أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صمود محمد - على الرصيف














المزيد.....


على الرصيف


صمود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4776 - 2015 / 4 / 13 - 21:43
المحور: الادب والفن
    


على الرصيف :
بيني وبين إشارةِ المرورِ أربعةُ طوابق ،سيارةُ مرسيدس واقفة على الإشارةِ الحمراء ، طفلٌ بائعٌ لا يتجاوزُ الإثني عشر عامًا يرتدي سترةً سوداءَ تحاولُ أن تقيَهُ من شتوةِ نيسان، ونافذةٌ مغلقةٌ أقفُ خلفها أنظرُ على أجواءِ الشتاءِ التي ما أنفكُ أعشقُهُ، حبيباتُ مطرٍ ، عاصفةٌ مزمجرةٌ ، أشجارُ بيتِ جيراننِا تتراقصُ متمايلةً بدلعٍ حتى تمتصُّ غضبَ الريح ، لكنَّه لم يهدأْ أبداً وأعلنَ تمردَه على أنثى راقصة ، ازداد عنفاً ، قوةً، فسقطتْ علبةُ القداحاتِ، بعضُها بقيَ على الرصيفِ والأخرى تناثرتْ تحتَ عجلةِ سيارةٍ كان قد دقَّ على شباكِها كثيراً : خذْ قداحةً وأعطِني دفئاً بشيقلٍ واحدٍ فقط !!!.لم تعطِه دفئاً وسرقتْ الشيقلَ منه أيضا !!!
جثا على ركبتيْه ليجمعَها، فنسيتُ عشقي للشتاء ،شتمتُ عليه للمرةِ الأولى ، كرهتُه للمرةِ الأولى ، تمنيتُ ألّا يعودَ ثانيةً للمرةِ الأولى !! وانمسحتْ كلُّ صورِه الجميلةِ من ذاكرتي وكأنّها لم تكنْ .
مدَّ يدَه التقطَ إحداها ، أشعلَها لم تشتعلْ ، جربَّ مرةً أخرى لم تشتعلْ أيضًا ، فرمى بها بعيدا ، لكنه ركضَ مسرعًا وأحضرَها من بين ضجيجِ زماميرِ السياراتِ ذات الزجاجِ المُعتم التي غالبًا لم ترَه ، أو لم تَتَراءَاه ، وأشعلَها مرةً أخرى ، لكنّها لم تشتعلْ !! وأبتْ أن تعطيَه بصيص دفءٍ في نيْرِ التجربة !
استمرَّ بجمعِها واستمرَّ جسدي بالقشعريرة ، رمى العلبةَ فقد تبللتْ من المطر ، محاولاً أن يحميَها بيديْه الصغيرتيْنِ جدا ، نعم، صغيرتيْنِ جدا على وقفةٍ على (الرمزون) .
تسمَّرتُ بالنظر ، كدتُ أصرخ عليه بحرقةِ قلبٍ : من بعثكَ إلى هنا ؟؟ من الذي ضحكَ عليك بأكذوبةِ نيسان وأخبركَ أنَّ العاصفةَ لا تأتي على الرصيف، قلا تخشَ البرد !!
حملتُ حقيبتي دون معرفتي بما سأفعل ، أردتُ فقط أن أكونَ على الرصيف ، بين ضجيجِ الشارع و ألوان الإشارة .
وصلتُ وقد انتهى من جمعِها في قاعدتِها، حملتُها عنه ونظرتُ بحدةٍ بعيْنيْه :
_كم سعر القداحة ؟؟
_شيكل .
_بدي اشتريهم كلهم وبتروح متل الطير على البيت ،ولا عمري بشوفك هون اتبيع .
_وعد ، والله ، وحياة الله عمري ما ببيع .
فاضتْ الفرحةُ من يديْه المزرقّتيْن ، التي تكونتْ عليهما طبقةُ مطرٍ مُتسخ ، إنّها ثمانٍ وثلاثون قداحة ، تعادلُ نهارًا كاملًا لبيْعها .
لم أستطعْ أن آخذَها ، حملتُها وأفرغتُها في حقيبتِه الصغيرةِ اللائقةِ بحجمِه الصغير ،
وقلتُ بنفسي : خذِ الدفءَ والشواقل .
انتظرتُ من شفتيْه أن تضحكَ ، تقهقهَ ، لكنه بدأ يبكي !!!
أخذتُ بيْده وقطعنا الشارع ، تبسمتُ فابتسمْ ثم ذهبَ مع الريحِ لكن دونَ أن يُسقطَ شيئا من يده .
هاتفتني صديقتي التي تراقبني من النافذة قالت لي : أسألتيه لما يبيع ؟!!
تبسمتُ وأجبتها :
وهل العاصفةُ تصيبُ إلا من على الرصيف ؟؟!!!



#صمود_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب اللوزي
- المطر يا سيدي
- أشهد
- نعمة النسيان
- خاطفو أحلام الطفولة
- حكام العرب
- حبيبتي غزة
- أنت لست شيئا !!
- العاشق في شباب دائم
- مخابرة سرية
- أتراها زانية
- أمي
- ترويدة : يا طويل العمر
- خان العدلَ القاضي
- الشهيد
- رسالة من لاجئة فلسطينية إلى مخيم اليرموك
- يا أمة احتفلت بجهلها ...!!!!!!!!!!!!
- مدينة النصيب عاصمة قلوبنا
- فليقف هذا الشتاء
- في ذكراك يا قائد ... (إلى روح ياسر عرفات )


المزيد.....




- استقبل الآن “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما ...
- لماذا أصبح أفضل كازينو على الإنترنت جزءًا من ثقافة اليوم
- لماذا يتراجع الاهتمام باللغة العربية؟
- أفلام عربية مشاركة في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي
- اختيار فيلم فلسطيني بقائمة لترشيحات جوائز الأوسكار
- شغف المسرح يعيد الأخوين ملص إلى دمشق: تحدينا نظام الأسد في ع ...
- القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار 79
- فيلم صيني بيلاروسي مشترك عن الحرب العالمية الثانية
- -آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
- سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صمود محمد - على الرصيف