|
وبضدها تتميز الأشياء !!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 08:55
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
وبضدها تتميز الأشياء !! كل شيء في هذا الكون، مهما صغُر ومهما كَبُر، يمكن مقارنته بسائر الأشياء ، لأن أي شيء مهما اختلف عن غيره في الخواص والسمات من أن يشترك مع غيره في خواصٍ وسماتٍ أخرى ، و أنه لابد لكل شيء مهما شابه أو ماثَل غيره ، من أن يختلف معه في جوانب ونواحٍ أخرى. المقارنة وسيلة في التفكير والبحث عن أوجه الشبه والاختلاف أو الفَرْق أو التباين بين شيئين ، نستعملها للتوصُّل إلى "الحقيقة" لأنه كما ورد في مشهور الكلام أنه " بضدها تتبين الأشياء ، والضد يظهر حسنه الضد " بخلاف المقولة الشهيرة " لا تقارن السيف بالعصا " والتي حُفّظناها في المدارس الاعدادية على أنها من المسلمات .. والتي تفنذها المقولة " الضد يظهر حسنه الضد " أو قولة المتنبي: "وبضدها تتميز الأشياء " التي لا تقل عنها مصداقية والتي جعلت غلبيتنا ميال للمقارنة بين سلوكنا وسلوك شعوب العالم الغربي الذي نسعى دائما إلى استنساخ نماذج طبقا للأصل من منجزاته في ميادين وأمور عدة ، والذي يحرم بعض المتخلفين تقليد ما تقدم عليه شعوبه من افعال حتى ولو كان ذلك علما .. موجب هذه المقدمة حول المقارنة وضرورتها للكشف عن ملامح الخلل والقصور والنقص والاختلاف بين مثالين من نفس الصورة ، حتى لو يملكا نفس الأدوات والإمكانات والظروف ، هو ذلك الحدث الذي زلزل فرنسا وباقي العالم والذي كان بطله الرئيس الفرنسي السابق "ساركوزي" والذي لم استطع معه مقاومة الرغبة في اقتراف القارنة - رغم معرفتي ، بل يقيني ، بأنه إجراء فعلي وسلوكي يزعج الكثير من المسؤولين والمعنيين ، الذين يعتبرونها شططاً وإجحافاً وانتقاصاً من شأنهم - بين الذي يحدث في الكثير من بلدان الغرب المتحضر ، الذي نسعى جاهدين إلى استنساخ نماذج طبقا للأصل من منجزاته في ميادين وأمور عدة ، وبين ما يحصل في عالمنا العربي ، الذي لم يستوقفني فيه قط نموذج واحد من نماذج تطبيق الديمقراطية والعدالة والمساواة الحقة ، كالنموذج الذي عاشته فرنسا ، في الأيام القليلة الماضية ، والتي قدمت رئيسها السابق "ساركوزي " للتحقيق بتهم التلاعب بمالية الانتخابات والتزوير في فواتيرها ؛ الحدث الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن "فرنسا" من البلدان التي يخضع نظامها السياسي لمذهب الديمقراطية الذي يعطي للانسان اهمية قصوى ولا يتوانى عن الكشف عن خروقات كبار القادة والمسؤولين ، ونخل كل تجاوزاتهم التي تمس بالقيمة الاعتبارية للإنسان أو تبخسها ، كما هو حال الدول المتحضرة التي تهتم بمواطنيها وتقيم لإنسانها وزنا ، عاى اعتبار أنه اهم قيمة في الموجودات الحية في الكون... وأنه أعظم ثروة في حياة المجتمعات المتقدمة التي تحترم نفسها ، وتعتبره رأس مالها ومصدر كل السلط بها ، وهدفها الاسمى الذي يستوجب النضال والتضحيات من أجل اسعاده ، فتراها تجند كل أجهزتها لحمايته وخدمته ، ـوإذا ما تطاول أحد مسؤوليها على حقه - كيفما كانت مرتبته - واستغفله أو ابتزه ، أو قام بالتدليس أو التزوير والنصب عليه ، فإن عقابها له ، يكون أقسى من مواطنها العادي ، لكونه استغل وظيفته ومركزه ، ومارس الشطط في استعمال سلطته ، وأخل بمسؤولياته نحو من كلف بخدمتهم من المواطنين .. ــ أما أمر الإنسان في المجتمعات والدول العربية التي تسير على رأسها -وهنا تأتي فائدة المقارنة وضرورتها -وما وصلت إليه قيمته الاعتبارية ، فمريع الى درجة تبعث على الغثيان والاشمئزاز ، ودليل قاطع على مقدار تخلفها ، حيث أن سعر الإنسان عند حكامها ، بخس لا قيمة له ، بل هو ادنى مستوى من الحيوان وأرخص من أي بضاعة او سلعة منتهية الصلاحية ، حيث لا يعدو أكثر من كونه رقماً في سجلات الأحوال المدنية ، فلا يُهتم به ولا يُعتبر ذا قيمة إلا أثناء الاستحقاقات الانتخابية ، وبعدها تنتهك خصوصياته ، وتستباح ممتلكاته ، ويحاكم على أبسط الجنح ، بينما الذين هم في السلطة والتدبير ، ابتداء من أصغر مسؤول إلى أكبرهم ، فليس لأي كان الحق في انتقاد تجاوزتاهم وخروقاتهم ، وكأنهم معصومون ، رغم أن من بينهم أبطالا في الفساد المالي ، - الذي يمكنهم من دخول موسوعة "جينبس" للأرقام القياسية من بابها الواسع وبدون منافسة - الذي لم تأخذ المجتمعات والأنظمة المستبدة وأعوانها ، اي اجراء للتفكير في ضرورة العمل على جعل واقع قيمته الانسان العربي هدفا قيما بذاته ، وانتشاله مما هو فيه من تغييب للقيمة من قبل الذين ينشرون الأساطير المنافية للعقل، سواء على المدى القصير أو البعيد ، ما جعل قيمة الانسان العربي -رغم امتلاكهم القدرات البشرية الهائلة والموارد الاقتصادية الضخمة - لا تتناسب حتى مع قيمة الإنسان الاسرائيلي كنموذج مثالي وصل الى ما وصل إيه من مراتب عالية، بما يأخذ به الإسرائليون من قيم الحضارة والدمقراطية الليبرالية وتطبيقها بصورة عملية على شعبهم .. حميد طولست Hamidost@hotmail.com
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصبر والدعاء لا يكفيان لمجابهة المصائب يا نساء !
-
على هامش إحتفالية توزيع الجوائز بمنتزه -جنان السبيل- التاريخ
...
-
هل هي مؤا مرة على المرأة ، أم على الإسلام ؟
-
المنتدى المغربي للمبادرات البيئية بفاس ينظم حفلا بيئيا بجنان
...
-
هل هي عنصرية صرفة أم هي مجرد ذوق عام ، أو ثقافة اجتماعيّة تق
...
-
برتوكولات المواكب الحكومية
-
تهنئة مصر بانتصارها
-
إعدادية بنكيران ماض ٍعريق وحاضر كئيب !
-
الجدودية ثرية بالمعاني.
-
المراة عندهم ، والمرأة عندنا !!
-
الصحراء المغربية ودور الجمعيات المدنية
-
شعوب لا تقرأ !!!
-
ظاهرة نكران الجميل !!
-
بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !
-
أيهم أكثر نضالية ، عمالهم أم عمالنا ؟؟
-
فاتح ماي في فرنسا عيد مزدوج ، -رمانسية ونضال-.
-
رد على منتقد -لولا الجنس لانقطع الجنس -
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (5)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (4)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (3)
المزيد.....
-
تحليل.. كيف غيّر ترامب العالم في شهر واحد؟
-
تبادل المنازل مع الغرباء.. قد تكون صيحة السفر هذه حلاً لمشكل
...
-
رئيس برلمان القرم محذرا: إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا -قر
...
-
-قسد- والخيارات الصعبة
-
مصدر: الجيش الروسي قصف مستودعات عسكرية أوكرانية في ضواحي جيت
...
-
صحيفة: الصين تطور غواصة قادرة على حمل صواريخ فرط صوتية
-
شاحن هاتف يودي بحياة خمسة أطفال في المغرب (فيديو+صور)
-
بالفيديو.. مناصرو حزب الله يحتشدون منذ الفجر لتشييع نصرالله
...
-
مدفيديف: يجب على روسيا اجتثاث جذور النازية من كل العالم
-
رئيس الكونغو يعتزم تشكيل حكومة وحدة وطنية
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|