|
نفطُنا .. وتفسير الأحلام
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 11:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النفط .. الذي طالما كانَ نقمةً على العراق خلال الخمسين سنة الماضية .. حيث اًستُخْدِمتْ مواردهُ الهائلة ، بواسطة الحكومات المُغامرة والفاسدة .. في حروبٍ عبثية ، داخلية وخارجية .. وهدرها في عملياتِ نهبٍ مُنظَمة ، مِنْ قِبَل الزعماء وبطاناتهم والمافيات المُستفيدة .. هذا النفط نفسه .. مازالَ حتى اليوم ، يُشّكِلُ .. بُؤرةً للتوترات وأحد الأسباب الرئيسية ، للإضطراب وعدم الإستقرار الداخلي .. بل وإحتمالات التصعيد الخَطِر .. ولا سيما بين الحكومة الإتحادية وأقليم كردستان .. وكذلك عاملاً مهماً في الصراعات الاقليمية المحيطة بالعراق عموماً . فالنفط سلاحٌ ذو حَدّين .. فإذا كانتْ الموارد المتأتية منه .. تُصْرَف بعقلانية وحُسْن تدبير ، وهدفها النهائي هو توفير الرفاهية للشعب وتأمين حياة كريمة للأجيال القادمة .. ومن الطبيعي ، ان ذلك يتطلب ، إدارة حكومية نزيهة وتخطيطاً سليماً وشفافية عالية " وهو ما لَمْ يتوفر للعراق طيلة النصف قرن المنصرِم " .. أو تقع هذهِ الموارد الكبيرة ، بيد الطُغَم الفاسدة والمُغامرة .. فيستغلونها ، لمطامعهم الشخصية والفئوية الضيقة وتثبيت حُكمهم البعيد كل البُعد عن الديمقراطية والعدالة .. وذلك ما يحدث عندنا في العراق حتى الآن .. ولو بدرجاتٍ متباينة . لو إفترضْنا ان مرحلة الحكم الدكتاتوري الفاشي ، قدْ وّلتْ وإنتهتْ في نيسان 2003 .. فها ان حوالي العشر سنين مّرتْ منذ ذلك الحين .. عقدٌ من الزمن ، كان كافياً .. ليسَ لتحويل العراق الى بلدٍ مُتقدِم .. ولكن على الأقل .. لوضع اُسُسٍ متينة لبناء بلدٍ جديد ، والتخلُص تدريجياً من أمراض الماضي والبدء بتشييد دولة مؤسسات وفق نظامٍ يحكمه القانون ويسري على الجميع . ولكن للأسف الشديد .. لم يحصل أي شئ من ذلك .. وإنما الذي جرى .. كان على اُسُسٍ خاطئة منذ البداية .. وتكرسَ الفساد وإنتشر بمدياتٍ غير مسبوقة .. بحيث ان العلاجات والحلول المُقترحة اليوم .. هي مُجرَد ترقيعات مؤقتة ، تُقّنِن المحاصصة وتتواطأ ضمناً على تقسيم الثروة بين الكيانات السياسية الحاكمة .. وليستْ مَعنِية أصلاً بمصالح الشعب والوطن !. ان هذهِ الهِبَة التي وهبتْها لنا الطبيعة .. اي النفط .. تشبه " العقل " الى حدٍ ما .. فجميع البشر لديهم عقول .. لكن الفرق .. ان هنالك اُناساً يستعملون هذا العقل لتطوير أنفسهم وتطوير البشرية جمعاء .. وآخرين خاملين .. لايستخدمون عقولهم .. وإذا صادفَ وإستخدموها .. فلغاياتٍ أنانية وأهداف ضيقة ! .. ونفطنا كذلك .. فبغداد ، التي جَنَتْ أموالاً خرافية من واردات النفط خلال العشر سنوات الماضية .. لم تفعل بها شيئاً ملموساً يُطّوِر البلد ولا سببتْ رفاهية للشعب ولا جعلتْ الأمن مُستتباً .. بل ان أحزاب الاسلام السياسي الحاكمة .. تمادتْ في تكريس الفساد بأنواعه .. وإستغلتْ السلطة أبشع إستغلال .. في سبيل تكديس الاموال وهدرها حسب أجنداتها المشبوهة . وإذْ أصبحتْ البُنية التحتية للبلد مُدمرة بشكلٍ شُبه كامل ، بعد نيسان 2003 نتيجة الإحتلال والفوضى غير الخلاقة .. في العراق .. فأن أقليم كردستان لم يتعرض لأي تدمير في 2003 .. وكانتْ فرصة الأقليم أكبر بكثير .. للإستفادة من حصته من واردات النفط الهائلة .. غير ان الذي جرى .. لم يكن بالمُستوى المطلوب على الإطلاق .. بل ان الأحزاب المسيطرة على الحُكم في الاقليم .. وبدلاً من بناء دولةٍ حديثة وقوية مُعتمدة على نفسها إقتصاديا وقادرة على مواجهة التحديات ولاسيما الامن الغذائي .. وبدلاً من تطوير الزراعة والسياحة والصناعة المحلية .. فأنها إرتمتْ في أحضان دول الجوار وخاصة تركيا وايران .. مُسّلمةً ذقنها الى هاتَين الدولتين ! .. وبدلاً من إجراء إصلاحات جذرية وبناء المؤسسات الديمقراطية الحقيقية وتداول السلطة وتوزيعٍ عادل للثروات والشفافية والنزاهة .. فأنها أي الأحزاب الحاكمة في الاقليم .. أنخرطتْ في إحتكار السلطة ، وإفراغ المؤسسات الدستورية من محتواها كالبرلمان ومجالس المحافظات .. والتعتيم المتعمد على الامور المالية ولاسيما ملف النفط والغاز والغموض الذي يلف العقود والكميات والموارد ومصير هذه الاموال ... الخ . ..................................... قرأتً في الفيسبوك قولاً أعجبني ولا أتذكر قائله : " هنالك فرقٌ بين شعبٍ مُنشغِل ب [ تفسير الأحلام ] .. وبين شعبٍ آخر مُنشغِل ب [ تحقيق الاحلام ] ! " . الشعوب الحية بأحزابها السياسية ومنظماتها المدنية وصحافتها وقوانينها .. شعوبٌ تسعى وتعمل على تحقيق أحلامها .. أما نحن ولغاية اليوم .. فأننا نقضي جُل وقتنا في تفسير الأحلام !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لتذهب بغداد الى فخامة الرئيس
-
العراقيين .. والفوبيا
-
بين العَرَب والكُرد
-
مُقاربات كردستانية
-
أسئلة .. ينبغي أن لاتطرحها
-
أحاديث صبيحة العيد
-
عُذراً .. غداً ليسَ عيدي
-
سوريا والعراق
-
- خضير الخُزاعي - المحظوظ
-
آباءٌ .. وأبناء
-
بعض ما يجري في الواقع
-
قادة الكُتل السياسية .. وعيد الفطر
-
هل ينبغي ان يثق الكُرد بتُركيا ؟
-
طيارون ف 16 على الطريقة العراقية
-
- آغوات - العملية السياسية العراقية
-
عِزاز .. والله عِزازْ !
-
- أوغلو - في كركوك !
-
إطمَئِنوا .. لا خطر عليكُم مِنّا !
-
وَلَدي .. والحكومة
-
الجولان .. أهدأ منطقة في سوريا !
المزيد.....
-
بعد لقاء ترامب.. هذا ما قاله نتنياهو عن العلاقة مع تركيا وال
...
-
ترامب يخطط لإقامة عرض عسكري في واشنطن في عيد ميلاده
-
مستوحاة من جنائن بابل المعلقة.. ما هي -الزراعة الرأسية-؟
-
جدل علمي حول تسخين الشاي في الميكروويف
-
عالم أوبئة روسي: تسجيل 40 ألف إصابة بالكوليرا في لبنان العام
...
-
إدارة ترامب توقف تمويل برامج الغذاء الطارئة في 13 دولة
-
طبيب يحذر من خطورة آلام الفك الصباحية
-
برلمان إستونيا يدرس السماح للقوات المسلحة بإغراق السفن المشب
...
-
ترامب: السيطرة على غزة أمر جيد فلماذا تخلت عنها إسرائيل أصلا
...
-
هكذا يستبيح المستوطنون حقول الفلسطينيين بالضفة
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|