|
الدوَل المؤسساتية وصناعة القرار
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2972 - 2010 / 4 / 11 - 01:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من خلال عنوانة المقال قد يتصور البعض أنني من أنصار الدول المؤسساتية ومن دعاتها ، وواقع الحال غير ذلك رغم قناعتي أن دول المؤسسات لا يمكن أن تخلق دكتاتوراً بعينه ، بمعنى أن الدول المؤسساتية تتخذ قراراتها من خلال ما يرشح من تداولات معمقة مستوفية لكل مناهج الموضوع المدروس لديها ، والخلاص لقرار واحد يُسلم لصانع القرار لتبنيه بعد أن يقتنع بما جاء بذلك القرار ، فلكل رئيس بهذه الدول طاقم متخصص يرسم لرئيسه السياسات المهمة لبلاده سياسياً ومالياً وصناعياً وزراعياً وتجارياً .. ألخ ، والمتخصصون بوضع هذه المقترحات يعطي لرئيسه أكثر من مسلك يتخذه وطرق معالجة الإخفاقات أن وجدت وجل من لا يسهو ، ومن كبار هذه الدول المؤسساتية أمريكا ، بريطانيا ، ألمانيا ، فرنسا ، إسرائيل ، وهذا على نقيض ما تسير عليه حكوماتنا العربية ، فالرئيس لدينا نحن العرب لا يخطئ وأن خطأ فخطأه صواب ، ويشيعون أن حديثاً نبويا شريفاً لمحمد (ص) يقول ( أن أصاب العالم – الرئيس – فله عشر حسنات وأن أخطأ فله حسنة واحدة) ، وبهذا برر الطاغية المقبور إعدامه لخيرة رجالات العراق على أنها خطأ غير مقصود ويبعث مع جثته كتاب اعتذار ومبلغ من المال ، ناهيك من أن حكامنا العرب أن استلموا كرسيا فسوف لن يسلموه إلا بموت أو انقلاب ، وكم منهم من عزل أخيه عن سدة الحكم أو عزل والده الذي غاب عن بلاده بجولة رسمية ولم أرصد لحكام العرب المعاصرين إلا حالتان من التنازل عن السلطة ، وهما (سوار الذهب) السوداني ، و(علي صالح البيض) اليماني ، ونشترك نحن الشعوب بخلق هذه الرموز الكارتونية وكما يقول الشاعر الحلي (موفق محمد) ، ( لابد من صنم / لكي نموت دونه ونسبق الأمم) . ما تقدم نظرة أولية للولوج لأصل الموضوعة ، نهاية الستينات من القرن المنصرم وأبان دورة الرئيس الأمريكي (نكسن) تشاور مع خواصه الاقتصاديين وخلص الى إجراء تخليص الدولار الأمريكي من دائرة الدعم الذهبي ، وقرر بيع ما في خزانته من ذهب ، فقال له الآخرون يا سيادة الرئيس معنى ذلك أن أسعار الذهب ستنخفض – العرض والطلب - ، وكما أن الدولار ستهبط قيمته الشرائية لعدم وجود احتياطي وطني له، وفعلا هبطت قيمة الدولار الشرائية مقابل السلع الأخرى ولم يستطع الدولار الأمريكي حينها شراء نفس الكمية من الذهب لارتفاع سعر الذهب مقابل انخفاض الدولار ، أوعز (نكسن) حينها لشركات النفط الأمريكية التحرك لشراء النفط من مصادره العالمية وتركيزاً على النفط العربي ، بدأت أسعار النفط بالتصاعد تدريجيا مما فتح شهية مصدريه لإغراق الأسواق العالمية وخاصة الأمريكية به ، تصور أن السوق الأمريكي كان يشتري النفط العالمي لقاء ذهب لأن الدولار الأمريكي محمي به ، أما الأن بمشورة (نكسن) فأنه يشترى لقاء ورق مطبوع لا يكلف إلا سعر ذلك الورق ، ولأن السوق الأمريكية هي الكبرى لتصريف النفط العالمي ، أذن أصبح النفط الغطاء الداعم لقوة الدولار الأمركي – إعتباريا- مضافا له الأموال الأمريكية المودعة لدى السذج من مصدري النفط سواء ببلدانهم أو المودعة لدى المصارف الغربية ، ويساعد بقوة الدولار الأمريكي كعامل مساعد أخر هو أن العملة الثانية في أغلب بلدان العالم وبخاصة الدول المصدر للنفط وعلى رأسها الدول العربية هو الدولار الأمريكي – كافة دول الخليج العربي والعراق بعد الأحتلال - ، عام 1959 م أنتبه الزعيم الوطني العراقي الشهيد عبد الكريم قاسم لهذه الحقيقة المرة لذا أصدر أمراً يلزم بموجبه وزارة النفط العراقية بيع النفط بالدينار العراقي ، وبهذا ارتفعت القيمة الشرائية للدينار العراقي وغدا يعدل أو يفوق قوة شرائية لعملات دول المنطقة ، وكان هذا سببا يضاف لأسباب أخرى قوضت نظامه الوطني الشريف ، وبرعونة صدامية أثناء فترة حصار العراق قرر الطاغية بيع النفط العراقي ب (اليورو) الذي كان يسير بخطى الدولار الأمريكي ولا يفترق عنه، وبهذا أرتفعت القدرة الشرائية ل (اليورو) ليصبح (اليور) يعدل (1،5) دولار ، وحذت دولة فنزويلا وإيران وليبيا هذا النهج ، وكأنها عقوبة لأمريكا ، وهي كذلك كانت من مسببات سقوط الطاغية لا لوطنية إنتهجها ولكنها لرعونة أبتدعها لم تصمد طويلا . واهم من يظن أن أمريكا أطاحت بنظام الطاغية لخلاف أيدلوجي أو أنها أرادت بناء نظام ديمقراطي تعددي يحكم العراق ، فأمريكا غير معنية بمن سيحكم العراق سواء كان إسلاميا أو علمانيا ، حكم بالديمقراطية أو بنقيضها ، جاع الشعب العراقي أم أكل من فتات حكامه طالما أنها أوجدت رموزا سياسية تسير وفق ما رسمته المؤسسات التي ذكرناها بصدر موضوعتنا ، مايهم أمريكا أنها تسيطر على منابع ومصادر النفط العربي ، وخيرا فعل لأمريكا وزير النفط العراقي – الشهرستناني - حيث أعطى أغلب إستثمارات النفط لشركات أمريكية أو لشركات تسير بخطاها ، وكارثة التصريح الذي أدلى به الشهرستاني بأنه بصدد إيصال الأنتاج من النفط العراقي لعشرة ملايين برميل يومياً،فعلى العراق ونفطه ألف سلام .
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصيدة ( أهنا يمن جنه وجنت) ما قيل فيها وتداعياتها
-
الظاهرة الغيلانيه
-
متابعة نوابية
-
محطات أستذكارية / الشاعر المرحوم رياض أبو شبع
-
الجسر ...الخورنق والجنائن المعلقة!!!!
-
ضيف فقره
-
السكوت أمن الذهب
-
هروب جسر الحلة
-
دفيني أبعباتج
-
حمَد
-
إيكولون غني أبفرح
-
حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في رذاذ على جبين غ
...
-
رؤى ورقَةُ القوافي في زمكانية (وتَر المنافي)
-
يومية أنتخب
-
صبر مفطوم
-
روض
-
مشهد الشمس وطقوسه الحلية
-
العراق الفاز / مهداة للحزب الشيوعي
-
أوتارٌجبهويه *
-
واقع أم خيال حلاق بيد واحدة
المزيد.....
-
الجزائر تمنع الرحلات الجوية من مالي بعد إسقاط طائرة مسيرة
-
مستوحاة من جنائن بابل المعلقة.. ما هي الزراعة العمودية؟
-
قائد الجيش الأوكراني السابق يعترف بتورط الولايات المتحدة وبر
...
-
لماذا اصطحب السيسي ماكرون لخان الخليلي؟.. خبراء يتحدثون لـRT
...
-
رئيس الحكومة اللبنانية: سأزور دمشق قريبا
-
ترامب يتلقى دعوة لزيارة بولندا وحضور قمة الناتو في لاهاي
-
الإعلام العبري ينشر مقارنة بين قوة الجيشين المصري والإسرائيل
...
-
إسرائيل.. تعليق جلسة الطعون في إقالة بار بسبب تجاوزات (فيديو
...
-
اكتشاف مذهل يوضح طبيعة الربع الخالي قبل 9 آلاف عام!
-
ميدفيديف: -ستارت-3- فشلت في تقليل الخطر النووي وواشنطن حلفاؤ
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|