|
الحُرية و التحرُر
خالد عبدالرحيم شيرازى
الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 20:00
المحور:
المجتمع المدني
(لو أمطرت السماء "حرية" لرأيت بعض العبيد يحملون مِظلات) – أفلاطون
نعرف جميعاً أن الحرية ليست فرض عين على أحد ، لأنها ببساطة حرية. و لكن علينا أن نعرف الفرق بين الحرية و التحرر. فالحرية هى أن تفعل ما تشاء طالما أنتَ بعيداً عن أنف الآخرين ، لكن التحرر هو شئ شخصى قليلاً ، فهو كسر لأى قيد مهما كان و التحرر منه ، كالتحرر من قيد الحِجاب للمرأة أو الدراسة داخل البلاد أو الإنسياق وراء عادات و تقاليد المجتمع إلخ إلخ..... . و بناءاً عليه ؛ فإن التحرر قد يكون منطوى تحت أفعال جيدة تُفيد الشخص أو المجتمع ، و قد يكون تحت جُناح أفعال سيئة قد تضر بالشخص المتحرر و بالمجتمع. فى الآونة الأخير أنتشر بشكل واسِع مصطلح (الليبرالية) و الذى أغلب المجتمعات العربية لم تسمع بِه من قبل ، و ماذا يتضمن المصطلح أو بالأحرى ماذا تعنى الليبرالية كان سؤال أغلبنا يجهَل إجابته ، و تطرق البعض لفعل أشياءٍ تحت مُسمى الليبرالية ، فأصبحت الليبرالية تقع تحت وطئة تقبيل الرجل لـ أنثاهُ فى الطريق على سبيل المثال ، ذلك الفِعل الذى يراه المجتمع الشرق أوسطى كَكُل ببساطة "إنحلال" ، و أصبحت تتضمن الليبرالية مفاهيم داخلية هى فى الواقع كُلها أفعال تحرر لا اكثر. و مِن ثَمَ...فقد التوجة المدنى معناهُ الحقيقى الذى يتضمن التعبير عن الرأى بحرية و شفافية مطلقة ، عدم تدخل الآخرين فى شؤونى الخاصة طالما لا أتطرق أن أجعلهم يتدخلون بمحض إرادتى ، و تحولت الليبرالية التى هى فى الأساس (حُرية) إلى (تحرر) فقط ، و ذلِك نتاج عن دخول تلك الثقافة فجأة على المجتمع العربى الذى أنفتحت أبوابه على مصرعيها من الجميع إلى الجميع بعد حِقبة (ثورات البلدان العربية) على أنظمتها الحاكمة. و لكن... ما أتطلع لإثارته الآن هو طِباع الليبراليين و آرائِهِم و كلماتِهِم التى يجلدون بها المجتمع و تصرفاته. هل من حق الليبرالى كليبرالى أن ينتقد تصرُفات فتاة تسير فى الطريق ، ترتدى ما يحلو لها و تُدخِن و هى تسير و تتحدث بصوت عال ، و ينعتها بالعاهِرة على الرغم من إنه لا يعرفها ؟ و فى نفس الوقت لا يحق لأحد أن ينتقده أو يلقيه باللوم على تصرفاته لمجرد إنه (ليبرالى) ؟!! تعجبتُ كثيراً من ذلك الموقف المُتكرر وسط مجتمع الليبراليين فى مصر الذى أنتمى له ، و يثير إشمئزازى فى أوقات كثيرة. ينتقدون ولا يتقبلون نقد أحد لهم ، يُثيروا الفِتنة على الآخرين فقط لأنهم لا يحملون شعارات الليبرالية و الذين قد يكونوا يتصرفون بفِطرة الحرية العفوية المطلقة ، و يتصارعون لإبراز مصطلحاتِهِم و فلسفتِهِم التى قد لا تُساوى معنى حقيقى لكلمة فى قلب فتاة لا يتعدى عُمرها الحادى عشر.
صادفتُ يومياً رجلاً يعمل كمُرشِد سياحى ، ينتقد بشدة و صرامة و تعتليه حِدة ملامحهُ تصرفات طفل فى الثالث عشر من عمرهُ و فتاة فى نفس المرحلة العُمرية أمام باب أحد المدارِس بعد إنتهاء اليوم الدِراسى ، و الذى وصفه بالعُهر لأن الفتاة كانت تضع يدها حول عُنق الطِفل ، و تلفظ بكلمة اثارت غضبى كثيراً (ما الذى سيفعلونه حين ينضجان و يكبر ثدى الفتاة و قضيب الطِفل) ، إبتسمتُ لكظم غيظى و جاوبته (إننى لست أحد الأبوين أو الله كى أحاسبهما) ، ردد و هو يسير مُبتعِداً (أبعدنا الله عن الحريّات تِلك التى قد يوماً تقوم بإباحة الدعارة مرة آخرى).
هل الحُريّات مفهومها يعنى السُكر و العُهر و ممارسة الدعارة و الخروج عما يفعله المجتمع خِلسه و تحوله لفِعل علنى ؟ اتعنى الحرية إنبثاق تصرفات المجتمع من ضيق فتحة الصِدق إلى السمر ليلاً وسط عاهرات و الصلاة صباحاً ، إلى ممارسة العُهر ليل نهار ؟ هل علينا أن نختار ما نُقيّد به ؟ هل إختيار قيودنا حُريّة أم تحرر من فرض القيود علينا ؟ الحرية لا تساوى التحرر بل تتضمنه ، لكن التحرر ليس بأحرف تلك الكلمة أى معنى للحريّة لكن أشهد بكلماتى أن مجتمعنا الشرق أوسطى و العربى على حد سواء ، يحتاجان إلى التعليم الجيد ، التربية السليمة القائِمة على الحُريّة و ليس التحرر ، إدخال مصطلح فى عقول النشأة قبل أى شئ (مصطلح – إدخال حُب الفضول للثقافة) ، وقتها قد نتطرق فى التحدث عن الحريّة و ما تعنيه ، و الليبرالية بمفهومها السوى الغير متطرف لأفعال شخصٍ...أو طِباع أحدهم فقط.
#خالد_عبدالرحيم_شيرازى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة النهود
المزيد.....
-
ذوي الأسرى: نتنياهو يتخلى عن المحتجزين للحفاظ على حكومته
-
نتنياهو يبحث نتائج مفاوضات الدوحة وعائلات الأسرى تتهمه بإشعا
...
-
مدير عام الطب الشرعي بغزة: الاحتلال يطمس أدلة تثبت ارتكابه ج
...
-
في اليوم الدولي لمكافحة الإسلاموفوبيا: الأمم المتحدة تحذر من
...
-
ألمانيا تخطط لإعادة لاجئين سوريين إلى وطنهم
-
تحذير من وضع خطير في لبنان بعد وصول موجة جديدة من اللاجئين ا
...
-
لحظة اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك
-
الأونروا: افتتحنا 130 مقرا مؤقتا بغزة لتعليم نحو 47 ألف طفل
...
-
القضية الكردية تعود إلى الواجهة في تركيا وسوريا
-
اليونيسف: 1.8 مليون شخص في غزة بحاجة ماسة للمياه والرعاية ال
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|