|
هل بالامكان ايجاد اسلام جديد؟
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 5158 - 2016 / 5 / 10 - 08:01
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
"لا تبديل في كلمات الله". يعني هذا الثبات الالاهي امام المتغير الانساني. هنا تكون امام احتمالين.الاحتمال الاول ان يكون هذا الثابت قابل للتأويل و بالتالي متجادلا مع المتغير الانساني مما يحقـق انسجام الوعي مع ذاته في تمثله للعالم. اما الاحتمال الثاني فهو عدم قابلية كلمات الله للتأويل، و هنا اما ان يسكن الانسان و لا يتغير و يتطور باسم تطبيـق كلمات الله، او ان الله في ذاته يكون قد مات مثلما قال الفيلسوف الالماني نيتـشه، و بالتالي ينعتـق الانسان من كل تحديد و يتجه صوب المغامرة في العالم بعـقـله و تـفكيره الحر.. فإذا اردنا المحافظة على وجود الله ( اسلاميا) فانه لا مناص لنا من التأويل. ذاك ان عـدم التبديل لكلماته بما هو ثابت و بالتالي تـنـزيل الاحاكم المسماة بالشريعة عن طريق النقل قد بلغ اقصاه في الفضائع الدموية الداعشية. الدم المسفوك انهارا باسم الاسلام هو بالضرورة هدم للإسلام القديم برمته. هذا الاسلام الذي قادك ايها العربي الى الكارثة. كارثة تحويل ثورة الحرية الواقعية الى مستـنـقع من الدماء لإعادة رفع الذهنية العربية عن واقعها الحي و مطالبها الواقعية في الحرية و الكرامة. و فعلا فان الحرية او الثورة هي اشد اعداء هذا الاسلام الذي عمل لقرون لأجل رفع الانسان عن واقعه و جسدانيته و وعيه الحسي الملموس الى الغيـبي و الخرافي و الاسطوري. انه لأشـد ايلاما لهذا التاريخ ان يثور الوعي على اسطورة العرش و اللذين استووا عليه.. لذلك هرعوا من كل صوب لوئد الثورة بأشكال أشـنع آلاف المرات من الدكتاتوريات الحداثوية الاقل اجراما و فضاعة بما انها أقـل ارتباطا بالثابت الامتغير.. اما عن التأويل، فانه اما ان يكون عـقـليا شاملا اي متاسسا على قراءة شاملة للقرآن كخطاب متجسد تاريخيا في لحظة ما، و لكن يحمل الخيوط الرابطة بالأزلي و بالتالي البحث عن هذه الخيوط و تحديد ألوانها و التي من خلال هذه العملية تبنى منهجية عقلانية في التـفكير قائمة على الجدل مع المتغير الانساني، مما يفتح أفـق التواصل مع العالم و المستـقبل الانساني في هذه الحياة. و اما ان يتم التـفكير العقلاني الحر و من ثم اشتغال التأويل على شرعنة ما توصل اليه هذا التـفكير. لكن عيب هذه الطريقة انها ستكون انـتـقائية و تجزيئية و تفجر آلاف المتـناقضات من التاويلات مما سيحصر الذهنية داخل الشتات التأويلي الذي يعيدنا الى القرون السالفة و معاركها التـنظيرية المفتـقدة اليوم لأي اساس علمي و واقعي في التـفكير. الطريقة الثانية ستـؤدي الى اسلامويات جديدة ترتدي اثوابا عصرية تغطي هياكل عظمية، و من جهة اخرى ستؤدي الى تقوية التيار الناكر للإسلام جملة و تـفصيلا و بالتالي الى الانقسام الحاد الذي سيترجم نفسه في حروب اهلية جديدة و انقسامات اجتماعية جديدة و بأسماء جديدة.. تـقبل العالم بما هو حرية انسانية و تـفكير انساني علمي واقعي، و اعادة تأويل فلسفي شامل يكون فيه الثابت قد نزل الى الارض في تطور اشكالها و تطور نظرة الانسان للعالم. الانسان يعني الانسان اليوم و غدا في شموليته، و قد وردت عدة ايات في القرآن تخاطب هذا الانسان بقولها : "يا ايها الناس". الانسان اليوم حر في جسده. الانسان اليوم اكثر رغبة و اكثر اشباعا للرغبات. انه ليس الجائع المشرد في البيداء. انه انسان المدن. الانسان اليوم وجوده مرتهن بالعمل و ليس بالغزو. الانسان اليوم حياته الروحية الانسانية اكثر ثراء من الناحية الفنية الجمالية و التي اصبحت ليست مجرد رفاه ارستـقراطي بين الجدران العالية للقصور، بل حاجة يومية للكادحين اكثر من الاثرياء. الانسان اليوم جسد مروحن يتـفـنن في ظهوره بما هو تعبير عن انوجاده في الوجود، و ليس روحا مسجونة في جسد مدنس يعمل على اخفائه. الانسان اليوم ايروس بالأساس و ليس جنسا، اي الجنس في تجسدات فنية حياتية في اللباس و المظهر و الثـقافة الفنية و التـفكير الادراكي للعالم.. الانسان اليوم يرفض ان يخضع للقهر.. الانسان اليوم هو حرية.. فالسؤال المطروح على من يخافون على الاسلام. هل بامكنهم فعلا بناء اسلام جديد يستوعب انسان اليوم في الازلي ان كان فعلا من وجود للأزلي؟ اي هل بالامكان ايجاد معادلة ديالكتيكية بين حقيقة الوجود في ذاتها و بين الوعي الانساني لذاته اسلاميا؟ هذا فقط ما يمكن التوجه نحو فعله للخائفين على الهوية... انتبهوا جيدا فالدماء المراقة تهب من خلالها رياح العبثية بما هي اولا افـتـقاد المعنى و الحقيقة لما كان يعتبر ذو معنى و حقيقة.
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلطة الوضيعة
-
المفقدود سياسيا في تونس
-
النوايا السياسية السيئة
-
-القصة الخفية للثورة التونسية-
-
كيف نكون الله؟
-
البعث العراقي الى اين؟
-
يسارية الاحرف الاربع
-
رد على مقال يتهافت على الرسول محمد
-
هل مازالت فلسطين القضية المركزية؟
-
للأرض أنثى الأنوار
-
النفاق الاوربي في التعاطي مع الارهاب
-
الشعور الديني بين الإغتراب و الإنسجام
-
عبثية إرادة قتل الله
-
سقوط البعث
-
سوريا الى اين ؟
-
المرأة التونسية تقدم الجديد لليوم العالمي للمرأة
-
قتل -الاسلام او القتل- في تونس
-
بين الإهانة للمقاومة و مقاومة الإهانة
-
-ميشيل عفلق- و الثورة العربية
-
الله و الإيروس
المزيد.....
-
عودة القراصنة الصوماليين وسط أزمة البحر الأحمر والحرب في غزة
...
-
حشود بجنازة حسن نصرالله.. وطائرات إسرائيلية على ارتفاع منخفض
...
-
الآلاف يشاركون بتشييع نصرالله وآلاف آخرون يعلّقون على وسائل
...
-
إسرائيل توسع عملياتها العسكرية شمال الضفة: تهجير 40 ألف فلسط
...
-
الناخبون الألمان يختارون برلمانهم الجديد وسط تحديات داخلية و
...
-
تشييع حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في بيروت
-
زيلينسكي يعلن استعداده لترك منصبه
-
مقاتلات إسرائيلية تحلق فوق جنازة نصر الله
-
خبير عسكري: لهذه الأسباب يدفع الاحتلال بأسلحة للضفة لم تستخد
...
-
-قمة الويب- أكبر تجمع عالمي لشركات ورواد التقنية
المزيد.....
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|