|
أي رئيس أمريكي لا يحب أن يصالح اليهود والعرب؟
مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر
(M.yammine)
الحوار المتمدن-العدد: 6680 - 2020 / 9 / 18 - 19:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
============= تكتسب عملية "المصالحة" الإسرائيلية مع الدول العربية في الشرق الأوسط ودول أخرى في العالم برعاية الولايات المتحدة زخماً على حساب مصالح الشعب الفلسطيني.
أي رئيس أمريكي لا يحب صنع السلام بين اليهود والعرب في حديقة البيت الأبيض؟ لقد فعل الرئيس كارتر ذلك بشكل رائع ذات مرة، ثم لم يتخلف الرؤساء كلينتون وبوش الابن وأوباما عن الركب. وها هو الرئيس ترامب، المحاصر من قبل الصحافة المعادية، وأجهزة المخابرات المعادية، والكونغرس المعادي، قد حصل على لحظاته الرائعة، فجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو مع اثنين من الحكام العرب: من الإمارات والبحرين. وهذا مَربح كبير لإسرائيل. فالإمارات العربية المتحدة غنية بشكل خرافي، وهي بصدد شراء ميناء حيفا، وإرسال مرضاها إلى إسرائيل، وشراء التكنولوجيا الإسرائيلية الفائقة الرفعة وتعزيز السلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وكذلك بين إسرائيل ولبنان. البحرين ليست دولة كبيرة، لكنها يمكنها أن تكون حجر دومينو آخر في الشرق الأوسط وفي اللعبة السياسية العالمية. هكذا نرى أن رغبة إسرائيل القديمة في تحقيق التطبيع مع العرب دون التفاوض مع الفلسطينيين تقترب من التحقق.
في الوقت نفسه، ضغط ترامب على صربيا وكوسوفو، فوافقتا على فتح سفاراتيهما في القدس. وستكون سفارة أو بعثة كوسوفو أول بعثة لدولة إسلامية في القدس اليهودية.
يمكنك بالطبع أن تعترض وتقول مع المعارضة القوية في إسرائيل: هه، كوسوفو عصابة من الألبان المتوحشين، والبحرين محتلة من قبل القوات السعودية، وهناك فصل عنصري في الإمارات يمكن لإسرائيل أن ترى نفسها إزاءه لا أسوأ القوم. لكن أي شيء يفعله نتنياهو لن يرضي هذه المعارضة الليبرالية الإسرائيلية غير استقالته. وترامب في نفس الموقف - خصومه لن يكونوا سعداء بأي شيء سوى مغادرته البيت الأبيض. في ظل ظروف كهذه، يعد هذا إنجازًا كبيرًا لإسرائيل، وكذلك لترامب ولنتنياهو شخصيًا.
يأمل ترامب بهذه الطريقة في كسب تأييد اليهود الأمريكيين - على الأقل أولئك الذين تمثل إسرائيل لهم أهمية خاصة. لن يكون قادرًا على تحقيق ذلك تمامًا بأي شكل من الأشكال - فالأغلبية الساحقة من اليهود الأمريكيين منخرطون في بنى الحزب الديمقراطي، ويصوتون للديمقراطيين. لكنه سيكون قادرًا على شق صفوف يهود أمريكا، وهذا أمر إيجابي بالنسبة إليه.
في الولايات المتحدة، كما في البلدان الأخرى، هناك اعتقاد بأن اليهود حاكمون بأمرهم، وأنه يجب التوصل إلى اتفاق معهم. ترامب أيضا يؤمن بهذا المفهوم، أو على الأقل يأخذ العامل اليهودي بعين الاعتبار. قبل ترامب، حاول الأمريكيون مساعدة إسرائيل على التفاهم مع الفلسطينيين - وهذا كان من شأنه أن يحل جميع المشاكل دفعة واحدة. لكن لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين إلا من خلال بعض التنازلات. التنازلات الصغيرة - كالاعتراف بهم كأناس يتمتعون بأبسط الحقوق، لكن اليهود لم يرغبوا في تقديم مثل هذه التنازلات وهم لا يريدون ذلك. إن المطالبة بإعادة النظر في موقف البيض تجاه السود في أمريكا شيء، بينما إعادة النظر في موقف الإسرائيليين تجاه الغوييم (الصعاليك) في بلادهم "شيء آخر". الأمر الأول، لا مشكلة. فخلال الاشتباكات بين السود والشرطة، اتضح أن اليهود عادة ما ينشطون إلى جانب السود. أما الأمر الثاني فلا إطلاقاً. ترامب واقعي. لقد أخذ في الاعتبار هذه الخاصية لدى اليهود وقرر مقاربة الموضوع من طرف آخر هو مصالحة إسرائيل مع البلدان الأبعد في الخليج. وفعل ذلك. بالنسبة للإمارات العربية المتحدة وجيرانها، الخلاف مع إيران أهم بكثير من الصداقة مع الفلسطينيين. وإسرائيل تتخذ موقفا واضحا مناهضا لإيران.
في إسرائيل نفسها، هناك القليل من الحماس للموضوع. بادئ ذي بدء، تم هناك تطبيق الحجر الصحي مجدداً. وإسرائيل هي الدولة الأولى في العالم التي تدخل الحجر الصحي بكل مسرّاته للمواطنين. فهناك حظر تجول، ويحظر التجمع في مكان واحد على أكثر من عشرة أشخاص، والمدارس مغلقة، ونظام الأقنعة مطبق بحذافيره، والمعابد اليهودية ستكون مغلقة في الأعياد اليهودية القادمة، وكل هذا على الرغم من قلة عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19. حتى الآن، لا توجد بيانات إلا للأشهر الستة الأولى من العام، ولكن عدد الوفيات ليس أكثر مما كان عليه في النصف الأول من العام السابق. عدد العاطلين عن العمل آخذ في الازدياد، والمطاعم والشركات الصغيرة تغلق. ويشتبه الأهالي في أن فرض الحجر الصحي هو ضد المتظاهرين الغاضبين الذين يرابطون كل مساء بالقرب من منزل رئيس الوزراء. في ظل هذه الظروف، لا يمكن لتطبيع العلاقات مع دول بعيدة أن يسبب السعادة اللازمة.
كذلك يتم دفع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إلى الأمام، وإن كان ببطء. وقد وافق رئيس صربيا على طلب ترامب دون ابتهاج - بل كإجراء قسري. أما بالنسبة لكوسوفو، فلا شيء يستحق الذكر - دولة صغيرة تحتلها قوات الناتو بالكامل، وليس لديها لا حق الاختيار ولا السياسة الخارجية المستقلة.
#مشعل_يسار (هاشتاغ)
M.yammine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنتظاهر ضد تدابير الكورونا المنافقة وغير المقبولة!!
-
تجارة الطب في الرأسمالية واستحداثها قسم -الطب الإجرامي-
-
الشيوعيون والثورات المخملية
-
لقاح بيل غيتس أداة لاستعباد البشرية الفاقدة روح الثورة
-
تقاتل الإمبرياليين على الغاز... والهجوم التركي!
-
رجعت حليمة...!!!
-
منظمة الصحة العالمية تدعو جميع دول العالم إلى الكف عن فرض ال
...
-
بين هيمنة وهيمنة الأقربون أولى بالمعروف!
-
-قنبلة موقوتة- لبيروت
-
انفجار بيروت قد يكون هجوماً إرهابياً: خبير لجنة مكافحة الإره
...
-
خواطر ما بعد افتضاح اللعبة القذرة!
-
بيل غيتس والمحكمة الدولية
-
عالم الأوبئة غونداروف: الإجراءات المتخدة ضد الكورونا لا لزوم
...
-
أبطال الماضي وأبطال الحاضر
-
عقوبات الكورونا إمعان في إفقارنا!
-
المصير الأسود ينتظرنا ما لم نسقط سياسة حكوماتنا المأجورة!
-
التاريخ يعيد نفسه!!!
-
الخطوة التي لا بد منها للخروج من الجمود!
-
فيروس متلون بألف لون، ولا يصيب إلا المؤمنين به!!
-
اللقاحات سبب أمراض الجهاز العصبي
المزيد.....
-
بوتين يستقبل مبعوث ترامب.. والكرملين يكشف ما بحثاه
-
ترامب يزعم: توصلنا إلى -200 صفقة- بشأن الرسوم الجمركية ورئيس
...
-
أحبطوا أفضل أدوات التجسس لدى واشنطن.. كيف أفشل الحوثيون العم
...
-
علي ساري في بلا قيود: إيران ستقدم كل الضمانات علي سلمية برن
...
-
تلميذ ذو أفكار سوداوية ومتطرفة... ماذا نعرف عن منفذ حادثة ال
...
-
لماذا تبوء محاولات إنقاص الوزن بالفشل بعد انقطاع الطمث؟
-
الاتحاد الأوروبي يعتزم تمويل أنشطة إزالة الألغام في سوريا
-
مسلسل سوري شهير يتسبب بإقالة 3 مسؤولين في جامعة دمشق
-
الهند.. وكالات الاستخبارات تحذر من تهديد إرهابي جديد في جامو
...
-
بيسكوف: كييف تظهر جوهرها الحقيقي بالتورط في أنشطة إرهابية في
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|