أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - المراحض العمومية والسياسة !!














المزيد.....

المراحض العمومية والسياسة !!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 15:11
المحور: المجتمع المدني
    


المراحض العمومية والسياسة !!
المِرْحَاض و التواليت Toilette والـWC. و Cabinet و الكَنِيف عند البعض ، والمرافق الصحية ، أو الحمام ، وبيت الراحة ، وبيت الخلاء ودورات المياه ، عند البعض الآخر ، أو بيت الماء ، وبيت لُوضُو ، والمِيضَا ، والكَابِينَا والتواليت ، عندنا في عاميتنا المغربية : كلها أسماء للمكان الذي يلجأ إليه المرء لتصريف حاجاته البيولوجية ، ويرتاح فيه بعد تخلصه من فضلاته البشرية البول والبراز .. وهو المكان الذي يمنح الإنسان حق الحلم ، بل هو المكان الذي يمارس فيه حلمه بحرية ، والذي يجرؤ فيه ليس على الحلم فقط ، بل على البوح بأحلامه الخاصة مهما بدت أحلامه صغيرة أو كبيرة ..
المراحيض ، عمومية كانت أم خاصة ، هي أماكن ينأى فيه المرء عن عناء السياسة التي تلاحقه عبر شاشات الفضائيات ومن خلال المواقع الالكترونية ، وفي المقاهي والحافلات والطاكسيات وباقي مرافق الحياة المختلفة ..
لكنه وعلى ما يبدو قد تأثرت المراحيض بمتغيرات الزمان والمكان ، وسايرت هي الأخرى الظروف العامة ، فلم تبق بمنأى عن السياسة التي ملأت على إنسان العصر ، كل مجالات حياته ، حيث لم تعد تلك الراحة -التي استحقت بسببها تسمية "بيت الراحة " التي أطلقها عليها العرب - متاحا بها في السنوات الأخيرة ، ولم تبق هي الفرصة السانحة للاستراحة من جدلية السياسة العقيمة ، حين تحول زخم الكتابات العارمة على أبوابها وجدرانها لوسيلة لجدال السياسي الذي يفرضه الواقع السياسي الممارس خارجها ، والذي أصبح الإنسان مع احتدامه ، محاصرا به في داخل المراحيض كما في خارجها ..
ربما يقول قائل أن ظاهرة الكتابة على أبواب وحيطان المراحض العمومية ، ليست جديدة على المجتمع المغربي ، قول فيه من الصحة الشيء الكثير ، إلا أنه فات أصحابه ، بأن كتابات الماضي ، كانت تتركز في مجملها على المشاكل العاطفية مع قليل من "السياسة "، قبل أن تجبر الأحوال العامة القاسية التي يعاني منها المجتمع ، إلى احتلال الجدل السياسي المرتبة الأولى في تلك الكتابات التي اكتسحت كل ابواب وحيطان المراحض العمومية ، ومراحض المدارس والمقاهي والجامعات وحتى مراحض المساجد ، بل وأضحت تشكل متنفسا سياسيا لظهور بعض الكتابات ذات المضمون السياسي والايدلوجي ، للتعبير عن مختلف الآراء الفكرية أو الدينية أو السياسية أو العقائدية بكل حرية ودون تكميم أفواه ، ودون خوف ، أو تخوين أو تهويش أو تهميش أو اتهام أو قتل ..
ورغم أني من الرافضين لهذا المسلك فإني ، وفي كثير من الأحيان ، لا أشعر بنفسي ، إلا وأنا أمسك بالقلم لأكتب ردا على ما جاء في تعليق أرى أنه مخالف للصحة ، أو أنه مجانب للمنطق ..
لاشك أن الأمر يبدو مقلقا في ظاهره ، وأن البعض يرى أن مشهد تلك الكتابات لمقرف ومقزز ، ومن أبشع ما يمكن أن يتأمله الإنسان وهو يقضي حاجته ، إلا أن البعض الآخر يرى أنه "ظاهرة صحية" ، ولا يرى غضاضة في التوعية ببعض القضايا الحساسة ، باستغلال جدران المراحض وأبوابها ، ويعتبره ، سبيلا للتوعية عموم الناس ، كلما استعصى عليه إيصال صوته إليهم عبر الطرق الديمقراطية الأخرى والمُتحكم فيها ..
إن ما يحدث في مراحيضنا شهدته مراحيض بلدان متقدمة أخرى في أزمان ماضية ، لم تكن تتوفر فيها على الحد الادنى من الحرية و الديموقراطية ، لأن ظاهرة الكتابة على مختلف الجدران سواء داخل المراحيض العمومية أو خارجها ، مرتبطة بقلة التمرس على الديمقراطية ، وناتجة عن عدم توفر مرافق ووسائل تعبير المقهورين من مختلف الفصائل والتيارات السياسية عن مظالمهم ومطالبهم المختلفة السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية والنفسية ، والتي تمتص في كثير من الأحيان غضب السياسيين ، وتخفف من الآثار النفسية والصحية التي يمكن ان يتعرضوا لها في حياتهم ، كما هو الحال في الدول الغربية ، وعلى رأسها بريطانيا ، التي تنبهت إلى جدوى البوح والتعبير عن مكنون النفوس ، فأنشأت بـ" الهايد بارك" Hyde Park ما يسمى "بزاوية المتحدثين" " Speakers Corner وهي المكان الذي يجتمع فيه المتحدثون كل يوم أحد لإلقاء كلمة أو محاورة حول موضوع ما بكل حرية ، الشيء الذي قلل من الكتابة على حيطان وأبواب مراحيضهم ..
حميد طولست Hamidost@hotmail.com



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)
- هل تحرن الحواسيب هي الأخرى ، كالحمير !!
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (2)
- سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !
- الحدائق تتحدث دون وسيط أو مترجم أو حروف وكلمات !
- قرانا وقراهم !!!
- لهذا السبب أصبحت مدمنا على ركوب القطار !
- لكل جهنمه !!(4)
- مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
- التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
- خائن من يعتصب ورود مدينتي !
- لكل جهنمه 3
- المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
- لكل جهنمه !!!(2)
- فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
- الحكامة في المشهد السياسي !
- لكل جهنمه !!!
- حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
- معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن ...
- لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟


المزيد.....




- إطلاق مبادرة شعبية فلسطينية تقدم مقترحات لإنهاء الحرب وتبادل ...
- واشنطن تعد وثيقة لسحب التمويل الفيدرالي من المدن والولايات ا ...
- منظمات فلسطينية: قطاع غزة يدخل مرحلة متقدمة من المجاعة
- مقترح حكومي: إلغاء منح إقامات دائمة لطالبي اللجوء
- مؤسسات الأسرى: 16400 حالة اعتقال منذ بدء حرب الإبادة
- اعتقال 13 شخصًا إثر صدامات عنيفة في “القرية العراقية” بالعام ...
- منظمات حقوقية تؤكد إعدام إيران خمسة -سجناء سياسيين- بعد خضوع ...
- اعتقالات واسعة في الضفة الغربية: الاحتلال يقتحم بلدات جنين
- الأونروا بغزة: أزمة جوع حادة تهدد أكثر من مليوني شخص
- أكاديمي أمريكي يواجه السجن في تايلاند بتهمة -إهانة الذات الم ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - المراحض العمومية والسياسة !!