الزمن وعلم الله ج3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 08:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

من القواعد المهمة في الفلسفة الأفتراضية هي أن الابتداء بالنفي يعني الوصول بالتسليم للنهاية أي أن نفي العلم هو أعلى درجات العلم بالشيء عندما نقول لا إله إلا الله يقينا أننا كمؤمنين بهذه العبارة قد أقفلنا كل طريق مناقض لهذه العبارة لأننا وصلنا بها إلى أعلى درجات العلم اليقيني,هكذا الحال لا يمكن الابتداء بالنفي ولا يمكن البناء على هذا الابتداء لأننا في ذلك نغلق أبواب الأفتراض ونعيد الفكر إلى المعتزل القسري ,لندع كل المواضيع مفتوحة للنقاش للقراءة ونتوسع في الرؤية,مثلا هل بإمكان الإنسان أن يطير مثل الطيور,العقل المتمنطق سرعان ما يجيب كلا,لا يمكن هذا مخالف للمكن وللمعقول لكننا لو منحنا العقل شيء من الحرية أن يتحرر بالإمكان سيكون من السهل الإجابة وأجزم وأقول نعم ممكن للإنسان أن يطير فقط لو عرفنا معنى الطيران وهو الانتقال من مكان لأخر بطريقة غير المشي وما شابهه وأيضا بدون الاستعانة بأجهزة خارج الجسد الإنساني.
أيضا من القواعد المهمة أن لا نربط ابتدأ كل شيء بحدود نرسمها نتيجة إيماننا بالمنطق العقلي السابق,الفلسفة الأفتراضية المتحررة من الحدود لا يمكن أن تناقش أمر محكوم بالحد والوصف ومؤطر لأنك أساسا لا تسمح بأن تنطلق بافتراضك نحو عالم لا ينتمي لهذه المسميات,مثلا تقول أن الإنسان هل يمكنه أن يسافر خارج حدود الكون المحسوس والمدرك بسلطان,الجواب العقلي المنطقي سيقول هذا يعني أن السؤال يفترض وجود عالم أخر عالم يسمى الكون اللا محسوس أي أن الوجود عبارة عن عوالم وليس عالم واحد وبالتالي وحسب القواعد المؤطرة ستكون الإجابة أما ان يكون العالم اللا محسوس هو العدم وبالتالي سيكون الجواب العقلي نفيا جازما حازما أو أن يطلب العقل تفسيرا لمعنى اللا محسوس بناء على حدود المحسوس ,هكذا أعدنا العقل للأسر وأحطنا الفكرة بالحبس لأننا تفاعلنا مع الحدود وأستحكمنا بها ,الجواب في الفلسفة الأفتراضية نعم يمكن للإنسان السفر بين العوالم طالما أننا لم نعرف نفيا جازما لوجود هذه العوالم يمكنا ان ننطلق لها حتى يثبت العكس بوجود الدليل القطعي على النفي المطلق وبما أن مساحة المطلق تبقى نسبيه فسيكون الجواب نعم ومعلق دون أن نغلق عليه بباب النفي .
من هنا يمكننا أن نستخرج قوانين ومقولات الفلسفة الأفتراضية من روح المعنى والهدف دون أن نجعل لهذه المقولات والقواعد أطر تحكمية بل ممكن ان نجعل منها دلالات وعلامات ومنهج لكن من غير الممكن أن نجعلها قيود افتراضية لأننا لهذا الوصف نناقض الفكرة من أساسها,قد يقول قائل أن ترك النهايات والبدايات بدون تحديد هذه دعوى للفوضى والعبثية التي تناقض روح العلم وروح الفلسفة وما ينتج من هذا النمط التفكيري لا يكون إلا ساحة لترك العلم والغوص بالخيال والافتراض اللا محكوم بضوابط عقلانية,إنها دعوى للجهل أكثر منها دعوة للعقلانية.
الفكرة لا تقرأ هكذا لأن العقل المتحرر من نمطية التفكير المقنون والمقيد يبقى يدور في فلك الحدود والقانون يكون علية صعبا ان يخرج من هذا التكوين الحدودي بما يمتلك من قوة وقدرة على التعامل مع المواضيع وفلسفتها وبالتالي انتقاله من الكلاسيكية الفلسفية السلفية إلى عالم التفكير الأفتراضي يتطلب منه أن يكون على قدر من الحكمة والعقلانية الخارقة كي يتعامل مع مرحلة ما بعد الفلسفة ومن هنا نضمن ان الأفتراضي ليس عابثا ولا جاهلا ولا فوضويا يبتغي اللا هدفية واللا منهجية ,إنه محكوم بسمو الهدف وهو أخراج العقل السليم من ما يسمى بالقصورية الطبيعية نحو البلوغ المبدع ,إنه يحمل رسالة حياة وهي رسالة مقدسة بحكم كونها تبالغ في إرضاء العقل ذاته من جهة ومحاولة تبني فكر أكثر إنسانية وأوسع في مفرداته العملية لبلوغ المرحلة التالية من العلم.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات