|
إنطباعات 2
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أسعفَني الحظ ، وخَدَمتْني الصُدفة ، بلقاء شخصيةٍ سياسية سورية كردية مُهمة .. حيث كان مُقيماً في نفس الفندق الذي كنت فيه . أبْلَغني صديقي بالنزول الى الصالة ، للتعرف على بعض الشخصيات .. إعتقدتُ انهم سيكونون إثنين او ثلاثة من مُثقفي ديار بكر ، لكنني تفاجأتُ بوجود أكثر من عشرة أشخاص .. سبقَ لي وأن تعرفتُ على ثلاثة منهم .. وكان الآخرون من كُرد سوريا ، وبينهم رجلٌ مُسن ، قالوا انه : حميد درويش . جلستُ بجانبهِ ، ولم أتصّور في تلك اللحظة بأن الرجل هو نفسه ، الذي قرأتُ عنه الكثير قبل أشهُر ، في الأنترنيت ، حين كنتُ أجمع معلومات لكتابةِ مقالٍ عن الاحزاب الكردية في سوريا ... وبعد إكتشافي ذلك ... بادرتُ الى سؤاله عن الوضع في سوريا ، وعن توقعاته بإحتمالات عقد المؤتمر القومي الكردي ، وعن " برهان غليون " المُفترَض كونه مثقفاً يسارياً ، وموقفه السلبي من الكُرد في سوريا وتشبيههم بالجزائريين في فرنسا ؟ فقال : بأنه إلتقى مع غليون ، وان الرجُل أنكرَ ذلك وأن الإعلام حّورَ أقواله وشّوهَ مُحتوى كلماته للصحيفة الالمانية .. " عندها وصلَ رجُلان من وجهاء ديار بكر جاءا ، لإصطحابه الى دعوة عشاء حسبَ موعدٍ مُسبَق .. فإعتذرَ مِنّا وغادَر " . صباح اليوم التالي .. عدتُ الى الفندق من جولةٍ صباحية ، وكان السيد " عبد الحميد درويش " جالساً في الصالة مع شخصٍ آخر .. فسلمتُ عليهما وسألته هل أستطيع مشاركتكما ؟ . رّحبَ بكل بساطة وأريحية ، وأشْعَرَني وكأننا أصدقاء بإسلوبه الودي غير المُتكلف . قلتُ لهُ ، أود ان تحدثني عن بعض ذكرياتك .. قال : ان معظمها موجود في الكتب التي أصدرتها .. ولكني كنتُ اُحدِث الأخ عثمان ، عن لقائي الأول بالمرحوم " علي عسكر " وجولتي معه في الجبال والوديان .. فسألته عن إجتماعه الأخير مع الامين العام للجامعة العربية " نبيل العربي " قبل فترةٍ قصيرة .. فقال ، ان الرجل كان متجاوباً بصورةٍ ممتازة ، مع طروحاتنا ومتفهماً للمشكلة الكردية في سوريا . سألته ، هل هو متفائل عموماً بتغيير قادم في سوريا ، وهل ان هذا التغيير قريبٌ في رأيهِ ؟ .. قال : ليسَ أمامنا خيار إلا ان نكون متفائلين .. لقد بذلنا جهوداَ كبيرة في الأشهر الماضية ، وحتى قبل ذلك .. من اجل تقريب وجهات النظر ، ولَم الشمل ، وإيجاد أرضيات مُشتركة .. ليسَ فقط مع الفصائل الكردية الأخرى .. بل بين الكرد في سوريا ، وبين المُعارضة السورية عموماً . عبد الحميد درويش ... هذا الشيخ الجليل ، الذي يسعى حثيثاً لبلوغ الثمانين .. بدلاً من أن يُكّرَمَ على تأريخهِ النضالي الطويل ، وكُل ما قّدمه الى الحركة الوطنية السورية عموماً ، والكردية خصوصاً ، منذ شبابه المُبكر .. وبدلاً من أن يرتاح في سنواته الأخيرة .. فأنه لايستطيع العودة الى ديارهِ ، لأنه مُلاحَق مِنْ قِبَل النظام البعثي .. رغم ان درويش ، معروفٌ عنه ، جنوحه للسلام ، وحَل أعقد المشاكل بالتفاوض والتفاهم ، ومَيله الى إيجاد مخرج مُنصِف للقضية الكردية ، ضمن سوريا ديمقراطية حقيقية .. وتأريخه شاهد على ذلك ... ولكن هل يتحمل الوضع السوري المُضطرب ، والنظام الإستبدادي البعثي ، هكذا شخصيات سياسية مرموقة ؟!. عبد الحميد درويش ، رفيق " عثمان صبري " و " نور الدين ظاظا " ، الذين أسسوا معاً في الخمسينيات ، الحزب الديمقراطي الكردي .. وشارك بحيوية في النشاط السياسي منذ ذلك الوقت .. وحتى تبوأه منصب الامين العام لل " الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا " .. ونائب رئيس إعلان دمشق .. وله علاقات ممتازة مع معظم الساسة السوريين في المعارضة ، وحتى في الموالاة .. إضافة الى إرتباطه الوثيق المعروف ، مع الإتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه جلال الطالباني ، والقيادات الكردية العراقية الاخرى . هذا الرجُل الذي أرهَقتْه السنين ، بادٍ عليه التعب وآثار المُعاناة ، بمختلف أوجهها .. المعاناة المرضية ، وقسوة التعامل سواء من السلطات السورية ، أو حتى من بعض السياسيين الكُرد السوريين ! . فهنالك العديد من الشباب الكُرد في سوريا ، كما يبدو .. غير راضين عن أداء كافة رموز الطبقة السياسية القديمة التقليدية ، ويتهمونها بالنمطية ، وتبعيتها وموالاتها للأحزاب الكردية العراقية وحزب العمال الكردستاني .. وبالطبع هذه الإتهامات ، تشمل السيد درويش وحزبه ، ايضاً .. بدرجةٍ او بأخرى !. ........................................ ذّكَرني وضع السيد " عبد الحميد درويش " ، بالقادة الكُرد العراقيين ، في نهاية السبعينيات والثمانينيات ، حين كانوا يجوبون مُدن ايران وسوريا وغيرها .. بحثاً عن ملجأ ، وعن دعمٍ ، وأمل و تعاطف .. غير يائسين تماماً من النظام ، بل محتفظين بشعرة مُعاوية معه .. مُنساقين أحياناً وراء " أوهام " المُصالحة والإصلاح والتفاوض !. ....................................... يبدو ، ان قَدَر بعض القادة الكُرد ، يفرض عليهم حتمية المرور ، بتجارب مريرة ، وصعوبات جّمة ، ومواقف قاسية ... لقد أثّرَ فِيَ " عبد الحميد درويش " في اللقاءات الأربعة القصيرة التي جمعتْني بهِ مُصادفةً .. فبِقدر ما عطفت عليه ، اعجبتُ بمعنوياته العالية وثقافته وذاكرته الوقادة ، وبساطته وتواضعه الجَم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنطباعات 1
-
الرأي السديد
-
العصائبُ والتَيار
-
إصلاحات جذرية .. دهوك نموذجاً
-
هل تحبون المسيحيين ؟
-
مُجّرَد دعايات كُردستانية
-
طارق الهاشمي ، المُطارَدْ
-
الأمور عال العالْ !
-
جاك شيراك المُدانْ
-
المالكي في واشنطن
-
أ ل ع ر ا ق
-
إنتخابات مجالس محافظات الأقليم / 4
-
بعض تداعيات حرق مقر الاتحاد الاسلامي في دهوك
-
تجاوزات اُسامة النُجيفي
-
القوات الامنية قليلة في الأقليم !
-
مُهاترات المالكي / النُجيفي
-
الله فوق الجميع
-
إنتكاسة خطيرة في دهوك
-
أيهما تُفّضِل : الأمان او الحقوق ؟
-
وَعي الجماهير العراقية
المزيد.....
-
زيارة مسؤول إيراني إلى الأرجنتين بتأشيرة سائح تثير غضبا واسع
...
-
-ما تفعلونه جريمة-.. الرئيس الفرنسي يشن هجوما لاذعا على نتني
...
-
تامي بروس: الاتصالات الأمريكية الإيرانية في سلطنة عُمان ستكو
...
-
بينهم محمود خليل.. إلغاء تأشيرات قرابة 400 طالب وخريج في الو
...
-
الخارجية التركية: استخدام القوة العسكرية ضد إيران سيؤدي إلى
...
-
غوتيريش: إسرائيل بصفتها قوة احتلال في غزة عليها تحمل التزاما
...
-
واشنطن: المهاجرون الذين أرسلناهم إلى السجن في السلفادور سيبق
...
-
بوشكوف: قد يكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تترك كييف لمصي
...
-
اتصالات تركية إسرائيلية لتجنب المواجهة في سوريا
-
ترامب يستبق المحادثات النووية مع إيران بالتلويح بعمل عسكري -
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|