|
التنكر في زمن الانتخابات
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3714 - 2012 / 5 / 1 - 22:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التنكر في زمن الانتخابات كتب مروان صباح / قد يتحدث المواطن المصري مع ذاته ويتساءل عن ما يحدث اليوم على خشبة المسرح السياسي الانتخابي للرئاسة بأن ما يجري من تنافس لاسترضاء الناخبين قد يكون من ضرب الخيال في وقت كان ليس ببعيد بل حتى جميع من خاضوا معركة التغيير وتجرؤا في زمن النظام السابق بفتح افواههم وطالبوا علناً بالحرية والعدالة وبانتخابات حرة نزيهة لم يتوقعوا أن هذا المشهد سيتحقق في يوماً ما وهم على قيد الحياة ، رغم أن العملية ما زالت في اطار رجال النظام المخلوع والجماعة التي سعت منذ الملكية على تصدر الحركة السياسية في البلاد . هذا الكلام ينعش القلب لكن ما يدركه عقلنا هو عدم وجود أي مؤشرات عملية على الأرض حتى الآن تدلل على تحولات باتت أن تكون ممكنات فقد شهدت مصر في عهد الملكية والانتداب حرية برلمانية أتسمت بالبحبوحة وارتفع فيها منسوب التعبير ووضعت قنوات محددة تراقب المال العام وأحرزت الأحزاب تقدم في احياء المُسائلة بهدف ازاحة عنها قابوس الاستبداد ، لكن تحالف المخفي شكل قوة بين الاستعمار والاستبداد أدى إلى إفشال محاولات انتشال البلاد من القاع التي وصلت به من الفساد والمفسدين ، إلا أنها رغم الهراوات الغليظة التي وضعت في نصف دائرة العجلات تمكنت الحركتين اللتين قادهما عرابي وزغلول أن يكرسا الطابع الوطني في الإنسان المصري وأهميته من اجل حماية النسيج القائم منذ زمن بعيد وضرورة المحافظة عليه بل من المهم تطويره في الاتجاه الذي يصعب للهراوات أن توقع الفتنة أو تكون السبب في التسلل لأحداث انشقاقات جغرافية تسعى في تحقيقها أيادي خفية الذي جنب البلاد المخاطر التي شهدتها وتعرضت لها في الماضي أو تلك التي تتقدم من خلال طبق حامله مجهول في حاضر أصبح الطرف الثالث متواجد بقوة ، لم تتأثر البلاد عندما انتقلت إلى حكم العسكر وتبنت مجموعة الضباط الأحرار النهج القومي العربي ظلت الوطنية المصرية تتفوق على ما كان يطرح بخلافها والتي حاولت القفز نحو إلغاءها تدريجياً إلا أنها كانت حاضرة بقوة خصوصاً عندما فشلت القومية في التوسع والتمدد عادت بكل سلاسة إلى مربعها الذي لم تتخلَى عنه لقوة الاعتقاد المغروز داخل كل فرد من خلال جرعات تدفقت على دفعات متباعدة حيث وصلت إلى عمق وجدانهم دون أن تتحول كالمعلبات ذات الصلاحية المحدودة . مفارقة المفارقات أن يعاد المشهد ذاته لكن هذه المرة مع اختلاف بعض الرتوش حسب متطلبات الحداثة المقلدة ليست ذات الثقافة النابعة من أصل الحضارة ، حيث كان التنافس في الماضي قائماً بين الطرابيش والعمائم بينما اليوم نراه ينتقل بين الخوذة والعمامة لكن بشروط العولمة الذي جعل من الطرفين أن يخلعوا الزى التقليدي ويرتدوا ملابس بمقاييس العصر ربما لمدة لا تتجاوز الانتخابات أو بعدها بقليل حتى يرجع كل منهما إلى سلوكه الطبيعي ، هي دعوة مجانية كي نراقب المشهد بسلاسته الشيقة لمن كان في مربع الطرابيش من يساريين وقوميين أو من أنعم الله عليهم ببعض ماله وتحولوا إلى قوة اقتصادية أفرزت مؤسسات وشخصيات سياسية تتكلم باسمها مما جعل فرقاء الأمس يتحالفون بشكل قسري من ضيق البدائل ليختلط حابل النظام السابق بنابل معارضة البارحة التي أخفقت للتو في انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة وسجلت فيها أعلى المشاركات الشعبية في تدفقها على صناديق الاقتراع الذي يعكس الوضع المزري لدى المعارضة وسياستها الداخلية التى مازالت غارقة في المزاجية والإقصاء لفئات شبابية فيما تقدمت العمائم بمختلف ألوانها وتربعت على أغلب مقاعد الشعب بعد صراع تخلله بعض العنف عبر العقود . ينقسم في الواقع المرشحيين إلى قسمين من أصول الأخوان ومن النظام السابق باستثناء البعض وربما من غير المنطق أن تكون هذه الفترة القصيرة قد أحدثت تغيير جذري في المزاج العام مما أدى إلى طوي صفحة الماضي القريب والانقلاب عليه بما تحمله الكلمة من معنى إلا أن المخاض عسير ومازال لم يكتمل والأيادي الخفية طويلة وضاربة في الأعماق وعلى جميع الأصعدة لكن هناك حقيقة راسخة لا يمكن لأحد القفز عنها خصوصاً من يزاحم على كرسي الرئاسة بأن لم يعد الناس بتلك السذاجة السياسية أو الأمية الوطنية التى تتيح لمن يرغب السباحة على الرمل أن يفوز من خلال التدليس فهم أدرى بشعاب بلدانهم وعلى وعي جاد بكل ما يجري بسبب ما تجرعوا من المرارات أدت إلى تحويلهم من حالة المستغرقين إلى المتربصين الذي دفعهم إلى النزول في غضون ساعات من جديد إلى الميدان رافضين بشكل قاطع محاولات التلاعب على ذات الأوتار المهترئة لأن من يمتلك صندوق أسود لأبناء بلده لديه ما يكفي من الملفات لكن في صناديق سوداء خارج جغرافية وطنه . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقابر فاضت وابتلعت المدن
-
القيامة بصياغة بشرية
-
توهموا الصغار بأنهم أنداد للكبار
-
قبيحة وتزداد قبحاً
-
عواصف تخلع النوافذ بعد الأبواب
-
انتحر الحب
-
الجميع متهمين على أن تثبت براءتهم
-
بافلوفية
-
أحياء لكنهم شهداء
-
بين الأشباه والسعاديين
-
أصوات بُحّت لفرط الصراخ
-
منطقة الصفر
-
الأردن لا يخذل من قدم وكرس حياته له
-
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
-
مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
-
أنوف متدربة على الاشتمام
-
الإبادة من أجل الإغاثة
-
أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
-
الطغاة لا يتعلمون
-
صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
المزيد.....
-
تعرفة ترامب.. السعر المتوقع لهاتف آيفون إذا صُنع بأمريكا
-
منها 5 دول عربية.. مصدر يكشف لـCNN عودة عمل الوكالة الأمريكي
...
-
شقيقة كيم جونغ أون تسخر من دعوات واشنطن وحلفائها لنزع سلاح ب
...
-
هل العالم على موعد مع جائحة جديدة؟
-
روسيا.. اكتشاف طريقة لتقليل ضوضاء محركات الطائرات
-
اكتشاف مجموعتين من المواد المضافة للأغذية تعمل على تطور داء
...
-
ترامب يزرع شتلة MAGAnolia لتحل محل شجرة عمرها 200 عام في ال
...
-
مدفيديف يدعو ترامب لمعاقبة -مستنشقي الكوكايين بشارع بانكوفا-
...
-
بلدية غزة: توقف خط مياه -ميكروت- ينذر بكارثة إنسانية
-
صحيفة فرنسية: الصاروخ الأسرع في العالم يهدد الغرب
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|