|
نوال السعداوي مثال للمرأة العلمانية المتحررة
داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 13:21
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
كانت ولا تزال كتابات الدكتورة نوال السعداوي محل جدل واهتمام المفكرين والباحثين والكتاب ، فضلاً عن الناس البسطاء واصحاب الفكر المحدود والذين ينظرون من ثقب الباب ، ان جاز التعبير . فقد كشفت السعداوي المستور ، وعرت الحقيقة ، وسلطت الضوء على امور وقضايا وحقائق ، هي بنظر المنغلقين والأيديولوجيين ، وحاملي لواء الدين خط احمر ، وحقل الغام ، لا يجب دخوله ، او حتى وضع اليد على سياجه ، لأنه قد ينفجر ، واذا انفجر فان العواقب تكون غير محمودة . والذي يحسب لصالح السعداوي ، انها طرحت افكارها هذه وصرحت بصوتها فترة السبعينيات ، وهذه الفترة شبه فترة ناضجة ، قياساً الى عالمنا اليوم ، وهو عالم النت والحاسوب والفضائيات والموبايل ، وغيرها من التكنولوجيا الحديثة ، التي قربت الرؤى والافكار وجعلت العالم كأنه قرية صغيرة ، بعد ان كان العالم واسع ومترام الاطراف . لقد تطرق السعداوي الى موضوع الجنس وغاصت فيه وكشفت مكنونه ، وشرحت فيه ادق التفاصيل ، وسلطت الضوء على اجزاء منه كانت مغلقة ، وسنشرح ذلك مفصلاً في هذا البحث . السعداوي ، في دفاعها عن المرأة ودعوتها الى تحررها ، ليس لكونها امرأة ، بل لأنها نفسها مفكرة ومتحررة ومثقفة ، وعالمة بجوانب كثيرة من جوانب الحياة ، لا سيما وانها قد درست في الغرب واقتبست من تلك العوالم امور وقضايا مشرقة ، ويمكن ان تشرق بها شمس نهارنا نحن الشرقيون ، وبالتالي قد ننصف المرأة ونعطيها جزء من حديثها المغصوبة منذ قرون عديدة ، واذا فعلنا هذا فتحن قد نحرر انفسنا من انفسنا يعني ان المراة متحررة يمكن لها ان تعلم اجيال وتربى اجيال وتثقف اجيال ، كون المرأة لديها عاطفة اكثر من الرجل ، وهذا يعني ان الثقافة زائد العاطفة يمكن لها ان تنتج اجيال يكونوا رجال مستقبل مشرق ومنير . وبعد هذه المقدمة ادعو القارئ لقراءة جوانب من افكار واراء الدكتورة السعداوي ، لنيل الفائدة والتعرف بالسعداوي عن كثب من خلال هذه الآراء والرؤى . قيم تجارية لا اخلاقية تؤكد السعداوي على ان المجتمع الظالم للمرأة يضعها في تناقض حاد ، ففي الوقت الذي يجري لها عملية جسمية ونفسية ليفرض عليها العفة ، ويعدم احساسها بمتعة الجنس يطالبها بإمتاع زوجها وارضاء شهوته متى شاء ، واذا عجزت عن ذلك طلقها وتزوج باخرى وهجرها . تقول : اذا كان المجتمع حريصاً على العفة التي يدعيها وكذلك حرصه على القوانين الاخلاقية التي يتظاهر بالحفاظ عليها من اجل الشرف ، كيف يفسر تنازله عن هذه القيم الاخلاقية باباحته عرض اجساد النساء عارية في الافلام والرقصات ، وعرض اجساد النساء عاريات فوق المجلات المصورة وفوق اعلانات زجاجات الخمر وغيرها من الاعلانات ، تقول : اليس هذا دليلاً على ان الذي يحرك المجتمع القيم التجارية ومنطق الربح والخسارة ، لا القيم الاخلاقية كما يدعي المجتمع . ثم تفند رأي المجتمع وترد عليه ادعاءه ، فتوضح انه من اليسر والسهولة ان يتنازل المجتمع عن قيمه الاخلاقية اذا ما تعارضت مع قيمه التجارية ، فيغض الطرف عن التهتك والانحلال ، الذي يشيع في الفنون الرخيصة ووسائل اللهو الفاسدة ، كما نشاهد ذلك في اغاني هذا العصر الهابطة والخالية من الذوق الرفيع والفن الحقيقي ، فقط هو استعراض لمفاتن المرأة واستعراض جسدها العاري ، وللأسف ان معظم الفضائيات يرتكبن الخطيئة في ذلك ، وهو فساد وافساد للذوق العام وخيانة كبيرة للأغنية الهادفة . وتؤكد الدكتورة السعداوي على ان المرأة تتحمل اكثر من الرجال زيف المجتمع ، وتدفع بذلك ثمن التعارض الذي يواجهه المجتمع بين القيمة التجارية والقيمة الاخلاقية ، وتعتقد ان السبب في ذلك يعود لاحتكار الرجل للحكم في المجتمع ، بمعنى انه هو الفصل والفيصل بإصدار القرارات التجارية والاخلاقية المتعارضة بمنأى عن المرأة . وتبين بان هذا طبيعي في مجتمع فقدت فيه مكونات شخصيتها وافرغت من انسانيتها حتى تحولت الى شيء او اداة . الى ان تصل الدكتورة السعداوي الى حقيقة المشكلة وسر القضية ، فتوضح بان الرجل يشتري المرأة بالزواج لتخدمه ، وتكون اداة امتاعه ووعاء ينجب اطفاله ، فهو يختار تلك الفتاة التي تصغره في السن بأعوام كثيرة ليظل جسدها شاباً قادراً على الخدمة والانجاب طوال حياتها معه لا تدركها الشيخوخة ابداً طالما هو على قيد الحياة ، وان اصبح كهلاً . مفهوم الدين عند السعداوي تعتقد الدكتورة نوال السعداوي ان مبادئ وجوهر الدين لا يتقاطع مع الصحة النفسية ، وتؤكد على ان الذي يتقاطع ويتعارض مع الصحة النفسية هو الازدواجية في القيم . وتوضح بان الدين يلعب دوراً غير الدور الذي وجد من اجله . وهنا تسأل سؤالاً تقول فيه ماذا نعني بالدين ، ثم تجيب على هذا السؤال فتقول : ان التاريخ القديم يدلنا على ان الانسان ، قبل نشوء الاديان السماوية كان يحتاج دائماً الى وجود اله ، وهو لا يعرف تماماً هذا الاله ، لكنه يعتبره القوة المجهولة وراء مظاهر الحياة الطبيعية المجهولة . وتوضح بان المصريون القدماء كانوا لا يعرفون مثلاً سبب فيضان النيل ، وتصوروا ان وراء ذلك قوة الهية ، وبذلك عبدوا اله الفيضان ، وحينما كانت الارض تتاخر في انتاج المحاصيل الزراعية كانوا يصلون لاله الخصوبة والخضرة ، وحينما كانت تحدث الكوارث او العواصف او الامراض كانوا يصلون للالهة ويطلبون منها ان تمنع عنهم هذه الكوارث والعواصف . تقول السعداوي : ومن هذا نستنتج انه كلما تتقدم العلم وكشف عن اسباب الامراض والكوارث واسرار الطبيعة كلما تقلص دور الدين . ثم تتسائل بالقول : هل دور الدين في حياة الانسان دور علمي فقط ؟ ام ان الدين له دور اخر روحي او نفسي ؟ ومعنى ذلك ان الانسان يظل في حاجة نفسية الى الدين ليشعر بالراحة النفسية والسعادة . وتسأل ايضاً : ما هي هذه ؟ هل اذا اكل الانسان حتى شبع ، او ارتدى احسن الملابس ، وسكن احسن البيوت ، هل هذه هي السعادة . وتجيب قائلة : ان معظم الناس سيقولن ان السعادة والصحة النفسية للانسان اكبر من مجرد ان يعيش الجسد ويستمتع ، بل ان الانسان يريد ان يستخدم عقله من اجل الوصول الى الحق والعدالة والحرية بين البشر . مفهوم الحب ترى السعداوي ان الحب ليس علاقة تجارية ، ولا يمكن ان يشتريها الانسان بماله او عقاراته او سطوته . وتوضح بان الحب لا يمكن ان يحدث بين سيد وعبد او بين صاحب سلطة وخاضع للسلطة او بين اعلى وادنى . وتشير الى ان الحب لا يمكن ان يحدث من اجل الانتفاع والنفعية ، ولا يمكن ان يحدث من اجل الاستغلال ، او من اجل المصلحة الاقتصادية او الحماية الاجتماعية . لكن الذي تؤكد عليه السعداوي والذي تسميه شرط من شروط الحب هو التساوي او التكافؤ ، وتقول ان معنى التكافؤ هو ان يكون المحبان متكافئين ، فاذا كان احدهما انساناً له جسم ونفس وعقل . وتوضح بانه لا يمكن ان يحدث بين انسان متكامل العناصر وبين اخر ليس له الجسد فحسب ، لان الحب كما تقول هنا يفقد شرط وجوده وهو التبادل ، اي التبادل الجسمي والنفسي والعقلي . وتستدرك بان المجتمع قد استأصل من المرأة عقلها ونفسها فلم يعد في امكان الرجل ان يتبادل معها الحب . لكن كل ما يحدث بينهما كما ترى هو نوع من الاتصال الجنسي . وتستطرد نوال السعداوي في حديثها عن الحب فتقول ان مضمون معظم الاديان التي ظهرت في تاريخ البشرية هو ان الله هو الحب ، الحب هو اله الحياة في الانسان ويقابله نقيضه وهو اله الموت ، الحب يبني ويثري الانسان والحياة ، ونقيض الحب يفقر ويهدم الانسان والحياة . وتؤكد بان الحب ليس امتلاكاً ، وليس سيطرة ، وليس شعوراً من طرف واحد مهما كان هذا الشعور . وتوضح السعداوي بان الصفات التي شاعت عن الحب من حيث انه اعمى وانه مجنون وانه قدر يحل بالإنسان من اول نظرة كالهم القاتل فيصبح اسيراً له فاقد الارادة ، فاقد الوعي ، فاقد البصر ، هذه الصفات ليس صفات الحب . بل ترى السعداوي ان الحب هو عملية واعية ترتكز في اساسها على الاختيار الحر والارادة . ( مصادر المقال المرأة والجنس للسعداوي بجزيئة الاول والثاني ) .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الافعال الناقصة
-
يابسة على تمن
-
اكراماً للسلاطين
-
الشعب: اضحك كرر ... اوعى تفكر
-
البطاقة التموينية : الجانت عايزة التمت
-
اطار ابو الريحة والعملية السياسية
-
حينما اكلت حماراً بحاله
-
هي وكرّتها ب14
-
عذر ملوح
-
عراقي يقترن اسمه بالسماء
-
يا اميو العالم اتحدوا
-
استيراد قضاة
-
سولفها عالكرطة
-
محمد والسحر
-
مي بارد بربع
-
ديلاب الهوا يغلب الطيارة
-
انا استاذ ارسطو
-
بوهان العماري
-
سوادي ابو الدمام
-
الحرامي الشريف
المزيد.....
-
خوارزميّات توظيف لا ترى النّساء
-
للرجال فقط.. تحرش وتهديدات بالقتل تلاحق لاعبات كرة القدم بال
...
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|