عن دعارة الواقع

سارة سوجار

الحوار المتمدن-العدد: 4825 - 2015 / 6 / 2 - 08:21
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

تربيت في حي قديم وسط مدينة الدار البيضاء ،من اقدم الأحياء في مدينتنا الصناعية لا بل كان أصل المدينة ،
تدور احداث طفولتي وسط منازله العريقة و بين أزقته الصغيرة التي يظهر عليها اثار الهدم و الهرم ،
كانت الحياة هناك مشتركة فالجيران يتعايشون كعائلة واحدة ،
في الكثير من الأحيان نتشارك الاكل و السفر و الحمام و دائما نتشارك الهموم و اوقات السعادة .
شباب حينا كانوا يعرفون مهنتين أساسيتين :بيع المخدرات و الدعارة .
و في الكثير من الأحيان يختارون الهجرة ،لذلك كنت تجد كل الأمهات يزين بناتهن كل صيف للبحث عن عريس من بين الزماكرية ولاد الدرب الذين يزورون عائلاتهم في كل عطلة .
الغريب في الامر ان هذا الواقع كان عاديا عندنا، ففي كل ليلة تستعد بنات حينا و يتزين بعد طقس الحمام اليومي الجماعي الذي يحكين فيه عن زبائن و مغامرات الليلة الماضية ،
تجهز هؤلاء الفتيات اللواتي تميزن دائما بجمالهن و اناقتهن الفاتنة ،ليخرجن عند الساعة التاسعة للبحث عن وحش او وحوش اليوم .
و الدهشة كذلك ان كل إخوتهن و آبائهن كن يعلمن وجهتهن كل ليلة ،ولكن كانوا ينتظرون معها مصروف اليوم كل صباح عند عودتهن .
في ثقافة حينا كانت هذه الفتيات مصدرا للدخل ،و فخرا يرسل آباءهن الى الحج، و تذكرة سفر الى الخليج في حال كان من حظها الزواج بأحد مفترسيها ليكون سبب الثوبة عليها .
ما أتذكره جيدا هو أني كنت انتمي لاحد العائلات المحظوظة التي تلقت حصنا في وجه امتهان الدعارة بسبب قوة جدتنا التي حرصت على مسار مستقبلنا.
ولكني اتذكر مع هذا خالتي زهرة التي كانت ترغمني على تناول أكلها البشع هههه وهي تحكي لي عن مغامراتها وهي تقول :ان امتهان هذه الحرفة فرض ذُل فقاوميه لانه يقتل إنسانيتنا رغم أنه يجعلنا نوفر الانسانية للآخرين .
هذا الواقع اسيادي الذي هو جزء من ماضي و حاضر و مستقبل العديد من فتيات وطني ،لذلك لا يكفي منع فيلم لإسكات الأصوات لمناهضته ،
و منعه يتطلب على الأقل توفير الشغل للجميع لذلك لاتوهمونا بالدفاع عن الأخلاق لان هذا جزء منا و نحن جزء منه .
الدعارة مهنة موجودة جوابها يتطلب القليل من الجراة لكنه يحتاج الكثير من الأخلاق السياسية لمعالجتها يادعاة الاخلاقية
لا أظن ان باستطاعتكم منع تلك المشاهد الجنسية الواقعية التي تُمارس كل ليلة لانها تدخل ضمن سياستكم السياحية في جلب العملة الصعبة التي اصبحتم تعيشون على انقاذها بعد نهبكم لكل ثرواتنا .
الشرف هو الدفاع عن الوطن اما الباقي فهي تفاصيل تزعجوننا بها كلما فشلتم في هدم الاستبداد المسبب لكل هذه الظواهر .

#سارة_سوجار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات