|
لا تخف، إن المال معنا
شبلي شمايل
الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 13:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو جليا أن السيد حمد بن جاسم قد تعب من اللعبة السورية ولم يعد يحتمل أن تطول أكثر. فقد ملّ رؤية نفس الأشخاص وسماع نفس الأخبار وكأي مراهق يتعامل مع المرأة والسياسة والكحول والكلينكس بنفس الطريقة، فقد قرر أن يسير على إيقاعه الخاص ولوحده هذه المرة. ويذهب لمجلس الأمن بدون أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي يحاول مقاومة الإغراءات حتى لا يحرق كل أوراقه منذ العام الأول لولايته. إن كون القضية السورية عند حمد، هذه الشخصية الباثولوجية، تشبه أية لعبة لشخصية بارانوئية، جميلة في البدء مقبولة في المنتصف ومملة في الفصول الأخيرة، فقد قرر أن يمر من سرعة 100 ميل بالساعة إلى سرعة 300 ميل بالساعة. ورغم أن نظيره الفرنسي قد انعزل على نفسه بتصريحات نارية تحرق أصابع صاحبها بعد أن تركه ساركوزي يرقص وحده في الحلبة الشرق أوسطية وذهب لخوض معركته الإنتخابية، ورغم أن نظيره التركي أوغلو قد اكتشف أن "الجيش الحر" لعبة في غاية الخطر لأن المتطوعين العرب من الخليج وليبيا فيه من السلفيين الجهاديين الذين فجروا في اسطنبول وأنقرة أكثر من مرة، والمتطوعين الإسلاميين السوريين أكثر من المنشقين، وأن ما لا تستطيع تركيا استيعابه من متطرفين، يقوم حزب التحرير وشركاه في طرابلس باستقطابه. فما زال حمد بن جاسم يعتقد بأنه سيد اللعبة، وأن بإمكانه أن يستحضر الناتو كما استحضر أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة لقطر لإكمال الثلاثي القطري البائس: الجزيرة، القاعدة الأمريكية، القرضاوية. لا يمكن لهذا التاجر الربوي الذي يتقاسم مع حمد بن خليفة أهم المشاريع الاقتصادية في المزرعة القطرية، أن يتصور أن الشعب السوري أكبر بكثير من أمواله. وأن هذا الشعب ليس حفنة من طالبي المال الخليجي. ولهذا ينظر للثورة السورية من نافذة واحدة: هي صفقة، مثلها مثل شركة الطيران القطرية، صفقة تعزز دوره كسمسار دولي في الربيع العربي، سمسار قادر على لجم الثوريين باسم الثورة وشراء الضمائر باسم المغتصبات الحرائر وزج أشباه المعارضين في خطط الناتو والأمريكيين. في يوم واحد، تناغم هائل بين قناة الجزيرة ومجلس اسطنبول وسفر حمد بن جاسم لتدويل القضية السورية. الجزيرة تعلن أن المعارضة السورية تطلب إحالة الملف السوري لمجلس الأمن، فيصل القاسم يتصل بأحد زبائنه المعتادين في برنامجه الأسبوعي (أنور مالك) ويطلب منه ترك بعثة المراقبين والقدوم إلى الدوحة، ويتصل بموظف أمن الدولة السابق في رئاسة الوزراء ووكالة الأنباء السورية والملاحق في جريمة اختلاس أموال الدولة (بسام جعارة) لكي يلتحق بالدوحة للهجوم على أصحاب الحل العربي الرافضين للتدويل، تسع مداخلات تلفزيونية للمجلس الاسطنبولي تطالب بالتدويل حتى أن جورج صبرا رفع عدد الشهداء اليومي إلى 300 شهيد. بيان من مجلس اسطنبول يطالب بالتدويل، بأمر من القرضاوي حركة الأخوان المسلمين في سورية تعتبر تدخل الناتو أمرا ضروريا لحماية المدنيين. مؤتمر صحفي لبرهان غليون دائما من اسطنبول يقول فيه بأن النظام أنهى المبادرة العربية ويطالب بالسفر إلى مجلس الأمن، وبعد ساعات من التغطية السياسية والإعلامية لخطوات حمد بن جاسم، يصل سوبرمان العرب والعجم إلى أمريكا ويعلن فشل المبادرة العربية وضرورة تدخل مجلس الأمن. كم هو جميل هذا التنسيق والعزف المشترك على أقدام حمد بن جاسم وعلى أوتار الناتو. ما هي هذه القدرة العجيبة لهذا الرجل التي تجعل غليون وقضماني والمالح ورمضان والنشار والمطيع والعبيدة والعبدة بل ورياض الترك يركعون على أقدامه؟ كيف تحول علمانيون مثل برهان غليون وصادق جلال العظم وياسين الحاج صالح لمروجين للحل القطري؟ هل أصبح النوم في فنادق السبع نجوم ضرورة ثورية؟ هل أصبح امتلاك رصيد مصرفي كبير واجب نضالي؟ هل تحولت معارضة اسطنبول إلى بوق لحمد بن جاسم؟ أليس هذا الإنحطاط هو الذي يعطي بشار الأسد القوة من جديد ليعود ويتحدث في الإرهاب والمؤامرة ؟ وأي سوري شريف يمكن أن يثق بمعارضة يصرف الواحد فيها في يوم وليلة ما يكفي لمساعدة ابن شهيد لعام؟ إذا نجح الإسفلت الخليجي الأسود في تسويد صورة الثورة، فسيضطر الشعب السوري لدفع فاتورة مضاعفة من أجل الإنتصار، فاتورة الوقت الضائع في اكتشاف الدور الخليجي المدمر للثورة واكتشاف من باعه من أبناء جلدته بأبخس الأثمان !!
#شبلي_شمايل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروعان من أجل سورية
-
بغال السلطة وسلطة البغال
-
العدوان الثلاثي
-
قضم الثورة وقسم الثوار
-
المقاولون العرب والثورة (3من 3)
-
المقاولون السوريون والثورة (2من3)
-
المقاولون السوريون والثورة
-
قبل تقاسم الكعكة المسمومة في ملعب الوهم
-
ثورة ديمقراطية أم انقلاب يميني ؟
-
يريدون اغتيال الثورة
-
الأفغانية الثانية والعثمانية الجديدة
-
السوريون الأمريكيون: قراءات في السيرة الذاتية
-
من أجل إنقاذ الانتفاضة
-
أيها القتلة.. اتركوا لنا الحق في الحياة
-
سورية في الإعلام ليست سورية في الواقع
-
رأفة بالشهداء يا إعلام الكذب وأدعياء الدور الوهمي
-
انتفاضة الكرامة في درعا : سلمية تقدمية
-
تحقق وكن أعمق يا كريشان
-
الإسلام الأمريكي في المهجر السوري
-
الثورة التونسية والإسلاميون العرب
المزيد.....
-
الحوثيون يعلنون الاشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية -هاري ت
...
-
إسرائيل تمنع دخول نائبتين بريطانيتين خوفا من توثيقهما تجاوزا
...
-
أوباما يحث الأمريكيين على التصدي لسياسات ترامب والدفاع عن ال
...
-
كير ستارمر: العالم كما عرفناه انتهى
-
احتجاجات في محيط السفارة الأمريكية بتونس
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 4 شهداء و20 جريحا في قصف إسرائيلي على
...
-
آلاف السودانيين يفرون إلى جنوب أم درمان خوفا من قوات الدعم ا
...
-
عاجل | الحوثيون: قوتنا البحرية استهدفت سفينة إمداد تابعة لحا
...
-
-ارفعوا أيديكم-.. شعار احتجاجات حول العالم ضد ترامب وماسك
-
أفغانستان تشهد ازدهارا سياحيا
المزيد.....
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|