|
- الأمة العربية - رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
علاء الزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 359 - 2003 / 1 / 5 - 06:31
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
" الأمة العربية " رحمها الله وأسكنها فسيح جناته !
إنفرجت أسارير الدكتور محيي الدين اللاذقاني معد ومقدم برنامج " قناديل في الظلام " بقناة شبكة الأخبار العربية ( ANN ) وهو يقرأ رسالة مشاهد ، بعث إليه بصورة لأثر قديم مازال شاخصا ، في مسقط رأس اللاذقاني ؛ قرية " سرمدة " في سورية . الأثر الذي ملأ نفس محيي الدين بالحبور والجذل ، كان عبارة عن عمودين رومانيين ملتصقين من الأعلى ، وهذان العمودان تقليديان ، ويمكن أي يريا في أي مكان ، لكن غير التقليدي ، في نفس اللاذقاني ، هو رؤيته أثرا من ترابه ، أرضه التي رأت عيناه النور عليها ، ذكريات طفولته ، أول خفقة قلب وأول دمعة وابتسامة ، وأول جرعة حليب . ومادام الأثر القديم بخير ، فسرمدة بخير أيضا . من هنا تألقت العينان وتورد الوجه واختصر كل العالم والسياسة والأدب والشعر والصحافة وغسيل الدماغ و … ، في تعليق قصير مصحوب بابتسامة حيية : سرمدة ؛ قريتي . نقلة سريعة ، أقوم بها ، كعادتي دائما ، من عالم اليوم والآن والآخر ، إلى عالم الأمس والمنصرم والذات ، إلى مدينتي العراقية الجنوبية ؛ الشطرة ، التابعة للواء أو محافظة الناصرية ، إحدى المحافظتين الجنوبيتين المأكولتين المذمومتين دائما ، هي والعمارة ، اللتين تتألف منهما كل الجيوش العراقية على مر الزمن ، كل جيوش العسكر والعمالة ( من العمل الشريف لا الوضيع ) والأدب والفن والصحافة والحوزات الدينية والأحزاب اليسارية واليمينية وأحزمة البؤس في العاصمة والحواضر و… وحتى طاقم حكم النظام ، في حين لا يمثلهما ممثل في أم الخمسة والستين حرامي ( تعبير انتزاعي ساخر لا علاقة له بنظافة السيدات والسادة المعنيين فنصفهم على الأقل محترمين عندي ) . نقلة خاطفة ، اختصرت في ذهني المتعب دهورا من السرقات المنظمة لآثار أكد ولكش وبيعها في أوروبا على يد سماسرة النظام الجاهل . وقرونا من الإهمال والازدراء للشراكوة ، تيجان رؤوس من لا أصل ولا فصل لهم ، من حكام العراق منذ 1963 الأسود وحتى اليوم . نقلة بسرعة الضوء ، أعادت إلى صفحة ذاكرتي صورة العلم الشطري الرائع " مشعل الحرية " ؛ ذلك النصب الذي كان قائما بشموخ في محلة الشعلة – نسبة إليه – موازيا في اشرئبابه جاره ، قصر الحاج خيون العبيد شيخ عشائر العبودة وعضو مجلس الأعيان في العهد الملكي ، فيما يكمل جسر الحاج خيون مهمة الوصل بين العراق الدستوري الرصين ، والعراق الجمهوري الواعد ، في عهد الزعيم الوطني المرحوم عبد الكريم قاسم . بقي عمودا سرمدة ، باسقين على امتداد التاريخ ، لكن مشعل حرية الشطرة دمر – يؤكد الزميل باسم العوادي في رسالة شخصية إلي – على أيدي السلاجقة الجدد ، عن آخره ، انتقاما ل " كرامة " الطاغية من المدينة التي رفضته ، في انتفاضة آذار / شعبان 1991 البطولية عن بكرة أبيها . تلاحظون – سيداتي سادتي – كيف ننشد إلى مدننا الأولى ، فتطرب نفوسنا كما لو لعب أبو نصر الفارابي رحمه الله أعواده في مجلسنا . وهي خلة إنسانية فطرية ، لم ينكرها حتى سيد الكائنات ؛ النبي الأكرم محمد عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه ، الذي لم يذكر مكة ، في هجرته ، إلا ونظر نحوها بعين دامعة ، بنفسي هو . ومثل مدينتنا الأولى ، وطننا الأول . تهتز أعطافنا لذكره ، وتسكر نشوة اسمه أنفسنا الحائرة في لجج المصائب والتيه . العراق ، الذي فيه ، الشمس أجمل من سواها ، والظلام ، كما يقول خالد الذكر السياب الكبير . فهو عراقنا ، وعراقنا وحدنا ، وليس للجميع فيه حق أو شأن . لذلك فلا قيمة لتنظيراتهم أو دفاعاتهم المزعومة عنه ، فهم إنما يدافعون عن أنفسهم ومصالحهم وكوبونات نفطهم وارتباطاتهم بقاتلنا ومغتصب أعراضنا ومنكس عكلنا وهادم لذاتنا ومفرق جماعاتنا ، شيطاننا الأكبر الأوحد ، وعدونا الوحيد في هذا العالم . لماذا لا يقتنع إخوتنا في لبنان ومصر والبحرين والمغرب والأردن وفلسطين واليمن وغيرها بأن الدول العربية عالم متنوع ، شأنها في ذلك شأن دول أميركا اللاتينية التي يتكلم معظمها الأسبانية ، لكن لكل منها شؤونها الخاصة التي لا يتدخل فيها مواطنو البلدان الأخرى . وهي تماثل ، على هذا الصعيد ، أيضا ، الدول الانكلوسكسونية الناطقة بالانكليزية ، مثل بريطانيا و أميركا و كندا واستراليا ونيوزيلندا وآيرلندا وغيرها . فاللغة الواحدة – التي صارت لغات حتى يمكنك أن تقول إن العراقية والمصرية والجزائرية واليمنية وغيرها لغات مختلفة تحتاج إلى ترجمة وليست مجرد لهجات – ليست كافية لصهر ودمج الخاص بالعام من شؤون الشعوب والأمم ، بما يسمح لها بالتدخل في شؤون بعضها البعض . ولا أدل على ذلك من اختلاف الأعراق والسلالات . وهنا تحضرني ذكرى قريبة . فأثناء وجودي في القاهرة ، بادرني أحد الأخوة المصريين ، في ميدان التحرير ، بالسؤال: هل أنت عراقي ؟ أجبت بنعم ، وأردفت : كيف عرفت ؟ قال : من ملامحك السومرية ! نحن شعوب عديدة ومختلفة إذن ، لكل منها مصائبها ومشاكلها ، والأفضل أن نترحم على عنقاء أسطورية اسمها " الأمة العربية " ، ونتفرغ لشؤوننا الداخلية . فتنهمك قناة " المنار " اللبنانية مثلا بتحليل الوضع اللبناني ، وتسكب الماء على لحيتها ، بعد أن حلق رجل السعودية في لبنان رفيق الحريري لحية جارتها قناة " الجديد " ، بدلا من " التأكيد " على خلو سجون صدام من المسجونين السياسيين . وينهمك البحارنة الشيعة بمراجعة ما أنجزته لهم الملكية المتطورة ، بدلا من التظاهر في الشوارع دعما لقاتل علماء الشيعة في العراق . ويوجد المغاربة حلولا لمشكلة احتراق السجون السياسية بمن فيها ، بشكل متكرر ، بسبب التماس الكهربائي بادعاء الحكم الملكي ، عوضا عن تنظيم المظاهرات انتصارا لصدام . ولتقل بقية الشعوب العربية خيرا أو لتصمت ، لئلا تضطر الكتاب والصحفيين العراقيين إلى التدخل في شؤونها ، وفتح كل الملفات ! سيقولون : إننا أمة واحدة ، ألم يقل الله ذلك . وأقول – وأدرك تماما ، أن موقع النهرين لن ينشر ، كعادته ، حرفا مما أكتب . لكنني لن أقاطعه ، لأن النهرين ملك للعراقيين جميعا ، ولا يحق لأحد أن يحتكرهما ، وإلا لأسمى موقعه موقع كباب الكاظمية . هذا أولا ، وثانيا ، لأنني متحضر – قال تعالى : إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ، في إشارة صريحة إلى الأمة المفهومية ، أمة الإسلام الحقيقية التي لم تقم ، يوما ما ، بشكل تام ونهائي ، وكيف تكون قد قامت ، وها هي تتخبط خبط عشواء منذ رحيل نبيها الكريم الذي وضع نواتها ، وحتى اليوم !
#علاء_الزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- الخميس - الذي في خاطري
-
حفلة خيرية للمسامحة الوطنية !
-
أول حرف في ألفباء الديمقراطية .. احترام الرأي الآخر
-
بانت النوايا
الحقيقية .. فلنستعد لليل أطول !
المزيد.....
-
ترامب يصدم الأسواق من جديد.. علّق التعرفة على كل الدول إلا و
...
-
شاهد شاحنة قطر تنشطر إلى نصفين بعد اصطدام قطار بها
-
الدفاعات الروسية تسقط 42 مسيرة أوكرانية غربي البلاد
-
بريطانيا.. مساع حكومية لحلّ أزمة اكتظاظ السجون
-
لماذا يهاجم ترامب الصين في التجارة؟ وما الذي قد يحدث بعد ذلك
...
-
السوريون يتخيلون كيف سيبدو جبل قاسيون بعد إعادة التأهيل(صور)
...
-
-حان الوقت لأعيش حياتي-.. ميشيل تعلق على شائعات طلاقها من با
...
-
هل تخفّض تقنيات الاسترخاء ضغط الدم؟.. مراجعة علمية تحسم الجد
...
-
دراسة تكشف رد فعل مدهش للطيور أثناء الكسوف الشمسي
-
رسوم صينية إضافية بنسبة 84% على المنتجات الأمريكية واليوان ي
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|