه المقولة . فهى فعلا " تقطع عِروق وتًسيح دماء " ، هنا وهناك ، لكى نموت ، وهى تعيش . لم لا نستخدم المقولة نفسها ، لكى نعيش نحن ، وتموت هى ؟. لم لا نتخلى عن الحلول المظهرية ، والعلاج بالمسكنات ، المؤقتة ، التى ربما تخفف من وطأة الأعراض ، ولكنها لا تقضى على المرض ؟. لم لا نستخدم مشرط الجراحة ، الذى يبتر القدم الممتلئة بالديدان ، ويتخلص من العضو الفاسد ، ويستأصل الجذر المسمم ، مرة واحدة ، والى الأبد ؟. لم لا نبرهن على أن مقولة " اقطع عِرق وسًيح دم " ، يمكن أن تقود الى الحياة ، والتعمير ، والسلام ، ودون قطرة دم واحدة ؟. لم لا نثبت ، أن " قطع عِرق وسًيح دم " ، قد تكون لغة الورود ، والأزهار ، و الفراشات ، والطيورالمغردة . وليست بالضرورة ، لغة الخراب ، والصحراء المقفرة ، والغربان ، والخفافيش ، والحرائق ؟. فى الحرب ضد الارهاب ، كأفكار ، وثقافة ، وتحيزات دينية ، موروثة ، ليس هناك حلول وسط ، وليس هناك كلاما مزوقا ، ولا ربع حقيقة ، أو نصف حقيقة . بالفعل ، نحن لفترات طويلة ، جربنا كل الحلول الوسط ، والكلام المزوق ، وأرباع الحقيقة ، وأنصافها ، ولم تنفع . بل تغلغلت التعصبات الدينية ، واللغة الدينية المتطرفة ، وتضخم انفاق الناس على الدجل ، والشعوذة ، والخرافات ، وأصبحت الفتاوى " دولة دينية داخل الدولة المدنية " . كوكب الأرض ، غارق فى بحور الدم ، بسبب التعرات الدينية ، والأديان الموروثة . ألم يحن الوقت ، لكى نجفف هذا النزيف اليومى ؟. بعض الناس ، يرون أن حذف خانة الديانة ، سوف يحدث " لخبطة " ، و " بلبلة " ، و" مشاكل " ، و " تعقيدات " ، نحن فى غنى عنها . وأنا اسألهم ، أليست بحور الدم ، هى أكبر لخبطة ، وبلبلة ، ومشاكل ، وتعقيدات ؟. حتى لو حدثت بعض المشكلات ، فهى تافهة ، مقارنة بنزيف الدم . وأى تقدم ، له ثمن لابد أن ندفعه . لو فعلتها مصر الرائدة دائما ، والتى فى 30 يونيو 2013 ، أثبتت أنها لا تقبل الاستبداد الدينى ، ولا ينطلى عليها الألاعيب ، والحيل الخادعة ، التى تهدف الى حكم اسلامى ، اخوانى ، وسلفى ، ذكورى ، يقسم الوطن ، ويبيعه بالجملة والقطاعى ، لمنْ يملك الثمن ، ولمنْ يزدهر وجوده على جثث الشعوب ..... ستقدم أغلى وأثمن هدية للشعب المصرى . هيا يا مصر ، لا يهمك خفافيش الليل ، وخفافيش النهار ، وافعليها ، يا وطنى ، أكلت وشربت ، وتربيت ، فى أحضانه ، وفى ظل خيراته .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات
-
أربع قصائد
-
كلمات الرئيس السيسى عن اعادة التفكير فى المعتقد الدينى
-
قصة حب ترقص على ايقاعات المستحيل
-
أسلمة أوروبا وخدعة فصل الدين عن الدولة
-
قصيدة ما أحتاج اليه
-
تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع
-
السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر
-
قصيدة نختبئ تحت الغطاء
-
ثلاث قصائد
-
- أسلمة - الموجة الحارة بضاعة فاسدة قاربت على الافلاس
-
أديب يكتب لنا من تحت التراب
-
3 أغسطس ... ميلاد رجل يفرحنى
-
نقد الاجماع المتواتر للفكر العلمانى
-
امرأتان
-
التوأم الفاسد
-
أحوال الفن والأدب بعد 69 عاما من ثورة 23 يوليو 1952
-
الحب الديمقراطى والحب الديكتاتورى
-
عالم يمرضنا بالاكتئاب ثم ينهب فلوسنا بمضادات الاكتئاب
-
لا أحد يستطيع خنق الحرية
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول
...
-
مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى
...
-
مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
-
الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض
...
-
أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا
...
-
أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس
...
-
عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا
...
-
قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح
...
-
فتوى الجهاد المسلح دفاعاً عن فلسطين
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|