|
عندما تغدر المعارضة بالثورة
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 5421 - 2017 / 2 / 3 - 13:10
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
عندما تغدر المعارضة بالثورة
قيل الكثير في توصيف الثورة السورية من كونها " ثورة فريدة " تختلف ظروفها الداخلية والمحيطة عن مثيلاتها الربيعية و" ثورة يتيمة " محرومة من دعم القريب والبعيد و" ثورة عظيمة " سجلت آيات الشجاعة والاقدام وأبهرت العالم بتضحيات بناتها وأبنائها من اجل الحرية قدمت مئات آلاف الشهداء وملايين المعتقلين والأسرى والنازحين والمهجرين ولكن أغفل الكثيرون أنها " مغدورة " ليس من النظام والقوى المعادية الأخرى والنظام العربي والاقليمي الرسمي فحسب بل من الذين تسللوا اليها وتحدثوا باسمها زورا لأعوام حيث غدروها منذ البداية عندما حاولوا تشويه صورتها السلمية التغييرية وحرفها عن دربها وأسلمتها وأخونتها الى أن وصل الغدر بها الى القفز عن أهم أهدافها وهو اسقاط الاستبداد وتبديله كشرط أساسي في الصراع الى التزاحم في من يحضر حفلات التسليم بوجود النظام والانخراط فيه . في معظم بلدان ثورات الربيع تتنافس قوى وتيارات المعارضة بأطيافها وألوانها المتعددة وتتصارع وتتقاتل وتتحاور وتتحالف من أجل المشاركة في بناء النظام السياسي الجديد على أنقاض القديم أو ماتبقى منه باستثناء سوريا ففي تونس ومصر واليمن وليبيا وبعد انهيار أنظمتها وخصوصا المؤسسات الرئاسية الاستبدادية ( بن علي ومبارك وعلي صالح والقذافي ) والأمنية والعسكرية التي تشتت وانقسمت على نفسها أو ظلت بعيدة عن الصراعات وملتزمة بمايقرره الشعب والتنظيمية الحزبية الحاكمة التي انحلت رسميا وصودرت ممتلكاتها وأدين وحوكم مسؤولوها باستثناء بلادنا حيث الوضع يختلف بالجملة والتفصيل . نظام الاستبداد بكل مؤسساته الرئاسية والعسكرية والأمنية والحزبية والادارية بكل فئويتها واستبدادها وجرائمها المرتكبة ليست قائمة فحسب بل محمية من جانب قوى الاحتلال الروسية والايرانية العسكرية والميليشياوية بغطاء دولي المتجسد في قرارات مؤتمرات ( جنيف وفيينا وأستانا ) تحت بند الحفاظ على وحدة ووجود مؤسسات الدولة والأخيرة تعني النظام عمليا وليس سرا أن المعارضة والمقصود بها ( المجلس الوطني والائتلاف والهيئة العليا للتفاوض ) ومؤخرا نحو عشرين من الفصائل المسلحة وافقوا وأيدوا كل تلك القرارات والتوجهات التي تتلخص في الحفاظ على النظام القائم ويتزاحمون على الحضور والمشاركة في مؤتمر جنيف القادم الذي لن يكون مختلفا عن سابقاته الا من ناحية واحدة وهي سقوط حلب وهزيمة الفصائل العسكرية واخفاق تلك الكيانات المعارضة في الحفاظ على الثورة وتمثيلها وبالتالي عجزها عن المراجعة واعادة الهيكلة والبناء وفقدانها للأوراق السابقة . على ( الهيئة العليا للتفاوض والائتلاف ) تقديم الشكر والامتنان للسيد – ديمستورا – لأنه أزال عنهم الخجل وأيقظهم من غفوتهم وأنقذهم من حراجة الموقف من المشاركة في جنيف ( 3 أو 4 لم نعد نعرف ؟! ) بشروط جديدة أهمها عدم اعتبارهم ( الممثل الوحيد للمعارضة ) وأفسح لهم المجال للخروج من عزلتهم منذ أن اختيرت الفصائل المسلحة من جانب الدول الثلاثة الضامنة وعلى رأسها روسيا كممثلة للثورة بدلا منهم والغريب أن هؤلاء لم يصدروا أي بيان رسمي ضد المحتلين الروس منذ ماقبل – أستانة – وحتى الآن بالرغم من عدم التزامهم بالوعود المقطوعة حول وقف اعتداءات النظام وبقائهم كما كانوا مع الاستبداد وبدلا من ذلك استسهلوا الرد القاسي على الموفد الأممي وسيلة لاثبات الوجود والاستعداد للتفاوض بأي ثمن . بحثت وتابعت ولم أجد أحدا من الذين تبوؤا مسؤليات في كيانات المعارضة خصوصا ( المجلس الوطني السوري والائتلاف والهيئة التفاوضية العليا ) وملحقاتهم أن يتصدوا بشجاعة لهزائمهم أو يمارسوا النقد الذاتي الخلاق أو يتواضعوا قليلا بتقديم الاعتذار للشعب السوري وهو من ضحى وقدم الشهداء ومازال يعاني الابادة والتشرد وكان الحاضن لثورته وائتمن أعواما بنوايا صادقة وبريئة لأولئك الذين تحدثوا باسمه واستثمروه مصدرا للغنى ورغد العيش حتى أن معظم هؤلاء ينأون بالنفس عن كل موبقاتهم بل تراهم في كتاباتهم يخاطبون السوريين كأي شعب آخر على وجه الكرة الأرضية من قبيل : " على السوريين " " ومن واجب السوريين " متجنبين عن سابق اصرار القول : " نحن السورييون " نقول لهؤلاء : لاتستهينوا بذاكرة السوريين الى هذه الدرجة من الاستغباء . لسنا في الساحة الكردية بأفضل حال من الوضع السوري العام المأزوم بل أكثر تعقيدا فاالمشهد الحزبي السائد يكرس : انقسام عميق وتشرذم وعداء وتخاصم والمضي في اذابة الشخصية الوطنية الكردية السورية والأنكى من كل ذلك التسابق في المزايدات القومية اللفظية في غير أوانها وفقط لللاستهلاك والمتاجرة ومن دون أي اهتمام أو قبول كردي أو وطني سوري أو خارجي وتناسي أن الشرط الأساسي الثلاثي لتحقيق أي مشروع وهو : " الاجماع الكردي كمدخل والتوافق الوطني كتزكية والنظام الديموقراطي كضمانة " لذا فاالمهمة الأساسية الأولى هي تعبيد الطريق نحو المدخل لتحقيق الحركة الوطنية الكردية الصلبة باعادة بناء قاعدتها التنظيمية الشعبية واختيار قيادتها المؤهلة من الشباب والمستقلين وقواعد الأحزاب وصياغة برنامجها وتوحيد خطابها والانتقال بعد ذلك الى استكمال الخطوتين التاليتين . لاغرابة وأمام هزال المعارضة وتراجعها من تسليم ممثل روسيا في أستانة نسخا من " دستور بصياغة خبرائهم لسوريا " بغض النظر عن الموقف من مضمونه وبنوده فهم يتصرفون كدولة احتلال منتصرة في الحرب همهم الأول حماية نظام الاستبداد واخضاع كل ثائر ومقاوم ويعطون لأنفسهم الحق بتحديد أطراف – المعارضة – وغالبيتها من صنع خبرائهم أيضا ! ثم دعوة من يريدون وتنصيب من يشاؤون باسم الشعب السوري الى أستانة وموسكو وجنيف نعم انهم أصحاب مشروع توسعي معاد لثورة السوريين وما خطواتهم الأخيرة والتي ستتلاحق مستقبلا الا من أجل تنفيذ أجنداتهم الخاصة في اثبات وجودهم وترسيخ نفوذهم في بلادنا وفي منطقتنا خاصة وأنهم يستغلون الفراغ الناشىء من هزيمة المعارضة وتراجع الثورة وعدم الاقدام حتى الآن على اجراء مراجعة بالعمق عبر المؤتمر الوطني السوري الجامع لاعادة البناء ومواجهة التحديات .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمريكا - الترامبية - الى أين ؟
-
في اشكالية مسودة الدستور الروسي
-
تراجعت الثورة وانتصر الروس
-
مهام وآمال في بداية المرحلة الجديدة
-
الفصائل والائتلاف وأستانة
-
قبل -أستانا - ومابعدها
-
المستقبل الكردي في مستهل العام الجديد
-
كيف نواجه أزمة الثورة والمعارضة
-
مصارحة على درب التغيير
-
سوريا الى أين ؟
-
عندما ينجح الفكر في ترسيخ ثقافة قبول الآخر المختلف يمكن انجا
...
-
ملاحظات حول ظروف عابرة
-
يا أهل - الائتلاف - من دون لف واستخفاف
-
أحداث ومواقف ودلالات
-
مع صلاح بدرالدين في حوار شامل
-
حديث الثورة والمعارضة والبديل
-
قضية للنقاش ( 139 )
-
أضواء على همومنا المشتركة
-
جولة سريعة على مكامن الأحداث
-
الرد على- النقد السياسي - لسميرة المسالمة -
المزيد.....
-
رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يسائل
...
-
إضراب عاملات وعمال شركة “سينماتيكس” (SINMATEX) للخياطة في بر
...
-
-14 مليون بطل ووسام خالد-.. كيف كرّم السوفييت أبطالهم؟
-
المزارعون في جنوب أفريقيا: بين أقصى اليسار الأفريقي وأقصى ال
...
-
مئات المتظاهرين في فرنسا احتجاجا على استهداف الصحافيين في غز
...
-
بالفيديو.. -البيسارية- الشهادة والشهيدة على جرائم الاحتلال ا
...
-
الحفريات الحديثة تدحض أسطورة حول حتمية وجود فجوة كبيرة بين ا
...
-
توجهات دولية في الحرب التجارية الضروس
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 600
-
العدد 601 من جريدة النهج الديمقراطي
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|