|
بعض الضوء على الساحة الكردستانية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 15:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العلاقة المُعّقدة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ، تمُر اليوم بمرحلةٍ ، أقل ما يمكن وصفها بهِ ، أنها شائكة .. إذ ان المصالح المُتبادلة بين الطرَفين ، أي بِمعنى ، تقسيمهما للُسلطة والثروة فيما بينهما ، في الأقليم بمحافظاتهِ الثلاث ، وكذلك في المناطق المُتنازع عليها ، في كركوك ونينوى وديالى وصلاح الدين ، وكذلك تقسيم المناصب في بغداد .. كُل ذلك ، لم يَعُد مقبولاً مِنْ قِبَل أطراف المُعارضة ، وقطاعات واسعة من المجتمع الكردستاني . وحتى داخل الإتحاد الوطني ، ترتفع أصوات في الآونة الأخيرة ، تدعو الى إعادة النظر ، بنوع العلاقة بين الحزبَين وبالإتفاق الإستراتيجي عموماً .. لاسيما بعد الغياب الإضطراري ل جلال الطالباني ، وضآلة الأمل بعودتهِ الى المشهد السياسي .. - حيث انه من الشائع في الأقليم ، انه جرى إتفاقٌ ( غير مكتوب ) بين الجانبَين ، أي الديمقراطي والإتحاد ، بعد الإحتلال الأمريكي للعراق ورُبما ب [ نصيحةٍ ] من جي غاردنر و بول بريمر ، على ان يحصل " جلال الطالباني " على منصب رئيس الجمهورية في بغداد " بعد التفاهم مع الشيعة والسُنة حسب منطق المُحاصصة " .. وتُترَك رئاسة الاقليم ل " مسعود البارزاني " . كانَ من أهداف هذا الترتيب ، هو ( إبعاد ) الطالباني الى بغداد ، على إعتبار ان الأقليم لا يَسع لِكلا الزعيمَين معاً ! . وفي ذاك الوقت ، كانتْ هذه القراءة صحيحة الى حَدٍ ما : فمن ناحية ، هي إرضاءٌ لطموح ونرجسية السيد الطالباني " رغم الصلاحيات المحدودة لمنصب رئيس الجمهورية " ، وخاتمة مُشرِفة لتأريخه الطويل في النشاط السياسي .. ومن ناحيةٍ اُخرى ، هي إرضاءٌ لتطلعات السيد البارزاني ، وإعترافٌ ضمني بِشُبُه تفّردهِ بقيادة الاقليم ! " لاسيما بعد نجاح الديمقراطي بِفرض شرطه ان يكون نظام الحكم في الاقليم رئاسياً وليس برلمانياً ، بما يتضمن ذلك من صلاحيات واسعة للرئيس " . - خلال السنوات العشرة الماضية ، كانَ من أبرز الإنطباعات ما يلي : رغم الوعود المُتكررة من الحزبَين الحاكمَين ، فأنهما لم ينجحا في " توحيدٍ " حقيقي للإدارة في الأقليم لحد هذه اللحظة .. فما زالتْ بهدينان منطقة نفوذ مُغلقة للديمقراطي ، والسليمانية للإتحاد " قبل ظهور حركة كوران " ، مع غلبةٍ واضحة للديمقراطي في أربيل وللإتحاد في كرميان .. وحتى قرارتهما قبل أشهُر ، بأن يتبادلا بعض القائمقامين في أقضية دهوك والسليمانية ، لم ترَ النور .. وكذلك فأن المواطن العادي يقول بصورةٍ طبيعية ، ان فلان بيشمركة البارتي والآخر بيشمركة الإتحاد ، فليس هنالك توحيد فعلي على الأرض للبيشمركة والاسايش . - أمران إثنان ، أديا الى حدوث خلخلة في الوضع الداخلي لأقليم كردستان : الأول هو ملف النفط ، حيث ونتيجة لفشل برلمان بغداد ، في سَن قانون النفط والغاز .. فأن إدارة الاقليم أي الحزبَين الحاكمَين ، بادرا الى التعاقد مع شركات للتنقيب عن النفط وإستخراجه وتسويقه .. وإنخرطا تدريجياً في لُعبة النفط الخطرة والمعقدة .. ومن الطبيعي ان التعتيم واللاشفافية في هذا الملف ، وَلدَ شكوكاً جدية حول وجود فسادٍ واسع .. " علماً وبالرغم من الإتفاق الإستراتيجي بين الحزبَين ، فكما يبدو ، ان اليد الطولى في هذا الملف ، هي للديمقراطي الكردستاني " . والثاني هو ظهور " حركة كوران " أي التغيير ، من رحم الإتحاد الوطني الكردستاني ، وتشكيلها مع الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، ل [ مُعارضة ] مُنظمة جيداً ، لأول مرة في تأريخ الأقليم . ورغم جميع انواع الضغوطات التي تعرضتْ لها الحركة ، فأنها نجحتْ في تحريك الوضع السياسي الراكد .. وبالتالي إستطاعتْ تسليط الضوء ، على العديد من مكامن الفساد بانواعهِ ، المُستشري في مفاصل الإدارة والحزبَين الحاكمَين . - على الرغم من إتفاق الأحزاب والحركات الكردستانية ، عموماً .. على الإشتراك في قائمةِ واحدة ، في إنتخابات مجالس المُحافظات التي من المفروض ان تجري في 20/4 القادم ، في نينوى وصلاح الدين وديالى " أي المناطق المتنازع عليها " .. فأن الاصوات تتعالى اليوم ، داخل الإتحاد الوطني الكردستاني ، وحتى الديمقراطي الكردستاني .. بأنهما سوف ينزلان في الإنتخابات العامة القادمة داخل الاقليم ، مُنفردَين ، كُل حزب في قائمة منفصلة ، أي سينافسان بعضهما . ومع ان هذه الدعوات ما تزال خافتة بعض الشئ ، إلا ان هنالك مؤشرات مهمة ، بأن ذلك سيحصل فعلاً . جديرٌ بالذكر .. ان المعارضة المتمثلة بحركة كوران والإتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية ، يُحبذون ويُشجعون ، نزول الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، مُنفصِلَين في أي إنتخابات قادمة في الأقليم .. عموماً ، أعتقد انه حانَ الوقت فعلاً ، لجميع الاحزاب الكردستانية ولا سيما للحزبَين الحاكمَين ، ان يحتكما الى صناديق الإقتراع ، لمعرفة شعبيتهما الحقيقية .. ولوقف إدعاءات هذا الطرف او ذاك ، انه الأقوى والاكثر قبولاً .. وكذلك سيتسنى للإحزاب المُعارضة ان تكتشف مدى شعبيتها مُقارنةً مع الإنتخابات السابقة .. وإذا نزلتْ " الاحزاب الصغيرة " الى الإنتخابات منفردة ، فانها أيضاً ، ستعرف حينها ، حجمها الحقيقي ، وإذا إستطاعتْ ان تحصل على بعض المقاعد ، فأنها ستنجح حينها في إزالة تُهمة " الحزب الصغير " عن نفسها ! . - المُهم هُنا .. ان الحزبَين الحاكمَين الديمقراطي والإتحاد .. لن يسمحا لأي أحد ، ان يسحب البساط من تحتهما " بسهولة " .. وسوف يواصلان " كما الآن " .. مُحاولة التأجيل المُستمر لإستحقاق الإنتخابات [ مّرتْ حوالي ثمانية سنوات على آخر إنتخابات لمجالس المحافظات ] .. ولا تلوح في الأفق توقعات بإجراء إنتخابات في الأشهُر القريبة القادمة .. بالإضافة الى انه لم يُشَرع قانون الاحزاب لحد الان ولم يُعّدل قانون الإنتخابات ، وليستْ هنالك رقابة على تمويل الاحزاب ومصادر أموالها وحساباتها .. وكذلك السيطرة شُبه الكاملة مِنْ قِبَل الحزبَين ، على جميع مفاصل التجارة والإقتصاد في الأقليم والتحكُم بأرزاق الناس ، والهيمنة على الهيئات [ المُستقلة ] إسماً ، والتابعةِ فعلاً ، مثل مفوضية الإنتخابات وحقوق الانسان والهيئات الرقابية والقوى الأمنية والبيشمركة .. الخ .. فأن كُل هذه الامور مُجتمعة ، إذا بقِيَتْ على حالها ، فأنه حتى لو جرتْ أية إنتخابات في الاقليم ، فأن إحتمالات حدوث تغيير حقيقي ، ضئيلة . ............................... يجري الحديث أحياناً .. حول إستياء مُناصري الاتحاد الوطني الكردستاني في منطقة بهدينان ، حول " تهميشهم " وعدم إضطلاعهم بأي دورٍ في إدارة المُحافظة .. ونفس الشئ بالنسبة الى انصار الحزب الديمقراطي في السليمانية .. وعن قُرب التوصل الى " تسوية " حول الأمر ، عن طريق تطعيم الإدارة في المنطقتَين .. لكن أعتقد ان الوقت قد فاتَ ، على هذه العلاجات الترقيعية .. وينبغي على الحزبَين ، الإقتناع ، بأنهما ليسا وحدهما في الأقليم ، بل يجب اللجوء في النهاية ، الى إشراك [ الجميع ] في آلية صُنع القرار !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة
-
إحتكارات .. وتسويق
-
هل ستجري الإنتخابات في 20/4
-
- سعيد - يبتهلُ الى الله
-
المالكي .. وتفريغ البانيو
-
على المُعتدلينَ أن يرفعوا صوتهُم
-
مُظاهرات العراق . الى أين ؟
-
بُقعة ضوءٍ صغيرة
-
ميزانية الاقليم : اللحم والعَظم
-
طرطور
-
إشاعات من الموصل
-
أم كلثوم المُنّقبة والمعّري المقطوع الرأس
-
نحنُ مُستعجلون .. والعَجلة لا تدور
-
قضية - سيمون - وتداعياتها
-
نصيحة
-
صديقي الراحل والجّنة
-
لا وجود لأي فسادٍ في أقليم كردستان
-
بين تركيا وحزب العمال .. مُلاحظات
-
مُحّمَد ( ص ) يدعمُ مُظاهرات الموصل !
-
كيفَ سيكون تشييع المالكي ؟
المزيد.....
-
العراق.. فيديو لحظة مقتل زعيم داعش للعمليات الدولية عبدالله
...
-
نيويورك تايمز: 43 دولة مستهدفة بحظر أو تقييد السفر لأميركا
-
الاحتلال يزعم إحباط تسلل قرب رام الله ويقتل فلسطينيا في نابل
...
-
ترامب: موقف الجيش الروسي في حصاره لقوات كييف في كورسك قوي لل
...
-
ترامب يتوقع أخبارا -جيدة- من روسيا وستارمر يشكك في جدية بوتي
...
-
إعلام: السلطات الأمريكية تخطط لفرض قيود على دخول المواطنين ا
...
-
قائمة بالجنسيات.. السلطات الأمريكية تخطط لمنع مواطني دول عرب
...
-
ترامب حول مفاوضات وقف النار بغزة: الوضع معقّد للغاية.. نأمل
...
-
رجل أعمال يرفع دعوى ضد نائبة أمريكية اتهمته بـ-الاعتداء الجن
...
-
روبيو: الولايات المتحدة تعارض فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جد
...
المزيد.....
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|