|
مثقفي البيادة
عبدالله الدمياطى
الحوار المتمدن-العدد: 4297 - 2013 / 12 / 6 - 19:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صنفان من البشر لا يتوقف الجدل حولهما منذ بداية الخلق، واحد يضع لنفسه ولضميره ولسلوكه ثوابت، يسميها قيما ومبادئ، ويؤمن بأن رجولته وإنسانيته وقيمته في الحياة تقاس بمقدار التزامه بها واحترامه لحدودها والدفاع عنها وعدم السماح لأحد بالمساس بقدسيتها مهما كان الثمن وحين يصادف من يساومه عليها ينتفض غاضبا، ويرفض الحيد عنها، حتى لو كلفه ذلك رزقه وربما حياته بالمقابل هناك نوع آخر يرفض هذا المنطق، ويعتبر المنادين به سذجا أو أغبياء فهو يرى أن الشطارة تبيح النفاق والانتهازية ومقايضة الأمانة والشهامة والنزاهة بالمنفعة وهو تبعا لهذه القناعة، يسخر من أصحاب القيم والمبادئ، ويضحك ممن يتمسك بالرجولة والشجاعة والأمانة والنزاهة، ويعتبر ذلك نوعا من الغباء والجهل والحماقة. هذا النوع من البشر يتفنن في ابتكار ألوان الخداع والنفاق والغش والغدر، ويميل حيث تكون المصلحة فينحني للظالم، ويبارك القاتل، ويمجد الطاغية، الانتهازية دينهم الوحيد بلا منازع. ومثقفينا ومفكرينا المصريين ينتمون بكل جداره الى النوع الثاني وقد يستغرب البعض كيف أصيب هؤلاء المثقفين والمفكرين بالعمى الإيديولوجي، وبدل أن يتخذوا موقفا أخلاقيا وسياسيا ضد انقلاب 3 يوليو والسطو على ثورة 25 يناير، فسارعوا في تبرير الانقلاب العسكري ولم يكتفوا بذلك بل حاول البعض منهم شرعنته سياسيا بالبحث له عن غطاء شعبي فمنهم من اعتبره ثورة ثانية، ومنهم من اعتبره ثورة اولى ضاربين بثورة 25 يناير عرض الحائط، انه انقلاب مفضوح ومخجل نفذه العسكر ضد رئيس منتخب, انها محاولة مكشوفة لسرقة ثورة الشباب 25 يناير، بل وإسقاطها وتشويهها وشطبها من العقل المصري, وإحلال ما يسمونه بثورة 30 يونيو مكانها ومع محاولات مستمرة لاستغفال الجماهير بتصوير العملية الانقلابية على أنها ثورة شعبية حقيقية, وان ما حدث فى 25 يناير ليس بثورة على اعتبار أنها أخفقت في تمثل آمال وتطلعات المصريين حينما جاءت بالإخوان إلى الحكم, والاستعاضة عن تلك الصورة التي يحاولون تشويهها بصورة 30يونيو التي يستميتون في تجميلها وتقديمها للشعب على أنها ثورتهم الحقيقية, ولست أدري عن أي ثورة يتحدثون؟ ثورة خطط لها العسكر ودبرها ونفذها، وكان الشعب كومبارسا أكمل مشهد الانقلاب، الذى اعتمد منذ البداية على عنصر دعم خارجي ووضعوه في قلب المشهد كأحد عناصر نجاح الانقلاب، كما اعتمد الانقلابين أيضا على وجوه مدنية لتجميل الصورة أمام العالم الخارجي. موقف مخز رجعي صادم، من كنا نعتبرهم رموزا ودعاه للديمقراطية، إن المصطلحات والشعارات التى صدعونا بها مرارا وتكرارا وعلى مدى سنين مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لا اعتبار لها، بل ان الأجدى بالنسبة إليهم هو المحافظة على جمود الواقع الذي ينسجم مع الطموحات الانتهازية للنخبة العقيمة التى تبرر الشيء ونقيضه. لقد ارتبطت صورة المثقف والمفكر فى ذهن الشعب بالدفاع عن القيم الإنسانية من حرية وديمقراطية وحقوق إنسان ولهذا امتلك رمزيا قويا ومؤثرا في مواجهة السلطة السياسة الحاكمة الظالمة سلاحه الوحيد هو علمه وموضوعيته وانحيازه إلى جانب الشعب المقهور المسلوب حقه. لكن مثقفينا الان لهم طبيعة مختلفة وقد فقدوا مكانتهم واحترامهم بين الشعب، وذلك نتيجة اصطفاف الكثير منهم من دعاة الليبرالية والحرية، إلى جانب "الانقلابيين" والى سياسته الامنية القمعية في مواجهة الإرادة الشعبية التي تطالب بحقها فى التعبير، لقد اتخذوا موقف مخز من الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية، وقدموا لدعم موقفهم المخزي الكثير من القرائن، التي لا يمكنها أن تحافظ على توازنها أمام قوة الوقائع الجارية على الارض، ولعل ما يجمع بين هؤلاء هو اتفاقهم على أن الديمقراطية التي توصل المكون السياسي "الإسلامي" إلى الحكم، ليست بديمقراطية وذلك لأن دكتاتورية غير إسلامية، في اعتبار هؤلاء المثقفين، أفضل من ديمقراطية يمكن أن يقودها التيار الإسلامي، انهم يدركون كل الادراك أن رصيدهم استنفذ في تجاربهم السياسية السابقة التي اتسمت بالفشل كمشاركين في الحكم ايان حكم المخلوع مبارك، وبالتالي فهم يروا أن الاحتكام إلى الديمقراطية لن تمكن لهم من منافسة الإسلاميين فليس أقل من التخويف بهم واستعمالهم كفزاعة لإنجاح تحالفهم مع العسكر، الشيء الاغرب هو أنهم لا يشعرون بالتناقض وهم يسعون إلى إقصاء مكون اجتماعي وأساسي من المشاركة في الحياة السياسية بل ومن الحياه ان امكن، سحقا لهذا التدني لقد اصبح المثقف يتحدث باسم العسكر ويدافع بكل قوة عن تصرفاته وسياساته، انه تحالف مريب وغريب فمنذ متى يتحالف المثقف مع العسكر، انها معركة بناء نظام قمعى ديكتاتوري تسلطي، ولن ينجو احد مهما كان حتى هؤلاء الذين تحالفوا مع العسكر لأن الدبابة لا تميز بين احد، كم هم أغبياء أنهم يحرقون الوطن ويحرقون انفسهم بكل سذاجة.
#عبدالله_الدمياطى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تنجح الثورة ؟
-
الحقيقة الكاملة
-
أسئلة مشروعة (حرب أكتوبر)
-
فى ذكرى رحيل الطاغية
-
الرصاصة السحرية
-
من سرق الثورة؟
-
قضاء مصر الشامخ!!
-
مصر والسودان أمال وطموحات
-
قضاء مصر الفاسد
-
الحوار المجتمعي
-
أكرم من فينا
-
فلتكن ثورة بناء
-
ويسألونك عن المعارضة
-
دستورك يا مصر
-
الاعلام والثورة -1-
-
الحرب على -التأسيسية
-
عبيد الذل
-
معبر رفح معاناة تتجدد
-
محنة الإسلام
-
استقلال الشخصية2
المزيد.....
-
ترامب: مستعدون لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لزم الأم
...
-
-تايمز-: إيران تنقل صواريخ يمكنها ضرب أوروبا إلى وكلائها في
...
-
مقتل وجرح 98 فلسطينياً بغارات إسرائيلية على غزة وحماس تبحث و
...
-
هل للمحادثات النووية الأمريكية الإيرانية الجديدة أي فرصة للن
...
-
ماكرون: فرنسا قد تعترف بدولة فلسطين في حزيران/ يونيو
-
شاهد.. حاملة الطائرات الفرنسية تعبر قناة السويس في طريقها إل
...
-
ماكرون: فرنسا تخطط للاعتراف بدولة فلسطينية
-
مراسل RT: سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف بلدة ياطر جنوب لبنان
...
-
-يديعوت أحرونوت-: ترامب بدأ يفقد صبره وأمهل نتنياهو أسبوعين
...
-
الدفاع الروسية: إسقاط 19 مسيرة أوكرانية فوق 4 أقاليم روسية
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|