|
هل سأذهب الى للتصويت في هذه الدورة من الانتخابات
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 10:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل سأذهب للتصويت في هذه الدورة الانتخابية ؟ الجزء الثاني
11 - ما ساعد الأحزاب الدينية على الاستمرار باستراتيجية عزل العراقيين عن معطيات عصرهم العلمية والفكرية ، وتفقيرهم روحياً وتجفيف منابع الجمال في عيونهم : هو غياب الوعي بضرورة الحاجة الى وجود دولة عصرية يديرون شانهم العام من خلالها ، نتيجة استسلامهم المطلق لمفاهيم الموروث السياسية عن الدولة وطريقة بناءها ، وقد لعب مفهوم : الولاء والبراء الديني دوراً حاسماً في تشكيل موقفهم من الدولة ، فالدولة داءماً دولة طاءفة او قبيلة او عاءلة : توالي عضو الطاءفة او القبيلة الموالية ، وتنزع حقوق المواطنة من أعضاء الطواءف والقبائل والديانات الاخرى ، بحيث يتم قَص جذور المعارضة منذ البداية . وانتفاء وجود معارضة رسمية في اي بلد من بلدان العالم اليوم يعني بما لا يقبل النقاش ، انتفاء وجود حرية التعبير والتجمع والنقد . ولهذا لم يمارس العراقيون ثقافة التسامح والانفتاح على الاخر والاعتراف بالتعددية الدينية والفكرية ، وهذا ما قاد الى تعثر بناء الدولة العصرية في العراق ، والشعار المرفوع الان كدعاية انتخابية : عن ضرورة بناء دولة موءسسات عصرية لم يختمر يوماً في وعي الجماهير العريضة ، ولهذا تم فرضها من الخارج على مجتمع غير ديموقراطي ، وهذه هي المفارقة الكبرى في تجربة البناء العراقية لدولة ديمقراطية .
12 - شُل الموروث الطاءفي الثقيل الذي ورثه أعضاء الطواءف عن اسلافهم قدرتهم على التفكير ، ففي المجتمعات الزراعية حيث كان الفلاحون يشكلون النسبة الكبيرة من السكان تصل الى اكثر من 90٪ من السكان ، كانت القلة من السكان 2 ٪ او اقل ، المتكونة من حاشية الخليفة وولاته على الولايات التابعة له ، وروءساء جنده ، ورجال الدين ، واصحاب الاراضي الكبيرة ، وبعض التجار والكتاب والشعراء والرحالة : يمارسون التفكير نيابة عن الملايين . لا تسمح هذه الروءوس بالتفكير انطلاقاً من منهج مستقل عن المنهج الساءد : منهج القياس . القياس هو المنهج الذي يجعل الناس مرهونة الى الماضي الذي تمت فيه عملية انتاج اصول الفقه وعلم الكلام والدراسات اللغوية والفكرية ، واصبح كل شيء يأخذ شرعيته من هذه الأصول القديمة ، ولا شرعية لأي حركة سياسية او دينية او خطبة او قصيدة او مقامة او ظاهرة اجتماعية تخرج عن الأصول التي حددها الماضي . فالقياس هو منهج الاتباع لا الإبداع ، وهو الحبال القوية التي تشد وعي الناس الى الماضي . هذا في ما يخصنا كعرب ومسلمين ، اما الامم التي انجزت خروجها من عالم التخلف الزراعي فقد تحول هذا الماضي عملياً - اذ لم يعد مشاركاً بتكوين ظواهر الحياة - : الى وثائق لفرجة الهواة ، ووثائق للدراسة من قبل المختصين ، ووثائق لأخذ العبرة ، لكي تتجنب حروب العالم الزراعي الأهلية ، كما حدث في تاريخنا الذي استمرت فيه حروب العواءل القريشية حتى يومنا ، تحت عنوان الدفاع عن هذه العاءلة القريشية او تلك ..
13 - يخترم مفهوم القدر هذا الموروث من اول كلمة فيه الى اخر كلمة . القدر هو المقولة الدينية الاولى في هذا الموروث ، يتوضح معناه ، وتتضح دلالته العميقة بالارتباط بالمفهوم الاخر : مفهوم اللوح المحفوظ . وإذا كان مجال فعل القدر هو التحكم الدقيق بأحداث الحاضر والمستقبل ، فان مفهوم اللوح المحفوظ يشير الى اللحظة التي تم فيها إنجاز وضع مخطط لما ستسير عليه احداث الوجود والحياة وما ستصير اليه . يشير مفهوم اللوح المحفوظ الى ان ولادة الأشياء والأكوان وتطورها وموتها مقدرة سلفاً ، ومكتوبة بدقة في قراطيس هذا اللوح ، وانه ليس بإمكان اي موجود : شجراً كان او حجراً ، بحراً كان او محيطاً ، نهراً كان او جبلاً ، طيراً كان او بشراً ، تجنبه او التمرد عليه . وكل ما بحدث من عواطف الحزن والرثاء او من عواطف الفرح والانشراح مكتوبة وتحدث في ميقاتها بالضبط . لكن تبدى ان الحياة أوسع بما لا يقاس من هذه المفاهيم ، وأنها تضم من التجارب ما لا تستطيع مثل هذه المفاهيم حصره ، ومنعه من اختيار مسارات خاصة به ، وجاءت دولة الموءسسات الديمقراطية لتكون العينة والشاهد : فهذه الدولة لم تقع يوماً في قبضة القدر المسيحي ، ولا في قبضة قدر اي دين اخر من أديان مرحلة الحضارة الزراعية ، لقد أسست نفسها بنفسها من غير ان تستوحي في بناءها لذاتها مثال سابق في التاريخ ، وزادت على ذلك بان مفاهيمها جميعاً نحتها موءسسوها على الضد من المفاهيم الدينية المسيحية عن القدر واللوح الذي رسمت فبه مصاءر الكائنات . وهذا ما لا توءمن به الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق . فما الدافع الذي يدفعها الى ادعاء القدرة على بناء دولة عصرية لا توءمن بمفاهيمها السياسبة ولا بوظيفتها في الحياة ؟ لا يوجد دافع اخر غير دافع ازاحة القوى والتيارات القادرة على التصدي لمثل هذا البناء ، لتأخير عملية خروج العراقيون من تخلفهم .
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سأذهب للتصويت في هذه الدورة الانتخابية ؟
-
مومياء
-
الجزء الثاني من ذكرى الاحتلال والسقوط
-
هاذا الكتاب.. في السيرة النبويه لهشام جعيط
-
في ذكرى الاحتلال والسقوط
-
قسوة الجمهوري : ترمب و( قسوة ) عامر بدر حسون
-
عبد الباري عطوان وفضيحة ادانة السلوك الفردي
-
تآكل هيبة الخضراء كسلطة
-
تسليع (النضال)
-
الفلوجة .... الى -عامر بدر حسون
-
احتجاجات في بغداد ترجمة اسماعيل شاكر الرفاعي
-
بين الثورة والأصلاح
-
جورج طرابيشي
-
عن السيرة الذاتية للدكتور صلاح نيازي
-
ليس رثاء / الى محسن الخفاجي
-
المالكي والتحدي الطائفي
-
المالكي وحكم التاريخ / 1
-
مدن عراقية أم سناجق عثمانية
-
تحت قبة البرلمان العراقي
-
عن المعارضة
المزيد.....
-
في إسبانيا.. شبل تابير ماليزي نادر ومهدد بالانقراض يبصر النو
...
-
لعب ترامب الغولف وسط انهيار أسواق المال بسبب التعرفة يثير رد
...
-
خلال تفقده قوات خاصة.. الزعيم الكوري الشمالي يختبر بندقية قن
...
-
قيادي أوروبي يدعو لمواجهة ترامب
-
-واينت-: الحوثيون يتمددون إلى إفريقيا ويقتربون من إسرائيل
-
المغنيسيوم.. معدن سحري أم مجرد ضجة تسويقية؟
-
أكثر السيارات مبيعا في روسيا حاليا
-
نيويورك تايمز تنشر فيديو يدحض رواية الاحتلال حول مجزرة المسع
...
-
الحوثيون يضربون يافا وترامب ينشر مقطعا لضربة تستهدفهم
-
ارتفاع عدد قتلى زلزال ميانمار إلى 3354
المزيد.....
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|