(الحلقة السادسة) قراءة في كتاب الاسطورة والشعر للكاتب عبد الرزاق صالح

هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي
(Haitham Jabbar Abbas)

الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 13:21
المحور: الادب والفن
    

قراءة في كتاب الاسطورة والشعر للكاتب عبد الرزاق صالح

(الحلقة السادسة)
هيثم جبار عباس




في فصل الملاحم لم يتطرق الكاتب لكيفية كتابة الملحمة من قبل الشاعر هوميروس كما فعل في تحليل شخصية جان دارك ؟ ولم نعرف كيف اوحي الى هوميروس بكتابة الملحمتين (الالياذة والاوديسة) , كما عرّفنا الكاتب بملحمة (الانياذة) لفرجيل وكيف اوحي اليه من قبل الملك اغسطس , رغم الصفحات القليلة التي تحدث بها الكاتب عن فرجيل وانياذته الا انه اغنى القارئ بتفاصيلها , على العكس تماما مع هوميروس وملحمتيه فقد اسهب الكاتب في تفسير وشرح الملحمتين . ولا ننسى ان هاتين الملحمتين فسرت وشرحت من قبل كثير من الكتاب والباحثين كوول ديورانت في (قصة الحضارة ) وجمهورية افلاطون فيها شرح وتفسير لهاتين الملحمتين , لا نستطيع ان نقول ان ماقدمه عن الملحمتين المذكورتين كانت تحصيل حاصل , لان بحثه جاء باسلوبه الخاص , كما وضح بعض النقاط التي لم يشر اليها احد, من خلال معرفته وثقافته في الاسطورة وجهده الهائل في هذا المنجز , اشار الكاتب الى ان الاوديسة هي نقيض الالياذة من ناحية موضوع الحرب فان الاوديسة وصفت لنا حالة الاغريق ايام سلمهم , كما وصفتهم الالياذة ايام حربهم , وان كل عمل قام به ابطال الاوديسة كان متناقضا مع كل عمل قام به ابطال الالياذة , كذلك يقول الكاتب ((تلتقي الاوديسة والالياذة وتفترق في نفس الوقت , تلتقي في الجانب الاخلاقي وطريقة معالجة الموضوع , وتفترق من ناحية الشخصيات)) ص 226 .

الاوديسة جلجامشية الاغريق

حينما تحدث الكاتب عن الاساطير العراقية وضع تسعة امور جوهرية اورد فيها انتماءات واضحة بين الاساطير البابلية والسومرية بالاغريقية , وقد اسهب الكاتب الانجليزي غلين دانيال في كتابه الحضارات الاولى , الاصول والاساطير في هذا التشابه خصوصا تشابه الحضارات (6) , الا ان الكاتب وضع التشابه الاسطوري بالتفصيل امام القارئ أي جعل النسخة الاصلية لكتب الديانات السماوية وغير السماوية هي مأخوذة من هذه الاساطير , وهذا هو المسكوت عنه الذي عبر عنه الكاتب باسلوب غير مباشر من خلال نقاطه التسع , فقصة سرجون الاكدي هي نفسها قصة موسى في سفر الخروج , وقصة الطوفان في ملحمة جلجامش هي نفسها قصة الطوفان في التوراة كما وردت في القرآن الكريم , والطائر الذي عثر على اليابسة ورد ذكره في القرآن الكريم وفي ملحمة جلجامش و شخصية نوح القرآنية شخصية أوتانابشتم في الملحمة , وقصة يوسف وسجود اخوته له في الحلم هو نفس الحلم الذي قصه جلجامش على امه , اما العفاريت والجن التي قامت بنقل عرش بلقيس واحضرته بين يدي سليمان فهي قصة خيالية رائعة بل خيالها يفوق خيال الاسطورة او ابعد من ذلك, و الكاتب اشار الى هذه النقطة بالذات الا وهي التشابه الكبير بين القرآن الكريم واسفار التوراة والاساطير الاولى .
وفي النقطة الخامسة ص252 اوضح الكاتب ان القصيدة الاسطورية السومرية غالبا ما يبدأها الكتاب السومريون بابيات عن الخليقة ولم يتطرق الى الآيات الاولى في سفر التكوين تبدأ بخلق السماء والارض والانسان , كذلك الايات الاولى في القرآن الكريم ( اقرأ باسم بربك الذي خلق , خلق الانسان من علق ) تبدأ بالخلق فالانسان , وكأنما الكاتب يريد ان يرجع جميع الكتب القديمة السماوية منها والارضية الى الاسطورة ولكن بصورة غير مباشرة , وبدون تصريح في ذلك .
الا انه مما استوقفني في النقطة التاسعة فقد ذكر الكاتب ان ملحمة جلجامس هي اوديسة العراقيين القدامى , ولا ادري كيف اطلق طه باقر هذا الاسم وجعل كتابا كثيرين يطلقونه من بعده حينما قال : ( ملحمة كلكامش التي يصح ان نسميها اوديسة العراق القديم) (7) اذ ان هذا الاسم يحط من وقيمة الملحمة الكلكامشية لان هذه الملحمة كتبت بما يقارب قبل 2800 سنة قبل الميلاد اما احداثها فلا نعرف متى حدثت وبالتأكيد قبل ذلك التاريخ الذي كتبت فيه , هذا بالنسبة لملحمة كلكامش , اما الاوديسة والالياذة فهما تصفان السلم والحرب والتي جرت أحداثهما في طروادة من ( سنة 1194 الى سنة 1184 ) (ق .م) (8) وكتبها الشاعر هوميروس ,اما ملحمة كلكامش لا يعرف لحد الان من الذي كتبها , فهي اعرق واقدم من الاوديسة والياذتها , فكان من الاولى ان تسمى الاوديسة جلجامشية الاغريق وليس العكس , ناهيك عن جميع الاساطير والكتابات القديمة اتخذت قصصها وثيماتها وبعضا من حكاياتها من اساطير وادي الرافدين بما في ذلك الاوديسة والالياذة .

#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)       Haitham_Jabbar_Abbas#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات