|
تناقضات أصحاب عبارة - الا رسول الله- !
مهند حبيب السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3865 - 2012 / 9 / 29 - 18:08
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الشرق الاوسط ينفجر مرة اخرى!...ولكن هذه المرة بسبب فلم " سيء ومبتذل " نُشر على موقع اليوتيوب يصور النبي محمد بصورة وقحة...انها لحظة منذرة بالشؤم...هذا هو تعليق استاذ الاعلام النفسي في لوس انجلس ستيورات فيشوف اثر ماحدث من مظاهرات وهيجان مازالت مستمرة أصدائه في انحاء متفرقة من العالم، وخصوصاً في دول شرق اسيا التي وصل بعض منها حد لامبرر له اطلاقا متجسدا في مقتل واصابة العديد من الاشخاص( 20 قتيلا و200 جريح) فضلاً عن الاعتداء على بعض سفارات الدول الغربية وتخريب الكثير من الممتلكات العامة والخاصة. بالطبع ان مقام النبوة عند المسلمين امر مقدس لايقبل الشك ، والاسائة له، سواء عن طريق النقد او السخرية والتهكم، أمر غير مقبول بتاتا، ويستوجب ايقاد الغضب عند اي مسلم.. لكن هنالك فرق فرق بين الغضب والهيجان ! كما يقول السيكولوجي ومن اشهر المعالجين في امريكا الدكتورباروتون كولدسمث، ومافعله الكثير من المسلمين في هذه التظاهرات هو الهيجان والصراخ غير المقبول متناسين أن الشديد هو من " يملك نفسه عند الغضب " كما يقول النبي الاعظم عليه الصلاة والسلام. مبدئيا موقف رد الفعل من نقد الدين ليس بمقتصر على المسلمين فحسب، فكل من اتباع الديانة اليهودية والنصرانية لديهم مواقف واحدة ضد الكفر على حد تعبير الباحثة رينيه كارنفينكل، لكن هذا الموقف يتخذ له تمظهرات متعددة ووجوه مختلفة وتجسيدات متنوعة تعود في مجملها الى الشخصية التي يحملها كل فرد وكيفية تشكّلها ومدى فهمه بعد ذلك للشريعة والدين وكيفية دفاعه عنهما. والمسلمون الذين تظاهروا ضد الفلم ومنتجه رفعوا شعار" الا رسول الله " في اشارة منهم الى ان الرسول خط احمر ولاينبغي التجاوز عليه وعلى شخصه من قبل الاخرين، وهو شعار وعبارة يبدو للوهلة الاولى صائبة ولاتشوبها شائبة ويخفي معنى شرعيا لا اعتراض عليه، الا ان التعمق في مضمونه والتدبر والتأمل في احوال من يحملوه واستقراء سلوكياتهم يؤدي بنا على الفور الى مراجعة اصحاب هذا لشعار وحقيقة حمله اياه عبر النظر لمنهج العمل الذي يحملوه وحركتهم الفعلية في حياتهم التي يجب ان تكون مرآة وتجسيدا حقيقيا لعبارة " الا رسول الله". لكن من وجهة نظري ان هذا حملة هذا الشعار هم مخادعون وفيه مواقفهم الكثير من التناقض خصوصا اذا ما استقرأنا مافعلوا تجاه موقف اخرى كان ينبغي عليهم ان يكون لديهم موقف يكون منسجما مع شعار " الا رسول الله "، لكن هؤلاء على العكس من ذلك اسائوا لا الى الرسول فحسب بل الى الدين الاسلامي وسمعة المسلمين ايضا من خلال : اولا: سلوكياتهم الغوغائية في هذه التظاهرات وما ارسلوه من رسائل سلبية للعالم الاخر حول همجية بعضهم وما مارسوه من عنف وتهور جعل الاخرين في الغرب يكرسون الصورة النمطية التي لديهم حول الاسلام والمسلمين فضلا عن تناسيهم القضية التي تظاهر المسلمين من اجلها. ثاثيا: سلوكياتهم قبل هذه التظاهرات من خلال مواقفهم التي أظهروها تجاه مجمل القضايا الدولية والعربية والاقليمية وخصوصا فيما يتعلق بتأييدهم للارهاب وقياداته في العالم، اذ يؤكد توماس فريدمان على ان 50% من المسلمين قد صفقوا لمن قاموا بتفجيرات 11 ايلول وكل اعمال القتل ضد الغرب ، بينما 50% ادان العملية بقوة، وبحساب يقوم به فريدمان حول عدد المسلمين في العالم واعمارهم فانه يصل الى نتيجة ان "حوالي 120 مليون مسلم عباردة عن قنابل انتحارية" كما يقول الباحث الياباني ساتوشي كانازاوا. وحتى لو فرضنا أن الرقم الذي قدّره فريدمان غير صحيح ومبالغ فيه، وهو امر ممكن ووارد، الا اننا لايمكن ان نتغاضى عن العدد الكبير من المسلمين ممن يؤيدون العمليات الارهابية وما يسمى بـ" الجهاد "، و" العمليات الجهادية" الكاذبة التي استهدفت الابرياء والاطفال والشيوخ والنساء كما حدث ذلك وما زال يحدث في العراق. قبل ان نفحص حقيقة حملة هذا الشعار ، علينا ان نؤكد على ان التظاهرات التي حدثت في العالم العربي والغربي لم تكن جميعها تخريبية ارهابية حمقاء، فالكثير من التظاهرات كانت سلمية وحضارية ولم تتجه للعنف او تقوم بتخريب الممتلكات العامة والخاصة ولا تطاولت يدها على الاخرين وقامت بقتل امريكي او اي مواطن غربي، لكن هنالك تظاهرات كانت اقرب للجنون منها للعقل والهدوء والتحضر، وقد أدت التظاهرات الاخيرة الى: 1. تقديم صورة سيئة عن الاسلام من قبل هؤلاء الذين استخدموا العنف في التظاهرات بينما كانوا يرفعون شعارات ولافتات اسلامية. 2. تاكيد الصورة النمطية عن المسلمين من قبل الغرب الذين يجدون فيه جماعات تمارس العنف ولاتتسامح مع غيرها. 3. توفير المادة الأولية لــ" نيقولا باسلي " ومن قبله " كيرت فيلدرزو " تيري جونز " وأمثالهما للطعن في الأسلام وتعاليمه التي قام هؤلاء المتظاهرين بالاسائة لها. تعالوا معي الان نفحص ونحقق في اوضاع من يرفعون شعار" الا رسول الله " ماذا فعلوا للرسول الذي غضبوا من اجله، وماذا رسموا لدينه من صور اصبحت لدى الاخر المتلقي تشكل نمطا عاما لعامة المسلمين الذين يعيشون اوضاعا مأساوية من الناحية الاجتماعية والسياسية والحضارية والنفسية لايمكن ان نعزلها، مهما حاول البعض بشكل غير علمي ولامنهجي مدروس، عن التاثير على ثقافة وشخصية المسلم الذي يعيش في هذا البلدان وعلى سلوكياته وما هو متوقع منه من ردة افعال ازاء حوادث معينة تحاول استفزازه وتفجير مكبوتاته لاسباب عديدة ربما يكون الدين اخرها. المسلمون في حقيقتهم كانوا المادة الاساسية التي يصنع منها هؤلاء النكرات افلامهم، وقبل اربعة سنوات قام النائب الهولندي اليميني المتطرف كيرت فيلدرز بانتاج وصنع فلم يسيء فيه للاسلام وهو الفلم التي ذكّرني مباشرة بعشرات بل مئات الأفلام التي بثها الأرهابي أبو مصعب الزرقاوي في العراق وبرغم ذلك لم نر مظاهرة ضد الزرقاوي مثلما تظاهر المسلمين ضد فلم فيلدرز، ولم يهتز شعر وابدان الكثير من المسلمين من دناءة وهمجية افعال الزرقاوي والقاعدة في العراق مع العلم ان التظاهر السلمي الحضاري ضد تشويه سمعة الاسلام الذي اساء له اسامة بن لادن والزرقاوي وغيرهم من رؤوس الارهاب افضل من التظاهر ضد فلم فيلدرز او فلم " براءة المسلمين" وعلى النحو الذي صاحبه من هيجان رافق بعضه تخريب وقتل وتدمير. اين حملة شعار " الا رسول الله " والعراقيون يقتلون يومياً بفعل العمليات الأرهابية التي تتم بأسم الدين ؟ ...أطفال ونساء وشيوخ يقتلون يومياً، وتحت راية لا إله إلا الله، وتحت ضربات القاعدة وهي ترفع شعارات الأسلام عند كل ضربة "جهادية " لم يسلم العراقيون منها حتى في شهر رمضان الفضيل ذي الحرمة الكبيرة لدى الجاني والضحية !. أين تنديد حملة شعارا " الا رسول الله " من افعال تنظيم القاعدة في العراق والعالم العربي وتفجيراتهم في دول اوربا ؟ ولماذا يصمت حملة شعار " الا رسول الله " ازاء احداث تسيء للاسلام من قبل بعض المسلمين وكان الاولى منهم التظاهر والتنديد بهكذا سلوكيات همجية لكي يقولوا للعالم ان هؤلاء الارهابيين ليسوا الا ثلة شاذة من المسلمين ؟ فيلم تافه رخيص لايخضع لاي معايير النقد الفني لحقارته وضئالة منزلته الفنية أشعل النار في المتظاهرين وصَّعد من غيرتهم على النبي وثاروا وصرخوا وكسروا ودمروا من اجله كما يحسبون ! ولم تثار غيرتهم ودينهم واخلاقهم على دين الاسلام ورسوله الكريم وهم يرونه قد تم تشويهه على يد التنظيمات الجهادية التي عاثت فسادا وقتلا وتخريبا في بلاد المسلمين والغرب على حد سواء!. أين غيرة المتظاهرين في تونس ومصر والسودان وليبيا والأردن وفي باقي الدول الأسلامية على الدماء الزكية التي تهرق في العراق كل يوم ؟ لماذا لم تثر منظر الدماء والاشلاء المتطايرة بفعل العمليات الارهابية الانتحارية للجهاديين " الاسلاميين " حفيظة أولئك الذين يخرجون اليوم دفاعاً عن رسول الله ... وما هو معنى حب رسول الله من جهة وقتل محبيه واتباع اهل بيته الكرام من جهة اخرى ؟ اي نفاق وتناقض وامراض نفسية واحقاد مريضة يحملها هؤلاء ممن يرفعون بيد شعار " الا رسول الله " ويقتلون بيدهم الاخرى المسلمين من خلال رضائهم عمن يفجرون في العراق وفي بقية انحاء العالم.
#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقالات بحثية / الجزء الرابع- الفرق بين الحب والشهوة !
-
وما علاقة السفارة البريطانية بالفلم المسيء ؟
-
عالي نصيف..-مهلا - مع الاخوة في الكويت!
-
الكذب والغش والسرقة!
-
ثقافة ال آي باد(iPad) في العراق !
-
ناجي عطا الله ...مغالطات واخطاء بحق العراق !
-
مقالات بحثية..الجزء الثاني..علاقة الأفلام الإباحية بالكآبة !
-
بريطاينا ...وابو قتادة...صراع التحضر والتطرف !
-
إستجواب المالكي..الحل الاخير والوحيد !
-
جواد المالكي بديلاً عن نوري المالكي !
-
أسقاط المالكي برلمانياً وبقاءه سياسياً !
-
لاتخسروا مقتدى الصدر !
-
فلسفة الشيعة في مواجهة الموت !
-
عجائب البرلمان العراقي السبع !
-
لاتخسروا مسعود برزاني !
-
مقالات بحثية...الجزء الاول / إدمان الفيسبوك!
-
الديلي ميلي تفضح الملك البحريني !
-
العراق سيقود العرب...افتتاحية بلومبرج الأمريكية !
-
ستيف جوبز...وكلمات علي بن أبي طالب !
-
العراق ومؤشر الفساد العالمي لعام2011 !
المزيد.....
-
بزشكيان يصل القاهرة في ثاني زيارة لرئيس إيراني منذ 45 عاما
-
الجيش الإسرائيلي يتوقع زيادة عدد المعاقين في صفوفه إلى 100 أ
...
-
من هو محمود فتحي الذي ظهر مع رئيس هيئة تحرير الشام في سوريا؟
...
-
الرئيسة الجورجية المنتهية ولايتها: -يجب على أوروبا إيجاد الق
...
-
لبنان يحتفل بعيد الميلاد بعودة المغتربين وأجواء من الفرح وال
...
-
قصص نجاح ـ شباب عرب يحصدون جوائز عالمية عام 2024
-
ناشط سياسي جزائري يرد بالأدلة على تعليق وزير الخارجية الفرنس
...
-
تقرير عبري يكشف جرائم مروعة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في محو
...
-
ليبيا.. ممثلو النواب والدولة يستعدون لتوقيع اتفاق نهائي لتشك
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط 7 مسيرات أوكرانية في سماء بريان
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|