أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين الرواني - ما يفعله البهاضمة يتكرر ج 3














المزيد.....


ما يفعله البهاضمة يتكرر ج 3


حسين الرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4445 - 2014 / 5 / 6 - 11:48
المحور: الادب والفن
    


-1-
أدرك خضر فشل جميع محاولاته، التي تبين له مؤخرا، سذاجتها، محاولاته في التهرب من الواقع، او تخفيفه، او مكاسرته بأي شيء يهون من فداحة ما فيه من مآس، كاسر خضر مرورة هذا الواقع، بالويسكي تارة، وبخمس نوعيات من البيرة تارة اخرى، والفودكا الابسلوت تارة ثالثة، لكن مفعول جميع هذه المشروبات، يصاب في كل مرة بالذعر, بالهلع، بالجزع ، من مجالس العزاء واللطم المنصوبة في عجينة لعينة من الشحم والشرايين، اسمها مخ خضر، وحين يصل ذعر الكحول البوخة، الى قمته، يطيرن كلهن، ويرجع خضر، الى الموسيقى، وتدخين الماشايفين، ويلقي بنفسه، بكل اريحية، الى أحضان الغرفة النفسية الداخلية، العامرة بأنواع السوادات، ومقامات الحجاز كار، وتشكيلات النهاوند، التي تقطر أشياء يحبها خضر، ويدمن على التمرغ في ارضائها مراجه، حزن المجانين. قرر ان يتوب من هذا السخافة التي بدأ بارتكابها منذ ان وجد عمله الاخير، سخافة التهرب من الواقع، وفي ظهيرة يوم، وبينما هو في واحدة من محاولاته الخرقاء، جالسا امام تلفاز غرفة صديقه، وفجأة كبسته مفرزة من مفارز الامن، لم يشعر زقاق افكار خضر ابدأ بدخولهم، أمتلا الجو برائحة كلاب ميتة كان تتغذي على براز الادميين، ترجل من السيارة ضابط برتبة حقير، متكرش بزهوه بالبدلة الزيتونية، المكوية بعناية، والنظارات السوداء، والساعة ذهبية اللون، لم يتكلم البتة، لكنه جمع اصابع كفه اليمنى الاربعة، واضعا ابهامها في باطن الكف، في اشارة فهمها خضر الذي تدلى رأسه من شباك الانتباه الادراكي فكان قاب رعبين أو أدنى، هرول شرطيان كانا أقل أناقة من الضابط، لكنهما أكثر حركة وانفعالا، باتجاه الباب المؤدي الى غرفة خضر في الطابق الاول، ودون ان يحس خضر بان وصولهما اليه، كان بحاجة الى مرور برهة من الزمن، شيء من الوقت يحتاجانه لكي يصعدا الدرج على الاقل، امسكاه بطريقتهم اللطيفة، من ياقته التي توزع جانباها الايمن والايسر بين كفي الشرطيين، ليجراه، مع بعض الدفعات، والكفخات الاخوية، انزلاه كدجاجة ملأت الطريق بذراقها من الجبن، اوقفاه أمام الضابط الذي لم يكن شيء على وجهه سوى اللاشيء مما يعتري وجوه الادميين، نطقا بجملة واحدة، تعجب خضر كيف استطاعا ان يضبطا ايقاع النطق بمقاطعها وحروفها بهذه الطريقة، :
" حزين هارب سيدي".
-2-
عرف خضر، منذ وصول نبأ حادثة الدفن الثاني، كيف يتحول الجو حوله الى سرادق عزاء كبير، سرادق له فتحة كبيرة كأنها فمه، يشبه فمه هذا فم مبردة، تسحب كل الهواء الذي لا يتكون من سوى غازات الاوكسجين وغيرها، ببناء الكيميائي المعروف، واواصرها، وترتيبها في الجدول الدوري للعناصر، لتحوله الى هواء حزين، ذي طعم لا يوصف، لكنه يتذوق، ويحس به، بنفس الحاسة التي تتذوق بها النفس الموت، عرف الفارق ما بين حياته قبل 2010، وما بعد حادثة الدفن الثاني، انه الفرق بين انسان حزين النفس من الداخل، وإنسان يحيا في عالم عزائي، خاضم المراثي، ففي حياته الثانية، بدأ يصغي الى صراخ الارض من تحت قدميه، شاكية الى الجهات المعنية، ثقل المدامع التي سكبتها سلامة، فسقط ما لم تنل منه اكمامها، من مسيل غوارب عينيها الجافتين الى وجه الغبراء، هل أفقدت هذه الدموع الارض خصوبة الفرح فلن تري عين السماء ابتهاجا بعد؟ ؟ هل أفقدتها القدرة على ان تنبت تفاؤلا، او تآملا. يشبه ما تبشر به المواعظ الاخلاقية في باب الامل والصبر وتفاءلوا بالخير، ما أشد غباء خضر وسذاجته، كان يظن أنه خسر تلك الحزائنية التي اخبر يوما زميله علي حمزة بشأنها، ففسرها له بأنها ميلودراما موجودة في الاساس في تكوينه، كم تأسف خضر على جفاف ينابيع حزنه التي كانت تلهمه أجمل ما كتب، من شعر ونثر، لم يكن يعلم أن حياته الثانية، ستشرف به على ما كان مخبوءا عنه سنوات، من فجائع تكسب الموت مكانة أكبر من: كفى بك داء ان يرى الموت شافيا، وحسب المنايا ان يكن الامانيا، مكانة المعشوق الذي سيحتضن عند مجيئه بتشوق ولهفة كبيرين، كبر المرارة التي كرهت خضر في الحياة وخلقها، ومن عاشها.



#حسين_الرواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يفعله البهاضمة يتكرر ج 2
- ما يفعله البهاضمة.. يتكرر
- من وحي ليلة أمس
- قصيدة - في مفترق عامين-
- ثائر ضد الإسفلت
- منير بشير ليس عربيا
- حنين الى الريف
- رمتني بالطائفية وانسلت
- شيعة العراق.. طائفيون بلا فائدة
- الفرد والدولة العراقيان .. لمحات في التاريخين.. قبل 2003 وبع ...
- النقاء الصوتي النغمي في موسيقى منير بشير
- عبدت العقل .. فتأنسنت
- دراسة الموسيقى الاوروبية.. عقدة نقص أم سعي للعلم؟
- الزمن الموسيقي وكيفية تطبيق التمارين عليه
- بياني الشخصي الى الامة الاسلامية العظيمة
- براءتي من الطائفتين العظيمتين
- أزمة التنظير في بعدها البروليتاري


المزيد.....




- لماذا أصبح أفضل كازينو على الإنترنت جزءًا من ثقافة اليوم
- لماذا يتراجع الاهتمام باللغة العربية؟
- أفلام عربية مشاركة في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي
- اختيار فيلم فلسطيني بقائمة لترشيحات جوائز الأوسكار
- شغف المسرح يعيد الأخوين ملص إلى دمشق: تحدينا نظام الأسد في ع ...
- القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار 79
- فيلم صيني بيلاروسي مشترك عن الحرب العالمية الثانية
- -آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
- سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو ...
- من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين الرواني - ما يفعله البهاضمة يتكرر ج 3