أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - حمّى الوديان المتصدّعة















المزيد.....


حمّى الوديان المتصدّعة


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 20:53
المحور: كتابات ساخرة
    


حمّى الوديان المتصدّعة



تمهيد


قال " إبتون سنكلير " في العام 1935 : " من الصعب جعل شخص يفهم شيئا ً , عندما يعتمد راتبه على عدم فهمه له "
.. وهذا يعني ( كما أرى ) : أن من الصعب دفع إنسان لأن يفهم شيئا ً , عندما تعتمد حياته ( أو يتعلق مصيره ) على عدم فهمه له .




حمّى الوادي المتصدع : هي نوع من الحمّى الحادة , يسببها فيروس يصيب الحيوانات الأليفة ( مثل الأبقار , الجواميس , الخرفان , الماعز , والجمال ) .
وتنتشر هذه الحمّى في الدول المتخلفة , والفاشلة , والهشّة حصرا ً . وتنطلق الشرارة الأولى لها من أماكن تربية الماشية , حيث لايزال يوجد راع ٍ , وتوجد رعيّة , ويوجد قائد , وتوجد ثورة . وترتدّ هذه الحمّى لاحقا , لتصيب " السائس ذاته " .
ولشرح ميكانزمات هذه التداعيات , يمكن القول : أن الأفراط في إستيلاد سلالات جديدة من الأبقار , والجواميس , والخراف , والماعز , والجمال , مع وجود فصائل , وفيالق , وجحافل من البعوض الفاسد والمنافق , تشكلّ بيئة مثالية , حاضنة للمرض , وناقلة له , على نطاق واسع .
وظهور حمّى الوادي المتصدّع بين الماشية ( بشكل وبائي ) سيقود حتما إلى انتقال هذه الحمّى بين البشر المعرضين للتعامل مع الحيوانات المريضة . أما إذا أصيب " الر اعي " بهذه الحمّى ( كما اسلفنا ) , فأنه سينقلها بدوره إلى " رعاة آخرين " . فالخارطة الجينية للمستبدين ,متماثلة تماما , وبطريقة تجعل حتى المكرسكوب الألكتروني , يصرخ ملتاعا ً , من الدهشة .
ومع ذلك , فأن رصد أعراض هذه الحمّى على " الرعاة " , ربما تكون ممكنة , من خلال إنغماسهم – تدريجيا ً – في سلوكيات إستبدادية ( نمطية ) محددة , كالهذيان الثوري , والنرجسية المرضية , وجنون الأرتياب , والحنين المفرط , للسلف الصالح , من "رعاة " الماضي التليد , ومحاولة التشبه بهم , مع نوبات من التصوف الروحاني , تعقبها نوبات من الفجور العلني , وطقوس وثنية , وحملات إيمانية , وكرنفالات , وأستعراضات عسكرية , وفساد مطلق .. كرائحة الروث , في الهواء الطلق .
أما أعراض هذه الحمّى على الرعايا , فكثيرة , وغير متماثلة ( كما هي عند الرعاة ) . وسماتها تتحدد على وفق نوع البعوض الآدمي الفاسد , الناقل لها .
ومعظم المصابين بهذه الحمّى , هم من الرعايا الصابرين على الضيم , بأنتظار الفرج الذي قد يجيء.. أو لايجيء . لهذا فأن معظمهم قد لايعانون من أية أعراض واضحة المعالم . وبصفة عامة , فأن الأصابة بهذه الحمّى , يفترض ان تتمخض عنها عدة أعراض مرضيّة , ( أو متلازمات مختلفة ) ,تتراوح بين الحمّى المعتدلة , وصولا ً الى الحمّى الممزوجة بالدم .
غير ان أسوأ الأعراض هي معاناة الرعايا من التهاب في الدماغ , قد يؤدي الى غياب تام للوعي , وفقدان كامل للحواس , بما في ذلك حس التناسب , ( حيث يستحيل التمييز بين المهم والأهم من المطالب ) , إ ضافة لأختلاط مخجل في المفاهيم , وطغيان للزينة على الحقيقة .
أما الأكثر سوءا ً في هذه الحمّى , فيتجسد في مضاعفات مابعد التحسن ( وذلك بأفتراض نجاح الرعايا في فرض شروطهم , وأقتلاع " الرعاة المستبدين " من تلالهم , وتكسير عصيهم , وتخنيث كلابهم ) . فالرعايا المصابون بهذه الحمّى , ربما يصابون لاحقا ً بفقدان دائم للبصر , أو البصيرة , فينتخبون من بينهم " رعاة ً جدد " أكثر صفاقة ً وجنونا ً من أسلافهم . وثمة احتمال كبير في عودة " الأسطبلات القديمة " لأنتاج سلالات جديدة من البعوض الفاسد , مدججة بسلوكيات عصية على الفهم , وقادرة على التعايش مع أشدّ المبيدات الحشرية فتكا ً .
ويلاحظ المهتمون بهذه الظاهرة التاريخية , ( من مختلف الأختصاصات ) , أن نسبة الموت بين الرعايا المصابين بهذه الحمّى تكون كبيرة جدا ً , بينما لاتتجاوز 1% بين الرعاة . كما يلاحظ أن 100% من " المواشي " الحبلى المصابة تجهض أجّنتها .
وهذا يعني أن إنتفاضات القطيع هذه ( في مجملها ) , هي كالنقود عند أرسطو .. عقيمة لاتلد , حتى لو كتب لأبناءها الشفاء التام من حمّى الوديان المتصدعة , وكوابيسها المرّة .
ومن أكثر المعرّضين للأصابة بهذه الحمّى , النائمون في العراء .. المكشوفون للدغ البعوض الفاسد , والحشرات المنافقة ( الناقلة ) الأخرى . مضافا ً اليهم الجزارون , والجلادون , وعمال المسالخ , والأطباء البيطريون , وحملة الشهادات المزورة , وأطفال الشوارع , والأيتام , والأرامل , والمهجرون قسرا ً ( في الداخل والخارج ) , واللائذون بالعشوائيات .. في الأوطان العشوائية , وجامعو القمامة , والمشردون , وجميع من يتعامل مع " الماشية " و " المواشي " في الأسطبلات الموبوءة .
إن هذه الحمّى تكون لصيقة عادة ً , بسكان الوديان المتصدعة حصرا ً( رعاة ً ومواشي ) .
إنها تستوطنهم .. وهم يقدمون لها وسائط الحضور والأستضافة والنمو والأستدامة .
والوديان المتصدعّة , ليست وديان المطر والخضرة والنور , بل وديان الجدب والخراب والظلمة . ومع ذلك تتكاثر فيها أسراب البعوض , الطفيليّ , السفيه , وترتع فيها كل أنواع النقيق والثغاء .. الصامّة للآذان , والعابرة للطوائف .
إن الوادي المتصدع .. هو واد ٍ غير ذي زرع . واد ٍ للجوع . واد ٍ للظلمة . واد ٍ للأقنان الذين لاقدسية لآدميتهم .. في حين تمتد القدسية لتطال حتى نعال الرعاة , وعمائمهم ,وغترهم , ويشاميغهم ,وحداءهم , ومجالسهم , وجواريهم ( إناثا وذكورا ً ) , ومضايفهم , ومضاربهم المليئة بالزبد والعسل .
وبعد كل هذي الفجائع .. كيف تتم الوقاية من هذا المرض ؟
تتم الوقاية بمكافحة البعوض , والحشرات الأخرى " الماصّة للدّم ", وإتقاء لسعاتها بكل الأمكانات الوطنية المتاحة , ومنها : رش المبيدات , والتلفع بالناموسيات , بالوانها المختلفة , ( مع تفضيل الألوان الغامقة جدا ً منها ) . أما الأهم في سلوكيات الوقاية , فهو عدم التعامل , أو التوافق , أو التعايش , مع كل أنواع " المواشي " في المناطق الموبوءة .
أخيرا ً تجدر الأشارة الى حقيقة هامة , على جميع المواشي إدراكها قبل فوات الأوان , وفحواها : عدم وجود أية تطعيمات ( أو لقاحات ) تحول دون قيام المصابين بهذه الحمّى بأفتراش الأرصفة والميادين , وهجرة الأسطبلات المعفرّة الى غير رجعة .
لاتوجد لقاحات للأنسان
ولكن اللقاحات متوفرة للأستعمال البيطري فقط .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (1)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما لاتنخفض السماوات .. في الوقت المناسب
- لماذا راحتْ .. ولم تلتفتْ ؟
- وطن من صفيح .. وطن من ابل
- الرفاهية والأمثلية في الدولة الريعية الديموقراطية ( أعادة تو ...
- الأقتصاد السياسي للفصل السابع ( صندوق التعويضات , وصندوق تنم ...
- مواسم الهجرة من النهار الى الليل
- دفاتر الحرب ( مقاطع من هذيان جندي مسن من بقايا الحرب العراقي ...
- صحراء الربع الخالي
- الحوار الممكن .. بين الظلمة والنور
- مباديء الأقتصاد السياسي
- وطن الوجع .. ووجع الأمكنة
- ميكانزم الحب الأول
- ميكانزم الحب الأخير
- العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية ...
- الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة ...
- جمهورية النفط في أرض ألصومال
- عراق مابعد الصناعة
- الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا ...
- اول اوكسيد الكراهية
- الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق


المزيد.....




- الناقد المغربي سعيد الفلاق: الحضارة الأندلسية فردوس لا تنتهي ...
- مسلسل كويتي يثير الجدل بعد مشهد ساخر من النجم السوري جورج وس ...
- -ظل بجانب جثة زوجته لأسبوع دون أن يدرك-.. كشف سبب وفاة النجم ...
- لماذا تشعر إسرائيل بالتهديد من الفيلم الفائز بالأوسكار؟
- “عامر تورط في كشتة عائـلية” روتانا خليجية شباب البومب 13 الح ...
- لأول مرة.. حسين فهمي يتحدث عن طلاقه من ميرفت أمين وتعدد زيجا ...
- بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغز ...
- مسلسل -معاوية- يواجه أزمة في دولتين وانتقادات حادة في مصر.. ...
- “Ang Mutya ng Section E“ مسلسل جوهرة القسم اي الحلقة 10 مترج ...
- مهرجان -فاس للموسيقى العالمية العريقة- يستضيف إيطاليا ويكرم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - حمّى الوديان المتصدّعة