أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الروحانيةُ خلاقةٌ














المزيد.....

الروحانيةُ خلاقةٌ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 08:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المساهماتُ للتصدي للسحر والشعوذة في البرلمان البحريني هي مثيرةُ للاهتمام. لكن كيف أستطعنا أن نصل لهذا الانجاز؟
لقرون ظل المسلمون غير روحانيين، ومهتمين بالمعاش والمادة والتغيير، والزاهد المنعزل المتصوف مرفوض، والسحرة غير موجودين حيث تم طردهم من المدن المضيئة، حتى جلبت الحروبُ والهيمنات ثرواتٍ كبيرةً للمركز والقوى العليا، وانقطعت حبالُ التحليل بين هذه الثروات المكوّنة وإنتشار الروحانية.
الروحانية كانت نشاطاً للطبقات الغنية الاستغلالية لتصعيد الاهتمامات نحو الغيب، ولإلهاء العامة عن فتح المخازن المليئة بالسلع المهربة، وإزدياد الخراج على أراضيهم والجِزى على رؤوسهم، ولكشف ثروات الكبار وكيف تكونت، فالنشاطاتُ الأرضية المثيرة للجدل تُبعد، وعلى مر التاريخ تكرست الثرواتُ في الأوساط الروحانية والسياسية. وصارت جذورها مقطوعةً وخطوطها وصلاتها بالماء والدم والعظام مفقودةً، وكأنها نزلتْ من السماء مركز الأرواح!
ولهذا فإن النشاط السياسي يفقد علاقاته بالقوى التي تحركه في مستنقعات الحياة فيظهرُ فيه ألقُ النجوم.
وصارت الروحنةُ نشاطاً خالداً عالي المقام، تحاولها الجماهيرُ الفقيرةُ عبر الروح دون الوصول إليها وقد تفرح فرحاً قليلاً لكنها تزداد فقراً وتعاسة.
إن ما هي مشكلات مادية صارخة بالجوع والفقر والتعطل تُخفف، وتُحجم حتى تغدو بالونات تطير للسماء، ويصبحُ وجهَ الروحاني أشبه بملاك.
لهذا صار روحانيو الإسلام الكبار ملاكاً عظاماً يحوزون الثروات و(يخدمون المؤسسات العامة والمساكين).
إن العلاقات بين الأشياء المادية الوسخة كالمال والروح تَتقطع الصلاتُ بينها، ولهذا لا يمكن لنا أن نقرأ العلاقات بين الفئات الوسطى والغنية في البلد وانسحابها من قراءة ظروف الناس، فكلما تفجرت أعلاناتُ البنوك وظهرت الأرباح واسعةً تحيي الشركات والمؤسسات على إنجازاتها، وتوزعُ بعضَ حصصَ الأرباح على أصحابها، وانتشرتْ فضائلُها على الفئات المحمودة خَلقاً وخُلقاً، توسعت الصرامةُ الأخلاقية في المؤسسات الدينية، وغابت الأسئلةُ في المؤسسات البرلمانية، وتجمدت العقولُ في الكيانات الحزبية، وهفهفَ الكتابُ والشعراءُ في السماء العلوية، واتسع المرح في الأبنية الفندقية، وانتشرت الرواياتُ التجارية، وأنشغل الصحفيون بالاعلانات التجارية، وقلل الباحثون من صراماتهم النقدية، وسكتت الكلماتُ العميقةُ في الأدمغة الديمقراطية، وتكاثرت الثرواتُ بطرق روحانية عليا غير منظورة بنظارات مادية، وليس ثمة خسائر ما، أو أوضاع إقتصادية رثة، فالعمالُ الوطنيون والعمال الأجانب يضخون الأرباحَ من مواقعهم المادية التي تهبطُ في عمق الأرض كل فترة، وتزداد الأجورُ تآكلاً لأنها ابنة الأرض الرثة، والأسعارُ تصعدُ للعلو دائماً كأنها تمضي نحو أشقائها العلويين المباركين بملائكية المقام.
الروحانيون يقطعون العلاقات بين صعود الروح المضيئة ووساخة الأرض، ويتركون الأحياءَ الفقيرة، والصلات بالطبقات الشعبية، فالمباني الكبيرة الجميلة تتسع وتنتشر بعيداً في الأراضي المضيئة والأحياء الشعبية تغلقها العمارات الهائلة التي تنزل بين يوم وليلة وتتقطع الخدمات العامة عنها وتعاني مشكلات المرور والتلوث والزحام الأجنبي والأبنية العتيقة والقمامات الكثيفة وضربات الأمطار المجنونة وهي كلها بعيداً عن الروحنة والتألق.
الروحاني لا يستطيع أن يفسر كيف ارتقت روحه وشعت، فليس لها علاقة بطين الأرض، كما أن أرصدته وماليته غير مراقبة شعبياً وسياسياً.
والسحر هو سقوطُ الروحانية، وهو أعمالُ الفقراء التعساء، كمن يسرق عجلة سيارة، أو بعضَ سلع رخيصة، أو يقوم بأعمال عجيبة لإخفاء النقود التي ينصب من أجلها، ويذبحُ دجاجةً ليسرق عقداً من صدر امرأة، ومن يأتي بسلع مغشوشة في سوق ضائعة الملامح، أو مَن ينصبون على مؤسساتهم ويخرجون بثروات يوظفونها في الخارج من أجل المساكين، وهؤلاء حين يدانون أو يُقبض عليهم فهم يستحقون مثل هذه الجرائم الرهيبة والبيانات النارية!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافةٌ غير بناءة
- إشكاليةُ التوحيدِ
- الهروبُ من العلمانية!
- كلماتٌ عن المناضلِ الراحلِ محمد السيد
- بابكو ولحظةٌ تاريخيةٌ
- التغييرُ الديمقراطي ممكنٌ
- أوحدةٌ خليجيةٌ أم تفكّكٌ خليجي؟
- مانديلا والصراعُ الاجتماعي في جنوبِ إفريقيا
- السياسةُ الأمريكيةُ وتفكيكُ العربِ
- من الفئاتِ الوسطى إلى الطبقةِ الوسطى
- مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية
- التعسفُ وجذروهُ
- الوضع الإيراني والتحولات
- أتجمعٌ تحديثيّ أم تجمعٌ طائفيّ؟
- تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس
- التحللُ الفكري والانهيارُ الاجتماعي
- تآكلُ الماركسيةِ في البحرين
- إن لم تكنْ ثورةً فماذا تكون؟
- حول تقرير اللجنة الرقابية
- الجماعةُ السياسيةُ وتجاوزُ المذهبيةُ


المزيد.....




- مصطفى غريب و-توتا- يجتمعان بمسلسل -بريستيج-.. مَن الجاني؟
- على مسافة يد.. قروش تسبح بين أطفال في شاطئ بشمال إسرائيل
- ماذا نعرف عن الحمى النزفية؟
- هل تعرف الكائنات الفضائية بوجود البشر؟
- سوريا تعتقل قياديين من -الجهاد الإسلامي- عقب زيارة عباس لدمش ...
- الإمارات العربية المتحدة ضيفة الشرف في منتدى بطرسبورغ القانو ...
- فانس: واشنطن تريد إنشاء نظام تجاري جديد ومتوازن وعادل
- الداخلية الأردنية تكشف معلومات وإجراءات جديدة قريبا بشأن -ال ...
- سياسي سلوفاكي يعلن جمع التوقيعات للاستفتاء على رفع العقوبات ...
- ترامب يدعم وزير دفاعه بعد فضيحة جديدة طالته


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الروحانيةُ خلاقةٌ