أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر صالح - الخلفية السوسيولوجية والسيكولوجية لانتفاضة تموز العراقية ومستلزمات النصر !!!















المزيد.....


الخلفية السوسيولوجية والسيكولوجية لانتفاضة تموز العراقية ومستلزمات النصر !!!


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 4892 - 2015 / 8 / 10 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا يراودني الشك أن ما يجري في العراق اليوم هو ثورة سلمية تعكس اخلاق شعب يحب الحياة ويبتعد عن حمامات الدم وازهاق الارواح, يطالب بحقه في الحياة الحرة الكريمة المشرفة والتي تليق بتضحياته عبر عقود من النضال ضد الدكتاتورية الفاشية ولاحقا ضد الاسلامويين السياسيين الذين سرقوا تضحيات شعب بكامله وشوهوا معالم وعية, في محاولة منهم لحرف ارادته وفرض خطاب الانفعالات المرضي بديلا عن خطاب العقل من خلال دائرة مغلقة في اللف والدوران والطقوس العصابية المأطرة بسلوكيات الهوس الديني في محاولات كاذبة لإمتصاص نقمة شعب قرر ان لا يسكت عن مهضوميته التاريخية !!!.
أن ثورة شعبنا اليوم تجسد في حراكها ما ينسجم مع ادبيات الثورة العالمية, حيث ان الثورة هنا تقوم على خلفية التناقض الذي لا يحتمل الاستمرار بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج السائدة, والذي يفرز ظواهر الفقر المدقع, والتدهور للحياة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية, والعلمية, والصحية, والتعليمية والخدمية والامنية بمختلف مظاهرها. ويكون الهدف المتوقع من الثورات هو إعادة بناء علاقات سليمة وعادلة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج, بما يفضي إلى إعادة توزيع الثروات بشكل منصف, وإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع, بما يوفر المزيد من فرص العمل عبر إعادة هيكلية الاقتصاد, واستحداث المزيد من المشاريع الإنتاجية والخدمية, ويشكل ذلك ضمانة لتحسين ظروف الحياة الإنسانية العامة والارتقاء بها !!!!.
لقد قدر للعراق وشعبه أن يمر بظروف تاريخية قاسية ذات طبيعة كارثية أسهمت بشكل كبير في تشكيل مزاج عام أدى إلى تأخير حالات اختمار حقيقية صوب مخاض الديمقراطية,مما فسح المجال إلى نشأة بدائل سياسية ذات طبيعة عقليةـ معرفية معوقة للديمقراطية في غالبيتها,ولكنها انطلقت لتمارس الديمقراطية السياسية استنادا إلى ظروف العصر الضاغطة وظروف العراق بشكل خاص التي لا تقبل بغير الديمقراطية والتعددية السياسية الحقيقية كنموذج بديل عن النظم الديكتاتورية الموروثة.وعندما حصل التغير في العراق عام 2003 " رغم ملابساته الكثيرة وصعوبة هضم آلية التغير" فأن الفراغ السياسي شكل سمة مميزة للوضع السياسي,مما مهد الطريق إلى خيار الاستحواذ السياسي متخذا من الطائفية والعرقية واجهة له ومستغلا الظروف التاريخية للاضطهاد ليمعن في سياسته التي لا تلقي الاستحسان والقبول والإجماع والرضا من قبل شعبنا,وبدلا من أن تحل البرجماتية السياسية " أي قياس مصداقية الفعل السياسي بنتائجه العملية على ارض الواقع " فقد حلت البرجماتية المدججة بالسلاح " الحوار بيد والسلاح في اليد الأخرى لقبول أمر الواقع".
في فترة ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 حيث شيوع وانتشار التنظيمات السياسية الطائفية المسلحة منها وغير المسلحة والتي نمت نموا مذهلا وسريعا وبتشجيع من دول الجوار العربي وغير العربي مستفيدة من حالة الإحباط التي عانى منها الشعب العراقي لعقود في ظل النظام السابق جراء الكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي سببها له,وهي بمثابة استجابة انفعالية ـ سياسية في تصور غير عقلاني للخلاص من الظلم الاجتماعي دون فهم قوانينه وأسبابه,والكثير من هذه التنظيمات الطائفية ـ السياسية تربى في جبال أفغانستان أو في سهول إيران والجميع حمل أجندة البلد الذي قدم منه لينفذها على ارض العراق المظلوم ويتلقى إلى اليوم وباستمرار دعم تلك البلدان واشتراطاتها السياسية,بما فيه حتى شروط تشكيل حكوماته السابقة ,أنها كارثة حقيقية ضد استقلال البلد وسيادته,وعلى خلفية ذلك اشتد الاقتتال بين طوائف الدين الواحد ليتخذ طابع التصفيات الدموية والانتقام والتكفير المتبادل,بل امتد ليشمل أديان وطوائف أخرى لا ناقة لها ولا جمل في الصراع الدائر في عمل هستيري لا حصر لحدوده,وفي محاولات عبثية لحرق الأخضر باليابس. وتقدر اليوم المليشيات المسلحة الشيعية بأكثر من اربعين فصيل, يقابله بقدره او اقل منه في الطرف السني !!!!.

لقد تركت تلك الاوضاع أزمة في ضعف المشاركة السياسية والشعبية الواسعة وإلى أحساس شرائح اجتماعية واسعة بالهامشية واليأس والمنبوذية "خاصة الفئات التي يجب أن تستهدفها عمليات التغيير",مما يدفع إلى شعور مضاد للانتماء,أي العزلة والاغتراب الاجتماعي وضعف الشعور بالمسؤولية ومن ثم التطرف بألوانه والى الفوضى والعنف,وأصبحت إحدى البؤر المولدة للعنف والتطرف الديني وغير الديني,لتشتد الحياة أكثر عنفا لتصبح بيئة مواتية للتحريض وارتكاب الجرائم الكبرى بحق الناس وبواجهات مختلفة( القاعدة,فلول البعث السابق وداعش,وضغط دول الجوار التي لا تعي حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية),أن الجبهة الداخلية السليمة والصحية هي وحدها القادرة على دحر أعداء العراق في الداخل والخارج وعلى خلفية بقائه وطنا صالحا للجميع.ويذكرنا ذلك تماما بإخفاق جيوش النظام السابق الجرارة والمليونية في الإنابة عن المجتمع دفاعا عنه وعن سيادة البلاد من الاحتلال والتي حصلت على خلفية انعدام الثقة المتبادل بين النظام والشعب وضعف المساهمة السياسية الحقيقية في صنع القرار,فأين الملايين التي كانت تصفق "لقائد الضرورة" كذبا ودفعا للأذى عنها,أن حالات الاستبداد السياسي والطغيان وتكبيل أعناق المواطنين وترويضهم على الخنوع والذل والانشغال بسد رمق العيش هي التي تمرر مشاريع اختراق الوطن من الداخل والخارج !!!!.

أن نظرة متأنية وموضوعية منطلقة من روح الحرص على النواة المتواضعة للنظام الديمقراطي,تؤكد لنا أن نظام المحاصصة الطائفية والعرقية وما أنتجه من تعصب أعمى,ومنذ ولادته بعد 2003 لحد اليوم كان عائقا ومعطلا للعملية السياسية,حيث حلت في الممارسة العملية الانتماءات الضيقة محل " علم السياسة " لإدارة شؤون البلاد,مما جعل من أحزاب الطوائف والأعراق أمكنة للحشود البشرية وليست أمكنة لانتقاء وتدريب النخب السياسية لقيادة البلاد,وكأنها تعمل على قاعدة أن الحزب يساوي كل أبناء الطائفة أو العرق بما فيها من خيرين وأشرار,وتحولت إلى أمكنة للاحتماء بدلا من الاحتماء بالدولة والقضاء كمقومات للدولة العصرية,مما فوت الفرصة على الانتقاء والفرز على أساس الكفاءة السياسية والنزاهة,وليست لاعتبارات لا صلة لها ببناء دولة المواطنة,أنه سلوك يؤسس لمختلف الاختراقات السياسية والأمنية وشتى ألوان الاندساس.

أن شعبنا عاش ولايزال احباط مزمن جراء السياسات الطائفية والاثنية وما سببته من تعسف وخذلان وامتهان لكرامته وازمة مستديمة في كافة مجالات الحياة ومرافقها العامة حتى اطبقت عليه تماما واغلقت بوجهه كل السبل. مما ادى بشعبنا ان يحول ميكانزم الاحباط كما هي الفطرة الانسانية, الى عمل احتجاجي مسالم وليست عدواني يليق بشعبنا وحضارته في انتزاع ذكي لحقوقه المشروعة من الحكام المتخاذلين والفاسدين, وفي تأكيد رائع من شعبنا انه شعب مدني ويعشق الوجود الحر والحرية. ومن الايجابي في تزامنه ان تقف المرجعية أكثر وضوحا الى جانب مطالب الشعب, مما اعطى زخما معنويا للسيد حيدر العبادي رئيس الوزراء في البدأ بحزمة اجراءات تستهدف مفاصل الدولة, وبشكل خاص الرئاسات الثلاث !!!.

ولكننا لا نؤمن بعصى ساحر لكي يحل كل المشكلات بضربة واحدة, وخاصة ان كل ما اقدم عليه العبادي هو مقترحات اولية وتعتمد اولا واخيرا على البرلمان في المصادقة عليه, ونحن نعلم ان البرلمان معبئ بالفساد ومعوقات التغير. وهي فرصة تاريخية لكي يعبر البرلمان عن قبحه وصلافته أم بأمتثاله امام ارادة الشعب المنتفض !!!.
أن المعضلة الكبرى كما يراها شعبنا المتظاهر هي في الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وهذا يعني اجراء تعديلات جوهرية على الدستور, واعادة النظر بقانون الانتخابات, واصدار قانون الاحزاب, الى جانب تشريع قانون النقابات والاتحادات, وقانون النفط والغاز, وقانون حرية التعبير, وقانون المحكمة الدستورية, وقانون مجلس الاتحاد, واعادة تشكيل مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهه, واعادة تشكيل مجلس القضاء الاعلى بما يضمن نزاهته حقا. أما عدا فأن الامر يبدو أكثر تعقيدا, وان محاولات العبادي نتمنى ان لاتكون امتصاص لغضب شعبنا والمرجعية الدينية. وحذاري من تحول احباط شعبنا الى عمل يتجاوز كل التوقعات , وقد تدك المظاهرات والاعتصامات ابواب المنطقة الخضراء, وعندها ستراق الدماء وسيخسر الجميع, إلاداعش, فسوف تجد لها فضاء لا حدود له للتمدد !!!.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تصعيد التظاهرات المطلبية السلمية صوب التأسيس للحلول الجذ ...
- الى مزيدا من التظاهرات المطلبية السلمية لتشديد الخناق على رق ...
- اتفاق ليلة القدر - خير من ألف شهر - النووي بين ايران والسداس ...
- تذكيرا بظلم المرأة التاريخي على خلفية انتشار ظاهرة الزواج غي ...
- تحليل نفسي للسياسة الجنسية في ضوء تسريبات ويكيليكس والخاصة ب ...
- ماهية ويكيليكس ومهمته بين التوثيق والفضح وخلق ردة الفعل !!!
- نتائج الانتخابات التركية بين التفسير السيكولوجي ألإسقاطي ووا ...
- العفة في السلوك بين المفهوم التقليدي والثقافي !!!
- دحر- داعش الارهابية - بين القدرات الذاتية والحفاظ على الوجود ...
- أحداث مدينة الاعظمية/ بغداد بين الاحتقان الطائفي وإفرازات ال ...
- عيد العمال العالمي ودلالته للمرأة العربية والإسلامية العاملة ...
- -سوق الفتاوى و نكاح الوداع - بين الفقه الاسلاموي والانحراف ا ...
- النزوح والهجرة الداخلية والمزاج الطائفي أهل الانبار أنموذجا ...
- الانحرافات الجنسية بين - الأزهر الشريف - وعلم النفس !!!
- بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي عودة لأرشيفي مما ك ...
- الإعلام العربي وعمى الانحياز للحلف الخليجي الإسلامي ضد الحو ...
- الثامن من آذار عيد المرأة العالمي بين دلالات الماضي ومنعطفات ...
- داعش والبيشمركة وفنون قتل الأسرى والدروس المستخلصة !!!
- الإسلام السياسي والشوفينية العرقية لا تبني مستقبلا كريما !!!
- العضة الداعشية في الميزان السيكولوجي !!!


المزيد.....




- فرمت سيارته.. الداخلية القطرية تتحرك ضد -مُفحط-
- المفوضية الأوروبية تعلن تحويل دفعة بقيمة 4.1 مليار يورو لنظا ...
- خنازير معدلة وراثيا..خطوة جديدة في زراعة الأعضاء
- موسيالا -يُحبط- جماهير بايرن ميونيخ!
- نتنياهو يؤكد بقاء إسرائيل في جبل الشيخ بسوريا
- فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي يعد الحزمة الـ16 من العقوبات ...
- الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 210 جنود في محور كورسك خلال يو ...
- رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م ...
- سوريا: المبعوث الأممي يدعو من دمشق إلى انتخابات -حرة ونزيهة- ...
- الجيش الإسرائيلي يعترف بتسلل مستوطنين إلى لبنان


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر صالح - الخلفية السوسيولوجية والسيكولوجية لانتفاضة تموز العراقية ومستلزمات النصر !!!