أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - -الحاجة-.. -أم محمود- و..- لقب آخر محبب-














المزيد.....

-الحاجة-.. -أم محمود- و..- لقب آخر محبب-


محمود عبد الغفار غيضان

الحوار المتمدن-العدد: 3946 - 2012 / 12 / 19 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


"الحاجة".. "أم محمود" و.." لقب آخر محبب"

كان يحلو لأبي أن يناديها بعد عودتها من الحج بــ"الحاجة"، لكنه قبل ذلك، ودون معرفة دقيقة لحالته يمكن الاطمئنان إليها في الحكم، كان يناديها بــ"أم محمود" أو باسمها الذي انتقل معناه عن الحياة في معاجم اللغة إلى قاموس حياتنا الخاصة معنونًا كل صفحة فيه...

على لوحٍ بكُتّٓاب الشيخ عبد الحي تهجاها أبي؛ حبيبة مزركشة بأمومة ما... يعشقها حد الغزل المدثر بالخجل أمامنا جميعًا. علمنا أبي أن إعلان الحب لمن نحب فرض عين. يعشق كلامها وأمثالها التي ما زلنا لا نعرف من أين تأتي بها. يخشى صمتها المكتحل بالقلق. ويتمناها صامتة للأبد كلما تحدث ونظرت إليه. فنظرتها كانت تعرف كيف تهدهد كل شقائه وتوتراته بيدين حانيتين كانت تدخرهما دائمًا له وحده. تغيب للحج.. يدخل أبي غرفتها ويخرج دون أن تكون له حاجة واضحة سوى التعطر ببعض رائحةٍ لوجودها رغم الغياب ليطيِّبَ بها خاطر الأيام. يدفع باب بيتنا بقوة غير كافية وتتحسس عينيه كل شبر في دارنا بحثا عنها... ثم يكتفي بالجلوس على سلمة السطح الملاصقة لغرفتها طالبًا كوبًا من الشاي لم يكمله كل مرة على غير عادته حتى رجعت.

صبر أمي وعبارات كثيرة عن رضا الرب وفضله وعدم تخليه عنا شكلا أجمل قطعة أرابيسك في شرفةٍ كان أبي يطل على الحياة من خلالها بالقرب من موضع جلوسها في الصالة. يدهشه الخير الكثير حولها دون أدنى علاقة بكم ترك لها من النقود حتى نسي عادة ترك النقود قبل السفر. يمرض، فتفترش الأرض قبالته على السرير كي لا تضيع لحظة دون اطمئنان عليه.... حتى الآن تشد الأرض أمي للجلوس- طفلٍ يشد يد أبيه باتجاه قطعة الحلوى المعلقة هناك بالدكان- متجنبة الأرائك والكراسي وكأنها لا ترى في الجالسين بكل الأماكن التي تعرفها سواه. فتلمس يده أو تمرر بخور أصابعها الحانية على ساقه حتى ينام.

على لوحٍ بكُتّٓاب الشيخ عبد الحي تهجاها أبي؛ حبيبة مزركشة بأمومة ما... وعلى جدران بيتنا القديم وكل بقعة فيه تعلمناها: ألف باء تاء حياتنا ... نلضم بها كل مشاعرنا.. نبردها لمن نحب حروفًا بطعم ملامحها الطيبة.. ندفئ بها كل شتاءاتنا وننشغل دون أن ندري بحاجتها للدفء على سطور كراسات طفولتنا المهملة...

يتركنا أبي بأشد ألوان الوداع وجعًا... وتجلس أمي بيننا. يبهجنا الحديث عن أبي وعن شقاواتنا ومشاغباتنا له: " ذكاؤنا من عائلة أمي، عائلتك متواضعة المواهب!!".. يقاطعنا مهددًا بطردنا جميعًا من بيته.. فنبدي موافقة مصطنعة تُجبره على الضحك الذي لم يحجب أبدًا عدم رضاه الطفولي عن مداعبتنا تلك التي تكررت كثيرًا. نتذكر ونتذكر ولا يتوقف الكلام بينما أمي تمرر يدها على ساقه وتنظر إليه نائمًا على السرير أمامها، يخيفنا شجن شرودها.. نسارع لوأد دموعها بمشاغبات طازجة أكثر صخبًا، بينما تنتفض أمي غاضبة طالبة أن نكف عن الضجيج كي لا نوقظ أبي، معلنةً أنها ستقوم كي تعدَّ له كسرةً من الخبز الملدن مع كوب الشاي الساخن جدًّا الذي يفضله بمجرد الاستيقاظ....

محمود عبد الغفار غيضان
19 ديسمبر 2012م
moodghidan@yahoo.com



#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهد غير متقطعة لطفولة غيضانية
- مشاهد من طفولة غيضانية: مشهد داخلي
- دهاليز عالم ثالث
- أم فرحات (من حكايات غيضان الحكيم)
- مِن نسْلِ غيضان الحكيم
- إنهم يلعبون -السيجه- في بلد غيضان الحكيم.
- سيجه
- عندما غضب غيضان الحكيم (من حكايات غيضان الحكيم)
- جنازير النهضة (من حكايات غيضان الحكيم)
- عودةُ الضَّخَّاخ ( على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- عودةُ الضَّخَّاخ (على هامش: ما أشبه العتبة بالسيدة)
- حلم -أبو الشِّهيبْ-
- طاقية أبي
- شَالُ جَدِّي
- عالمٌ ثالث
- عالمٌ ثالثٌ مختلف
- عم عليّ رضوان والفرَّاز


المزيد.....




- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...
- أسبوع السينما الفلسطينية.. الذاكرة في حرب الإبادة
- سينما: فرانتز فانون...الطبيب الذي عالج جراح الجزائر وناضل من ...
- -وئام وسلام-.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور) ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبد الغفار غيضان - -الحاجة-.. -أم محمود- و..- لقب آخر محبب-