|
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 13:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم النشاطات المتواصلة ، للجاليات الكُردية التي كانتْ مُتواجدة في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية ، طيلة الثمانينيات من القرن الماضي ، من قبيل المسيرات والمُظاهرات والإعتصامات وجمع التواقيع .. والداعية الى إدانة النظام العراقي الذي يقمع الشعب الكُردي ، إلا أنها لم تُثمِر عن شئٍ ملموس . وحتى قصف حلبجة وغيرها بالسلاح الكيمياوي المُحّرَم وقتل 5000 في سويعات ، لم يُحّرِك ضمير المُجتمع الدولي . بل ان عمليات الأنفال الرهيبة ، سيئة الصيت ، والتي راح ضحيتها 182000 إنسان برئ ، ما بين طفلٍ وإمراةٍ ورجل ، وهُجِر عشرات الآلاف الى كل من تُركيا وإيران .. هذه العمليات ، مّرَتْ مرور الكِرام ولم تهتز قصبة في وجدان العالم ! . وأخيراً وبعد إنتفاضة آذار 1991 ، التي هّبَ فيها الشعب ، وأسقطَ رموز ومُؤسسات النظام البعثي الفاشي ، في معظم العراق ، ومن ضمنه مُحافظات كردستان الأربعة .. إلا ان تَخّلي الغرب عن الإنتفاضة الشعبية العارمة ، ووقوفه " ضمناً " مع نظام صدام ، أسقطَ الإنتفاضة . وأدى الى نزوحٍ مليوني للكُرد ، هرباً من بطش وعُنف النظام . مرةً أخرى الى تُركيا وإيران وغيرها . حتى في هذه المّرة ، ورغم خروج مُظاهرات كبيرة ، في الكثير من عواصم العالم ، مُنّدِدة بجرائم صدام .. إلا ان ردود الفعل الرسمية ، كانتْ باردة وبطيئة ، شرقاً وغرباً . وفي الإسبوع الأول من نيسان 1991 ، قام " جيمس بيكر " وزير الخارجية الأمريكي ، حينذاك ، بزيارة تل أبيب .. فإستقبَلَتْهُ مُظاهرةٌ عارمة ، نّظَمها المئات من اليهود من أصول كُردية ، مُطالبين بتدخُل الولايات المُتحدة الأمريكية ، لإنقاذ مئات الآلاف من الكُرد في المناطق الجبلية وفي مُخيمات تركيا وإيران .. على أثرها ، قامَ بيكر " خارج برنامجه " بزيارة جنوب شرق تركيا والإطلاع عن كثب ، على أحوال الكُرد الهاربين .. فتفاجأ من هَول ما رأى من وضعٍ إنساني كارثي ، ونقلتْ وسائل الإعلام العالمية ، صوراً ومقاطع مُؤثِرة . كانتْ هذه هي البداية الحقيقية ، التي حَركتْ الرأي العام الدولي ، وسّرعتْ في إستصدار قرارٍ من مجلس الأمن بحماية منطقة كردستان العراق شمال الخط 36 . وهي الخطوة التي أدتْ بالتالي ، الى ظهور أقليم كردستان بشكلهِ الحالي . يبدو ان آذان الولايات المُتحدة الأمريكية والغرب عموماً ، لاتسمعُ صيحات إستغاثة الضحايا الأبرياء ، ولا تسمعُ أيضاً ، الإنتقادات المريرة حول الدعم الضمني ، الغربي ، للأنظمة الدكتاتورية ومن ضمنها نظام صدام الفاشي . آذان أمريكا لاتسمع ، إلا إذا كان الصوتُ صادراً من تل أبيب ! . لنكُن واقعيين .. ان الهجرة المليونية الكردية في 1991 بعد فشل الإنتفاضة ، وتَبنيها من قِبَل الإعلام العالمي ، هي التي وّلدَتْ ضغطاً كبيراً ، على الأمم المتحدة ، لإستصدار قرارٍ بحماية الكُرد .. وليسَ الأحزاب التي تُجّيِر كُل الذي جرى ، لحسابها ولنفسها ، فلولا الهجرة المليونية ، لما كانتْ الأحزاب تستطيع فعل أي شئ ! . ...................................... لننتقل الى اللحظة الراهنة .. فطالما إشتكى الإيزيديون ، من التهميش ومن الإستغلال ومن الظُلم مُتعدِد الأوجُه . طالما شعروا بالتمييز ، حتى أبان حُكم النظام السابق ولحد الآن ، بسبب العقل الجَمعي للمُجتَمَع " الإسلامي " عموماً ، المُتعالي والناظِر نظرةً دونية ، الى الآخَر المُختلِف دينياً . وطالما أحسوا ، بالغُبن .. طيلة العشرين سنة الماضية ، فلقد تَمَ إستغلالهم مِنْ قِبَل الأحزاب الحاكمة ، ولا سيما في فترات الإنتخابات .. فقدموا الكثير لهذه الأحزاب ، دون الحصول بالمُقابِل ، على شئٍ يُذكَر . إستحقوا منصباً رئيسياً في نينوى ، في الدورة السابقة ، بِحُكم نسبتهم العالية في مجلس المُحافظة .. لكن ذلك لم يتم . إستحقوا مناصب رفيعة في بغداد ، ولا سيما في الحكومات المتعاقبة في أقليم كردستان ، مناصبَ حقيقية فاعلة ، وليسَ شكلية دعائية .. لكن ذلك لم يحصَل . الغالبية المُطلقة من إيزيديي سنجار ، قابعون تحت مُستوى خَط الفُقر ، وأحوالهم المعيشية مُتردية والخدمات المُقدَمة لهم ، بائسة . طالما إشتكى الإيزيديون ، من كل ذلك ، وكتبوا المقالات ونظموا الندوات في اوروبا ، وقاموا بمسيراتٍ إحتجاجية ، وحتى إنتقدوا بِمرارة رؤسائهم الروحانيين ، وسياساتهم المُهادنة النفعية الإنتهازية . إلا أن كُل ذلك .. لم يُجدِ نفعاً ، ولم تهتم بغداد ولا أربيل ، ناهيك بالمُجتمع الدولي .. لم يأخذ أحد ، الأمرَ على مَحمَل الجد . ......................... يا للمُفارَقة .. بل يا للهَول .. يبدو ان الوضعَ لن ينصلح ، إلا بحدوث كارثة حقيقية ، مأساةٍ مُرّوِعة .. تهزُ العالمَ هّزاً .. ولقد حدثَ ذلك بالفعل ! . وكانتْ الأداة : داعش . وكانتْ الضحية : آلاف القتلى الإيزيديين من فُقراء سنجار وقُراها / مئات السبايا من النساء والصبايا الإيزيديات / مئات الأطفال الإيزيديين الذين ماتوا عطشاً وجوعاً / مئات الآلاف من المُشردَين الإيزيديين في أصقاع الأرض . الكُردُ عموماً ، كانوا بحاجة الى عمليات أنفال وهجرةٍ مليونية ومئات آلاف الضحايا ، حتى يبدأ الرأي العام العالمي ، بالتحرُك الفعلي . والإيزيديون أي الكُرد الأُصلاء ، كانوا بحاجةٍ الى مأساةٍ مُرّوعة .. كي نلتفتُ نحنُ بَني جلدتهم ، إليهم .. وحتى تنتبه الدُنيا لهُم قليلاً ! . حقائق قاسية .. لكن معظم الحقائق هي قاسية بالفِعل .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
-
من وَحي الكارثة
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
-
أيُ عِيد ؟
-
الرئيس فُؤاد معصوم
المزيد.....
-
فيديو.. الطيران الإسرائيلي يقصف مستشفى المعمداني في غزة
-
تقرير أميركي: هذا هدف إيران من محادثات -السبت الأول-
-
تقديرات إسرائيلية: فرص التوصل إلى اتفاق بشأن غزة -في تزايد-
...
-
ترامب: المحادثات مع إيران -تمضي على نحو جيد-
-
عذّب ابنتيه حتى الموت.. تفاصيل جريمة مروعة في مصر
-
تحطم طائرة في حقل موحل شمالي ولاية نيويورك
-
مستخدمو تطبيق -واتس اب- حول العالم يبلغون عن مشاكل في عمل ال
...
-
نقل الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو إلى المستشفى بسبب آلام
...
-
بريطانيا.. وزير السكك الحديدية قد يواجه غرامة لاستخدامه الها
...
-
ميرتس يعارض انضمام أوكرانيا للناتو والاتحاد الأوروبي قبل انت
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|