أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أنا من سرقتُ الخيلَ














المزيد.....


أنا من سرقتُ الخيلَ


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 01:13
المحور: الادب والفن
    


وكنتِ
وكانَ الليلُ وحدَهُ، خائفٌ مثلنا كذلك، ونحنُ نصنعُ العصافيرَ من أجل الفجرِ، لا عصفورَ يطيرُ في هذا الفضاء مرتين، كنّا عشاقاً، عاديين، نكتب كلمات الحب على جذوع الأشجار الكبيرة، ونقطف ورداً لبعضنا حين نهرب من مراقبة آبائنا في طريق المدرسة، وفي لحظة الانفجارِ تلكَ، فقدتُ أنا حاسة السمعِ، ولم تعد تغريني العصافير، وأنت فقدتِ حاسة الحياة، ولم يعد يغريك المشوار اليومي إلى المدرسة، أما الأشجار فما زالت تحتفظ بأسمائنا.

أعبريني مثل تاريخٍ طويل، دوسي بقدمين حافيتين في قلبي، كي أشعر بنبض الحضارة في عروق أقدامكِ التي طهّرَتها المسافاتُ والصلواتُ الطويلةُ، أعبريني كي أزيدَ قداسةً وحظّاً في البقاء، أعطِ كلَّ خطوةٍ إسماً وتاريخاً كي لا يسرقَ الخاسرونَ مجدَكِ ليصنعوا منه قلائدَ وذكريات، ضعي بصمةً عميقةً فوق جلدي كي يصيرَ كلُّ عِرقٍ نهراً، وكلّ انحناءةٍ جبلاً، وكلّ مسامٍ غابةً، وكلّ إصبعٍ طريقاً، وكلّ شعرةٍ حضارةً، وكلّ مفصلٍ تاريخاً، عززيني بالأغاني، ودعي صوتكِ يهدلُ في فضاء روحي لأحملَ جرحي على الصراخ، فالجرحُ لا يقتلُ صاحبه إلا حين يكفّ عن الصراخ.

أنشئيني كما أنشأتِ البلادَ أول مرة، فرّقيني على الغيمِ كي أسقطَ نقطةً نقطةً، واجمعيني من بين الحشائش مثلما تفعلين مع بقايا الأدعية، واغسليني بالكولونيا وماء المطر، ضعيني في حِرزٍ قرأتِ عليه آيتين قبلَ أن تمسّي بقاياي بيدك النبيلة، وخبئيني تحتَ سقف ثوبِكِ الآتي من رحلة الألف سنة، دعيني هناك ألف سنة أخرى، وانثريني بعدها على الجبلِ بين الزعتر البرّي، في يومٍ تلعقُ دقائقه الريح، هكذا فقط، أعرف أنني ذهبتُ إلى الخلود.

خبّأتِني أعواماً في ثنيةِ الثوبِ المغرّزِ بالحنين، كنتُ فكرةً غَزَلَتْ حريرَها من أجلِكِ، وكنتِ أمّي أحياناً، ابنتي أحياناً، وشجرةَ ليمونٍ أحياناً، وعشبةُ بابونج أحياناً، وزادَ المسافرِ في الصحراءِ أحياناً، والمسافة بين نجمين أحياناً، رغبة في البكاء أحياناً، ساعة الرقص أحياناً، هل أبكيكِ الآنَ أم أنتظر مأساةً أخرى؟

أنا من سرقتُ الخيلَ قبل المعركة من أجلكِ كي أمنع الحرب، نعم أنا من قتلتُ صاحب الطبلِ كي لا يعلن المعركة، نعم أنا من خبأتُ الصحراءَ تحت جلدي كي لا يستخدموها ساحة حرب، نعم أنا من لوّنَ الملابس بنفس اللون حتى لا تتميز الجيوش فتحدث الحرب، نعم أنا من أثلمتُ السيوفَ كي لا تغري الفرسان بالحرب، نعم أنا من قتلتُ العرافين كي لا يتنبأوا بالحرب.
فكيف حدثت الحرب إذن؟


الثامن من نيسان 2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...
- ذاكرة رجل آخر قصة قصيرة
- يا الدمشقيُّ!!!
- كسيّدٍ غيرِ مهذَّبٍ هو الحنين
- الإساءة للرسول، الإساءة للعالم
- ما يحدث في فلسطين لم يحدث بعد
- ضياع الحلم الفلسطيني
- معرض أزمات الشرق الأوسط


المزيد.....




- مخرج -تيتانيك- جيمس كاميرون يستعد لعرض -أفاتار: النار والرما ...
- غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن
- بوتين يكلف الحكومة بإحياء الذكرى الـ200 لميلاد الكاتب الروسي ...
- بعد الجدل حول -إش إش-.. مي عمر توضح موقفها وترد على الاتهاما ...
- -نسمات أيلول- السوري.. كوميديا عبثية بعيدا عن رائحة الحرب
- الأدب المسرحي ضد العنصرية.. وفاة كاسر محرمات جنوب أفريقيا أت ...
- -نسمات أيلول- السوري.. كوميديا تغتصب الضحكة بعيدا عن رائحة ...
- فن اليوميات العربية.. نبش أسرار الكتابة الذاتية في دراسة نقد ...
- ابنة النجم المصري محمد صلاح: -هددوني بالحبس- (فيديو)
- منصات الإنترنت: نسبة المخرجات السينمائيات تزداد باطراد


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - أنا من سرقتُ الخيلَ