أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بابلو سعيدة - صوت الأنستة - جوليا بطرس-















المزيد.....


صوت الأنستة - جوليا بطرس-


بابلو سعيدة

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 01:35
المحور: الادب والفن
    



جوليا لها أحاسيسها الخاصة ، وطريقتها المميزة في الرؤية والموقف والانفعال والغيرة والخبرة والتقنية . والفن في أدبياتها ليس ندماً واعتذاراً وآهات وطيراناً ، بل هو وسيلة تحريض وإثارة وتفاعل مع الوسط الجغرافي- البشري وصولاً إلى هدف نبيل . والفنان التائب هو الفنان الذي يشيخ فنّه وبيولوجيته مبكرين . والفن الرائع هو استكشاف دائم وتأليف لمجتمع جديد ، ولقيم ولحياة نبيلتين .
تمثّل جوليـا في فنّها الدرامي والغنائي إشراقة الحاضر، وتفاؤلية الغد القريب . طارت شهرة جوليا في العالم العربي من أول قصيدة غنتها / غابت شمس الحق/ . ويشعرك صوتها الطفولي والإنساني بدفء الحياة وحبّ الأطياف الأخرى .
وهي لا تميل إلى الموضوعات التاريخية والصحراوية . إنها تختار الموضوعات الاجتماعية في الغناء ، والدراما السينمائية والتليفزيونية . وتعمل على تأسيس إنسان حرّ في وطن حر.
وعندما ننظر إلى لوحة الجوكاندا ، كأننا ننظر إلى جوليا التي ينطبع على وجهها ابتسامة غامضة ، تجمع بين الفرح والحزن في لحظة تاريخية واحدة .
كانت فتاة مدللة من قبل أسرتها والأساتذة الذين علموها في المدارس والمعاهد والجامعات . وجوليا الملكة العربية المتوسطية ، لا تغّني للمناصب والعروش والنياشين ولا للمستر دولار . إنّها تغنّي للإنسان وللأرض وللجنوب /غابت شمس للحق/ . وغنت لكل فكرة نبيلة ، وكما الجيوكندا عشقت ذاتها فإن جوليا عشقت ذاتها أكثر.
وعاشت جوليا المفردة ونقيضها . وجوليا تخشى الضوء والعتمة وتحبهما حيناً آخر " ضووا البيوت ونوروا الساحات " .
وتبتسم جوليا بغوايه وتحملق ببرود .
تعيش العزلة وتحبها ، تفتح قلبها للذين يفهمونها ويحبونها.
وجوليا حنان دافئ وهدوء ونرفزة ، ورقّة ومشـــاكسة ، وانتظار واستهتار، واحتشام جسدي وسفور عقلي ، حازمة ومتسـامحة ، عصرية وفطـرية ، رحيمة ومتشددة ، تضحك ضحكة طبيعية وضحكة أخرى تمسخر فيها الحياة .
إنهــا تحب الصعـود إلى أعـالي القمـم . وهي طموحـة إلى النجاح الدائم ، والصعود إلى قمّة عرش الغناء والدراما . ومخيلة جوليا تختزن حزن العالم وصقيعه . وصوتها يختزن فرح العالم ودفأه وحرارته . وهي حزينة في الداخل وفرحة في الخارج .
وجوليا تحب التفرد والتميّز ، والخصوصية الذاتية الرائـدة . وتطمح إلى أن تغنّي أشياء جديدة لم يؤلفها ويلحنها ويغنيها إنسان قبلها . وهي لوحة تشكيلية رومانسية ، وواقعية ، وحالمة ، وطامحة إلى إقامة مسرح غنائي استعراضي تعبيري ، لا مثيل له في حوض البحر المتوسط ، معتمدة في تحقيق ذلك على الحتمية القدرية وطاقتها ، وطاقات زوجها وأخويها زياد وصوفيا ومحبّة الناس لها . وهي تختار الكلمات التي تغنيها بما ينسجم مع دفئها الداخلي ، وطموحها البشري . إنها تغني للطبيعة الجميلة ولكل فكرة رائعة .
وهي بنت مدللة لأبوين من مرجعيون ، يقنطان بيروت الشرقية، ويحبان الجنوب والإنسان . وقد أثّرت الحرب الأهلية والاعتداءات المتكررة على سيكولوجية جوليا الطفلة .
تربّت جوليا على حب الرحابنة بعامة وفيروز بخاصّه .
ونشأت أيضاً على محبّة بيروت والإنسان والجنوب .
والبطارسة مثالهم النموذجي هو الرحابنة، تقول جوليا : " نحن متأثرون بالرحابنة وبفيروز ، ولكننا لسنا امتداداً لهم ، أنا وزياد خط مستقل ، علاقتي بفيروز رسمية ، ولفيروز هالتها الخاصة ، والمشرقة ، وسحرها القوي ، أكن لها الإجلال العميق ، وستبقى في قلبي دوماً " .
وجوليا النجمة الساطعة في حوض بحري متوسطي دافئ بمياهه ونسائه وعشقه ، تنسى نجاحها المؤقت ، لأنها تطمح إلى نجاحات مستمرة .
والعائلة عند جوليا مقدسة . وهي سيدة متزوجة وملتزمة بحياتها الأسرية الخاصة . ولا تميل إلى السياسة والتسيّس .
وجوليا التي كانت ممتلئة كالجيوكندا ، صنعت من ذاتها جوليا الرشيقة والمتفائلة . وجوليا الرصينة والعفوية تعيش موج الفرح والحزن ، والمد والجزر العشقي للشهرة وللذات .
وأصبحت تضاريس وجه الطفلة - الشابة مماثلة لتضاريس وجه بيروت الحرب والرعب ، وبيروت السلم والأمان والحرية .
وجوليا الغناء / تبتسم دون أن تضحك... وتبكي دون دمعة / .
وجوليا الحياة / تضحك فرحاً ، وتبكي دموعاً / .
وجوليا التاريخ تطمح إلى مسرحة التاريخ من جديد ، ونقله إلى دراما الشاشتين الكبيرة والصغيرة .
وتعيش جوليا العظمة والبكائية ، العظمة أيام الحفلات والمهرجانات، والبكائية في عالـم العتمة الداخـلي . وتبكي أمــام أختهـا صوفيا بكاء طفلة ضيعت أمها ، ولعبتها ، وبطاقة نجاحها . وتكشف عن سرّها الخاص إلى أختها صوفيا الناقدة ، وصاحبة الإحساس المرهف ، والذوق الفني الرفيع .
وفي نفس اللحظة التي تمسك بها جوليا ، خيوط الحلم ، سرعان ما يضيع ويطير، لأنّ جوليا من أعماقها ترغب أن يبقى العالم رومانسياً وحالماً لا عالماً حسيّاً ومكشوفاً وعارياً .
والإنسان كما تراه جوليا ، ينمو ، ويكبر ، ويتطور ويتجدد باستمرار . وتحب أختها صوفيا كثيراً ، لأن ذاتها تراها في أختها صوفيا . ولا تختزن جوليا في جعبتها وذاكرتها ، نجوم الأدب والفن . وتحب فيروز الحلم أكثر من فيروز الواقع . وبصراحة جوليا تعشق جوليا الطامحة إلى زراعة القيم في الشرق العربي بعامّة ولبنان بخاصّة .
وجوليا ترفض تسنم السلطة السياسية ، وتطمح إلى تسنم السلطة الفنية والغنائية في الجمهورية النسائية .
ويحاول البطارسة تطوير كلمات الأغنية والصوت واللحن والأداء... ويؤكدون على الارتباط العضوي بين الكاتب والملحّن والمغنّي . وتسعى جوليا إلى تحقيق توازن متكافئ بين الفن والحياة ، حيث الدراما لا تقلّد الحياة ، بل الحياة هي التي تقلّد الدراما .
تقول جوليا : " المشاعر الجنسية هي البداية الأولى للفن الدرامي والغنائي. ثم تحولت البدايات إلى موضوعات جنسية ، وإلى طقس ديني ، ومن ثم إلى موضوعات تقليدية " .
ولم يعد الفن الدرامي يطمح إلى التسامي وارتقاء المضامين ، بل أصبح الصوت الغنائي يوظّف لكسب الناس ، وتحقيق المنفعة واللذة .
واستطاعت جوليا أن تنطلق من عالم الأغنية الثورية والحالمة . وأن تشكل لوناً جديداً . وأصبحت نجمة متوسطية للغناء في وقت مبكر . وذاع صيتها في الجغرافية العربية من أول أغنية /غابت شمس الحق/ وفي أول مشاركة بطولية في مسلسل تليفزيوني " أوراق الزمن المر 1997" .
وتعاطفت جوليا في حياتها ونصوصها الدرامية والغنائية مع المظلومين والمتعبين والمهجّرين والبائسين . وأحبت جوليا السلم الأهلي ، والتصالح الاجتماعي . ورفضت التضامن السلبي ، واعتمدت التضامن الإيجابي .
ولا تغني جوليا للسلطة ، وللعمالقة ، بل تغنّي للشعوب . تضامنت مع شعب الجنوب والبقاع الغربي يوم 14/3/1997.
تقول جوليا : " كلما أغني أغنية غابت شمس الحق ، وأسمعها ، أتأثر كثيراً. لأنهـا تعيدني إلى الذاكـرة ، ذاكـرة جرح عميـق جرح الناس وجرحني معهم ، وأحزنني " .
وهي تمثل مرحلة تاريخية مؤلمة من حياة شعب ، قاس وتألم وحزن . وتغريد الطفلة ، طفلة قانا بنت فرح وحزن ، وأبكت تغريد الطفلة جوليا الشابة عندما غنّت تغريد " غابت شمس الحق " .
ويبقى الطفل رمزاً للصدق ، وللعفوية ، وللطهارة ، وللبراءة .
والأطفال يحبّون الأغنية الوطنية والثورية ، ويتفاعلون معها ومع صاحب الأغنية . وفرح تغريد هو فرح جوليا... ودموعها هي دموع جوليا... ودموع كل إنسان حقيقي .
وتهدي جوليا إلى أطفال العالم أغنية / قصص/ ليتحرروا من ذاكرة العنف والتذكارات المأساوية ، وللاقتراب من عالم شروق شمس الحرية .
وجوليا تقدّس الأفراد الذين ماتوا في خنادقهم دفاعاً عن الحرية ، وصولاً إلى الاستقلال الكامل ، واحترام الأموات الشهداء يتطلب في معيار جوليا احترام الأحياء ، الذين يطالبون بالحرية وتحقيق العدالة .
وتجمع جوليا بين الأغنية الوطنية والأغنية الرومانسية . وهي إنسانة عاطفية ورومانسية ، وتحلم بوطن جميل في حريته وعدالته .
ولا تغني جوليــا أغاني ســويتها متدنية . إنهـا تغني لحالات حب عاشتها ، وعاشها الناس . والأغنية عند جوليا تمثل هويتها أكانت رومانســية أو وطنية . وهي بنت موســـيقا الحرب ، لأنها ولدت في الحرب ، وتربّت في الحرب.
وغنّت جوليا لكلّ موضوع أحّست به ، كي يتفاعل معه الناس . وكان أهلها يقفون دائماً إلى جانبها ، وجعلوها تشعر شعور وأحاسيس الآخرين في الهزيمة والنصر، والفرح والحزن ، والتفاؤل والإحباط .
والشعر عند جوليا هو نوع من المعرفة والحرية .
والحرية في معيــارها تعني تحمـل المســؤولية ، ومواجهة متاعب الحياة ، والاقتراب من عالم الحلم .
وأغنية / وين مسافر/ هي أغنية تدعو للحضور لا للغياب والسفر والرحيل. وهي تمثّل مرحلة تاريخية صعبة ، عاشـتها جوليا في حياتها . وتسأل جوليا ذاتها ، كيف يترك الناس أرضهم ويهاجرون ؟
وحال الجنوب اللبناني المحتل والمحرر، هو حال جوليا في أغنية /غابت شمس الحق/ . وتشعر جوليا بفرح ونشوة عارمين عندما تغنّي على المسرح . وتشعر بالحزن بعد نهاية البرامج والحفلات . لأن جوليا ترغب أن تبقى الحفلة الغنائية مستمرة ، كي تستمر لحظات النشوة عندها إلى أعلى مراحلها. تقول جوليا : " نحن شعب قوي وشعب يحب ، وآخرون يحاربوننا بالكره ، ونحن نحاربهم بالحب ، حبنّا لبعضنا ، وعندما كنت أسمع بالاعتداءات المتكررة على الجنوب ، كنت أشعر بغضب شديد لا يوصف " .
وشعرت جوليا بفرح عارم بعد تحرير الجنوب ، الذي اعتبرته انتصاراً لأغانيها ولكل مواطن لبناني . وخلقت الحرب عند جوليا الخوف والجرأة . وهي تشكر الحرب ، لأنها خلقت عند جوليا الجرأة والصراحة وقول الحقيقة . وتكره الحرب ، لأن الحرب ولدت عند جوليا الشعور بالخوف .
وفي حين تتوج غالبية أطفال العالم الجنوبي بالفقر ويعانقهم الموت ، فإن الحروب تبتلع الأموال ، وتلتهم طعام الأطفال .
ويبقى السلام تحت أي ظرف أفضل من مسيلات الدماء .
الحروب تعطب الأحلام والذاكرة والشعوب " لأن المتغيرات الدولية في أدبيات جوليا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وأدلجته وسوقه وحلفه ومنظومته أحدثت خلخلة في أساسيات التوازن الدولي ، وإلى استفراد قطب واحد بالقرار الدولي ، مما أدى إلى ظلم وتجويع وأفقار وحصار شعوب بأكملها. ويبقى التاريخ المسيطر هو تاريخ الحروب ، وتاريخ الاستقواء . وتوجد أنظمة سلطوية ظالمة وأخرى مظلومة ، وبالتالي لا يوجد استقرار وسلام في العالم قاطبة " .
وجوليا غّنت للوطن وللثورة ، وللمقاومين وللعشاق، وللمسافرين وللإنسان.
وظهرت أغنية / غابت شمس الحق / في ظل حريق شامل عمّ لبنان بعامّه والجنـوب بخاصّة . ولكن شـمس الحق عادت وأشرقت عام /2000/ . وجوليا /2000/ ترفض استعمال بعض المفردات والمصطلحات في نصوصها وحياتها ، فاستبدلتها بمفردات جديدة ، لأنها لم تعد تستهويها .
وأغنية / غابت شــمس الحق / لم تأت صدفة بل هي محصلة لتاريخ طويل ، وتعبير عن مخزون تربوي / ثقافي لجوليا ، التي تحترم كل إنسان يدافع عن شرفه وأرضه وأفكاره . وتؤمن بالثوابت في ظرفيتها . وتواكب المتحولات والمتغيرات . واستطاعت جوليا أن تتجاوز أغنية /غابت شمس الحق/ بأغنية وين الملايين ؟
وتستطيع جوليا أن تتجاوز أغنية وين الملايين " لأن جوليا التي غنت لحروب التحرير ، تبقى الأقدر من غيرها لأن تغني أغنية السلام في منطقة الشرق الأوسط .
وتغني جوليا في الصالات الكبرى المغلقة وفي الهواء الطلق . وترفض أن تغني في المطاعم ، والأندية ، والفنادق والمقاهي .
ولم تعد طامحة إلى تأسيس مسرح غنائي استعراضي قائلة : " أنها تفضل عالـم السـينما القـديمة التي كانت تعبـر عن التضامن الإيجابي وجماليات الواقع ، بينما تعبر السينما الحديثة عن التضامن السلبي وبشاعات الواقع . وأننا لا زلنا صغاراً في مجال التقنيات الحديثة ، ونملك قدرات بشرية محدودة وصغيرة " .
وتحب جوليا المسرح الغربي المعاصر، والبسيط في أدواته وديكوره ومظهره وأشـيائه ، والعظيم في تأثيراته وتحريضاته ، والقريب في مضمونه ودلالاته من الحياة اليومية المعاشة .
ولم تعد جوليا مبالية بموجة الغناء الجديد العائم على الســطح . فهي ترغب أن تأخذ دوراً أساسياً في الأدوار المسرحية التي توكل إليها . وهي ترفض دراما الحياة الخاوية فكرياً وحضارياً وإنسانياً .
وعالم جوليا المفضل هو في المسرح لا في الاستديو . وتفضل مفردة ناس على مفردة جمهور وجمهرة ، ومفردة إنسانة على مفردة فنانة .
تقول جوليا : " الحلم العربي ليس مجرد أغنية من كل قطر بل هو فعل يومي على أرضية الواقع ، وموقف وجودي فاعل في مواجهة قضايا الحياة المعقدة " .
لذا فإن أدبيات جوليا ترفض مفردات الشعارات العريضة البرّاقة والتحزب الشرائحي والتأدلج . لأنها صادقة مع ذاتها وأفكارها وسلوكها . ولا تحب جوليا مفردات الإلزام والالتزام قائلة : " أنا إنسانة كأي امرأة أحب وأكره وأثور وأغضب وأنفعل . وأنا أنتمي إلى العالم الواسع ، إلى الشعر إلى وطني وأرضي وذاتي . وأنا أحب الفن الذي يضعني في مواجهة وجودية مع الذات والآخرين. ويبقى الفن أكثر رسوخاً وأصلب عوداً من السياسة " .
وجوليـا متفائلة بالغـد القريب ، وقـدرات الآمــة على مجابهـة التحديات ، ومواجهة الاعتداءات الأرضية والفكرية ، ومواكبة نبض العالم المعاصر في التحديث والتجديد ، ومحاربة الجريمة والمجرمين ، وتحويل البحر المتوسط إلى بحر للسلام وللسياحة ولإقامة المدن الحرة .
تقول جوليا : " أحلم بوطن قوي ومثقف ، وله هدف ، وغير سطحي ، ووطن له جذور، ومواجهة تحديات الآخرين على كافة الصعد . وهذا الأمل يشجعني على الغناء والتمثيل والثقة بالمستقبل" . وأغاني جوليا تمثل لوناً استنهاضياً وتنويرياً . وتشكل جسراً يمتد من عشق الذات إلى عشق الوطن والسلام والإنسان .
وتطمح جوليا إلى أن تغني قصائد نزار قباني .
وعلاقة جوليا بالناس وبالآخرين " ليست محفورة على الرمال ، بل هي منحوتة على الصخور. الناس تحبني وتحترمني وتتواصل معي " .
وتنظر جوليا إلى المرآة فلا ترى نفسـها على مستوى جوليا في مرايا الناس . ولا تميل جوليا إلى تعميم الموضوعية والعقلانية .
لأنّ الذات البشرية في رأيها تفرز مجموعة من الانفعالات والتوترات العصبية النفسية .
وجوليا تمثل الأناقة والبســاطة والعفوية والطهارة الاجتماعية . وتبتعد عن البهرجة والفانتازيا في مظهرها ولباسها ومضامينها ونصوصها . وتميل إلى الصراحة ، وصفاء بشرة الوجه لا إلى التلميع والمكياجات .
وجوليا لا تعارض عمليات تجميل الوجه في هذا الزمن الصعب والمرّ والقاهر قائلة : " أنا لا أحبّ صوري القديمة ، ولا شكلي القديم . وأحب ذاتي عام 2004 أكثر من حبيّ لذاتي فيما مضى " .
وتعتمد جوليا العمل الجاد الهادف لا العمل الفكاهي للفكاهة . وأغنيتها هي هويتها. تبكي بســرعة ، ويحمّر وجهها خجلاً ، لكنّها بدأت تتحكم وتسيطر على خجلها ، رغم أن طفولتها كانت متميزة . وكانت في طفولتها تلعب مع الصبيان أكثر مما تلعب مع البنات . وكانت جريئة في القول والفعل معاً. وشحصيتها قوية ونرجسية ، وتحب القيادة ، وهي منسجمة في كلماتها وأفعالها. ولا تستطيع أن تكذب كذبة بيضاء على أسرتها وذاتها والآخرين .
والثلاثي/ جوليا- زياد- صوفيا / يختلفون في الثانويات لا في الأساسيات. وجوليا تعيش التناقض في نصوصها وحياتها ، تعشق الفنّ ، وتشعر أحياناً أن الفنّ أصبح عبئاً ثقيلاً على حياتها الخاصة . وتحب الشهرة ، وفي لحظات أخرى ، تحب أن تكون عادية ، وبعيدة عن الأضواء والنجومية .
تقول جوليا : " الفن هو مرآة الحياة اليومية ، وتأليف لحياة جديدة ، أفضل وأحلى وأجمل " .
وتعاني جوليا صعوبة في تسويق منتوجها الغنائي ، لأن إمكانياتها المالية محدودة .
وتبقى شامخة الرأس والموقف . وفنّها لا ينتج ثروة في ظل كتل بشرية شابة لا تتضامن ولا تتفاعل مع العواطف الوجدانية والنبيلة .
والشـهرة لدى الإنســان الوجــداني تقذف به إلى الوحدة في أدبيات جوليا لذا ، ليس للإنســانة جوليا سوى صديقة واحدة ، هي صديقة طفولتها. ولا توجد لديها صداقات مع الوسط الفني. توجد لها علاقات عامة ومجاملات . وهي معجبة بفاتن حمامة ، وتحب أصالة نصري ، وتقرأ أدبيات جبران خليل جبران . وتستمتع إلى أغاني أم كلثوم وفيروز وماجدة الرومي . وموزعة جوليا بين مؤسـستين ، مؤسسـة الزواج ومؤسـسة الفـن ، وبين الشهرة والوحدة ، وبين الفن والحياة .
وترى ابنها الصغير 2000 أجمل طفل وقصيدة ووطن . وجوليا متمسكة باللهجة اللبنانية في الغناء والدراما قائلة : " اللهجة اللبنانية هي اللهجة الأكثر جرأة وحرارة ودفئاً . إنها تجعلك تعرف المخارج ، وكيف تغضب وتحب وتثور وتعبّر وتنفعل " .
أما اللغة الفصحى فتشكل قيداً على شغلها وعملها الدرامي البصري . وهي تتعامل مع اللغة الفصحى معاملة ترجمة لغة إلى لغة أخرى ، مع احترامها الشديد لعروبتها وللغتها الفصحى .
وتقدم جوليا عديداً من الخدمات المجانية ، حيث توظف ريع بعض حفلاتها للمتعبين وللمعوقين وللمهجرين .
وجوليا تؤيد الحضارة التي تقدّس الإنسان ، وتكافئ المبدعين ، وتدفن الحروب ، وتخلّص البشرية من الألغام الفردية ، والمعطوبين وأسلحة التدمير الشامل . ولكنها تقيم تواصلاً وهمياً لا بشرياً ، تقول جوليا : " في مجتمع العولمة تنعدم الصلات الاجتماعية ، والعلاقات الحميمة . ويضرب التواصل البشري . وأنا ضد هذا المجتمع العجائبي والغرائبي ، ولا أحبه مطلقاً " .
لأنّ جوليا تعشـق التواصل البشري المباشر ، وتحب الأرض والناس والسلام .



#بابلو_سعيدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (1)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غادة بين الحب والمليونير
- عابر سرير ( أحلام مستغانمي)
- سندريلا القرنا العشرين
- غادة السمان ( طائر العنقاء )
- أحلام معطوبة ( أحلام مستغانمي)
- رواية ذاكرة الجسد ( أحلام مستغانمي)
- جورج ساند نجمة فرنسا القرن /19/
- كوليت خوري ودمشق العاشقان
- فيروزالواقع والحلم
- الجمهوريّة النسائية
- الإنسان يصنع تاريخه
- ليلى العثمان - مأساة الواقع والحلم
- سيمون دي بوفوار صوت الحرية
- بثينة شعبان التي ولّفت بين الأدب والسياسة
- سعاد الصباح / تباشير المطر
- /نوال السعداوي /صوت الإحتجاج
- المرأة بين التهميش و التفعيل
- الحرب و السلم
- الجذر اللغوي والقصيدة الأولى


المزيد.....




- كنز العراق التاريخي.. ذاكرة وطن في مهب الريح بين بغداد وواشن ...
- مهرجان -ربيع ماسلينيتسا- في مسقط: احتفاء بالثقافة الروسية
- مشاركة الممثلين عن قائد الثورة الاسلامية في مراسم التشييع
- ماتفيينكو تدعو إلى تجديد النخبة الثقافية الروسية بتضمينها أص ...
- جدل حول مزاد للوحات الفنية بواسطة الذكاء الاصطناعي ومخاوف من ...
- توغل بفن الراب والثورة في -فن الشارع- لسيد عبد الحميد
- -أحلام (حب الجنس)- يفوز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين ا ...
- رحيل الشاعرة السورية مها بيرقدار والدة الفنانين يوسف وورد ال ...
- نجوم الغناء العربي يحتفلون بيوم التأسيس السعودي
- متحف الإثنوغرافيا في كابل.. نافذة على التنوع الثقافي في أفغا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بابلو سعيدة - صوت الأنستة - جوليا بطرس-