|
تقرير سياسي
اللجنة السياسية حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا
الحوار المتمدن-العدد: 999 - 2004 / 10 / 27 - 07:56
المحور:
القضية الكردية
لا يزال الوضع العراقي، بتداعياته وتطوراته المتلاحقة، يعتبر عاملاً أساسياً في تحريك الأحداث في الشرق الأوسط، والتأثير على سياسات معظم دول المنطقة التي تراقب باهتمام ما يشهده العراق مؤخراً من تصعيد لوتيرة العنف والعنف المضاد، بسبب قرب موعد الانتخابات المزمع إجراؤها أواخر كانون الثاني القادم، والتي بدأت تحظى باهتمام معظم العراقيين، حيث اتسعت المساحة المؤيدة لها، بعد أن فشلت الخيارات الأخرى في تقديم نتائج أفضل، بل بالعكس، فإن الرافضين لتلك الانتخابات لم يجلبوا سوى المزيد من القتل والدمار. وينطلق هذا الرفض الذي يكاد ينحصر فيما يسمى بالمثلث السني من المخاوف التي يمكن أن تكرسها تلك الانتخابات من نتائج لا تتوافق مع الحسابات القديمة عندما كانت فئة صغيرة تحكم البلاد في ظل غياب الديمقراطية، ولذلك، فإن يأس هذه الفئة يقودها إلى تبني خيار "شمشون الجبار" في تدمير الذات والآخرين معاً. ولهذا، تشكل هذه الفئة بيئة مناسبة لانتعاش ظاهرة الإرهاب الذي يزداد عنفاً مع اقتراب موعد الانتخابات بهدف إفشالها، ويزداد معها بالمقابل إصرار الحكومة العراقية المؤقتة على تمهيد الأجواء وتطويع المدن المتمردة لإزالة العراقيل أمام أول انتخابات ديمقراطية برلمانية في العراق، تتوقف على نتائجها مصداقية هذه الحكومة ومستقبل العراق ككل ، وتعتبر انتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستجري في الثاني من تشرين الثاني القادم حافزاً إضافياً لتصعيد العمليات الإرهابية التي تدخل المعركة الانتخابية لتحريض الناخب الأمريكي ضد الرئيس الحالي بوش من خلال توتير الأوضاع الأمنية في العراق، تلك الأوضاع التي تحولت إلى شأن إقليمي تساهم فيها وتتأثر بها معظم دول المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر، وخاصة دول الجوار نتيجة لمخاوفها من انعكاس التطورات المرتقبة هناك، سلباً أو إيجاباً على أوضاعها الداخلية. وعلى هذا الأساس، فإن قرار مجلس الأمن رقم1559 القاضي بانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، والالتجاء السوري إلى أوربا، والضغوطات التي تتعرض لها إيران بشأن برنامجها النووي، والاندفاع التركي نحو الاتحاد الأوربي، جميعها تجد لها ارتباطات بالوضع العراقي. فالقرار 1559 رغم أنه نتاج فرنسي، فقد استثمرته الإدارة الأمريكية . وتهدف فرنسا من ورائه العودة مجدداً إلى مسرح الأحداث، باعتبار أن لبنان هو المدخل الأساسي للسياسة الفرنسية في المنطقة، خاصة بعد أن أبعدت فرنسا عنها نتيجة اعتراضها على الحرب في العراق. لكن الإدارة الأمريكية التي طالما تجاهلت لبنان في السنوات الأخيرة واعتبرت قضيته شأناً ثانوياً بحد ذاتها وغضت النظر عن الوجود العسكري السوري على أرضه بهدف المحافظة على استقرار الأوضاع هناك وضبط المخيمات الفلسطينية والفصائل اللبنانية المسلحة وغيرها، فإنها، وفي ظل الوضع العراقي الأمني الضاغط، أرادت استخدام هذا الوجود للضغط على سوريا التي تعتبر أن وجودها العسكري ضروري للمحافظة على نفوذها هناك، ولذلك، فقد بدأت السياسة السورية تتحرك في ثلاث محاور متوازية، أولها يتعلق بالإعلان عن تفاهم سوري-أمريكي حول ضبط الحدود مع العراق، وتقدمت من أجل ذلك بطلب مساعدات تقنية، مما يشير إلى تعاون أمني مشترك أشاد به رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي في زيارته الأخيرة لـ دمشق. وعلى المحور الثاني، بدأت بالتنسيق مع مصر لطي صفحة المنظمات الفلسطينية المقيمة في دمشق وترحيل بعض رموزها بدون إعلان رسمي، في حين توجهت في المحور الثالث نحو أوربا، تهرباً من الضغوط الأمريكية، حيث وافقت على بند التعهد بحظر أسلحة الدمار الشامل الذي اشترطه الاتحاد الأوربي من بين مجموعة شروط تدخل بعضها في إطار المستلزمات التي تتطلبها عملية الإصلاح والتغيير في البلاد، مما يبرز دور العامل الخارجي كحافز للتعجيل في المباشرة بها، ولا يعني الاعتراف بحقيقة هذا الدور في أي حال من الأحوال دعوة للاستقواء بالخارج ومشاريعه، ومنها مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي لا يمكن مواجهته بالشتائم، بل بتوحيد كل الجهود لإطلاق حركة الإصلاح السياسي والتغيير الديمقراطي، لأن ما تطرحه تلك المشاريع بغض النظر عن دوافعها، تندرج بالنهاية في إطار الحاجات الحيوية لمجتمعنا السوري، وأن الشروع في الإصلاح المنشود، وضمان الحريات الديمقراطية، والإقرار بالتعددية، وتأمين واحترام حقوق الإنسان، لا يخدم الخارج ، ولا ينتقص من شروط مواجهته، بل على العكس، فإن تلك المواجهة لن تكون فعالة على يد مواطن مقهور، فقدَ إحساسه بضرورات التضحية من أجل وطن حر كريم، ولا يقلل ذلك أيضاً من أهمية المحفزات الداخلية للإصلاح. ومن المؤسف أن العامل الخارجي يطرح نفسه في ظل المناخات السياسية الداخلية السائدة، حيث لا تزال القوى الديمقراطية التي يراهن عليها في التغيير ضعيفة وعاجزة عن القيام بدور يذكر في عملية التغيير بسبب بقائها أسيرة التردد والحسابات الخاصة، وامتثالها بين خيارين محددين، هما الخيار الخارجي الذي ترفضه التقاليد الوطنية، وخيار السلطة التي تنتج نفسها وتعجز عن المباشرة في عملية الإصلاح السياسي الذي تتعامل معه العديد من تلك القوى في إطار مناشدة السلطة لتحصين الوضع الداخلي في مواجهة التحديات الخارجية، بدلاً من اعتباره منطلقاً لبناء الإنسان-المواطن وتأمين حقوقه الأساسية. ويعتبر الوضع الكردي في سوريا أحد المختبرات الأساسية لمصداقية أي تحول نحو إصلاح حقيقي، وفي هذا الموضوع، كشفت أحداث آذار الأليمة حقائق إضافية عن السياسة الشوفينية المنتهجة حيال الكرد وقضيتهم القومية، وتجلى ذلك في جملة من التدابير والإجراءات التعسفية اعتباراً من القتل العمد إلى الاعتقالات الجماعية للمواطنين الكرد على الهوية، وإحالة العشرات منهم إلى محاكم أمن الدولة والجنايات العسكرية، ومواصلة حملات القمع والملاحقة والاستفزاز في المناطق الكردية التي لا تزال تشهد احتقاناً واضحاً قد يهدد باضطرابات في المستقبل، إذا لم يتم إزالته من خلال الكف عن التعامل الأمني والمباشرة بحل المشاكل المزمنة، مثل إلغاء مشروع الإحصاء الرجعي وغيره من المشاريع العنصرية، والاهتمام بتلك المناطق بعيداً عن سياسة التمييز القومي، وتجنب إثارة النعرات العنصرية والتشكيك في الولاء الوطني الكردي. من جهة أخرى، فإن الحركة الوطنية الكردية، التي يسجل لها قدرتها على العمل الجماعي المشترك في التعامل مع أحداث آذار وتداعياتها ونتائجها، لا تزال تبذل الجهود من أجل استكمال عملية تأطير نضالات أحزاب هذه الحركة. وفي هذا المجال، ينبغي الإشادة بمبادرة التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا في القبول باعتماد البرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية الكردية كمسودة مشروع لإجراء التعديلات المطلوبة وفق الظروف المستجدة، وذلك تسهيلاً لمهمة التأطير المنشود . أما في تركيا التي تصدعت علاقاتها الاستراتيجية مع أمريكا نتيجة عدم تعاونها في حرب العراق، فإن وتيرة الاندفاع نحو الاتحاد الأوربي ازدادت في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، لكن هذا الاندفاع لا يقابله في الجانب الآخر سوى المماطلة ووضع العراقيل. فبالرغم من توصية المفوضية الأوربية للقمة القادمة ببدء مفاوضات العضوية معها، فإن الأصوات الرافضة لانضمامها تزداد ارتفاعاً في القارة الأوربية بدعوى ضرورات الحفاظ على بنية أوربا الحضارية والاقتصادية والاجتماعية، وأن تركيا تعجز عن تحقيق الشروط التي تتضمنها معايير كوبنهاغن، ومن هذه الشروط ، الاعتراف بالوجود الكردي ورفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية. ومن أجل وضع المزيد من التعقيدات ، فإن بعض الجهات والدول الأوربية تطالب باستفتاء بشأن عضوية تركيا، وهو ما لم يحصل مع أية دولة أخرى ضمها الاتحاد إلى عضويته، مما يعني أن مسألة نيل تركيا للعضوية الكاملة قد يستغرق سنوات طويلة، وينعكس في الداخل التركي على شكل ردود أفعال ودعوات، بعضها للعودة إلى المحيط الإسلامي والشرقي، والأخرى لبذل المزيد من الجهود لاستيفاء الشروط ليس فقط لتسهيل انضمام تركيا للاتحاد الأوربي، بل لأن تلك الشروط تعتبر ضرورية لاحتياجات الوضع الداخلي ومستلزمات تحديثه. وفي إيران، يبرز انعكاسات الوضع العراقي بشكل أوضح، فالتحرك الإيراني المحموم والتمسك بمسألة تخصيب اليورانيوم في إطار مساعيها لامتلاك القدرة النووية، يستند إلى أن مثل هذا السلاح يردع الإدارة الأمريكية عن مهاجمة إيران مستقبلاً ، وتستشهد في ذلك بمثال كوريا الشمالية. وبسبب التوتر الذي تشهده العلاقات الأمريكية-الإيرانية، فإن مهمة إقناع إيران للتخلي عن برنامجها النووي أوكلت للثلاثي الأوربي فرنسا-إيطاليا-ألمانيا ، التي تتبع معها سياسة الجزرة والعصا من خلال وعود بتزويدها بالوقود النووي للاستخدامات السلمية من روسيا، ويلجأ النظام الإيراني للابتزاز من أجل الحصول على المزيد من المكاسب التي يأتي في مقدمتها الضمانات الكفيلة بعدم اللجوء لإسقاطه مستقبلاً. أواخر تشرين الأول 2004م اللجنة السياسة لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
#اللجنة_السياسية_حزب_الوحدة_الديمقراطي_الكردي_في_سوريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألمانيا تسعى للتفاوض مع سوريا بشأن عودة مئات الآلاف من اللاج
...
-
اعتقال طالبة فلسطينية ثانية شاركت في مظاهرات جامعة كولومبيا
...
-
الأغذية العالمي: لم نتمكن من نقل الإمدادات لغزة منذ مطلع الش
...
-
لوكاشينكو: حدودنا مع أوكرانيا محمية بالكامل مع وجود -منافذ-
...
-
دوتيرتي يمثل لأول مرة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
...
-
مقررة أممية تدعو للتحقيق باستشهاد معتقلين بسجون الاحتلال
-
قتلى فلسطينيون واعتقال أكثر من 100 بالضفة الغربية
-
شبح المجاعة يهدّد غزة بعد تفاقم أزمة نقص الغذاء.. إليكم التف
...
-
مجموعة الدول السبع تتهم إيران باللجوء للاعتقال التعسفي ومحاو
...
-
مخيم كترمايا للاجئين السوريين بلبنان.. معاناة لتأمين إفطار ر
...
المزيد.....
-
“رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”.
/ أزاد فتحي خليل
-
رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر
/ أزاد خليل
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
المزيد.....
|