|
استراتيجية عمل القوى السياسية في مجلس النواب القادم
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 15:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ مدة و نحن نتلمس تحركات القوى العراقية الكبرى و المتنفذة للتقارب مع البعض و خاصة من له النقاط المشتركة مع بعضها بشكل واضح، و عقدت الجلسات و الاجتماعات العديدة بين الاطراف لتبادل الاراء و المواقف للتوصل الى ترسيخ الارضية المرضية في الاتقاف على استراتيجية متوافقة للجميع بعد الانتخابات المقبلة، استنادا على التوقعات التي يتبنوها حول النتائج و قراءة مكانة و ثقل الاطراف لبعضها في تحيديد حجمهم التقريبي في مجلس النواب القادم، و في المقابل نسمع من الاراء و المواقف المتشددة بين الاطراف البعيدة عن بعضها و لم تمتلك من النقاط المشتركة الكافية للتفاوض حولها و التقارب مع البعض و تحسب في خانة الترويجات الانتخابية، و هذا ما يدع هذا الطرف ان يكسب ود القاعدة الجماهيرية من ذكر السلبيات و ما لا يتطابق و يتوائم مع المصالح العامة للشعب. من المتوقع ان تفكر اكثرية القوى براغماتيا و منفعيا في سياساتها المرحلية من حيث التعامل مع ما يطفو الى السطح من النتائج العملية السياسية المستمرة، و المحطات المؤثرة في التجديد و اظهار المستجدات و الالمام بالعلاقات مع الاخر، في تحقيق المصالح و ما تهمهم في الحصول على المواقع الهامة في السلطة القادمة و كاهم هدف في المرحلة الحالية، و سيكون الالة الحاسمة في تثبيت القوى لنفسها على الساحة السياسية العراقية بشكل متواصل. المعلوم ان الائتلافات القوية التي تكون لها حصة الاسد و يد طولى في حصد المواقع و المناصب في الحكومة القادمة لا تتعدى اربع كتل رئيسية على اكثر تقدير، و هي واضحة المعالم و القدرة و المكانة و القاعدة الجماهيرية استنادا على العقلية السياسية السائدة للشعب العراقي و الظروف الذاتية و الموضوعية و ما يتمتع به المجتمع العراقي من الصفات و الخصائص التي يمكن الرهان عليها في بيان النتائج النهائية لكل طرف منذ اليوم، و ما يفرض صحة التوقعات هو القراءة الصحيحة للواقع العراقي من كافة الجوانب. اعتمادا على التقديرات و التوقعات المستندة على العوامل الهامة و علمية في اية دراسة لاستقراء ما يؤول اليه الوضع ، ستكون كافة الائتلافات و التحالفات و التكتلات امام معادلات جديدة و صعبة و حاوية على رموز صعبة التفكيك ، و تكون نتيجة اعمالها افرازات مختلفة و معطيات و تبعات التي تفرض عليهم جميعا التعامل معها بعقلانية من اجل ضمان الحصص و البقاء في السلطة و التخطيط لمسايرة المستجدات في المستقبل، و التخطيط و البرمجة للانتخابات الاخرى التي تستوجب على القوى المؤثرة الحساب لها و تحديد برامجها و بناء استراتيجياتها من اليوم الاول ما بعد اجراء الانتخابات الحالية لمجلس النواب العراقي، و بالاخص الدورة الجديدة لبرلمان القادم هي الحاسمة لتثبيت و تنفيذ القوانين و في مقدمة عملهم التعديلات المنوي اجرائها في بنود الدستور. الواضح لنا الان ان الظروف لاجتماعية السياسية للمناطق العراقية المختلفة و الخصائص التي تتميز بها متفاوتة، و كل منها لها ما تميزها عن الاخرى من كافة الجوانب، ان تكلمنا بكل صراحة، والقوى السياسية تتمعن بدقة في هذه الامور استنادا على ما تؤمن به من عمق تفكيرها و عملها التنظيمي و ما تنظر اليه بقناعة و ليس التكتيك المتبع الان في عقد الاتفاقيات و التحالفات و العلاقات المختلفة المستندة على الاسس الانية المؤقتة. و من الاراء و المواقف التي طرحت خلال هذه السنين المنصرمة و العمل الذي دابوا على انجازها في سياساتهم المختلفة يمكن لاي طرف ان يقيٌم واقع الاخر و ما يفكر و يؤمن به في قرارة نفسه و ما يعمل من اجل تحقيقة في اقرب فرصة متاحة، و من الافعال و التوجهات المطروحة خلال تلك الفترة سنلمس التناقضات و الازدواجية البينة و هذا ما يفصح لنا ما هو المخفي و السري غير ما هو الظاهر في توجهات كافة القوى، و هذا ما يفرض على اي طرف ان تكون قرائته للاخر استنادا على عمله و خطواته و ليس ادعائاته و ما يظهره على العلن فقط. و المباديء و المعاييرالاساسية لتحديد توجهات اي طرف هي نظرته الى العراق الجديد و قرائته الى الواقع مابعد سقوط الدكتاتورية و تعامله معه و ايمانه بالمستجدات و تعامله مع العراق بما فيه و مضمونه و ليس من باب الاستعلاء و الصفات التي رسبتها العقود الماضية، و قرائته للدستور و بنوده و نظرته لمستقبل العراق و مدى عمله على تجسيد الامن و السلام و التعايش السلمي و الديموقراطية و اهتمامه بالمصالح العليا لكافة مكونات الشعب ، و ماهية علاقاته الخارجية و الداخلية ومستوى احترامه لخصوصيات اي طرف و ايمانه بالتجديد و الحداثة و تاثيراته على المجتمع و قاعدته العريضة بشكل خاص . ان ما موجود على ارض الواقع اليوم بعد التغييرات من وضع و ظروف الجهات و الاحزاب و التيارات و في وقت نتوجه نحو الانتخابات البرلمانية، وهم ممثلو المكونات الاجتماعية الثلاث الاساسية من حيث القومية و المذهب مع نسبة غير مؤثرة بشكل فعال من النخب و المثقفين و التنظيمات المستندة على التوجهات الحديثة من الوسطية او الليبرالية البعيدة بعض الشيء عن الايديولوجية و الافكار و العقائد المثالية ،وهي الجديدة على عقلية الشعب العراقي و لا يمكن التعويل عليها على الاقل في هذا الوقت بالذات، ما تتميز به المرحلة في صعوبة كسب ما يطمحون اليه و سيبقون خلال الدورة القادمة في الهامش على اكثر تقدير، و استنادا على ما وجود في الواقع و مضامينه. لذلك علينا ان نعلنها بكل صراحة، ان ما تدير العراق و تحتكم به و تكون لها التاثيرات المباشرة و القوة و متنفذة في المستقبل القريب هي الاستراتيجيات العامة المتبعة و المفرزة من التحالفات و ما تفرضه المصالح و الخطط بين القوى الكبرى الثلاث، و سيتمخض عن ما يصلون اليه من الاتفاقيات و التفاهات وفق اثقالهم وهو ما يمكنهم من السيطرة الكاملة على السلطة و هي المحددة للشكل و التوجه لما تؤول اليه الاوضاع من كافة الجوانب. و هنا يعلم المتحالفون انهم في الهاية سياسيون و ليسوا بدراويش لاي فكر بشكل مطلق مهما تشدق البعض بالتزامه بالمثاليات، و لذلك يستندون على العقلانية و البراغماتية مها كانت ادعاءاتهم العقيدية، و هم لن يعتمدوا على المقياس الاخلاقي او العاطفي او الاستناد على ما يعيق مسيرتهم العقيدية الخاصة في النهاية، و ان كانوا متحالفين مع اي طرف لا يمكن ان يطرح ذلك. اذن الاستراتيجيات بنفسها ستكون تحت رحمة المصالح السياسية المحددة، و لن تكون واضحة المعالم، ولا يمكن ان يتوقع اي محلل التغيير و الجديد فيما اذا حصلت المفاجئات في الانتخابات، و حينئذ لم تصمد الاستراتيجية امام ما يفرزه الاقتراع و من يصل الى مجلس النواب. و هذا ما يبعد بعض الشيء الخطوات التي بدات في النمو و التوعية بعض الوقت و ستتاثر الثقافة و الواقع الاجتماعي العام لحين ما يتمخض عنه خلال مدة يمكن ان تكون طويلة ايضا، و هذا من اهم سلبيات العملية السياسية الحالية و الديموقراطية التي تطبق في واقع و مجتمع مسيس بشكل كامل. الجديد في الانتخابات القادمة هو مشاركة الجهات المتعددة المختلفة بكل ثقلها، و غير ما مررنا به سابقا من حيث التراصف لبعض الجهات و على الرغم من عدم الخروج من الاطر المحددة لها، و لكن لا يمكن ان نحدد طرفا معينا بعينه على انه ممثل لكافة الفئات و المكونات العراقية رغم المزايدات في هذا الخصوص ، و لذلك يفرض التوافق نفسه بشكل مغاير على العملية السياسية القادمة ،و يكون بين جهات معينة ، و هذا ما يفرض على الجميع ان يفكر في حركة المعادلات بشكل علمي دقيق و ما تنتجها من الاخطار على اية جهة و على التنمية و التطور المنشود و تفرض سيطرة المتطلبات و البرامج الخارجية بشكل اكبر على العملية السياسية العراقية، و هذا ايضا يفرض التفكير الجدي في تحديد الاستراتيجيات لكافة الجهات و كيفية الوقوف امام تلك السليبات التي من المتوقع افرازها جراء مسيرة العملية، قبل فوات الاوان. الواقع الجديد لن يكون مماثلا لهذه السنين مهما كانت النتائج و الايجابي المتوقع في العملية الانتخابية و ما تخرج منها هو انبثاق حكومة متكونة من السلطة و المعارضة و هو الخطوة الطبيعية الاولى التي يمكن استهلال العملية الديموقراطية الحقيقية بها في البلاد .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تكمن المشكلة في استقلالية العمل او عدمها
-
لمن يصوت الكادح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
-
هل المهرجانات تستنهض الثقافة العامة للمجتمع ؟
-
هل التصويت في الانتخابات القادمة يكون عقلانيا ؟
-
المحطة الحاسمة لتخطي الصعاب في العراق الجديد
-
لم يخسر الكورد في كوردستان تركيا شيئا
-
ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد
-
الديموقراطية التركية امام مفترق الطرق
-
الحوار منبر لليسار الواقعي ايضا
-
استئصال البعث بمحو فلسفته ومضمونه و اثاره و ليس باشخاصه
-
الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب
-
المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
-
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
-
اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
-
ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
-
لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم
-
كيفية التعامل مع عقلية الاخر لتطبيق مادة 140 الدستورية
-
ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!
-
هل تثبت تركيا مصداقية سياستها الجديدة للجميع
المزيد.....
-
جينيفر لوبيز تخطف الأنظار في جدة وتستعد لجولة عالمية.. الأبر
...
-
-انتحار شاب- من فوق جسر في العراق.. ما حقيقة الفيديو؟
-
ألمانيا: مسيرات الفصح تدعو لعالم خال من الحروب والسلاح النوو
...
-
بار: نتنياهو طلب توصية لتأجيل محاكمته
-
كنائس فلسطين تنعى البابا فرانسيس
-
نواب يطالبون بحل -جبهة العمل الإسلامي-
-
مراسل RT: غارات أمريكية على جزيرة كمران بمحافظة الحديدة
-
بوتين: استئناف القتال بعد هدنة عيد الفصح
-
أجراس كنائس أوروبا تقرع حدادا على البابا
-
ماكرون يصل إلى مايوت لتقديم خطة -إعادة إعمار- الأرخبيل المدم
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|