|
لماذا توقف العلم فى الحضارة العربية الإسلامية ؟ 3 من 8
فتحى سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 1622 - 2006 / 7 / 25 - 04:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سياق العلم العربى إن فكرة قوانين الطبيعة ومفاهيم العلم الحديث تشكل نسق ميتافيزيقى يؤكد أن الإنسان دون عون من عوامل غيبية أو توجيه علوى له اليد الوحيدة القادرة على فهم واستيعاب القوانين التى تحكم الإنسان والكون ،ومن منظور سوسيولوجي فإن الانبثاق الحاسم للعلم الحديث إنما يلتمس فى المجال الاجتماعى والأخلاقى ، ومن تفاعل أفكار وأوضاع اجتماعية ، ولحل لغز مصير العلم العربى الإسلامى يجب أن نلتفت إلى تلك الأبعاد الاجتماعية فى العصر الوسيط ، كى نفهم تطور التركيب الاجتماعى لدور العلماء والمثقفين من خلال التركيب الهرمى لهم ، والذى يكون أعلاه علماء الشريعة أو الفقه يليهم المتكلمون ، ثم يأتى أخيرا دور الفلاسفة ، وربما كان من الأيسر الحديث عن الفلاسفة أولا : لقد كانوا شخصيات استوعبوا الفلسفة اليونانية ، كما كان المتكلمون يستخدمون منهاج الجدل العقلى المقتبس من اليونان ليدافعوا عن أصول الإسلام ، وكان لهذا العمل قيمته الكبرى ، ويرجع ذلك الى الوضع الفريد للقرآن والحديث اللذان يعدان أساس العقيدة الإسلامية . وهما اللذان كونا أنماط السلوك وأسس المعاملات الإنسانية لكل المسلمين ، ومن ثم كان المتخصصون فى الشرع والذين عرفوا باسم الفقهاء وهم الشخصيات الذين كان لهم السيادة الفكرية فى الإسلام . ولقد كانت البنية الفكرية بوجه عام فى مسيرة العلوم القديمة أو العقلية فى الإسلام مشروعا مشوها ، حيث كانت الحملات من أهل السنة على دراسة الفلسفة والمنطق وعلوم الأوائل لأنها تجلب الاستهانة بالشرع ، فضلا عن أنه لا نفع فيها إلى جانب أنها غير دينية ومن ثم فأنها مرفوضة . وهذا راجع إلى التصورات العارضة عن خلق العالم ، وهل يرجع إلى ضرورة الطبيعة المتضمنة فى المبادىء العلية ؟ وهل للإنسان إرادة حرة ؟ وهل يمكن تحقيق قيم الأخلاق بواسطة العقل وحده ؟ إلى الحد الذي أنكر فيه الفقهاء والمتكلمون الضرورة فى العلية وفى الطبيعة . فحسب عبارات الغزالى : " أن الصلة بين ما نعتقد أنه علة وما نعتقد أنه معلول لا تتضمن ضرورة بينهما ، اذ لكل منهما ذاتيته ، فلا إثبات أحدتهما ولا نفيه ، ولا وجوده ولا عدمه يتضمن اثبات الآخر أو نفيه ، فلا الرى متضمن فى الشرب ، ولا الشبع متضمن فى الأكل ، ولا الحريق متضمن فى النار ، ولا الضوء فى شروق الشمس ، ولا حز الرقبة والموت ، والشفاء من تعاطى الدواء ، وهكذا كل الارتباطات فى الطب والفلك والعلوم والحرف ، اذ الرابطة بين هذه الأشياء قائمة على ارادة الله ان يجعلها على النحو المتتابع ، ولا ضرورة بينهما فى ذاتها ، والله قادر على أن يخلق الشبع دون أكل ، وعلى الموت دون حز الرقبة ، وأن يجعل الحياة تستمر مع حز الرقبة وهكذا الأمر فى الصلة بين الأسباب والمسببات ، كما انكروا على العقل أن يصل إلى الحقائق دون عون من الوحى ، ومن ومن ثم فقد تبنوا معارضة لما يمكن تسميته ميتافيزيقيا العلم الحديث أو تلك الأسس التى دونها لا يتسنى للمرء أن يكون عالما حسب تعبير كون . ولا ضرورة بينهما فى ذاتهما ، والله قادر على أن يخلق الشبع دون أكل ، والموت دون حز الرقبة ، وأن يجعل الحياة تستمر مع جز الرقبة ، وهكذا الأمر فى الصلة بين الأسباب والمسببات " كما أنكروا على العقل أن يصل الى الحقائق دون عون من الوحى، ومن ثم فقد تبنوا أراء معارضة لما يمكن تسميته ميتافيزيقا العلم الحديث ، او تلك الأسس التى دونها لا يتسنى للمرء أن يكون عالما حسب تعبير" بيكون " والحق يقال أنه خلال السنوات الأولى من الإسلام كانت هناك هوة عميقة بين الفلاسفة ورجال الدين ، ثم بمضى الزمن كان نجاح مهمة العلم يعتمد على الحد الذى غدت فيه هذه الجماعات من المفكرين هيئات منظمة،واعتمد ذلك على المدى الذى كانت مسيرة العلم متسقة مع الدور المشروع لبنية المجتمع الإسلامى ، أو اذا كانت هذه المميزة مجرد بحث يتم فى الخفاء،فلم يكن عداء رجال الدين متمثلا لكل فروع العلم القديمة ، اذ لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للحساب والهندسة والفلك، لما تمثل هذه العلوم من نفع دينى ، فللحساب أهمية فى تقسيم المواريث، والمتخصص فى ذلك يعد عالما بعلم الفرائض ، فهو عالم شرعى تمكن فى الحساب أيضا ، كما أنه أمر جوهرى لكل المسلمين أن يعرفوا مواقيت الصلاة واتجاه القبلة ، ذلك أن تحديد مواقيت الصلاة واتجاه القبلة بدقة باستخدام الحساب والهندسة ثم حساب المثلثات فيما بعد ، وكذلك الفلك ، ومن ثم تطورت هذه العلوم الى أعلى درجة على أيدى أفراد تهمهم المسائل الدينية ، كما فى حالة المواقيت ، فان مكانها المحدد لها هو مسجد أى مدينة بعد أبحاث علمية دقيقة ، حيث كان الميقاتى يشغل وظيفة رسمية دينية .
#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية النهضة عند الطهطاوى
-
قراءات ورؤى حول مشروع النهضة
المزيد.....
-
مفاوضات نووية -حاسمة- بين أمريكا وإيران في ظل تهديد ترامب با
...
-
إقالة قائدة قاعدة عسكرية أمريكية في غرينلاند بعد انتقادها فا
...
-
ما هي أبرز العملات المستفيدة من تراجع الدولار في ظل اشتعال ا
...
-
دعوى تطعن في عقوبات ترامب على مدعي عام الجنائية الدولية
-
ماذا قال ترامب عن أول فحص طبي سنوي يجريه منذ عودته إلى الرئا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة ضابط وجندي بجروح في اشتباك جنوب
...
-
كيلوغ يتهم صحيفة -ذا تايمز- بتحريف كلماته بشأن أوكرانيا
-
الجيش الإسرائيلي يلغي رحلات لإسرائيليين إلى داخل سوريا بسبب
...
-
بالفيديو.. حريق بمحيط ميناء الجزائر العاصمة
-
ترامب: قد نقدم استثناءات لعدة دول من الرسوم الجمركية ولكن لي
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|