|
أغلى سيارة في العالم
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4396 - 2014 / 3 / 17 - 14:07
المحور:
كتابات ساخرة
أخيرًا أركب "السيارة الحُلم"، التي لم يبرحني حلم اقتنائها منذ طفولتي. أحب تلك السيارة لأنها مستوحاة من الجعران الفرعوني المقدس، الذي نراه على جدران وادي الملوك كخنفساء سوادء تخرج من الرمال تجرّ كرة متوهجة، ترمز للشمس التي تتحرك من الشرق إلى الغرب. جعلها المصريُّ القديم ختمًا ملكيا على الخطابات، وعلى مزاليج الأبواب لطرد اللصوص، وزيّن فصوص الخواتم كتميمة تحمي من الشرور، منقوش على جناحيه تعويذة: “آمون قوة التوحيد”. لهذا فهي تنتمي لنا كمصريين، قبل الألمان وإن قال العلماء إن تلك الحشرة ظهرت على كوكب الأرض قبل 300 مليون سنة. كانت السيارة البيتلز (فولكس فاجن) فكرة في رأس الفاشيست الألماني هتلر، فرسم اسكتشها بقلمه في ثلاثينيات القرن الماضي، وأمر بتصنيعها لشعبه، لتكون سيارة الأسرة الألمانية إذ تتوفر فيها بعض الشروط مثل: السرعة الفائقة (100 كم/ساعة )، الاقتصاد في الوقود (7 لتر/100 كم)، الحجم العائلي، لأن "الأطفال لا ينفصلون عن الأبوين"(من أقوال هتلر)، تبريد هواء، لأن الماء يتجمد في الريداتور بفعل الطقس البارد. رخص الثمن (سعرها 1000 رايخ). وكان اسمها الأصلي "كافير" Kä-;-fer وبالإنجليزية بيتل أي "خنفساء". ورغم مبتكرها الطاغية، إلا أن هذه السيارة الجميلة تعدُّ صديقة شباب العالم، وألهمت مؤسسة ديزني لعمل سلسلة أفلام "العربة الطائشة" تقوم فيها السيارة "هيربي" بدور البطل. هي سيارة صديقي "أحمد العربي"، المعدّ بالتليفزيون المصري، موديل 1979، واختار لها لونًا أبيض لؤلؤيًّا وكحّل عينيها (فوانيسها الأمامية) بإطار أسود لتزداد حسنًا فوق حسن. بها أشياء لا تخطر على بال، مثل زر يتحكم في إضاءة عدادها الوحيد المدوّر. ومع الفرامل، يندفع الكرسي للأمام، ويصطدم أنفك بالزجاج الأمامي الرأسي بسبب غياب التابلوه، فيخبرك "العربي" ضاحكًا إنها خاصية الكرسي المتحرك الذي يمتص الصدمات. لا يقلق العربي من اللصوص ويترك سيارته مفتوحة، ليس لأنها غير مغرية للسرقة، بل بسبب تعويذة الجعران الفرعونية. إن ركنها في مكان، يعود فيجد الناس متحلقين حولها ظانّين أنها مفخخة، ربما لأنها "مفخفخة". وإن أغلقها ونسي المفتاح داخلها، فلا موجب للقلق، لأنه يمد يده من شنطة السيارة ويفتح الباب من الداخل. إن وجد كامين شرطة أو لجنة، يشير له الضابط بيديه ليمر، فإن طلب العربي أن يقف للتفتيش مثل بقية السيارات، نهره الضابطُ قائلا: “عدي بقا بحتّة الجبنة اللي انت راكبها دي!" طبعًا الضابط لا يقصد الإهانة، فقط اختلط عليه الأمر بسبب لونها الأبيض واستدارة جسمها الكروي فحسبها قطعة جبن دومتي كاملة الدسم. أشار العربي إلى مرآة الصالون قائلا: “يكفي أنني أنظر هنا فأشاهد ما ورائي دون أن أدير رأسي للخلف. كما أن هذه السيارة لديها مشاعر، حين أكون غاضبًا، تترفق بي ويدور المحرك من أول محاولة، وحين أكون منشرحًا، تبدأ المشاكسة واللعب فلا تدور إلا بعد نصف ساعة. ركّب العربي بها عدد 2 كلاكس. أحدهما رومانسي حالم، يستعمله إن مرّت أمامه فتاة جميلة، والآخر مزعج خشن، خاص بالذكور. الآن يفكر العربي في جلب سائق خاص، وخلع الكرسي المجاور للسائق، ليجلس على المقعد الخلفي براحته ويمد ساقيه ويكتب على طاولة صغيرة أمامه، ويبحث إمكانية وضع ثلاجة صغيرة للمشروبات السريعة. حين نشرت صورة السيارة على صفحتي بفيس بوك، انهالت عروض الشراء. أحدهم قال: “ادفع فيها أي مبلغ تطلبينه.” وكتب فيها أحد أكبر شعراء لبنان، شربل بعيني، القصيدة السابقة. من حقك أن تعتبر هذا المقال إعلانًا لو علمتَ أن العربي يود بيعها. ومن حقي أن أعتبر مقالي هذا قصيدة مطولة في السيارة الحلم.
"ألأبيضُ لونُ السيّارَه/ كيْ تكتبَ فوقَهُ أشعارا/ كاللوحِ الثلجيِّ بدتْ/ إنْ دارتْ تُشعلُ سيجارَه/ نقتها "فافي" لراحتها/ والزهرةُ تعشقُ أزهارا/ عيناها كبدرينِ معاً/ والثغرُ الفضّيُّ منارَه/ ألشكلُ سُلُحْفاةٌ لكنْ/ إنْ شاءَتْ تسبُقُ طيّارَه/ ألإسمُ بأوّلهِ "فاءٌ"/ و"الفاءُ" ذكاءٌ وشطارَه/ من أحلى بأعينكُمْ؟ قولوا:/ تربحُها "فافي" بجداره.”
*** * من قصيدة "سيارة فافي" | للشاعر اللبناني: شربل بعيني.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمي، و-أحمد رشدي-
-
هنا كردستان
-
القتل على العقيدة
-
تُرى كيف يقرأ هؤلاء؟!
-
متى يطمئن مرسي؟
-
صولجان -نادر عباسي- المستبد
-
الديكتاتور محمد صبحي
-
المرأة بين عقيلة وفرحات
-
حوار قديم مع فاطمة ناعوت 2006 | ناعوت: الشاعر راء لأنه لا يق
...
-
الحبُّ قد أمر
-
وجوه أجدادي
-
هنا أجدادي الحزانَى
-
المستشار النبيل، وامرأة الكفيف
-
الغراب والفراشة على بوابة جهنم
-
أيها النحيلُ، سلامٌ عليك!
-
أول لص فى التاريخ
-
مَن يخافُ فيلم-حين ميسرة- ؟
-
الفرح يليق بك يا فينسنت
-
زنقة الرجالة
-
صانعُ الفرح، وصُنّاع الهلاك
المزيد.....
-
ترامب يوقع أمرا تنفيذيا باعتماد الإنجليزية اللغة الرسمية للو
...
-
صدور العدد الثاني من -مجلة توقد-الفكرية الثقافية
-
الأولى بتاريخ أمريكا.. ترامب يوقع قرارا تنفيذيا محددا اللغة
...
-
مصر.. تطورات جديدة في قضية المخدرات لمطرب المهرجانات مجدي شط
...
-
الموت يفجع الفنان المصري الشهير باسم سمرة
-
الشاعر ميثم راضي يُتوَّج بالجائزة الأولى في مسابقة المعلّقة
...
-
زاخاروفا: زيلينسكي هو الفنان الوحيد الذي كنت سألغيه من قائمة
...
-
قائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي ينشر تغريدة على صفحته
...
-
تحت القصف في غزة.. فريق محلي ينقذ تاريخا مدفونا تحت الأنقاض
...
-
-مذكرات آن فرانك- تجسد الخلود الأدبي بعد مرور 80 عاما على وف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|