|
بين الإعلام والسياسة المطبخ هو الطائفية
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 21 - 09:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين الإعلام والسياسة المطبخ هو الطائفية
أثار الخبر المنشور على صدر صفحة الشرق الأوسط بنسختها الدولية يوم أمس الأول، والذي أشار فيه الكاتب بناء على تقارير منظمة الصحة العالمية بتزايد حالات الحمل الغير شري للنساء أثناء الزيارة الأربعينية، أثار الكثير من الأحتقان الغير مبرر وأعادة روح الشعور بالكراهية المتبادلة بين طرفي المجتمع العراقي، على أمل إحياء وضع أهتزاز منفعل مشابه للوضع الذي أعقب أحداث تفجير مرقدي الإماميين العسكرين عام 2006، من يقرأ الخبر ويفهم دلالات التوقيت لا بد أن يخرج بنتيجة واحدة، أن صناعة الخبر ودسه وتوقيته وهدفه البعيد أكثر من كونه طعن بشرفية المجتمع العراقي وأنتهاك لمهنية الأعلام ذاته. الخبر ومن ورائه حلقة من سياسة طبيعية ومعتمدة وثابته ينتهجها الإعلام العربي عموما والخليجي خاصة والسعودي بالتخصيص، للأستغلال كل مناسبة عراقية سواء أكان في عمليات التحرير أو القضايا التي تجمع العراقيين بقضهم وقضيضهم لتفعل مشكلة تفرق ولا تجمع، فديدن هذا الإعلام المريض بالشعور بالنقص تجاه العراق وما يمثله من قيم وثقافة وديناميكية في الحياة تعبير حقيقي عن موقف الداعم والراعي الرسمي له من العراق أرضا وشعبا ووجود، التستر خلف الحيادية والمهنية الإعلامية وكونها طبعة دولية وأعلام عابر لحدود الجغرافية لا يمكنه أن يكون أولا بغياب الإعلام الوطني المسئول والإعلام المهني الحر، بعد أن تاجرت السعودية وهجرت هذا الأعلام وحاربته وأقصته عن الساحة بفعل أموال النفط العربي. النقطة الثانية والتي يجب التنبيه لها أن ما ورد وكان منسوبا إلى منظمة دولية تحترم مهنيتها لا يمكن أن يمر ككذبه يمكن تصديقها وبالتالي فالهدف معروف منذ البدء، أن إثارة الشارع العراقي وإشغاله عن قضية أهم تكاتف العراقيون حولها وهي مسألة تحرير محافظة نينوى وما بقي من الأراضي العراقية، سيسرق الأضواء عن تلك العمليات وإهمال العامل النفسي الأساسي المرافق لها، بعد أن تبلور وعي حقيقي لغالبية الشعب أن القوات التي تقاتل في نينوى هي قوات لكل العراقيين بغض النظر عن التسمية أو الدوافع ورائها، هنا نجحت الصحيفة في إصابة الهدف بالمباشر أزاء هذا الكم من الأهتمام وردود الفعل عليه. فردود الفعل المتشنجة ولو كانت في قمة الحقيقة والموضوعية لا يمكن أن تفعل أكثر من الضجيج الذي تحدثه وتشغل الساحة به، وعلينا أن نتعلم حقيقة مهمة في عالمي الإعلام والسياسة هي أن صنع الحدث هو الفعل الناجز والأساسي والذي يجب أن يكون أولا، لا أن نكون صداه وظله حتى نعبر عن وجودنا الحقيقي وقدرتنا على التأثير الجاد، ما حدث الأمس واليوم في قضية صحيفة الشرق الأوسط من ردات فعل وصلت للهستيريا الإعلامية والسياسية، شيء يدعو إلى منح الفعل قدرة على التصدي المقابل ولا نجعل منه موسم لردود الأفعال ثم يتلاشى رويدا رويد لننتهي إلى اللا شيء، الفعل السياسي المنظم والمتقن وأستخدام أستراتيجية أعلامية فاعلة ومؤثرة تمتلك مقومات النجاح الفعلي وتدار من قبل مؤسسة مهنية شفافة وعملية هو الرد الطبيعي لذلك الفعل المشين، فكما نسينا ما حدث في قرار العفو العام سيء الصيت وقرار أعادة نواب رئيس الجمهورية وقضية الرز الفاسد سننسى قضية الشرق الأوسط بأفتعال قضية أخرى تغطي على ما سبق. لقد حرض الخبر وما ينشره من كراهية وأحتقار في محاولة لإعادة العقل الجمعي العراقي مرة أخرى في وقت غير مناسب ومدروس بعناية على أستذكار إلى ما يعرف بالتناقض المذهبي، ونجح في إخراج المكنون النفسي الذي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا من اللا وعي الطبيعي ليكون ولفترة قادمة مهمة موضع تراشق وأتهامات متبادلة تتعلق بموضوع في غاية الحساسية والإثارة، لينصرف طرفي التنازع عن أهمية مساندة الحملة الوطنية لتحرير الأرض والقرار العراقي من شبح الأحتلال والإرهاب المزدوج داخليا وخارجيا، وقد تنجح الخطة بإهدافها هذه لو أستمر هذا التراشق الطائفي بين الإعلاميين والمثقفين وصولا إلى الطبقة العامة من الناس، التي لا تدرك المرامي البعيدة من زج هذا الخبر في هذا التوقيت وإشعال نار الفتنة، مع توفر وسائل الأتصال ومواقع التواصل الخطرة لتروج للموضوع أكثر مما روجته الصحيفة المشبوهة. هنا يأتي دور السياسة بمؤسساتها الوطنية ودور العمل الوطني الجاد بإعادة البوصلة العراقية إلى اتجاهها الصحيح والأوجب، وترك الأمر للقنوات المختصة القضائية والقانونية والدبلوماسية لتمارس دورها الأساسي في التصدي والعمل المنظم، وإعادة جحفلة الأهتمام والمساندة وممارسة النجاح الأولي الذي حققته ولأول مرة الحملة النفسية والإعلامية المرافقة لعمليات التحرير، وهو ما أغاظ وهستر القوى الإقليمية المتبنية لخطاب التحريضي وتوجهات صحيفة الشرق الأوسط الطائفية والمعادية للعراق وشعبه، نكون بذلك قد منحنا حق التعبير الحر للشارع وإبداء غضبه وأيضا مارسنا الواجب الأخطر والأهم عراقيا الآن، وهو دور الإسناد والتحفيز والمناصرة الحقيقية للمقاتل الذي يسعد بوجود دعم وإسناد خلفي ليمارس الواجب من موقع المنتصر بالمؤازرة والتوحد الوطني.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المتخيل والمدرك والمتوهم في السياسة العراقية
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح13
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح12
-
السلام والمصالحة هدف الشعوب وحقها الأساسي وليس لعبة الساسة و
...
-
أحلام السلام والمطر
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح11
-
بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح4
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10
-
حوارية القمر والسلالة المنسية
-
بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح3
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح9
-
بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح2
-
مدينتي ..... النائمة في بحر العسل
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح8
-
بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح1
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح7
-
الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح6
-
محذور ...... من أن تحب
-
حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح5
المزيد.....
-
زفاف -نارين بيوتي- وخطوبة عبير الصغير.. الأبرز في أسبوع
-
ماكرون يحث عباس على استبعاد حماس من غزة وإصلاح السلطة الفلسط
...
-
هزة أرضية بقوة 5.2 تضرب جنوب كاليفورنيا وتثير ذعراً واسعاً
-
في اتصال مع عباس... ماكرون يدعو لإصلاح السلطة الفلسطينية ونز
...
-
لا تقدم في محادثات القاهرة... والكارثة الإنسانية تتفاقم في غ
...
-
سوني ترفع أسعار أجهزتها بعد نفي ترامب إعفاء بعض الإلكترونيات
...
-
عاصفة شمسية مزدوجة تتجه نحو الأرض قد -تسرق- الأنظار بعرض ضوئ
...
-
RT ترصد إزالة آثار الحرب في الخرطوم
-
مراكش.. 50 شركة روسية في -جيتكس إفريقيا-
-
-حماس-: ندرس مقترح الوسطاء وأي اتفاق يجب أن يضمن وقف النار
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|