أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد شاكر - قصه قصيره














المزيد.....

قصه قصيره


عبد شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 1370 - 2005 / 11 / 6 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


الجزائر ليس بلدي .. انه الجحيم .. يحاول دائما ان يمسك حلمه , الذي قضم نصفه الترقب . استحضر في توسلاته , ارواح الاحبه , والملائكة التي يؤمن انها تظلله حينما يرفع راسه صوب السماء باكيا , بصوت اشبه بالنواح , وبألم يعتصر كله المتكور على لحظة اليأس , ممسكا بكل تاريخه الشخصي , الذي يفخر انه معبأ بشذرات من الزهو . لكن كلما اعتصر الحرمان منافذ الروح , يرمي نفسه الى متاهات حلم يخبو , حتى أدمن معاقرة المذله ! العمر يهرول به , كغول يحاول ان يجثم فوق طفل لم يتقن مهارة الاختباء , حلم تسربل في رجولة تبعثرت في محن الزمن , لحروب شرسه , طحنت به لهفة الابوة , وفي مأزق التبدد لهذا العمر , قرر ان يهدي زوجته , الطفل - الحلم - بعد ان اصبح متسكعا , حين توقفت ماكنة القتل, هكذا توهم انه يمكن ان يؤسس مملكته , تلك التي أنشأها في عمق الامنية , بعد ان قتل في داخله الكثير من الامنيات , يوم كانت السماء حبلى ! والفرسان يمتطون الريح . . الزهد الذي صاغه لحياته , جعل امنياته تتواضع , حتى يتمكن العيش لبرهة بلا ضغط مدوي لنداءات التشرد , المتغلغله في شظايا حلمه , بعد ان فقد القدرة على ترتيب امنياته , على النحو الذي يستطيع من خلالها ان يسبق زمنه . الا انه انصاع الى الانزواء فوق أرصفة الفقر , حاملا فرشاته والوانه , يداعب الفكرة التي تولد , يهدهدها , تتمطى , يحتضن ثوبها , يرسم خيباته اسفل البطن التي , تكورت , بعد ان يأس رحمها من حبات الطلع زمنا , لان الطيور هجرت المضاجع , منذ سقوط اول شهيد في حضن بغداد المتوجعة .. الوحم شيئ جديد في قاموس اللون , لايمكنه ان يتلمس انبثاق الروح , لنطفة في الظلمه , مدججه بكم هائل من مشاعر الولاده, تتشهى تلك التي لاتعرف لغز الانتظار , انه اوان التجذر في قعر الحياة , بصرخة مشرد آخر , لايشبه اية ولادة ! فقط العودة معافى من أوار مطحنة بشرية عمياء , ويتمنى انه لن يرى خيباته تتكرر , او هكذا خيل له , لكنه محض هراء , الجحيم يتناسل هنا وهناك .. تتوحم بالأناناس , ثمرة غير مألوفة , تذكر انه حشرها في احدى لوحاته لأحد الاثرياء , لكنه كيف يعثر عليها , ولابد ان تحصل عليها , والا فقد يخرج ورأسه على شكلها , او يكون كفه على شكل ثمرة أناناس ! عندها لن يستطيع ان يمسك فرشاته ؟ لابد ان يورثه تاريخه بكل خيابته ! كان محشورا وسط كتل بشرية تتدافع صوب شارع الجزائر , وهو من الشوارع المترفة في البصرة , تعاطف البصريين مع عروبتهم , ووسموه بالجزائر يوم كانت رمزا , قبل ان تبتلى بالدم وقطع الرؤؤس , الى ان زحف هذا الوباء الى مدينة السلام .. معبأ في صناديق الآناناس ! . نسيم خريف المدينة الاستوائية العليل , وأماسي رمضان , ونداءات العيد , أخرج الجميع من جوف البيوت الهاجعة على مأساة الترقب , بوجع يوشم الملامح المتشابهة , والمجهول قد يكون يرفرف فوق رؤؤسهم , أو في جوف بطن سيارة جاثمة بمحاذاة الروح ! تتوعد أندفاعهم الى فضاء لم تألفه مدينتهم , منذ سقوط بغداد المروع ! أطفال ونساء .. ضحكات طفولية , ثرثرة نسوة حول البضائع المصلوبة على واجهات المحال . ضجيج السيارات , صيحات ناشزة لباعة الارصفة , رجال الشرطة مدججون بالاسلحة والتوتر . وسياراتهم اللاهثه بالاضواء التحذيرية , هذه البانوراما أصابته بالقلق والغثيان , انه منظر يشبه الى حد ما _ يوم الحشر - ! . لامتسع للتسكع . امسك بكلتا يديه تلك الثمرة المترفة وهي متأنقة وسد حشد من الفاكهة , تحت أضواء شديدة التوهج , وضعت لأغواء الجياع . فتح عينيه , وجد نفسه متكورا على ثمرة الأناناس , يحتضنها كما لو كانت طفل رضيع , ظلام دامس يلف المكان , صراخ وعويل في كل الاتجاهات , جلس خائر القوى , كأنه ثمل , تبعثرت على مقربة منه بضعة أجساد غير مكتملة الاجزاء , وأخرى متشحة بالسواد , كما الظلمة التي تلفه , وهج في مدى الرؤية الضبابية لحرائق تتسع وتتعالى , عيارات نارية كثيفة تطلق في الهواء ,السماء تمطر رصاصا يتساقط حوله , سيارات متناثره , أشتعلت السماء بنور ساطع بعد ان انفجرت احدى السيارات , أدار رأسه الثقيل , طفلة محترقة , فساتين ملونه تسطع بالدم على ضوء الحرائق , قطع آدمية تجاوره في وسط الجحيم . امسك بيديه الراجفتين ثمرة الأناناس وهي تقطر دما ! ..



#عبد_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق المرأة الدستورية
- قصة قصيرة


المزيد.....




- ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يُلزم سائقي الشاحنات بالتحدث باللغة ...
- أسئلة الثقافة في زمن التأفيف
- بمزيج من الشعر والموسيقى اختتام مؤتمر قصيدة النثر في العراق ...
- زاخاروفا ترد على دعوة ممثل أوكراني لضرب الأطفال بسبب تحدثهم ...
- أحمد مالك: لم أعد مهتمًا بالسينما العالمية بسبب ما يحدث في غ ...
- ممثل أوكراني يدعو إلى ضرب الأطفال الذين يتحدثون اللغة الروسي ...
- متحف الأرميتاج يفتتح معرضا عن أتباع مايكل أنجلو بمناسبة الذك ...
- فيلم -دبوس الغول- يثير جدلا في تونس لتجسيده شخصيتي آدم وحواء ...
- ?دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المب ...
- الرواية القصيرة جداً و الأولوية


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد شاكر - قصه قصيره