عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4570 - 2014 / 9 / 10 - 00:37
المحور:
كتابات ساخرة
أُمُّ الهند
أنا لا " أكبَرُ " .. ولا " أعقَلُ " أبداً .
عندما كنتُ طفلاً ، شاهدتُ أفلام " أمّ الهند " ، و " سينكَام " ، والجسدان ( دو بدَنْ ) عدّة مرات . وعلى طولِ الطريقِ الرابطِ ما بين سينما بغداد في " علاوي الحلة " ، وسينما روكسي في نهاية شارع الرشيد .. كنتُ أبكي . بكيتُ كثيراً . بكيتُ فعلاً .
أنا الآن طاعنٌ في السنّ . وطبيبُ العيونِ ، قبل يومين ، كان " يُبحْوِشُ " في عيوني ، وقَلَبَ عاليها سافلها وهو يُدَمْدِمْ : ماهذا ؟ أين كنت ؟ وكأنّهُ كان يعبرُ المحيط الأطلسيّ لأوّلِ مرّة ، لأكتشاف " الصديقة " أمريكا ، مع الرفيق العزيز كريستوفر كولومبس .
كان الطبيبُ قد حشَرَ رأسي في جهاز الفحص لمدةِ حسبتُ أنها زادتْ ، بالنسبة لي ، عن 1400 سنة . وبينما كان ، هو ، يُدمدِمْ .. كنتُ ، أنا ، أُتَمْتِمُ برُعب : ماذا يادكتور ؟ ماذا حدث ؟ هل دخَلْنا في بحرِ الظُلُمات ؟
عُدْتُ إلى البيت .. وعيوني " مُغَمّضَةٌ بأتسّاع " ( كما يقولُ أحدُهُم ) . على شاشة التلفزيون ، شاهدتُ مجموعة من السياسيين ، يشبهون شخصيّات فلم العرّاب - الجزء الثاني - وهم يأكلونَ الموز ، ويضحكون بحبور . فركتُ عيني الكليلة ، لأتأكدَ من أنَ الأفلام الهنديّة الملونّة ، وغير المترجمة ، باتتْ تُعرضُ مجانّاً في البيوت ، دون ان تدفعَ 40 فِلساً ، في سينما " الوطني " ، مقابل " أوروزدي باك " .
بدأتُ بالبكاء . لا أستطيعُ التحكّمَ بدموعي أمام فلمِ هنديّ .. بينما أمّي تحاولُ التخفيفَ عنّي : [ لتبجي يابه . عليش شالِعْ كَلبك ، وكَلُبنَه .. وفاتْنَه وِيّاكْ فِتيتْ . أشو هوّة ياهو الليجي .. وسووه وزير . ]
أُمّ الهندِ أنتِ يا أُمّي .
وأجهشتُ في بكاءٍ مرير .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟